حين تنساب القوافي



Charbel Baini


Hina tansabou alqawafi

When rhymes flow


قصائد مختارة من كتب الشاعر

Cover by Randa Baini

**

حين تنساب القوافي


ـ1ـ

حينَ تنسابُ القوافي

ينتهي عهدُ التجافي

ثمَّ يغدو الشِّعرُ كوناً

شوَّهوهُ بالخلافِ

ـ2ـ

أحرفي عانتْ طويلاً

رغم علمي واحترافي

واستفاقت مثل شمسٍ

نوّرت عتمَ الفيافي

ـ3ـ

غبتُ عن أرضي وربعي

والعذابُ المرُّ "أوفي"

غربتي حزنٌ تلاشى

حين أفناه اعترافي

ـ4ـ

ليت شعري كان قمحاً

أو دواءً للمشافي

ليت شعري كان صوتاً

صاح: يعطيكَ العوافي

ـ5ـ

ليته أضحى كنبعٍ

يرتوي منه جفافي

ها كتابي صار بيتاً

بابُهُ رسمُ الغلافِ

**

أجل أحبّها


ـ1ـ

أحِبُّها.. أجل، أجل، أُحِبُّها

فَمَسْكني، ومَضْجَعي في قلبِها

جميلةٌ كوردةٍ، كفُلَّةٍ

والسِّرُّ أنّ العيبَ يُخْفي عَيْبَها

ـ2ـ

فإنْ نَأَتْ، وإنْ غَدَتْ كَغَيْمَةٍ

كَنَبْعَةٍ أسيرُ.. أَسْقي دربَها

قبَّلْتُها حتّى ارْتَوَتْ مَحْبُوبَةٌ

خَبَّأْتُ ألْفَ قبْلَةٍ في عُبِّها

ـ3ـ

طولُ الليالي دونَها لا ينتهي

أحلى الليالي عِشْتُها بِقُربها

لا لن تخافَ حُلْوتي وحبُّنا

مبارَكٌ، مقدَّسٌ مِنْ رَبِّها؟

**

نجمتي


ـ1ـ

لو كان قلبي غاويا

لوجدتُه مُتهاويا

قدّامها، لكنّه

قد ينحني مُتعاليا

ـ2ـ

هذي الصبيةُ نجمتي

من أجلها كان الضِّيا

شكّت بصدري رُمحَها

ولم تسلْ عمّا بِيا

ـ3ـ

والرمحُ لحظٌ قاتلٌ

والثغرُ فيه الأدويه

من ريقها يأتي الشِّفا

سأحتسي مُتأنيا

**

يا حلوتي


ـ1ـ

إنّي أرى، يا حُلوتي، لونَ الدِّما

من قبلةٍ، قد كنتُ فيها مُرْغما

أحببتُ تقبيلَ الشِّفاهِ الحُمرِ، هلْ

أُنهي لهيباً كنتِ أنتِ المُضْرمه؟

ـ2ـ

لمّا التقتْ عيناكِ بي لَمْ أبتعِدْ

أرْسلتِ آهاتٍ ولكنْ مُبْهمه

ثمَّ اقتربتِ، الثّغرُ يبغي قبلةً

حينَ العيونُ الخُضرُ أضحتْ مُغرمه

ـ3ـ

هل أنتهي من ليلةٍ محمومةٍ

روّضتُ فيها النهدَ، أشعلتُ الفَما؟

فوقَ النّهود السمرِ علّقتُ الأنا

وقطفتُ وجهكِ وردةً كي أرسُما

ـ4ـ

والآهُ أضحتْ جمرةً محمومةً

مهما جرى، يا حلوتي، لن أندما

لا لستُ أخشى النارَ تكوي أضلعي

عيبٌ على المغرومِ أن يستسلما

ـ5ـ

إني زرعتُ الصدرَ ألفيْ قبلةٍ

مَنْ ذا يُحاكي أو يَعُدُّ الأنجما

كمْ منْ ثمارٍ أينعتْ في ليلنا

كمْ منْ دموعٍ خبّأتها المحرمه

ـ6ـ

كلُّ الثمارِ أكلتُها في جنّةٍ

إنْ كنتِ حواءً.. فرُدّي آدما

أنثى بخدّيها جمالٌ ساحرٌ

وتريدني أن أنزوي أو أرحما

ـ7ـ

لو لم أكنْ متفنناً في لعبتي

لم تفرحي بي أو تنيري المبسما

دوماً انا، يا حُلْوتي، مستنفرٌ

دقّي على بابي، ونالي الأعظما

**

أرملة


ـ1ـ

رحماكَ لا تقسو وتُرغي سيّدي

أحببتُه، والحبُّ ليس باليدِ

قدْ ماتَ منْ أعطى الحياةَ طفلَه

والطفلُ أنتَ، وأنتَ إبني السّرمدي

ـ2ـ

أرضعتك الحبَّ الحنونَ كي ترى

أن المحبّةَ كالشذى أو كالغدِ

لا لا تقلْ عنه كلاماً سيئاً

لا لا تقلْ: أمّاه عنه إبعدي

ـ3ـ

أحببتُ فيهِ قامةً ممشوقةً

أحببتُ فيهِ العقلَ يا روحي اشهدي

أخبرته عنْكَ الحكايا كلّها

منذ الرجولةِ واخضرار المولدِ

ـ4ـ

أخبرتُه عن حبّك الأغلى إذا

خُيّرتُ أختارُ الضّنى يا سؤددي

إرحمه يا ابني، لا تجافي فرحتي

فالشيبُ طافَ بشعرِ أمٍّ أجعدِ

ـ5ـ

هو حُبّيَ الثاني وسلوى وحدتي

ضيّعتُ عمري باللباسِ الأسودِ

**

خبئيني


ـ1ـ

خبيئني تحت شالِكْ

واجعليني من عيالِكْ

كلّ حلْمي يا حياتي

أن أدمّى منْ حبالِك

ـ2ـ

أنتِ دوماً فوق رأسي

أسكنيني في جبالِكْ

كيْ أذوقَ القوتَ يوماً

أشبعيني من غلالِكْ

ـ3ـ

كم حبيبٍ صار رقماً

باتَ ظلاً منْ ظلالِكْ

صدقيني لن تُلاقي

مثلَ حُبي في رجالِكْ

ـ4ـ

قرّبيني منْكِ جهراً

أجلسيني عن شمالِكْ

لا تقولي ضاع عمري

أنتِ شمسٌ في جمالِكْ

**

عنترة


ـ1ـ

إنّي أحدِّقُ كيْ ترى

عَيناكَ ما بي قد جرى

فالحاجبان تمدّدا

فوقَ العيونِ كمِسْطره

ـ2ـ

لا لن ألومَكَ مرةً

مَنْ ذا يلومُ الأسْمَرا

من نظرةٍ مَغْرومةٍ

تمحو وتلغي الأسْطُرا

ـ3ـ

إقرأْ عُيوني لا تَخَفْ

أخفيتُ فيها المجزره

أخفيتُ فيها دمعةً

رغم الأسى مُسْكتبره

ـ4ـ

ما خنتُ يوماً ودَّنا

لا لمْ أخُنْ يا عنترَه

إني أحبّك سيدي

والحب فيه المغفره

**

شفتاك


ـ1ـ

شفتاكِ؟ أم شكٌ من الخَرَزِ

إني أرى نوعاً من الكرزِ

فرنٌ أنا أشعلتُه بيدي

كعكي استوى، بالله إختبزي

ـ2ـ

كم قبلةٍ أودعتُها شفةً

بعضاً من القبلاتِ إنتهزي

هذي عناقيدٌ بكرمتنا

حنّي على العنقود وانْتبذي

ـ3ـ

حبّي كأموال مكدسةٍ

من ثروة المغروم إكتنزي

هذا أنا أصفاديَ ذهبٌ

سلّمتك الأصفادَ فاحتجزي

**

قبليني


ـ1ـ

قبّليني واحضنيني

لستُ أرضى عن سنيني

أتفهُ الأيام مرّتْ

حين أعياني حنيني

ـ2ـ

قرّبي مني، تعالي

كي تمرّي في يقيني

سوسحي الدنيا بشَعرٍ

كم تمنّاه جبيني

ـ3ـ

ثمّ هاتي يا حياتي

قبلةً تمحو أنيني

كلّما أدنيتُ ثغري

قبّليني.. قبّليني

**

رقصيني


ـ1ـ

رقّصيني.. كي تزيلي دمعتي

ذابتِ الشمعاتُ.. كوني شمعتي

يا حياتي، واحضني خصري الطَّري

لستُ أخشى إن تمادتْ سرعتي

ـ2ـ

حدقّي بالوجهِ، صيري فرحةً

تخطفُ الآهاتِ، تشفي لوعتي

إن رأيتِ الرقصَ عندي جيّداً

فاعلمي أني أجاري ساعتي

ـ3ـ

مَوْسقيني.. أُعزفي لحني أنا

جنّنيني، مزّقي سمّاعتي

أجمل النيران نارٌ شئتها

أن يحابي وهجُها ولاّعتي

ـ4ـ

كنتُ قبّلتُ الشفاهَ الحمْرَ لوْ

لمْ أخف قولاً يعادي سمعتي

ريقُك المعسولُ أضحى نعمةً

ثغريَ العطشانُ، زيدي جُرعتي

ـ5ـ

يانصيبي كنتِ في ليل المنى

جاء حظي اليومَ.. فازتْ قرعتي

**

روى


ـ1ـ

سألْتُها عَن اسْمِها، قالَتْ: "رِوَى"

بالسِّرِ لَفَّتْني تَباشيرُ الْهَوى

كُلُّ الثِّمارِ فَوْقَ خَدّيْها ارْتَمَتْ

ما العَيْبُ لَوْلا الْخَوْخُ بالخَدِّ اسْتَوى

ـ2ـ

أَحْسَسْتُ مِنْها رَغْبَةً في ضَمَّةٍ

لكنَّ عودَ الْخَيْزران ما الْتَوى

أَدْنَيْتُها منّي لكَيْ نَبْقَى معاً

فَالْعَيْبُ، كلّ العيْبِ، أنْ يِنْأَى الْغِوى

ـ3ـ

فالقدُّ مثل الْحَوْرِ في عَلْيائهِ

أوْ مِثْلَ قَمْحٍ لَمْ يُدَغْدِغْهُ الْهَوا

إنْ أَشْرقَ الْوَجْهُ الْجميلُ فَاغْتَبِطْ

أَسْنانُها كَلُؤْلُؤٍ ذي مُسْتوى

ـ4ـ

قَبَّلْتُها كيْ أرْتَويْ مِنْ ريقِها

لكنَّ ثَغْري، رَغْمَ شوْقي، ما ارْتَوى

قَبّلتُها، وَالْقلْبُ يَحْكي قِصَّتي

وَالْعُمْرُ مِثْلَ الْوَهْمِ بِالْهَجْرِ انْطَوى

ـ5ـ

لا لسْتُ أَخْشَى مِنْ غَرامٍ تائِهٍ

أَخْشى "رِوَى" ترمي حبيباً بالنَّوى

**

محبوبتي


ـ1ـ

مَحْبوبَتي السَّمْراءُ أُغْنِيَتي

فَهَل تُجاري حُلْمَ أُمْنيَتي

أريدُ تَقْبيلَ الْخُدودِ كما

أريدُها تَشْدو بِأُمْسِيَتي

ـ2ـ

فَالْبَوْحُ مِنْها مُدْهِشٌ وَأَنا

أَصْبُو إلى حَسّونِ أَوْدِيَتي

مَحْبُوبَتي شَمْسي وَأَشْرِعَتي

وَالْوَيْلُ إنْ لَمْ تَأْتِ أَقْبِيَتي

ـ3ـ

فالظُّلمةُ السّوداءُ تَحْجُبُني

وَقَدْ يُجافي النُّورُ أَنْدِيَتي

يا حُلْوُةَ الْحُلْواتِ أَنْتِ هنا

حُلْمٌ تَجَلَّى وِفْقَ أَدْعِيَتي

ـ4ـ

ما العُمْرُ إنْ لَمْ تُصْبِحي أَلَقاً

يُحْيي كما الأمطارُ أَقْنِيَتي

**

مستعبد


ـ1ـ

الحبُّ عندي سيِّدُ

لكنَّني مُسْتَعْبَدُ

قلبي يُغنّي إسْمَها

لا تَنْتَشي.. بلْ تحرُدُ

ـ2ـ

أحْبَبْتُها.. لكنَّها

حُلْوَ الهوى تَسْتَبْعِدُ

ألعينُ تُفْشي حُبّها

قولوا بِمَنْ أَسْتَنْجِدُ

ـ3ـ

لو تعلمُ ألأسرارَ هلْ

كانتْ هوانا تعبدُ؟

إنَّ الهوى منذ الهوى

صِنْوُ الإلهِ.. فاشهدوا

ـ4ـ

مهما جرى يا حلوتي

إنْتِ الغرامُ الأوحدُ

**

عبلى


ـ1ـ

عَبْلَى، عَبْلَى، حُبِّي الأَجْمَلْ

حُبِّي الأَسْمَى، الأَقْوَى، الأَكْمَلْ

بِالأَمْسِ عَشِقْتُ طَهَارَتَها

وَأَرَاها الْيَوْمَ غَدِي الأَفْضَلْ

ـ2ـ

هِيَ سَيِّدَةُ الْحُبِّ الْبَاقِي

أَنْسَتْنِي مَا الْحُبُّ الأَوَّلْ

تَرَكَتْنِي أَلْثُمُ جَبْهَتَها

وَدَمي يَتَأَوَّهُ كَالْمِرْجَلْ

ـ3ـ

وَأَغُوصُ أَغُوصُ بِعَيْنَيْها

وَالدَّمْعُ يُلَمْلِمُ ما بَلَّلْ

قَلْبِي يَتَوَسَّلُ أَنْ أَلْهُو

وَالْعَقْلُ يُنادِينِي: إِعْقَلْ

ـ4ـ

قَدْ أُلْهِبُ بِالأُنْثَى غَضَباً

وَأَخافُ بعَبْلَى أَنْ أَفْعَلْ

والسِّحْرُ يُدَجِّجُ جَفْنَيْهَا

وَأَنا مَهْزُومٌ أَوْ أَعْزَلْ

ـ5ـ

أَرَقُ الْعُشَّاقِ أُكابِدُهُ

وَأُعانِي مِنْ لَيْلٍ أَطْوَلْ

لا الْبَدْرُ يُضَاهِيها حُسْناً

وَالشَّمْسُ، أُؤَكِّدُ، قَدْ تَخْجَلْ

ـ6ـ

عَرَبِيَّةُ أَمْجادٍ غَبَرَتْ

وَالْغَابِرُ فَجْرُ الْمُسْتَقْبَلْ

في الإسْمِ تَرَى لَحْناً عَجَباً

عَزَفَتْهُ حُرُوفٌ لَمْ تُصْقَلْ

ـ7ـ

صَاغَتْهُ الضَّادُ بِرَوْنَقِها

لِيَكُونَ فريداً.. أَوْ مُنْزَلْ

عَفْواً.. لا إِسْمٌ يُعْجِبُنِي

إِلاَّ الإِسْمُ الرَّاقِي الأَمْثَلْ

ـ8ـ

عَبْلايَ يُجَمِّلُها لَفْظٌ

وَاللَّفْظُ يُرَدِّدُ ما جَمَّلْ

قَدْ يَرْحَلُ طَيْرٌ عَنْ عُشٍّ

لكِنَّ طُيُوري لَنْ تَرْحَلْ

ـ9ـ

فَالْجِسْمُ يُمَوِّنُنِي قَمْحاً

وَرِياشُ جَناحِي تُسْتَأْصَلْ

أَشْعَلْتُ شُمُوعي إِكْراماً

لِلصَّدْرِ، وَلِلْقَدِّ الأَمْيَلْ

ـ10ـ

شَفَتَاها مَعْبَدُ آلِهَةٍ

وَفَمِي يَتَخَشَّعُ إِنْ قَبَّلْ

وَالرِّيقُ دِنانٌ مِنْ خَمْرٍ

وَأَنا مُشْتاقٌ كَيْ أَثْمَلْ

ـ11ـ

وَالفُلُّ يُلَوِّنُ مَبْسَمَها

وَالْوَرْدُ بِخَدَّيْها يَعْمَلْ

وَالْعُنْقُ تُشِعُّ سَبائِكُهُ

وَالشَّعْرُ يُحَيِّكُ كَالْمِغْزَل

ـ12ـ

خِيطانُهُ قُدَّتْ مِنْ لَيْلٍ

لا لَيْلٌ كَالشَّعْرِ الأَلْيَلْ

وَالْبَشْرَةُ مَعْمَلُ أَنْسِجَةٍ

أَغْلاها التَّفْتَا والْمُخْمَلْ

ـ13ـ

وَأَنا ناطورٌ لا يَغْفُو

كَيْ يَحْرُسَ إِنْتَاجَ الْمَعْمَلْ

**

سلام عليها


ـ1ـ

إذا قُلْتُ: عيناهَا امتدادُ مَضارِبِي

تَصيحون: مهلاً، مِنْ غُلُوِّ مَآرِبي

وَإِنْ قُلْتُ: حَطَّتْ فَوْقَ ثَغْرِي فَراشَةً

ضَحِكْتُمْ، وَهَزَّ الموجُ سَيْرَ مَراكبِي

ـ2ـ

هِيَ الْعُمْرُ، لا عُمْرٌ بِدُونِ مُرُورها

هِيَ العِطْرُ، إِنْ هَبَّتْ رِياحُ ملاعبِي

تَحَمَّلْتُ صدّاً لا تُعَدُّ فَصُولُهُ

وَأَخْفَيْتُ هَمّاً لَمْ تَسَعْهُ حقائبِي

ـ3ـ

سَمارٌ وَسِحْرٌ، كالجُنُونِ جَميلةٌ

تَسيرُ الْهُويْنَى فَوْقَ رَمْلِ متاعبِي

يَداها اخْضِرارٌ وَالرَّبيعُ صَديقُها

وَفَوْقَ انْحِدارِ الصّدرِ صِغْتُ مَطالِبِي

ـ4ـ

سَلامٌ عَليْها يَوْمَ نامَتْ عَلَى يَدِي

وَيَوْمَ ارْتَمَتْ تَبْغِي ارتْشَافَ أَطايِبِي

سلامٌ علَيْها كَيْفَ شَعَّتْ شُمُوسُها

وَكَيْفَ انْزَوَتْ عِنْدَ ارْتِحالِ مَواكِبِي

ـ5ـ

أَرَدْتُ الْتِقاطَ الفجرِ فَوْقَ خُدُودِها

وَمِنْ فَرْطِ ضِيقِ الْوَقْتِ خَارَتْ عَقَاربِي

تَصَافَتْ قُلُوبٌ حِينَ مَرَّ خَيالُها

وَغَاصتْ بِريقِ الثَّغْرِ نارُ غَرائبِي

ـ6ـ

يُعِيدُ الصَّدَى لَحْنَ ارْتِمائي بِحُضْنِها

وَمِنْ بَوْحِها جاءتْ جَمِيعُ مكاسبِي

أَضَعْتُ الْحَوَاسَ، الْعَقْلَ، قَصْدَ وِصَالِها

فَلَمْ تَجْرِ كَالْمُعْتادِ خَيْلُ تَجاربِي

ـ7ـ

غرامي بها لا تَعْتَرِيهِ شَوائبٌ

غَريبٌ غَرامي كيفَ أَخْفَى شَوائبِي

لِسانُ الْعِدى لَمْ يَحْتَرِمْ وَلَهي وَلَمْ

يَخَفْ مِنْ أَنيني أَو فَحِيحِ مَصائبِي

ـ8ـ

إذا الْكَوْنُ عاداني فَتَحْتُ مدارساً

وَتَلْمَذْتُ كَوْناً لَـمْ تُضِئْهُ كَواكِبِي

هُوَ الحبُّ.. لا يَحْيَا بدونِ عَجيبَةٍ

وَعِنْدَ اشتعالِ القلبِ بانَتْ عَجائبِي

**

سبعون عام


ـ1ـ

إذا السبعونَ نادتني قريبا

سأنهي عمريَ المرَّ الكئيبا

عجوزاً صرتُ عكّازي طويلٌ

وخَطوي صار من ثقلي صليبا

ـ2ـ

لساني لم يذقْ إلا دواءً

طبيبٌ ينثني، تأتي طبيبه

حرامٌ أن تعاديني سنيني

حرامٌ أن يرى شعري المشيبا

ـ3ـ

كتبتُ الشعرَ حتّى جننتني

عيونٌ خلتها مثلي أديبه

أدارتْ ظهرها للحب عمداً

وكان القلبُ يشتاق الحبيبه

ـ4ـ

اعيشُ العمرَ ضجراناً بحالي

غريبٌ عاشَ في دنيا غريبه

**

قبلة


قبّليني قبلةً ثمّ ارجميني

لم أعد أرضى بغلبي والأنينِ

قبلةً منكِ الليالي استنفرت

فاعطينيها رحمةً إن ترحميني

**

يا آنسه


ـ1ـ

لولا العيونُ الناعسه

لمْ أنتبهْ يا آنسه

انّي بوعيٍ كاملٍ

والشمسُ قربي جالسه

ـ2ـ

هلْ أنتِ من شغل الفضا

أم كوَّنتك اليابسه

وجهٌ جميلٌ إنّما

دوماً أمامي عابسه

ـ3ـ

قلبي عليلٌ بالهوى

كوني لقلبي حارسه

صيري معي تلميذةً

والصدر حوشُ المدرسه

ـ4ـ

أرضاكِ حضناً دافئاً

حيّكتُ فيه الملبسا

أرضاكِ مهراً جامحاً

حتى أكونَ الفارسا

**

إن ترحميني


ـ1ـ

إن ترحميني حدّقي

بالناظرين وصفّقي

للحب.. يشدو حالماً

فوق المحيط الأزرقِ

ـ2ـ

هذا أنا بدر الدجى

كي تلمسيني حلّقي

إني أريدك بسمةً

يصبو إليها مشرقي

ـ3ـ

إني أريدك نجمةً

عند الشدائد أشرقي

ألم تريْ شيبَ الأسى

يأتي كضيفٍ أحمقِ

ـ4ـ

بالله هاتي قبلةً

تمحو بَياضَ المفرقِ

في غربتي عشتُ الضنى

آن الأوانُ لنلتقي

**

الف لا


ـ1ـ

هل تعلمينَ أنّني

أظهرتُ كُلَّ تفنُّني

كي تُعجبي بشاعرٍ

ليس العظيمَ والغني

ـ2ـ

هذا أنا يا حلوتي

معطّرٌ كالسوسنِ

بالشعر زيّنتُ المدى

روَّضتُ كلَّ الألسنِ

ـ3ـ

قلبي يحبُّ نجمةً

إلا لها لن أنحني

أنتِ الحياةُ كلّها

أنتِ ابتداءُ الأزمُنِ

ـ4ـ

إن قلتِ: لا.. أو الفَ لا

عن حبّنا لن أنثني

**

هل أنت بدر؟


ـ1ـ

هل أنتِ بدرٌ شعَّ في بستاني

أم وردةٌ يحلو بها الخدّانِ؟

نفنافُ صدرٍ خلته جبلا

والدرُّ كلّ الدرِّ بالسيقانِ

ـ2ـ

أخشى إذا أمطرتُك القبلا

أن ترتمي الأحضانُ بالأحضانِ

**

انت الحبيبة


ـ1ـ

تحت السماء المقمره

شيءٌ جميلٌ قد جرى

أحببت وجهاً مشرقاً

شبَّهتُه بالجوهره

ـ2ـ

شبّهتُه بوردةٍ

مثل الشّذى معطّره

أحببتُ أنثى إسمُها

لمْ يَنْدرجْ في تَذكره

ـ3ـ

لم تحتضنْه أحرفٌ

لا لم تقِسْه المِسطره

لا لم يصغْه شاعرٌ

لا لم يطأ هذا الثرى

ـ4ـ

مُستشرقٌ في شكله

تختالُ فيه المفخره

أنتِ الحبيبةُ حلوتي

هل مثل حبي يا ترى؟

**

سبق


ـ1ـ

من بعد تعطير الحبق

أصبحتِ من ضوءٍ أرَقّ

صارت عيونُك نجمةً

والثّغرُ لوّنه الشفق

ـ2ـ

والعطرُ منكِ حبيبتي

في كلِّ أنفٍ قد عبق

لكنَّ قلبَك جامدٌ

لا نبْضَ فيه أو ألق

ـ3ـ

تمشين قربي صخرةً

ألقلبُ فيها من ورقْ

وأنا الفقيرُ الى الهوى

تغتالني نارُ الأرق

ـ4ـ

لا لست أرضى نكسةً

سأفوز في هذا السبق

**

أنت لي


ـ1ـ

لا تغضبي، أو تزعلي

من قبلةِ المُستعجلِ

والله كانتْ قبلةٌ

كنكهةِ السّفرجَلِ

ـ2ـ

سريعةٌ كغمزةٍ

كأنها مستقبلي

إنّي أقبّل زهرةً

أحلى من القرُنفُلِ

ـ3ـ

أغصانها، أوراقها

فيها جمالُ المخملِ

أخشى عليها حلوتي

من طيش ثغرٍ مهملِ

ـ4ـ

إن عاثَ فيها ليلةً

أسنانه كالمنجلِ

قد تذبلين مثلها

ما مربحي إن تذبلي

ـ5ـ

تكفيني منك قبلةٌ

من وقعها لم تخجلي

سأمضي عمري مغرماً

وأنتِ لي.. وأنتِ لي

**

غدارة


ـ1ـ

لو كان قلبي في يدي

لرميتُه في الموقدِ

كي ينتهي عهدُ الهوى

عهدُ الجحيمِ الأسودِ

ـ2ـ

أحببتُها مثل الندى

ورأيتها كالفرقدِ

لكنّها غدّارةٌ

طعنتْ بحبّي الأوحدِ

ـ3ـ

سرقتْ أحاسيسَ المنى

فصرختُ كالمستنجدِ:

واللـهِ إنّي متعبٌ

كفّي الأذى وتبدّدي

ـ4ـ

أردى عيوني غدرُها

وتناعستْ في مزودي

والقلبُ يهتفُ عالياً:

هيّا املكي واستعبدي

**

شجاعة


ـ1ـ

لم تعُدْ عندي الشجاعه

ذقتُ يا روحي التياعا

كنتِ مثلَ الطيرٍ عندي

دائماً أبغي سَماعَه

ـ2ـ

دائماً أحنو لحضنٍ

دافىءٍ، زدتُ اتساعَه

بعدَ صدّ واشتياقٍ

حبّنا المسكينُ ضاعا

ـ3ـ

مثل حلْمٍ أو سرابٍ

كان لقيانا وداعا

**

قمري


ـ1ـ

أهديتها نَغَمي

والحبَّ بالكِلَمِ

صوّرتُها قمراً

قَبّلتُه بِفَمي

وقلتُ: يا قَمَري

بالله إبْتَسِمي

ـ2ـ

أيّامُنا تَعَبُ

ساعاتُها عَجَبُ

إنْ نِمْتِ في خِيَمي

سيعزفُ الْقصَبُ

وإن غَزَوْتِ فمي

يَلُفُّكِ الذَهبُ

ـ3ـ

كوني كما السُّفُنُ

شِراعُها وَطَنُ

تَغوصُ في بَدَني

كيْ ينْتَشي الْبَدَنُ

ما هَمَّها مدنٌ

كفّي هيَ الْمُدُنُ

ـ4ـ

أَقُولُ: سيّدتي

عيشي بِمَمْلَكتي

طيورُها وترٌ

وأنتِ أغنيتي

فَنوِّري سَكَنِي

يا شمسَ أمنيتي

**

يا قلب


ـ1ـ

يا قلبُ أضناني الغرامْ

فالحبُّ أوّلُهُ سَقامْ

يمشي بقربي صامتاً

والأذْنُ تشتاقُ الكلامْ

ـ2ـ

هذا حبيبي.. ويحَه

من حقّنا يُلقي السلامْ

أعطيهِ من لَحْظي الهنا

يمضي.. كأنّي في المنامْ

ـ3ـ

دقّاتُ قلبي صرخةٌ

أخشى بها لومَ النيامْ

وجهي الجميلُ يمامَةٌ

ويداهُ أسرابُ اليمامْ

ـ4ـ

ماذا بهِ لا يأبَهُ

والصّخرُ فتّته الهُيامْ؟

أخفى غرامي عيبَهُ

مَنْ قالَ محبوبي يُلامْ؟

ـ5ـ

فلهُ المقامُ المُرتجى

وبدونه أين المقامْ؟

**

رسائل

ـ1ـ

لَمْ تَعُدْ تأتي الرسائلْ

ذاتَ خطٍّ غَيْر مائلْ

كيفَ أَتْلُوها بِحَرْفٍ

شِبْهِ مقْروءٍ وزائلْ

ـ2ـ

خِلْتُ "حاسوبي" شريفاً

ليسَ يأتي بالرذائل..

و"الإمايْلاتِ" الغوالي

هَمُّها زرعُ الفضائلْ

ـ3ـ

قدْ يكونُ الحظُّ ضدّي

أمْ سَبَتْ حُبّي البدائلْ

لم أكنْ يوماً تَعيساً

كنتُ منْ بَيْنِ الأوائلْ

ـ4ـ

فلماذا صارَ حبّي

حائلاً من دون حائلْ؟!

ولماذا صارَ حرفي

يَتَشظَّى كالسوائلْ؟!

ـ5ـ

لمْ تَخُنّي.. لا وربّي

إنّما خانتْ وسائلْ

كانتِ الصّوتَ وكنّا

فوقَ أحلامِ القبائلْ

ـ6ـ

لمْ تقلْ يوماً حبيبي

إنّما الفؤادُ قائلْ

كي يَعودَ الحرفُ شمساً

سهَّلتْ كلَّ المسائلْ

**

ردي علي


ـ1ـ

ردّي عليَّ إذا ندهتُ: تعالي

فالوردُ دوماً يَستجيبُ لحالي

النارُ حَولَكِ.. والغرامُ نزالي

ولقدْ دخلتُ النّارَ كالأبْطالِ

ـ2ـ

حاربْتُ أثقالاً من الأثقالِ

والنصْرُ لا يَأتي بدونِ نضالِ

كلُّ القُيُودِ نزعْتُ بالأفعالِ

إلاّ بقلبي لَمْ تزلْ أغلالي

ـ3ـ

أنتِ الأميرةُ.. زينةُ الأجيالِ

وانا الحبيبُ تنعّمي بجَمالي

أنتِ الكمالُ إذا غمرتِ كمالي

والرّيحُ أنتِ إذا رسمْتِ زوالي

ـ4ـ

أحببتُ فيكِ ربيعَكِ المُتتالي

حاشا أردُّ عن الرياضِ ظلالي؟

إنّي أخافُ عليكِ من أحمالي

فالحبٌّ عندي مضرَبُ الأمثالِ

ـ5ـ

الحبُّ مملكتي.. وعطفُكِ مالي

مدّي اليدينِ وحقّقي آمالي

هذا أنا.. من فتيةٍ ورجالِ

متعفِّفٌ، مترسملٌ بخصالي

ـ6ـ

قولي: أحبُّكَ.. غَيّري أَحوالي

متعطِّشٌ، بعدَ السكوتِ، سؤالي

شعّي كشمسٍ.. أرهقتْها ليالِ

آنَ الأوانُ لتلتقي بهلالي

**

أهواك


ـ1ـ

حينَ الْتَقَيْتكِ.. غارَتِ الشُّـهُبُ

وَتَطايرَتْ مِنْ حَوْلِكِ السُّـحُبُ

وَتَسـاءَلَتْ من حُـزْنِها قِـمَمٌ

هَلْ عَدَّدَتْ أَوْصَافَكِ الْكُـتُبُ؟

ـ2ـ

يا حُـلْوَةَ الْعَـيْنَيْنِ أَنْتِ هُـنا

مِثْلُ السَّـبيكَةِ صَاغَكِ الذَّهَـبُ

أَنْـتِ الْمَليـكَةُ عَرْشُها قَلَـمٌ

وَدِيـارُهـا التَّـكريمُ والرُّتـَبُ

ـ3ـ

أَهْدَيْتُـكِ الشِّـعْرَ الْجَميلَ كَما

أَهْـداكِ وَرْدَ حُـروفِـهِ الأدَبُ

أَلثَّـغْرُ أَدْمَتْــهُ شَـقائِـقُـهُ

وَالْخَـدُّ تـاهَ بِلوْنِـهِ العِـنَبُ

ـ4ـ

وَالريـحُ تَسْـألُ عن مُتَيّمَتـي

هَلْ تَلْتَوي؟ هَلْ قَدُّها قَصَـبُ؟

غَنّـاكِ بُلْبُـلُ حُـبِّنا نَغَــماً

جَـنَّتْ بِـهِ الأوْتـارُ والطَّرَبُ

ـ5ـ

حَتـّى الْمُرُوجُ تَحَوّلـَتْ قَمَراً

لَمْ تَعْرِفِ الأَزْهـارُ ما السَّبَبُ؟

أَهْـواكِ.. إنـّي قُلْتُـها فَرِحاً

أَهْـواكِ، أينَ الكُفْرُ وَالْعَجَبُ؟

**

فافي


ـ1ـ

الشّعرُ يؤرّقه ألمُ

تبكيه الأحرفُ والقلمُ

داواهُ الطبُّ بأدويةٍ

لم تنفعْ مَن فيهِ سقَمُ

ـ2ـ

مسكينٌ.. كم عانَى وجعاً

ما زال يَضجُّ ويحتدمُ!

صحراءُ الهجرِ تحيطُ به

والعطشُ الكافرُ ينتقِمُ...

ـ3ـ

ناجى المعبودَ.. فأوحى له

إسماً.. من وهجِهِ يبتسمُ

هي "فافي" وجهٌ مصريٌّ

هيَ شمسٌ صاغتها الحِكمُ

ـ4ـ

هي مجدُ النيلِ.. ورونقُهُ

هيَ حرفٌ.. تشتاقهُ قممُ

هي بوحُ الحبّ.. مُمَوسقةٌ

يختالُ برفقتها النّغمُ

ـ5ـ

إن كان "طبيبٌ" لا يُشفي

ناداهُ إلى الحُبِّ.. الهَرَمُ

**

سيارة "كيا"


ـ1ـ

ألأزرقُ لونُ السيّارَه

كيْ ترسمَ فوقَهُ أطيارا

كالأفقِ المسحورِ بدتْ

إنْ دارتْ تُشعلُ سيجارَه

ـ2ـ

نقتها "فافي" لراحتها

والزهرةُ تعشقُ أزهارا

عيناها كبدرينِ معاً

والثغرُ الفضّيُّ منارَه

ـ3ـ

ألشكلُ سُلُحْفاةٌ لكنْ

إنْ شاءَتْ تسبُقُ طيّارَه

ألإسمُ بأوّلهِ "كافٌ"

و"الياءُ" ذكاءٌ وشطارَه

ـ4ـ

من قالَ تزوّدها كازاً

واللهِ.. تمدّها أشعارا

من أحلى بأعينكُمْ؟ قولوا:

تربحُها "فافي" بجداره

**

أَنْتَ الحبيب


ـ1ـ

أَنْتَ الحبيبُ الأَرْوَعُ

وَأنا بِحُسْنِكَ مُولَعُ

مُتَكَبِّرٌ.. لكِنَّني

قُدّامَ عَرْشِكَ أركعُ

ـ2ـ

مِنْ كَثْرَةِ الإشراقِ قلْ:

بالشمسِ ماذا أصنعُ؟

قد تَنْزَوي في بُرجِها

مَغمُومَةً تَتَلَوَّعُ

ـ3ـ

إنّي أُريدُكَ سيِّدي

مثلَ الشَّذا تَتَضَوَّعُ

فَالْحُبُّ أَدْمَى مُهْجَتِي

وَبَصِيرتِي تَتَصَدَّعُ

ـ4ـ

أَصْحُو.. وَعِنْدي رَغْبَةٌ

صَوْتَ الأَحِبَّةِ أَسْمَعُ

لكِنَّ صَوتَكَ غارِقٌ

في صَمْتِهِ.. لا يَشْفَعُ

ـ5ـ

أحبَبْتُ فيكَ رجولةً

ما خِلْتُها تَتَدَلَّعُ

أضْنَيْتَني وسقيتني

صدّاَ.. وَقلبي موجَعُ

ـ6ـ

أنتَ البدايَةُ في الهوى

والمُنْتهى والمَرْجِعُ

خُذني إلى حُضنِ الهنا

مَنْ حقِّنا نَتَمَتـَّعُ؟

ـ7ـ

آتيكَ كالحُلمِ البهيْ

ما السِّرُّ.. لا تَتَطَلَّعُ؟

غَنَّتْ جمالي وردةٌ

أَتريدُني أَتَضرَّعُ؟

ـ8ـ

أَخْبِرْ عُيُونَكَ إِنَّنِي

عَنْ لَحْظِها أَتَمّنَّعُ

لا لمْ يَمُتْ فِيَّ الهوى

لكنّني أَتَرَفَّعُ

ـ9ـ

قُلْ لي كَلاماً مُفْرِحاً

شَيْئاً جَميلاً يَنْفَعُ

أَرْجُوكَ قُلـْهُ مقنِعاً

خَيْرُ الكلامِ الْمُقْنِعُ

ـ10ـ

أَهْدَيْتَني نَجْمَ الْغِوَى

ما بالُهُ.. لا يَسْطَعُ

إنْ قُلْتَ: لَيْلِي مُعْتِمٌ

فالفَجْرُ دَوماً يَطْلَعُ

**

اشتاق وجهك يا امرأه


ـ1ـ

اشتاقُ وجهَكِ يا امرأه

بينَ الوجوهِ مُجَزَّأه

الثغْرُ يبغي قبلةً

ويخافُ نارَ المِدفأه

ـ2ـ

والجسمُ أضناه الهوى

والعقلُ عن عقلي نأى

أوقفتُ قلبي حارساً

فوقَ الثلوجِ مهيّئا

ـ3ـ

مرّت عُيُونُكِ قربَهُ

فَأمرْتُهُ انْ يهدأَ

والثلجُ يشعُرُ مثلنا

ضمّيهِ.. كيْ يَتدفّاَ

ـ4ـ

قولي أحبّكَ شاعري

لتَشِعَّ شمسي المُطفأه

هنّأتُ أزهارَ الربى

وحُرمتُ فيكِ التهنئه

ـ5ـ

للعمرِ أنتِ حبيبَةٌ

من دونها لنْ يبدأَ

**

ارتعاشات الهوى


ـ1ـ

تَلْمَذْتُها عَلَى يَدِي، يَا حَبَّذَا

لَوْ عَلَّمَتْنِي الْحُبَّ رَغْمَ الأَسْتَذَه

أَحْلَى الْعُلُومِ، إِنْ أَنَا أَنْهَيْتُها

تَبْغِي بَقائي فِي صفوفِ التَّلْمَذَه

ـ2ـ

أَلْحُبُّ أَسْمَى نِعْمَةٍ حَلَّتْ بِنا

فِيهِ هَناءُ الْقَلْبِ، أَوْ فِيهِ الْغِذَا

قَدْ عِشْتُ عُمْراً فِي متاهاتِ الْعَنا

إِنْ قُلْتُ شِعْراً مُغْرَماً، قَالُوا: هَذَى

ـ3ـ

خِفْتُ ارْتِعاشاتِ الْهَوَى مُنْذُ الصِّبَا

قَدْ أَسْمَعُ التَّأنِيبَ مِنْ هَذَا وَذَا

إِنْ قُلْتُ: مارَسْتُ الْهَوَى عَنْ رَغْبَةٍ

صَاحُوا: كَفَى كَفَى كَفَى، الْعَرْضَ وَذَى

ـ4ـ

كُنْتُ إِذَا أَشْعَلْتُ حَرْفِي قُبْلَةً

أَخافُ أَنْ أُلْغَى وَأَنْ أُنْتَبَذَا

قَالُوا: بِعَيْنَيْهِ غَرامٌ كافِرٌ

فَلْنَسْرُقِ الْحُبَّ وَنُمْطِرْهُ قَذَى

ـ5ـ

شَرْقٌ تَعِيسٌ لا يُجارِي عَصْرَه

يَخْشَى الْهَوَى بِالنُّورِ، وَالتَّلَذُّذَا

أَلْجِنْسُ، أَفْتَى، مُرْعِبٌ مُسْتَهْجَنٌ

لا الدِّينُ يَرْضَاهُ ولا ربُّ الشَّذَا

ـ6ـ

لكِنَّه بِالسِّرِّ يَسْتَقْوِي عَلَى

أُنْثَى اشْتَراها كَيْ يُدَمِّيها الأَذَى

عَنْ فُحْشِهِ، تَحْكِي الْمَرايا قِصَّةً

قَدْ تُخْجِلُ الأَبْوابَ والنَّوافِذَا

ـ7ـ

حَدِّقْ بِهِ.. شَكْلٌ غَرِيبٌ مُضْحِكٌ

إِنْ شَاهَدَ الْفُسْتانَ حالاً وَذْوَذَا

أَسْنانُهُ الْجَوْفاءُ أَضْحَتْ فَحْمَةً

وَالسَّعْدُ إِنْ لَمْ يُظْهِرِ النَّوَاجِذَا

ـ8ـ

أَهْلُ الْوَرَى كُلٌّ يُلاقِي خِلَّهُ

وَشَرْقُنا لَمَّا يَزَلْ مُشَعْوِذَا

**

جنون


ـ1ـ

أَنْقِذيني من جُنوني

من صُراخي، منْ أنيني

كلّما أَظْهرْتِ صدّاً

مِنْ ثيابي تطرُديني

ـ2ـ

إرْحمي قلبي وعقلي

طارَ عقلي يا عُيوني

بتُّ كالمَجْنونِ أَمشي

ساحِباً خلفي ظنوني

ـ3ـ

لم أعُدْ أحيا بيومي

غادرتْ عمري سنيني

أنتِ يومي.. أنتِ عُمري

أنتِ أحلامي.. حنيني

ـ4ـ

لَنْ تكوني مُلْكَ غيري

دائماً في القلبِ كوني

**

نجمة الشعر


ـ1ـ

مَجْدُ أَمْسِي.. هَلْ سَيَنْسَاهُ غَدِي؟!

لَيْسَ يَنْسى الْهَجْرُ ما أَعْطَتْ يدي

لَيْتَنِي كُنْتُ نُجُوماً فِي الْفَضا

يَتَباهَى بِشُعاعي بَلَدِي

ـ2ـ

نَجْمَةُ الشِّعْرِ إِذَا ضَيَّعْتَها

قَدْ تُلاقيها بِحُضْنِ الْفَرْقَدِ

لَيْتَنِي كُنْتُ حَريراً ناعماً

كَيْ أَغيظَنَّ غُرورَ الْمِبْرَدِ

ـ3ـ

فِي رُبَى لُبْنانَ رَوَّضْتُ الْمَدَى

بَعْدَما خَطَّتْ ثُلُوجِي مَوْرِدِي

وَبِظِلِّ الأَرْزِ عانَقْتُ الْهَنا

وَتَرَكْتُ الصَّخْرَ يَبْنِي مَقْعَدِي

ـ4ـ

يَتَدَلَّى الْخَيْرُ مِنْ عِرْزالِنا

وَيَؤُمُّ الطَّيْرُ أبْهَى مَعْبَدِ

حِكَمٌ لا تَنْتَهِي عَايَشْتُها

إِيهِ ما أغنى لِسانَ الْوالِدِ:

ـ5ـ

إِنْ تَعِشْ دُنْياكَ لَمْ تَنْعَمْ بِها

شَتَمَتْ مَلْقاكَ طُولَ الأَبَدِ

قِيل فِي النَّارِ انْصهارٌ دائِمٌ

لَيْتَ هذا في الصَّقيعِ الْبارِدِ

ـ6ـ

كُلُّ شِعْرٍ لا يُوَعِّي عصرَهُ

صارَ جَمْراً فِي زَوايا الْمَوْقِدِ

قَدْ يُشِعُّ الْحَرْفُ فِي زَنْزانَةٍ

تُصْبِحُ الْقَصْرَ لِفِكْرٍ خالِدِ

ـ7ـ

مَنْ يُصَلِّي خَائِفاً مِنْ رَبِّهِ

لَيْسَ أَتْقَى مِنْ مُحِبٍّ مُلْحِدِ

مُعْطَياتُ الْحُبِّ نَصْرٌ مُفْرِحٌ

أَيُّ ذُلٍّ في فُؤادِ الْحاقِدِ؟

ـ8ـ

حاسِدِي.. لَنْ يَقْتَنِي مَجْدَ الْعُلَى

أَرذل الأعمار عمر الحاسدِ

لن يُقالَ الهرُّ أَضْحَى أسداً

وَلَوِ اخْتالَ بِجِلْدِ الأَسَدِ

ـ9ـ

كَمْ شَريفٍ خِلْتَهُ أُمْثُولَةً

كانَ ذِئباً خَلْفَ بابٍ مُوصَدِ

جَسَدُ الأُنْثَى إِذَا عَرَّيْتَهُ

لَنْ تَرَى فِيهِ جَمالَ الْجَسَدِ

ـ10ـ

وَطَنِي.. لَنْ أَشْتَكي طُولَ الضَّنَى

رَغْمَ بُعْدِي، لَمْ أَزَلْ فِي مَرْقَدِي

قَدْ حَمَلْتُ الأَرْضَ فِي شِعْرِي وَفِي

بُؤبُؤ الْعَيْنِ الْغَرِيبِ الْمُجْهَدِ

ـ11ـ

غُرْبَتِي.. نَارُ اشْتِياقٍ مُؤلِمٍ

وَرُجُوعِي.. بَوْحُ أَحْلَى مَوْعِدِ

**

رحماك ربّي


ـ1ـ

رحماك ربّي إنني

قدّام عرشك أنحني

مترسملاً في غربةٍ

بالحب.. والعيش الهني

ـ2ـ

لا لست أبغي ثروةً

حلمي بعطفك أغتني

عمري بدونك كذبةٌ

مدّ اليدين وضمّني

**

زمني


ـ1ـ

كلُّ الدروب فوقَها محنُ

أنّى ذهبنا شبّتِ الفتنُ

فالقتلُ صار اليومَ هاجسَنا

تحلو به الأعمالُ والمهنُ

ـ2ـ

كم من قبورٍ أصبحتْ مدناً

لمّا نفتْ سكانّها المدنُ

أخلاقنا، أفكارنا، يبستْ

مثل الذي قد لفّه العفنُ

ـ3ـ

ها والدٌ دمعاتُه غضبٌ

يمشي فيمشي خلفه الكفنُ

حتى حليبُ الأم مكتئبٌ

من حقدنا قد بزّه اللبنُ

ـ4ـ

يا حبّذا لو ينتهي زمني

حتى أرى ما يتركُ الزمنُ

**

الى أمي


ـ1ـ

أيا أمّاهُ.. ما بَرِحَ الرّحيلُ

يُدّمرُني.. أنا قلبي عليلُ

أعيشُ الهجرَ سَكراناً بدمعي

ظلامُ الليلِ أرّقه الْعويلُ

ـ2ـ

أجلْ أشتاقُ للحُبّ المُصفَّى

لضحْكةِ ثغرِكِ الجذلى أميلُ

أريدُ الزّندَ يغمرُني بعطفٍ

وَدِفْءَ الصّدرِ غَفْواتي يُطيلُ

ـ3ـ

لقدْ كُنْتِ الحياةَ لكلّ طفلٍ

رعيلٌ يَنْزوي.. يأتي رعيلُ

شعوبُ الأرضِ قدْ أهدتكِ مجداً

شبيهُ الأمّ، يا أمي، قليلُ

ـ4ـ

رأيتُ الناسَ تفتخرُ بطولٍ

وطولُك، كم تَمنّاه النخيلُ

حبيبُ الزّهرِ إنْ أعطوْهُ إسْماً

فزهرُ الأمّ للدنيا خليلُ

ـ5ـ

إذا قلتُ الإلهَ.. أقولُ أمّي

فعندي حبُّها ربٌّ جليلُ

وعندي حُضنُها جنّاتُ خُلْدٍ

لماذا الهجرُ، يا ربّي، طويلُ؟

ـ6ـ

أعِدْني.. لا تُطِلّْ فيَّ اشْتياقاً

جميلٌ قربُها منّي.. جميلُ

**

جلجلتي


.. وَيَحْسُبونَ أَنَّني سَأتْعَبْ

مِنْ حِمْلِكِ الثَّقِيلِ.. يا مَدينَتي

بَيروتُ.. يا صَلِيبِيَ الْمُذهَّبْ

أَنَّى وُجِدْتُ.. تُوجَدُ جُلْجُلَتِي

**

حنان


الْبَحْرُ يَنْدَهُنِي، فَهَلْ مِنْ مانِعٍ

أَنْ يَرْتَمِيْ الأَطْفالُ في الأحْضانِ

قَدْ حَوَّلوا الدُّنْيا جَحيماً حاقِداً

وَالطِّفْلُ لا يَنْمُو بِغَيْرِ حَنَانِ!

**

علمي


ـ1ـ

حيّيتَ يا علمي

في هيئةِ الأممِ

تزهو بأرزتنا

تعلو إلى القممِ

ـ2ـ

فالأحمرُ الباكي

لوّنته بدمي

والأبيضُ الشاكي

قدّسته بفمي

ـ3ـ

أرضي وإنْ بعدتْ

تشتاقها قدمي

أعدو.. فيسبقني

قبرٌ من العدمِ

ـ4ـ

أجدادُنا زرعوا

مجداً من القِدَمِ

واليومَ يا وطني

يغتالني سقمي

ـ5ـ

قد جئتُ مغترباً

خوفاً من الصنمِ

يجتاحني حلُمٌ

أوّاهُ من حُلُمي

ـ6ـ

في الليلِ مفخرةٌ

وفي غدٍ ألمي

**

رمضان.. شهري أنا


ـ1ـ

إنّي أرى الإنسانَ في رمضانِي

مستعوذاً باللـهِ من شيطانِ

إن صامَ شهراً، فالصيامُ فريضةٌ

أو حجَّ بيتاً.. شعَّ بالغفرانِ

ـ2ـ

ما همّهُ جوعٌ إذا الجوعُ غزا

يقتاتُ بالصلواتِ والإيمانِ

يعطي الفقيرَ زكاةَ عمرٍ طاهرٍ

ليفوحَ في الدنيا شذا الإحسانِ

ـ3ـ

يا خالقَ الأكوانِ هذي أمتي

تمشي بعكس الخلقِ والأكوانِ

هذي العروبةُ أنهكتها حروبُها

لم تُحسنِ التفسيرَ بالأديانِ

ـ4ـ

فالطائفيُّ الذئبويُّ لسانُه

يعوي، فيغدو الشرُّ كالطوفانِ

إنْ كنتَ للتقوى، فبالتقوى أنا

قد أغلبُ الشيطانَ يا ديّاني

ـ5ـ

ما الفرقُ بيني وبينَ أهلٍ آمنوا

إنجيلُهم للّـه كالقرآنِ

ما الفرقُ بيني وبينَ جارٍ مخلصٍ

قد شرّفَ الإنسانَ بالإنسانِ

ـ6ـ

ما الفرقُ بيني وبين كلِّ خليقةٍ

إنْ لم أحاكِ لسانَهم بلساني

إن كان نسليْ نسلَ آدمَ ويحهم

كيف الخصامُ ونحن كالإخوانِ

ـ7ـ

شهري أنا.. شهرُ المحبّةِ والتُّقى

في نوره لم يختلفْ إثنانِ

شهرٌ كأنَّ اللهَ فيه مجسّدٌ

هذي شهادةُ مؤمنٍ نصراني

**

آه يا شعبي


ـ1ـ

آهِ يا شعبي الحبيبْ

حينَ يَغْزوكَ النَّحيبْ

تَنْحَني الأجْسادُ فينا

وَيُوافينا المَغيبْ

ـ2ـ

هل تَضيعُ القدسُ مِنَّا

ليسَ فينا من مُجيبْ؟

قُبْلَةُ الأقداسِ كانَتْ

مِنْ هلالٍ أَو صَليبْ

ـ3ـ

هَضْبَةُ الجولانِ ليسَتْ

خيمةً تأوي الغريبْ

هَذهِ الأرْضُ الْحَبيبَه

كيفَ نَرْضاها تَسيبْ؟

ـ4ـ

لا رئيسٌ قالَ كُفُّوا

مِنْ بعيدٍ أوْ قريبْ؟

مَنْ يُعيدُ الحقَّ قولوا؟

حَقُّنا إِرْثٌ عجيبْ

**

ظلال


ـ1ـ

أَمْشي.. وَخَلْفي تُستَباحُ ظِلالُ

بِخُطوطِها السَّوداءِ هامَ سُؤالُ:

أَتَنامُ عَيْنُ الشِّعرِ مِلْءَ جُفونِها

وَعَلى الرُّموشِ مَصائِبٌ تَخْتالُ؟

ـ2ـ

يَعْيا الْعَويلُ بِثَـغْرِنا، فَكَأَنَّـنا

مُنـذُ الْبِدايَـةِ لَفَّنا الْبِـلْبالُ

أَعْـمارُنا رَهْنٌ بِحِفْظِ مَـراكِزٍ

يَطْـغى بِـها مُسْتَرْئِسٌ دَجَّالُ

ـ3ـ

يَتَثاءَبُ الإِهْـمالُ في نَبَضاتِـنا

فَيُريـحُنا بِنُعاسِـهِ الإِهْمـالُ

نَغْفو.. كَأَنَّ الْفَجْرَ مِنْ أَعْدائِنا

والْكَدَّ وَهْمٌ مُرْعِبٌ وَوَبالُ

ـ4ـ

نَحنُ اجْتَرَرْنا باحْتِرافٍ صَمْتَنا

فَتَعَظَّمَتْ بِسُكوتِنا الأَفْعالُ

لَمْ يَسْمَعِ الإِنْتاجُ فينا، فَالْقِوَى

خارَتْ، وَخارَتْ مِثْلَها الآمالُ

ـ5ـ

نَشْقى، إذا افْتَرَشَ الْهَناءُ رُبوعَنا

وَنَئِنُّ إَنْ حَضَنَ الْيَمينَ شِمالُ

أَفْضالُنا لا تَنْتَهـي.. فَرَذيلَةٌ

تَنْأَى، وأُخْرى فَوْقَنا تَنْهالُ

ـ6ـ

طُهْرُ النِّساءِ حِكايَةٌ، إنْ تَرْوِها

تَضْحَكْ عَلَيْكَ أَسِرَّةٌ وَرِجالُ

في شَرْقِنا الْعَرَبِيِّ يَطْلَـعُ ثائِرٌ

كَيْ تَهْتَدِيْ بِشُعاعِهِ الأَجْيالُ

ـ7ـ

لكِنَّهُ، والخُبْثُ في خَطَواتِهِ،

يَسْبِي الضَّميرَ وَما اشْتَهَتْهُ عِيالُ

لا ثَوْرَةٌ في الشَّرْقِ أَشْرَقَ نورُها

إلاَّ احْتَواها في الدُّجَى مِكْيالُ

ـ8ـ

زُعَماؤنا، دَرْبُ الْخِيانَةِ دَرْبُهُمْ

لِيَقودَنا نَحْوَ الضَّلالِ ضَلالُ

إنْ صَمَّموا، فَالْغَدْرُ في تَصْميمِهِمْ

وَتَكَلَّموا، فَلُعابُهُمْ يَحْتـالُ

ـ9ـ

بِئْسَ الزَّمانُ زَمانُنا.. فَبِلادُنا

عِنْدَ الشَّدائِدِ عافَها الأَبْطالُ

يا شاعِراً صاغَ الإِلهُ حُروفَهُ

أَنِّبْ.. لِتَرْدَعَ شَعْبَكَ الأَقْوالُ

ـ10ـ

أَنْتَ الْقَوِيُّ عِبـارَةً وَعَزيمَةً

وإلَيْكَ يَرْنو في العَشِيَّةِ بالُ

**

عراقية

حفل بمناسبة مرور عشر سنوات على صدور جريدة العراقية ـ سيدني


ـ1ـ

إذا كانت شعوبُ الضّادِ أُميّه

ستغزوها مَطبّاتٌ جُنونيّه

وتنمو فوق أعناقٍ وأبدانٍ

فقاقيعٌ وأدرانٌ خُرافيّه

ـ2ـ

علينا أن نُداويها ونَحميها

فكلُّ العارِ أن تبْقى سَرابيّه

وكلُّ العارِ أن تحيا بأخلاقٍ

جنونٌ أن نُسمّيها تراثيه

ـ3ـ

أيا أرضاً هجرناها زرافاتٍ

محونا الإسمَ كي نُلغي العروبيّه

سئِمْناها، كشفناها، رفضناها،

لمسناها، وجدناها لُعابيّه

ـ4ـ

تركناها، ولم يبقَ سوى باغٍ

وقطعان من الإهمالِ مَنسيّه

عصاه تُلهِبُ الأكتافَ ضرْباتٍ

وصرخاتٍ.. لكيْ تحمي الحراميّه

ـ5ـ

أسالَ الدمعَ كي يمحُو مذلاّتٍ

ويُخفِي لُعبَةً بالسرِّ دينيّه

فأصبحنا ألاعيباً بأسماءٍ

مسيحيه، وسنيّه، وشيعيّه

ـ6ـ

رمانا في جيوبِ الغشّ دولاراً

ليبتاعَ الوزاراتِ السياسيّه

وأفتى أن يُذيقَ الشّعبَ آلاماً

جُنُوبيَّ المآقي أم شِماليّا

ـ7ـ

أنا المنبوذُ يا أرضي، فهل تحنو

على الأرزاتِ أنسامٌ إلهيّه؟

وهل تبكي على إنسانِنا عينٌ

وقد أضحتْ نيرانُ الحربِ شاميه؟

ـ8ـ

فَكَمْ في النيلِ دمعٌ من مآقينا

وَكَمْ في الحَلْقِ آهاتٌ فُراتيه؟

نزفنا هجْرنا فنّاً وآداباً

وعاداتٍ وصفناها بشرقيّه

ـ9ـ

تعبنا كي يظلَّ الفكرُ مسؤولاً

عن الشّعبِ الذي دُنياهُ مَسْبيّه

عنِ الشعبِ الذي بالسّجنِ مَرمِيٌّ

كما الأحكامُ بالأوحالِ مَرميّه

ـ10ـ

هنا الإعلامُ يُعطينا بلا غدْرٍ

ليغدُو الشعرُ أبياتاً عِصاميه

هنا الإعلامُ يُعطينا إضاءاتٍ

ليبقى العقلُ بالأخلاقِ مُضويّا

ـ11ـ

هنا الإعلامُ يُعطينا مساحاتٍ

مِنَ الحُرِيَّةِ البيضاءِ.. حُريَّه

يَطيرُ الحرفُ في عَليائه نَسراً

إذا ضمَّتْهُ أوراقٌ ربيعيَّه

ـ12ـ

شمُوعُ العيدِ أقلامي وأحْلامي

فهلْ تُهدَى من الأحْلامِ عيديّه؟

وهلْ يرنو إلى الأوتار قيثارٌ

ولحنُ العيدِ بالأوطانِ ناريّا؟

ـ13ـ

مُوَفَّقْ.. لا تقُلْ: شمْعاتُها عشرٌ

فمنْ أعْمارنا نُعْطي "العراقيه"

أعيدُ الإسمَ، عنْ قصْدٍ، لكيْ أشدو:

عراقيّه، عراقيّه، عراقيّه

**

رئيس الحزب


ـ1ـ

مثلَ النّعاجِ يقودُنا متحزّبُ

مترئسٌ، متغطرسٌ، متذبذبُ

إنّا نحيي كلَّ يومٍ لصَّنا

ذاكَ الذي شرفَ التحيّةِ يسلًبُ

ـ2ـ

هو كاذبٌ.. والغدرُ في أوصالهِ

حتّى شهيقُه من كلامِه أكذبُ

يختالُ مثلَ كَواسرٍ بريّةٍ

لكنّه، عندَ الهريبةِ، أرنبُ

ـ3ـ

لا يرتوي بالماء مهما يصطلي

غيرَ الدماءِ الحمرِ لا لا يشربُ

مثل الأميرِ مرفّهٌ في قصره

والفقرُ في أكواخنا يتعذّبُ

ـ4ـ

في عرسه كل الخلائق تنتشي

وبموتنا ما من شريفٍ يندبُ

فالشعبُ يدري أنه متخاذلٌ

فيه الشتائمُ والمصائبُ تُضربُ

ـ5ـ

لكنّ شعبي طيّبٌ متسامحٌ

والموتُ يأتي كي يُعاني الطيّبُ

**

شعب واحد


ـ1ـ

نحنُ شعبٌ واحدٌ، للحقِّ عَسْكَر

لا نَهابُ الموتَ، مَهْما المَوتُ زَمْجَرْ

لا وربّي، لمْ نزايدْ إنْ هَتَفْنا:

نحنُ نَفديكِ، ونَهْوى الموتَ أكثرْ

ـ2ـ

هذه بيروتُ يا بغدادُ تبكي

إمسَحي الدَّمْعاتِ إنَّ الدَّمْعَ أَحْمَرْ

إنْ بَكَيْتِ الْيَوْمَ نَبْكي كُلَّ يومٍ

كُلُّ شِبْرٍ مِنْكِ يا بَغْدادُ جَوْهَر

ـ3ـ

شَعْبُكِ الانسانُ قدْ أَضْحَى شهيداً

كَبِّري منْ أَجْلِه.. فاللهُ أَكْبَرْ

حينَ أديانُ السَّمواتِ نَعَتْهُ

خِلتُ أَنَّ اللهَ في العَلْياءِ كَبّرْ

ـ4ـ

ماتَ شِعْري حينَ أَفْنَتْنا حُروبٌ

أَخْبريني إنْ سَمِعْتِ الْقَبْرَ أَشْعَرْ

أَخْبريني إِنْ رَأيْتِ الْحَرْفَ يَشْكو

إنّهُ حَرْفي.. على كفّي تَكَسَّرْ

ـ5ـ

إنّهُ صَوتي.. وَهَلْ للصَّوْتِ وَقْعٌ

حينَ نُطْقِي.. مِثْلَ أَحْلامٍ تَبَخَّرْ

إنَّهُ قَلْبي، أيا قلبي، ارْحَميني

أنْتِ يا بَغْدادُ بالْمَظْلُومِ أَخْبَرْ

ـ6ـ

إنَّهُ عُمْري.. أيا عُمْراً تَهاوَى

كُلُّهُمْ عاشوا.. وَمَوْتي لا يُفَسَّرْ

زُمْرَةٌ غدَّارَةٌ تَجْتاحُ أَرْضي

تُشْبِهُ الشّيْطانَ، بلْ بالشرِّ أَشْطَرْ

ـ7ـ

تَقْتُلُ الأطْفالَ، تَسْبي طاهِراتٍ

إِنْ وَصَفْنا الطُّهرَ.. قُلْنا: هُنَّ أَطْهَرْ

كفَّرونا بعد إيمانٍ وتقوى

وتناسَوْا أنَّهُمْ باللهِ أَكْفَرْ

ـ8ـ

لا تقولي: النّارُ تَجْتاحُ الرَّوابي

سَوْفَ لنْ تَبْقَى لأنَّ العُشْبَ أخْضَرْ

سوفَ لنْ تبقى لأنَّ الْحقّ أَقْوى

مِنْ خَبيثٍ نفسَهُ في النَّاسِ فجَّرْ

ـ9ـ

نينوى والموصلُ الغنّاءُ أضحتْ

ثورةً، كي من جنون الحقدِ تَثْأرْ

صانَها جيشٌ عظيمٌ لا يُبالي

قدْ أتاها الْيَومَ منصوراً مُظفّرْ

ـ10ـ

قد أتاها.. والزّغاريدُ اسْتجابتْ

أُنْظري الشّيطانَ بالإيمانِ يُقْهَرْ

أُنْظُريهِ كالأفاعي السُّودِ يَلْوي

تَحْتَ أَقْدامٍ منَ الفُولاذ يُنْحَرْ

ـ11ـ

هالَنا التَّشْريدُ يا بغدادُ قومي

كيْ تُعيدي طفلَكِ الْباكي الْمُهَجَّرْ

**

أَديب غريب


ـ1ـ

تَغْفو.. وَفِي الْعَيْنَيْنِ طَيْرٌ أَزْرَقُ

بِرِياشِهِ الْمَلْساءِ بَدْرٌ مُشْرِقُ

يَخْتالُ في نَبَضاتِهِ فَرَحُ الدُّجَى

وَعَلَى مَسامِعِهِ الْمَدائِحُ تُهْرَقُ

ـ2ـ

بِجَمالِهِ، ما صاغَ رَبُّكَ طائِراً

وَبِحُبِّهِ بَوْحُ الزَّمانِ مُعَلَّقُ

هَذا الْغَريبُ الْمُستَنيرُ بِفِكْرِهِ

شِعْرٌ يُضَمِّخُهُ الشَّذا والزَّنْبَقُ

ـ3ـ

أَحْبابُهُ، عُدَّ الدَّقائِقَ وَاسْتَرِحْ

فَتَرَى الْمَطارِحَ بِالْغَريبِ تُحَدِّقُ

لا تَحْسَبَنَّ الْهَجْرَ يَرْفَعُ قَدْرَهُ

فالأَرْضُ وَقْعَ حُروفِهِ تَتَعَشَّقُ

ـ4ـ

قَبْلَ ارْتِحالٍ كَمْ تَمَنَّتْهُ الرُّبَى

مَطَراً.. وَحُلْماً أَخْضَراً يَتَفَتَّقُ

هَمَسَتْ بِهِ وَقَدِ انْتَشَتْ أَطْرافُهُ:

عُدْ يا حَبيبي، فَالنَّدى لا يُحْرَقُ

ـ5ـ

ما هَمَّهُ.. نَزَفَ الإباءَ قَصيدَةً

وَعَلى مَعانِيهِ تَعَمْلَقَ بَيْرَقُ

أَحْلامُهُ وِسْعُ الْمَدى ، وَحَنينُهُ

أَلَمٌ يُعَشِّشُ بِالْحَشَا وَتَحَرُّقُ

ـ6ـ

وَهَبَ الْهَناءَ خُصومَهُ.. فَتَهامَسوا

وَتَآمَروا وَتَوَعَّدوا وَتَمَزَّقوا

لا شَيْءَ يَدْفَعُهُمْ إلى رَكْبِ الرَّدَى

لَوْ ما الرَّذيلَةُ أَوْمَأَتْ كَيْ يَخْلُقوا

ـ7ـ

مَنْ قالَ: يُنْقِذُهُمْ صَباحُ طُفولَةٍ

مِنْ غِيِّهِمْ، وَشُموسُهُمْ لا تُشْرِقُ؟

جالوا.. فَأَفْنوا زَرْعَنا وَعِيالَنا

وَبِزِقِّنا خَلَّ الزَّعامَةِ عَتَّقوا

ـ8ـ

وَلَقَدْ شَعَرْتُ بِحُبِّهِ وَحَنانِهِ

يا حَبَّذا لَوْ مِنْ هَواهُ تَنَشَّقوا

كانوا الفَضيلَةَ، دونَ قَصْدٍ، مارَسوا

وَتَلَقَّحوا بِالْحُبِّ، ثُمَّ تَذَوَّقوا

ـ9ـ

لَيْسَتْ بِأَيَّامٍ تُقاسُ حَياتُنا

وَمَعَ الصَّباحِ بِعُمْرِنا نَتَصَدَّقُ

شُعَراؤنا، أُدَباؤنا، نُقَّادُنا

غَزَلوا الْبَراءَةَ مشْلَحاً وَتَنَمَّقوا

ـ10ـ

رَدُّوا الْقَصائِدَ لِلْمَضارِبِ، هَمُّهُمْ

أَنْ لا يُفَرِّطَ بِالأَصالَةِ أَحْمَقُ

مِجْذافُهُمْ كَفٌّ تُرَوِّضُ هَجْرَهُمْ

وَعَلَى أَصابِعِهِم تَرَنَّحَ زَوْرَقُ

ـ11ـ

يا ابْنَ العُروبَةِ لا تَسَلْ فَعُيونُهُمْ

تَزْدادُ سِحْراً عِنْدَما تَتَأَرَّقُ

فَاكْتُبْ، أَديبـي، لا تَخَفْ أُرْجوزَةً

سَئِمَ الْمَغيبُ سَماعَها والْمَشْرِقُ

ـ12ـ

أَنْشِدْ، أَعانَكَ خالِقي، في غُرْبَةٍ

فَلَعَلَّكَ الإنسانَ فيها تُعْتِقُ.

**

دعوة أم


ـ1ـ

هَذِي يَدِي مَدَدْتُهَا كَدَعْوَتِي

لِتَعْبُرُوا مِنْ حُزْنِكُمْ لِفَرْحَتِي

ضَاقَتْ دُروبُ الْعُمْرِ مِنْ تِرْحالِكُمْ

وَالْهَجْرُ يُخْفِي دَمْعَكُمْ فِي مُقْلَتِي

ـ2ـ

أَفْلاذَ قَلْبِي.. لا تُذِيقُوني النَّوَى

مَنْ غَيْرُكُمْ تَزْدانُ فِيهِ صَحْوَتي!؟

أَلَمْ تَرَوْا شَيْبِي يُعادي مَفْرِقِي

وَالْخَدَّ تُرْدِيهِ شَظايا دَمْعَتي؟

ـ3ـ

أَلَمْ تَرَوْا سَيْرِي بَطِيئاً مُتْعَباً

وَالصَّدْرَ يَعْلُو حِينَ تَعْلُو أَنَّتِي؟

عُودُوا لِحِضْنٍ لَنْ تُلاقُوا مِثْلَهُ

إلاَّ إِذَا جِئْتُمْ رُبُوعَ جَنَّتِي

ـ4ـ

حُلْمِي الْوَحِيدُ أَنْ أَرَى أَطْفَالَكُمْ

وَأَنْ تَضِجَّ بِالصُّرَاخِ خَيْمَتِي

كُلُّ الْصُّراخِ الْمُسْتَحَبِّ صَامِتٌ

وَالصَّمْتُ وَهْمٌ قَدْ يُطِيلُ صَرْخَتِي

ـ5ـ

يَغْتاظُ بَيْتِي مِنْ غُبارِ بُعْدِهِمْ

وَتَنْزَوِي مِنْ دُونِهِمْ مَحَبَّتِي

أَطْفَالُكُمْ رُوحي وَآمالُ غَدِي

وَبَهْجَتِي إِنْ تَمْتَمُوا: يَا جَدَّتِي

ـ6ـ

لا تَحْرِمُوني مِنْ عَطايا خالِقِي

لا تَحْبِسُوني في مَرايا وِحْشَتِي

هُمْ أَيْمَنِي وَأَيْسَري وَالْمُرْتَجَى

وَهُمْ عُيُوني وَارْتِياحُ نَظْرَتي

ـ7ـ

رُسُومُهُمْ أَنَمْتُها عَلَى يَدي

لِتَرْتَوِي مِنْ عِطْرِهِمْ وِسَادَتي

وَتَزْدهِي بِظِلِّهِمْ شَراشِفِي

وَتَنْتَشِي أَنامِلِي وَقُبْلَتِي

ـ8ـ

ما هَمَّني.. إِنْ أَرَّقَتْنِي صُورَةٌ

فَاللـهُ يَغْفُو فِي زَوايا غُرْفَتِي

**

ماذا دهاك؟


ـ1ـ

مَاذَا دَهَاكَ الْيَوْمَ يَا وَطَنِي

تَحْيَا زَماناً خارجَ الزَّمَنِ؟!

أَطْفِىءْ مَعِي حِقْداً يَنُزُّ دَماً

كَيْ أَطْرُدَ الشَّيْطانَ مِنْ عَدَنِي

ـ2ـ

شَيْطانُ أَرْضِي تاجِرٌ جَشِعٌ

يَخْتَالُ فِي سَـحائِبِ التُّتُنِ

أَوْزانُهُ، ما هَمُّ، ناقِصَةٌ

زَانَ الْغِنَى، وَالدِّينَ لَمْ يَزِنِ

ـ3ـ

دُولارُهُ جُوعُ الْفَقِيرِ بِهِ

تَبّاً لَهُ مِنْ تاجِرٍ بَطِنِ

عَلَّقْتُ قلْبِي في الدُّجَى قَمَراً

مُسْتَعْرِباً، أَوْدَعْتُهُ شَجَنِي

ـ4ـ

وَاحْتَكَّ شِعْرِي بِالرِّياحِ فَها

جَتْ تَنْفُخُ النِّيرانَ فِي مِحَنِي

جُبْتُ الْفَيَافِي قُبْلَتِي جَبَلٌ

تَصْبُو إِلَيْهِ سُرْعَةُ السُّفُنِ

ـ5ـ

عَمَّرْتُ فَوْق الْمَوْجِ دَسْكَرَةً

حَنَّتْ إِلَيْها زَهْرَةُ الْمُدُنِ

لا أَبْتَغِي مِنْ حاضِري أَمَلاً

إِنْ لَمْ أُسَمِّرْ فِي الرُّبَى سَكَنِي

ـ6ـ

آمَنْتُ.. آمِنْ مِثْلِي يا وَطَناً

حُكَّامُهُ مِنْ مُتْحَفٍ وَثَنِي

أَلرَّبُّ مِلْءُ الضَّوْءِ.. وَيْحَهُمُو

غَرْقَى بِبَحْرِ الْكُفْرِ وَالْعَفَنِ

ـ7ـ

شَعْبُ الْوَرَى أَثْمانُهُ ذَهَبٌ

لكِنَّ شَعْبِي فَاقِدُ الثَّمَنِ

عَيْنِي رَأَتْكَ الْوِلْفَ.. لا عَجَبٌ

إِذَا هَوَتْكَ وَانْتَشَتْ أُذُنِي

ـ8ـ

أَحْبَبْتُكَ الْعُمْرَيْنِ.. هَلْ وَلَهٌ

أهْداكَ عُمْراً جالَ فِي الْبَدَنِ؟

صَانَتْهُ رُوحِي مُنْذُ تَنْشِئَتِي

ماذَا دَهاكَ الْحُبَّ لَمْ تَصُنِ؟!

ـ9ـ

خُذ عُمْريَ الْباقِي فلا وطنٌ

يَحْلُو.. وَلمْ يَحْضُنْ ثَرَى كَفَنِي

**

يوم رحلينا

إلى الأختين كونستانس الباشا ومدلين ابو رجيلي


ـ1ـ

إِنْ يَأْتِ، يا أُخْتاهُ، يَوْمُ رَحِيلِنَا

عَنْ هَذِهِ الأَرْضِ الَّتي هَنِئَتْ بِنَا

لا تَجْزَعِي، ما هَذِهِ الدُّنْيَا لَنَا

نَحْنُ السَّماءُ رُبُوعُنَا، مَرْجُ السَّنَا

ـ2ـ

قَدْ كُنْتِ "كَوْناً" فِي بِدَايَةِ لَفْظَةٍ

وَرَبِيعَ دَيْرٍ طَاهِرٍ، حُلْوِ الْجَنَى

"مَدْلينُ"، إِنْ فَارَقْتِها يَوماً، أَتَتْ

تَشْكُو الْفِرَاقَ، وَأَسْتَغِيثُ بِها أَنَا

ـ3ـ

"مَدْلينُ" أُخْتُكِ، أَوْ رَفِيقَةُ رِحْلَةٍ

هَلْ يُسْكِرُ الْعُصْفُورَ غَيْرُ الْمَيْجانَا؟

أَعْطَيْتِنِي فِي غُرْبَتِي قُدْسِيَّةً

فَغَزَلْتُ مِنْ قُدْسِيَّتِي أَحْلَى دُنَى

ـ4ـ

وَنَذَرْتُ نَفْسِي لِلْقَدَاسَةِ شَاعِراً

كُونِي وَسِيطِي يَوْمَ نَلْقَى رَبَّنَا

قَسَماً إِذَا هَزَّ الرَّحِيلُ شِرَاعَهُ

سَيُدَوِّنُ التَّارِيخُ: مَرُّوا مِنْ هُنَا!

**

جبران

يوم فوزي بجائزة جبران العالمية 1987


ـ1ـ

جُبْرانُ.. يا جُبْرانُ ما بِكَ صامِتٌ

وَالثَّرْثَراتُ تُخَدِّرُ الأَسْماعا

وَالأَرْضُ يَذْبَحُها الْفُجورُ، كَأنَّهُ

بِدَمِ البَراءَةِ يُسْكِرُ الأَتْباعا

لَمْ يَبْقَ فينا سَيِّدٌ في رِزْقِهِ

فَلاَّحُنا هَجَرَ الْكُرومَ.. وَباعا

والْحَرْفُ وَسَّخَهُ الرُّعاعُ .. فَلَنْ تَرَى

حَرْفاً كَحَرْفِكَ مُشْرِقاً لَمَّاعا

ـ2ـ

جُبْرانُ.. إِنْ لَـمْ تُعْطِنِي مِنْ وَهْجِهِ

وَهْجاً، فَلَنْ تَعْتادَني الأَنْوارُ

هَذَا السَّفِيرُ الْحاضِنُ الشَّعْبَ، انْتَبِهْ

إِنَّ "اللَّطِيفَ" بِلُطْفِهِ فَوَّارُ

فَانْظُرْ إِلَيَهِ جالِساً فِي سُؤْدَدٍ

كُلُّ الْمَمالِكِ قُرْبَهُ تَنْهارُ

هُوَ فَخْرُنا وَحَبيبُنا وَسَفيرُنا

إِنْ أَشْرَقَتْ يَدُهُ اسْتَفاقَ نَهارُ

ـ3ـ

"عَطَّارُنا.. سَمَرُ" الْكِتابَةِ وَحْدها

تَخْتالُ إِنْ قَرَأَ الْخُلُودُ كِتابَا

فَهيَ الأُخَيَّةُ، لَوْ حُرِمْتُ أُخَيَّةً

وَهيَ الأُمُومَةُ تَسْكُبُ الأَطْيابَا

وَهيَ الأَبِيَّةُ إِنْ تَطاوَلَتِ الأَنا

وَهيَ الشَّرِيفَةُ تَسْحرُ الأَلْبابَا

وَالْفِكْرُ، بَعْدَكَ، مُتْعَبٌ فِي سَيْرِهِ

لَوْ لَـمْ يُضمِّخْ حِبْرُها الآدابَا

ـ4ـ

"نُعْمانُ حَرْبُ" الْحاتَمِيُّ مَحَبَّةً

وَتَأَلُّقاً وَتَوَدُّداً وَنِضَالا

قَدْ رَاحَ يَجْمَعُ مِنْ حُقُولِ حُروفِنا

قَمْحاً يُلَقِّحُ فِي الْعُقُولِ غِلالا

نَامَتْ سُوَيْداءُ الْعُيُونِ عَلَى غَدٍ

أَنْوارُهُ حَمَلَتْ لَنا "أُنْجالا"

تِلْكَ الأَديبَةُ فِي مَهاجِرِنا، إِذَا

قَالَتْ.. قُلُوبٌ تَنْشُرُ الأَقْوالا

ـ5ـ

أَلشِّعْرُ.. ما لَمْ تَحْتَضِنْهُ رَوابِطٌ

أَضْحى لِكافورِ الزَّعامَةِ كاتِبا

وَتَبَلْبَلَتْ أَفْكارُهُ وَتَضارَبَتْ

وَتَسَلَّقوهُ مَآرِباً وَمَناصِبا

فَالشِّعْرُ، مُنْذُ البَدْءِ، ثَوْرَةُ أُمَّةٍ

جاءَتْ لِتُذْكِي في النُّفوسِ مَطالِبا

والشِّعْرُ، ما بالشِّعْرِ مِنْ مُتَخَلِّدٍ،

إلاَّ إذا قَتَلَ الطُّغاةُ.. مَواهِبَه.

ـ6ـ

لا.. لَسْتُ أَطْمَعُ بِالْجَوائِزِ، إِنَّها

عِنْدَ التَّنافُسِ فِتْنَةٌ وَغُرورُ

وَأَنا اعْتَنَقْتُكَ يَوْمَ أَوْرَقَ سُنْبُلي

وَتَعَتَّقَتْ في "أُورْفِليسَ" نُذورُ

ما كُلُّ هذا الطّيبِ مِنْ أَزْهارِنا

حَتَّى وَلا الأَنْوارُ وَالْبَخُّورُ

أَلدَّرْبُ دَرْبُكَ.. إِنْ تَفَحَّصتَ الْخُطى

كُنَّا عَلى خَطْوِ "النَّبِيِّ" نَسيرُ

ـ7ـ

صَدِّقْ، أَيا جُبرانُ: مُطْلَقُ شَاعِرٍ

يَجْتَرُّهُ فَكُّ الْغَباءِ.. يَزولُ

إِنَّا بِأَرْضِ الْهَجْرِ نُلْهِبُ شِعْرَنا

لِتَموتَ في أَرْضِ الجُدودِ فُلولُ

وَلَقَدْ كَتَبْتُ قَصيدَةً عَنْ مَوْطِنٍ

سَيُزَغْرِدُ الأَحْبابُ حِينَ أَقولُ:

لُبْنانُ، في الآفاقِ، شَيَّدَ مَسْكَناً

غَنّتْه "سدني" واصْطَفَتْهُ عُقولُ

**

بيروت


ـ1ـ

بيروتُ يا بَيْروتُ.. لا تَتَرَدَّدِي

قولي: أحبُّكَ.. كَيْ يُعانِقَني غَدي

لَوْ تَعْلَمينَ كَمْ يُؤَرّقُني النَّوى

لَفَتَحْتِ حُضْنَكِ واخْتَزَلْتِ تَشَرُّدي

ـ2ـ

أَمْضَيْتُ عُمْرِي كالرياحِ مُشَرَّداً

لكنَّ وجْهَكِ كانَ دَوْماً مَقْصَدي

واعَدْتِنِي!.. ما زِلْتُ أَنْتَظِرُ اللِّقا

وَتَتُوقُ نَفْسِي لاحْتِضانِ الفَرْقَدِ

ـ3ـ

تَحْنُو إلى لَمْسِ النُّجومِ أناملي

هَلْ فِي الفَضاءِ يَكونُ أَوَّلُ مَوْعِدِ؟

منذُ احْتَرَفْتُ النُّطْقَ أنتِ قصيدتي

هَيَّا انْشُدي.. ما الشّعرُ إن لَمْ تُنشِدي؟

ـ4ـ

شَعَّتْ فُنُونُكِ كالشُّموسِ تَأَلُّقاً

هُمْ قَلّدوكي.. وأنتِ لَمْ تَتَقَلّدي

نامتْ حروفي واستفاقَتْ أَنْجُماً

يا دُرَّةَ الإبداعِ.. إِسْمُكِ سُؤدَدي

ـ5ـ

كلُّ الْمَدائِنِ ضيّعَتْ عِنْوانَها

إلاّكِ يا بيروتُ.. يا وَشْمَ الْيَدِ

الدّينُ عندَكِ رَحْمَةٌ ومَحَبَّةٌ

مَنْ ذا يلُومُ إذا اتَّخَذْتُكِ مَعْبَدي؟

ـ6ـ

سَجَدَتْ مدائنُ لِلطّغاةِ تَمَلُّقاً

إلاّ لربّ الكونِ.. لا لَمْ تَسْجُدي

أخْفَتْ تَواريخُ الشّعوبِ نُصوصَها

لَمّا رأتْ فيكِ احْتِفالَ تَمَجُّدي

ـ7ـ

إنّي أُحِبُّكِ.. منذُ أَشْرَقَ مَبْسَمي:

كُنْتِ الغرامَ وكانَ حُبُّكِ سيِّدي

**

القدس


ـ1ـ

يا ديارَ القدسِ يا مهدَ الضياءْ

أخبريني كيف جاءَ الأنبياء؟

أنتِ للدنيا نعيمٌ مُشرقٌ

قُبلةٌ.. حينَ ابتهالُ الأتقياءْ

ـ2ـ

إنْ دعوتُ اللهَ.. أدعو خاشعاً

في ربوعِ الحقّ يختالُ الدُّعاءْ

مُدُنٌ تُبنى.. فيخبو نورُها

وتُعيدينَ تَواريخَ البقاءْ

ـ3ـ

منذ أجيالٍ.. وأنتِ المرتجى

يا رجائي.. كيفَ يأتيكِ الفناءْ؟!

إسمُكِ القدوسُ أضحى غنوةً

تتسامى فوقَ ثغرِ الأنقياءْ

ـ4ـ

ليس يشفي الطبُّ إنْ حلَّ البلا

لمسةٌ منكِ.. فيأتينا الدواءْ

آهِ يا ترنيمةً القلبِ النقيْ

مغرمٌ فيك، وفي الصدرِ شقاءْ

ـ5ـ

إن تكلّمتُ.. كلامي موجعٌ:

كيفَ أصبحْنا شعوباً تُعساء؟

كانت الأمجادُ ترنو حولنا

فتخاصمنا خصامَ البلهاءْ

ـ6ـ

قد مسحتُ الدمعَ عنْ خديَّ كيْ

لا تقولي إنني أهوى البكاءْ

أنا إبنُ القدسِ.. منْ مثلي أنا؟

يتغنّى بوجودي العظماءْ

**

مكة


ـ1ـ

يا مكّةَ الأقداسِ.. لا أدري أنا

هلْ في رحابِ اللهِ أم هذي الدُّنى

جئتُ الحِمى وَالدّمعُ أنهارٌ على

خَدَيَّ.. والأحلامُ تجتازُ المُنى

ـ2ـ

ما ان سجدتُ فوقَ أرضِ المصطفى

حتّى تباهى العُمرُ وانْسابَ الهَنا

أللهُ أكبرُ.. قلتُها مستبشراً

إنّي سألقى ذاتَ يومٍ ربَّنا

ـ3ـ

طافَ الحجيجُ البيضُ حولَ كعبةٍ

منزدانةٍ، لا تزدهي إلآّ بِنا

جئنا إليها كلُّ قلبٍ مَسْكنٌ

هيّا اسكني يا "قبلةً" في قلبِنا

ـ4ـ

مَنْ قالَ أنأى عنكِ يا بيتَ الهدى

لا لستُ أنأى.. إنّي باقٍ ها هنا

**

بغداد الاعلام

مهرجان اختيار بغداد عاصمة للإعلام العربي


ـ1ـ

بغدادُ أنتِ الحرفُ والقلمُ

رُحماكِ.. كيف اجتاحكِ الألمُ؟

كلُّ الحروبِ السّودِ إندثرتْ

لو لمْ تعودي ضاعتِ الأممُ

ـ2ـ

ها أنتِ عدتِ اليومَ شامخةً

لا كانتِ الأهوالُ والحممُ

يا درّةَ النهرينِ هل وطنٌ

إلاكِ يخشى إسمَه العدمُ؟

ـ3ـ

نورُ الصحافةِ منْ تفنُّننا

والشعرُ والآدابُ والحِكمُ

والعزفُ لولانا بلا وترٍ

والصوتُ لا يرنو له النّغمُ

ـ4ـ

تاريخُنا ما زالَ مرجعَنا

منهُ اغتنينا واغتنى القِدمُ

"جمعيّةُ النّهضَهْ" بمهجرنا

تسمو بها الأعمالُ والكِلَمُ

ـ5ـ

جمعيّةٌ شمّاءُ في بلدٍ

مثلَ النّدى ترتادُه النّعمُ

هذا أنا معْ "نهضةٍ" كبرتْ

جئنا، لعلَّ الثغرَ يبتسمُ

ـ6ـ

نحن الحيارى بعدُنا سقمٌ

من نظرةٍ قد ينتهي السّقمُ

منْ مثلنا غنّاكِ في سفرٍ

من شعرنا قد ينطقُ الصّنمُ

ـ7ـ

واللهِ يا بغدادُ أنتِ معي

حين التقيتُكِ عافني السّأَمُ

لا تحزني يأتيكِ من فَرَجٍ

خيرٌ كثيرٌ، قالتِ الدِّيَمُ

ـ8ـ

بغدادُ للإعلامِ! وافرحي

منّا إلينا عادتِ القِيَمُ

أنتِ الثّقافةُ يا مدينتَنا

علّي.. ليعلُو فوقَك العلمُ

**

دمشق


ـ1ـ

هذي دمشقُ الحبُّ والأَلَقُ

فيها يَهيمُ الوردُ والحَبَقُ

أحبَبْتُها من يَوْمِ ما وُجِدَتْ

حُلْماً جَميلاً هابَهُ الأرَقُ

ـ2ـ

أهديْتُها الأشْعارَ مِنْ كُتُبٍ

فيها الدُّنَى أجْدادُنا سَبَقوا

يا شامُ.. لم أعْشَقْ سِوَى وَطَنٍ

سُكّانُهُ الأمْجَادُ لَوْ نَطَقُوا

ـ3ـ

إنّا خُلِقْنا لِلْوَرَى أَمَلاً

نَعْدُو لِيَعْدُو خَلْفَنا الأُفُقُ

قدْ أطفأوا الفانوسَ في فَرَحٍ

والوَهْجَ من أعْيادِنا سَرَقوا

ـ4ـ

أنتِ النجومُ البيضُ في غسقٍ

لولاكِ، لا، لَم يَنْجَلِ الْغَسَقُ

والشَّمْسُ أنْتِ الشَّامُ يا بَلَدي

مَنْ قالَ إِنَّ الشَّمْسَ تَحْتَرِقُ

ـ5ـ

أَلْبَحْرُ حُبُّكِ، والحَبيبُ أنا

وَلَكَمْ غَرِقْتُ وَعافَني الغَرَقُ

**

الرباط


ـ1ـ

ها قد أتيتُ المغربَ الحلوَ انتشِ

يا شِعرُ وَامْرَحْ كالهواءِ المنعشِ

غازلتُ فيه مَدائناً محبوبةً

أخبرتُها سرّاً.. عيوني قدْ تشي

ـ2ـ

هذي "الرباطُ" حبُّ قلبٍ عاشقٍ

باللهِ عنّي يا "رباطُ" فتّشي

غنّيتُ مجدَك في المهاجرِ كلّها

سهّرتُك الأيامَ.. بالصدر افرشي

ـ3ـ

أحببتُ إسْمَكِ.. والحروفُ شواهدٌ

إنّي مددتُ الكفَّ حتى تنقشي

لا تنظري للوجهِ إنّي دامعٌ

هذي بشائرُ فرحتي لا تختشي

ـ4ـ

دارٌ وبيضاءٌ سحرني لونُها

عنْ أصْلها، يا شمسُ، بالنور انبشي

والفاسُ مثلَ الماسِ شعَّ بريقُها

والماسُ رمزُ العزِّ لا لنْ يرتشي

ـ5ـ

عرشٌ عليه المُلْكُ نَبْعُ فضيلةٍ

أعْدو إليهِ كالثَّرى المتعطّشِ

**

دبي


ـ1ـ

صارَتْ دُبَيُّ الْحُلْمَ في زَمَنِي

هَلْ تَظْهَرُ الأحْلامُ لِلْعَلَنِ؟

هَذي الإمارَةُ مِنْ روائِعِنا

أحَبَبْتُها، أسمَيْتُها وَطَني

ـ2ـ

أَلرَّملُ تِبْرٌ، والهواءُ شذاً

وَلَقَدْ بَنَيْتُ مِنَ الشَّذا سَكنِي

جنّاتُ خُلْدٍ داسَها بَشَرٌ

ساروا بِصَمْتٍ رَحْمَةَ الْبَدَنِ

ـ3ـ

لا لَنْ أُسَمّيهِمْ مَخَافَةَ أَنْ

تَتنافَسَ الأمْجادُ في "عَدَني"

أَوْ أَنْ يَصِيرَ الطَّيْرُ مُرْتَبِكاً

بَيْنَ الزُّهورِ وَخُضْرَةِ الْفَنَنِ

ـ4ـ

هَذِي دُبَيُّ اللـهُ يَحْرُسُها

ويُعينُها في أَصْعَبِ الْمِحَنِ

أَلْمَوْجُ عَاتٍ والشِّراعُ أنا

مَنْ غَيْرُها.. تَشْتاقُها سُفُني؟

ـ5ـ

غَنَّيْتُ إِسْمَكِ يا دُبَيُّ كما

يَحْلُو لِحَرْفِ الضَّادِ وَالأُذُنِ

النَّجْمُ أَنْتِ، وَأَنْتِ قُبْلَتُنا

فَتَشَاوَفِي يا دُرَّةَ الْمُدُنِ

**

لبنان يا بغداد

مقطع من قصيدة "أرض العراق أتيتك" التي القيتها في المربد الشغري الثامن في العراق عام 1987


ـ1ـ

لُبنانُ، يا بَغْدادُ، كَمْ سَنَةٍ

يَقْتاتُ مِنْ أَكْبادِهِ الأَلَمُ

هَلْ يَنْتَهي الإنسانُ في وَطَنٍ

كانَتْ تُناغي أَرْضَهُ الْقِيَمُ

ـ2ـ

أَعْداؤهُ الأَوغادُ هَمُّهُمُ

أَن يُسكِرَ المُسْتَنقعاتِ دَمُ

أَوصافُهُمْ، إن شِئْتِ، أَكْتُبُها

كَيْ تَعْلَمي كَمْ يَخْجَلُ الْقَلَمُ

ـ3ـ

لُبنانُ، يا بَغْدادُ، مَعْبَدُنا

فيه ارْتَدَتْ أَرْواحَنا الْكِلَمُ

وَالْيَومَ.. تَدعو اللّهَ أَلْسِنَةٌ

يَغْفو عَلَى أَحْناكِها الصَّنَمُ

،4،

قَدْ قَسَّمَتْ أَوْطانَنا ضِيَعاً

وَالشَّعْبُ يَدْري كَيْفَ يَنْتَقِمُ

لُبنانُ، يا بَغدادُ، أُغْنِيَةٌ

تاهَتْ، فَتاهَ اللَّحْنُ والنَّغَمُ

ـ5ـ

كُلُّ الْجِبالِ الْعالِياتِ هَوَتْ

حينَ احْتَوانا بِكَفِّهِ الْعَدَمُ

حَتَّى اخْضِرارُ الأَرْضِ لَيْسَ سِوى

صَحْراءَ تَخْبو تَحْتَها الْحِمَمُ

ـ6ـ

مُسْتَفْعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ فَعِلُنْ

تَفْعيلَةٌ تَرديدُها سَأَمُ

تَجْتَرُّنا الأَوزانُ حادِيَةً

وَالشَّعْبُ في أَبْدانِهِ السَّقَمُ

ـ7ـ

مَنْ ذا يَقيسُ الشِّعْرَ في زَمَنٍ

يَرْتابُ مِنْ أَلْوانِهِ الْعَلَمُ

أَقدارُنا تَنهالُ ضارِيَةً

إَن لَم نُقاوِمْ لَفَّنا النَّدَمُ

ـ8ـ

قَد تَجْرُفُ الأحقادُ أُمَّتَنا

قَد تُمَّحى مِنْ طَيْشِنا الْحِكَمُ

قَد نَنْزَوي وَالْكَونُ يَرْذُلُنا

قَد تَرْتَوي مِن دَمْعِنا الدِّيَمُ

ـ9ـ

لكِنَّنا.. وَالْحَقُّ في يَدِنا

نَبْقى، لِتَبْقى بَعدَنا الأُمَمُ

**

تونس


ـ1ـ

أَوْدَعْتُكِ الْقَلْبَ.. احْرُسِي

قَلْبِي.. فإنّي تُونِسي

يا تونِسُ الخضراءُ لَنْ

أَنْسَى احْتِفالَ النَّرْجِسِ

ـ2ـ

قَدْ كانَ يَغْزِلُ بِالشَّذا

ثَوْبَ الْبَهاءِ لِتَلْبِسِي

صُنْتِ الْبِلادَ بِعِزَّةٍ

وَرَفَضْتِ أَنْ تَتَسَيَّسي

ـ3ـ

أَلشَّعبُ عِنْدَكِ طاقَةٌ

جبّارَةٌ.. فَتَحَمَّسِي

مُدّي لَهُ أَيْدِي الْهَنَا

لَوْلاهُ لَنْ تَتَنَفَّسِي

ـ4ـ

يُعْطِيكِ مِنْ عَرَقِ الشَّقا

خَيْراتِه، كَيْ تَأْنَسِي

لَنْ تَحْتَسِي غَيْرَ الْوَفا

والْمَجْدِ، لُطْفاً إِحْتَسِي!

ـ5ـ

مَنْ مِثْلُ شَعْبٍ طاهِرٍ

يَحْمِي دِيارَ الْمَقْدِسِ؟

صِرْتِ الْعِبادَةَ والتُّقَى

مَنْ قالَ لَنْ تَتَقَدَّسِي؟

ـ6ـ

تُونِسْ.. إذا غارَتْ دُنَى

أَرْجُوكِ.. لا تَتَوَجَّسِي

آن الأوانُ حَبيبَتِي

بِالْحُبِّ أَنْ تَتَغَطْرَسِي

ـ7ـ

إَنْتِ الأميرةُ والْمُنَى

والْعَرْشُ قَلْبِي.. فَاجْلِسِي

لا لَنْ يُحِبَّكِ عاشِقٌ

مِثْلِي.. فَهذا مِحْبَسِي

**

بغداد


ـ1ـ

بَغْدادُ أنْتِ حَبيبتِي.. لا تَخْجَلي

منذُ الوُجُودِ، خُلِقْتِ يا بَغْدادُ لي

أحْبَبْتُ وَجْهَكِ.. وَالْغَرامُ حِكايَةٌ

مِثْلَ الدِّماءِ تَدَفَّقَتْ بِمَفاصِلي

ـ2ـ

لَوَّنْتُ بِالشَّفَقِ الْجَميل شَوارِعاً

خِلْتُ الشَّوارِعَ أمْسَكَتْ بِأنامِلي

كَمْ مِنْ قَصائدِ حُبِّنا غَنّى الْهَوَا

وَتَشامَخَتْ فَوْقَ الرُّبوعِ مَنازِلي

ـ3ـ

قَسَماً بِحُبِّكِ.. إنْ تَكَحَّلَ مَوْطِنٌ

إلا بِدَمْعِ الْعَيْنِ لَنْ تَتَكَحَّلي

لا لَسْتُ أَنْسى يَوْمَ جِئْتُكِ مُغْرَماً

وَتَراقَصَتْ قُرْبَ الفُراتِ جَداوِلي

ـ4ـ

وَتَهامَسَتْ أَمْواجُ دِجْلَةَ: ها أنا

ماءُ السَّعادَةِ.. غُبَّنِي بِتَمَهُّلِ

أَوْدَعْتُ فيكِ طُفولَةً يَحْلو لَها

أن تَسْتَبيحَ عَواطِفي وَتَأَمُّلي

ـ5ـ

إسْمِي على شَفَةِ الصباحِ كَتَبْتُهُ

إبْنُ العراقِ أنا.. أنا.. إنْ تَسْأَلِي

مَهْما ابْتَعَدْتُ.. لَنْ أُطيلَ تَشَرُّدي

فَتَأَلّقي، وَتَزَيّنِي، وتَدَلَّلِي

ـ6ـ

إِنِّي أُصَدِّقُ بَيْتَ شِعْرٍ رائِعِ:

"ما الْحُبُّ إلاّ لِلْحَبيبِ الأوَّلِ"

**

يا مصر


ـ1ـ

يا مصرُ أنتِ الأُمُّ.. يا أُمّي اسْمَعي

منْ كثْرَة الأشواق ضاقتْ أضلـُعي

ما كلُّ هذا النيلِ نهرٌ واحدٌ

فلقد وهبتُ النيلَ مَجْرى أدْمُعي

ـ2ـ

لو باحتِ الأهْرامُ بالحبِّ النقيْ

لعَلِمْتِ أنَّ القلبَ لمْ يرحلْ معي

إبنُ المَهاجرِ غارقٌ في حزنِهِ

منذُ احتضنتُ الأرضَ غابَ توجُّعي

ـ3ـ

شَعَّتْ على ثغـْر الأحبّةِ بَسْمَةٌ

خِلْتُ النجومَ تـساقطتْ بتـَسَرُّعِ

يا أمَّ دُنيا.. هل صحيحٌ ما أرى؟

هل تسمعُ البلدانُ صوتَ تضرّعي؟

ـ4ـ

مدّي اليدينِ إلى الحبيبِ ترفـُّقاً

من ليسَ يأتي المجدَ.. ليْسَ بمُبْدعِ

ها قد سكبْتُ الحبَّ عِطْرَ قصيدةٍ

فتنعّمي بالحُبِّ، ثمَّ تدلّعي..

ـ5ـ

الشمسُ غابتْ والعروبةُ أظلمتْ

من أين يأتي النورُ إن لمْ تسطعي؟

أنتِ القوِيّةُ.. إنْ تطفـَّلَ حاقدٌ

فالنّسرُ يحمي الأرضَ كي تتربَّعي

ـ6ـ

يا مصرُ أنتِ الحرفُ والفنُّ معاً

ألحانـُكِ الغنّاءُ أغنتْ مسمعي

كلُّ البلابلِ في ربوعكِ أنشدَتْ

والكونُ يُصغي في الجهاتِ الأربعِ

ـ7ـ

إنّي أحبّكِ.. قلتُها متشرّداً

واليومَ جئتُ أقولُها بتخشّعِ

كوني كما أنتِ احْتِضانَ أُمومَةٍ

مَنْ يجمعُ الأبناءَ.. إن لمْ تجمَعي؟

**

عمّان


ـ1ـ

حُيّيتِ يا عَمّانُ.. يا نَغَمي

يا أَجْمَلَ الأَسْماءِ فَوْقَ فَمي

أَهْدَيْتُكِ الأَشْعارَ ساجِدَةً

مِنْ كلّ بيتٍ يَرْتَوي قلمي

ـ2ـ

الشّوقُ أضْنَى مُهْجَتي زَمَناً

خِلْتُ النَّوى يَقْتاتُ من سَأمِي

أَغْفُو على أملِ الرُّجوعِ.. متى

أَصْحو هُنا.. مُسْتَنْهِضاً هِمَمي؟

ـ3ـ

شمسُ الصباحِ أَغاظها نَدَمٌ

لمّا فَلَشْتُ أَمامَها ندَمي

يا أُرْدُنَ الأَحْبابِ هاتِ يداً

كالسّحرِ تَمْحُو غُرْبَةَ الأَلَـمِ

ـ4ـ

أشبالُكَ.. الأَمْجادُ تَعْرِفُهُمْ

أسماؤهُمْ أَرْقَى منَ الْكِلَمِ

النّارُ لا تَقْوَى على بَطَلٍ

أَقوى من الإرهابِ والعَدَمِ

ـ5ـ

صارتْ حُبَيْباتُ النَّدَى لَهَباً

حِينَ افْتَدى أَوْطانَه بِدَمِ

هذا حبيبي.. قالَها وَبَكى

ما هَمَّني إِنْ مُتُّ يا عَلَمي

ـ6ـ

أَبْغِيكَ مَجْداً مُفْرِحاً أَبَداً

تَخْتالُ بينَ الزَّهْرِ والْقِمَمِ

الشّعبُ شَعْبِي.. والشّهيدُ أنا

عرشُ الثُّريّا مُنْتَهى حُلـُمي

ـ7ـ

عزْمي شديدٌ، واثِقٌ، وغدي

قدْ حَطَّمَ الآهاتِ بالحِمَمِ

إِبْنُ الْعُروبَةِ وجهُهُ مطرٌ

لَنْ تَغْلِبَ الإيمانَ يا صَنَمي

ـ8ـ

خَبِّرْ.. أنا آتٍ إلى مُدُنٍ

أَحْبَبْتُها.. أَوْدَعْتُها قِيَمِي

آتٍ إلى عَمّانَ مِنْ تَعَبي

قولي: هَلا.. يا زينة الأُمَمِ

**

مزرعة الشوف


ـ1ـ

هذي الربوعُ الخضرُ "مزرعتي"

أعطتْ حياتي إسمَ عائلتي

"الشّوفُ" فيها مغرمٌ وأنا

أهدي إليها شمعَ أدعيتي

ـ2ـ

ما همّني دينٌ ولا وطنٌ

تجري دماها ضمنَ أوردتي

الأهلُ أهلي والحبيبُ ثرىً

رشّ الثّريّا فوق أوديتي

ـ3ـ

ساحاتها، وسهولها سكني

والماء يجري عبر أقنيتي

لا، لم أجاملْ حين قلتُ لها:

لن أرتدي ألوانَ أقنعتي

ـ4ـ

هذا أنا، يا شوفُ، هل ندمٌ

يكفي، لأنصبَ فيكَ أقبيتي

آتٍ كما الأطفالُ من سفرٍ

متلهّفاً، والريحُ أشرعتي

ـ5ـ

إنّي "بُعَيْنِيُّ" الهوى أبداً

أودعت فيها قدسَ أتربتي

يا "مجدليا" سجّلي فرحي

إلاّ لها لم تعلُ قبّعتي

**

سلطان باشا


ـ1ـ

عندَ البطولةِ ردّدي

إسمَ العظيمِ وغرّدي

يا أمّةً يحلو لها

صوتَ الرّدى.. وتشرّدي

ـ2ـ

حيي بشعرك فارساً

طردَ العدى بمهندِ

أعلى الجبال تضمّه

للأرض غنّي وانشدي

ـ3ـ

أحنت فرنسا رأسها

حين التقتْ بموحّدِ

لا لست أنسى صرخةً

فيها لهيبُ تمجّدي:

ـ4ـ

لنْ يبقى غازٍ بيننا

يا أرضَ أجدادي اشْهدي

سلطانُ باشا مجدهُ

دخلَ الزمان بسؤددِ

ـ5ـ

من مثلُهُ صانَ الحمى

لتشعَّ شمسٌ في غدي

يا أجملَ الأسماءِ قلْ

منْ شلّ أعصابَ اليدِ؟

ـ6ـ

منْ شرّدَ الشعبَ الذي

أوصلتَهُ للفرقدِ؟

إني أنادي "أطرشاً"

كي تستجيبَ معابدي

ـ7ـ

فالكفرُ اضحى سيداً

واللهُ وحدَه سيّدي

**

لا لم تمتْ

مهرجان عبد الوهاب البياتي


ـ1ـ

لا لمْ تمُتْ.. فالإسمُ حيّ بيننا

متشامخٌ.. يجتازُ كلَّ الأمكنه

شعّتْ بـ "سدني" نخبةٌ مختارةٌ

أعطتْكَ أمجادَ المدى والأزمنه

ـ2ـ

"عبدُ الوهَابِ" حبيبُها في غربةٍ

أهدَتكَ قلباً أخضراً كي تسكنا

من غيرُك الأجيالُ تروي شعرَهُ

كي يغمرَ الحرفُ الجميلُ الأعينا؟

ـ3ـ

فحّت بقربكَ ألسُنٌ مسمومةٌ

فلَجَمْتَ بالخُلُقِ الرفيعِ الألسُنا

وأذاقَك الحسّادُ ظلماً موجعاً

فهَزَمْتَهم.. وكشفتَ وجهَ المَلعنه

ـ4ـ

مرضى.. ولكن مَنْ يُداوي خبثَهُمْ؟

كفرتْ بهم شمسُ العقولِ المؤمنه

كلٌ يريدُ الأوّليّةَ مركزاً

يبغي امتطاءَ شعوبِنا كالأحْصِنه

ـ5ـ

يتسابقُ المغرورُ نحو مناصبٍ

من كثرةِ الأطماعِ صارتْ مُنتنه

يُعطيكَ سِناً.. إنْ رفعتَ لِواءَهُ

وإذا رفضتَ.. فمنه تأتي الشيطنه

ـ6ـ

يا "ابْنَ البيَاتيْ".. لا تسلْ عن مُمكنٍ

أشعارُكَ العصماءُ ليست مُمكنه

أنت العظيمُ المبدعُ الشّهمُ القويْ

إن لمْ تصدّق صرختي.. أنظرْ هنا

ـ7ـ

جاؤوا إليكَ اليومَ باركْ جمعَهم

متحررينَ كما النوايا المُعْلَنه

حدّقْ بهم.. قممُ الجبالِ جباهُهُمْ

والجبهةُ الشمّاءُ تأبى الهَيْمَنه

ـ8ـ

مثلَ اليتامى جئتُ أبكي صاحباً

يا دمعةَ الأشعارِ كوني محزنه

إني على جمرِ المحبّةِ أكتوي

هذا أنا.. هل زلتَ تذكرُ من أنا؟

**

عهد التميمي

مهرجان الأرض ـ سيدني 2018


ـ1ـ

عهد التميمي أصبحت أملا

بنتُ النشامى هزّت الجبلا

قلبي أنا بالهجر منتفضٌ

بالنار صغتُ الشّعرَ والجُمَلا

ـ2ـ

شعبُ العروبةِ عابَه فزعٌ

لمّا رآها إنطوى خجلا

كفٌ على وجهِ العدو دوى

كالرعد، كالبركان قد نزلا

ـ3ـ

مسجونةٌ، والسجنُ مرتجفٌ

من خوفه أن تُصبحَ المثلا

ما من رئيسٍ هزّه ألمٌ

ما من مليكٍ قال أو فعلا

ـ4ـ

أمجادُهم بالكذبِ قد رفعوا

كسرى أنو شروانَ قد رحلا

من أجلِ أموالٍ مدنَّسةٍ

خانوا شعوباً.. مارسوا الدجلا

ـ5ـ

عشنا الليالي فوقنا كسلٌ

عهدُ التميمي داستِ الكسلا

جاندركُ قالوا.. سيفُها وجعٌ

والترسُ دمعٌ شيّبَ المُقلا

ـ6ـ

والإسمُ صارَ اليومَ بيرقَنا

في كلّ قطرٍ قد سما وعلا

صيحاتُها زادتْ توجّعَنا

لكنّها لم تعرفِ الوجلا

ـ7ـ

والدّمعُ باسَ الخدَّ في عجلٍ

ما منْ دموعٍ تسبقُ العجلا

لكنّ دمعَ "العهد" منتظرٌ

كي يستقيْ من خدّها العسلا

ـ8ـ

لا لن تقولوا: وجهُها قمرٌ

ما همّها بدرٌ وإنْ كمُلا

فالشمسُ غارتْ من توهُّجها

والشعرُ غنّى إسمَها غزلا

ـ9ـ

والقدسُ قالت: هذه فرحي

مثلَ "التميمي" لم أجدْ رجلا

أوصافُنا يا "عهدُ" ناقصةٌ

إلا إذا نادتْكِ: يا بطله

**

رفعت عبيد

تكريم البروفسور رفعت عبيد في برلمان ولاية نيو ساوث ويلز من قبل الدكتورة بهية ابو حمد


ـ1ـ

طالَ انتظاري كي أناجيكا

والشّعرَ، كلَّ الشّعرِ أُهديكا

يا "رفعتَ" الأسماءِ في وطنٍ

بالروح حرفُ الضادِ يَفديكا

ـ2ـ

أنت "العبيديْ" موسماً وجنىً

كلُّ المواسمِ أزهرتْ فيكا

في برلمانِ الحقّ قد سطعتْ

"شمسُ البهاء" كي تحييكا

ـ3ـ

من مثلُها، نبراسُها أبداً:

كَرّمْ.. فإنَّ اللهَ يُجْزيكا

بعضُ الليالي زارها قمرٌ

والشمسُ شعّتْ في لياليكا

ـ4ـ

سيدني إذا أنطقتَها أدباً

أجيالُها غنّتْ قوافيكا

واللهِ، لم تبخلْ على أحدٍ

كلّ العطايا من أياديكا

ـ5ـ

إنْ تسألِ الأهرامَ عن نسبٍ

مصرُ العظيمةُ من أهاليكا

يختالُ "نيلُ" المجدِ في فرحٍ

قمْ لاقِه، قد جاءَ يسقيكا

ـ6ـ

حتى العروبةُ في مهاجرنا

يا والدي صارتْ تناديكا

لاقيتنا بالنورِ في سفرٍ

واليومَ جئنا كي نلاقيكا

ـ7ـ

في صدرنا قلبٌ وأوردةٌ

إنْ شئتَ هذا القلبَ نُعطيكا

علّمتنا، أهديتنا درراً

مهما فعلنا لن "نكافيكا"

**

احمد الياسري

بمناسبة فوزه بجائزة شربل بعيني 2018


ـ1ـ

لو تنظمين الشعر يا سَنَدي

لعشقتِ شعراً خالدَ الأبدِ

إبنُ العراقِ "الياسريُّ" شدا

في غربتي للحبِّ.. للبلدِ

ـ2ـ

قولي له ما شئتِ من أدبٍ

في حومةِ الآدابِ كالأسدِ

أعطى الحروف المجدَ عن كبرٍ

لا ينحني في لجَّةِ العُقَدِ

ـ3ـ

فالشعر عند "الياسريِّ" غدا

بحراً، بدون الرملِ والزبدِ

متواضعٌ، لكنّه أبداً

مثل الندى مستبشراً بغدِ

ـ4ـ

يا "أحمدَ" الأعراقِ أنت هنا

كالصخرِ، تحمي الحرفَ، منْ بَدَدِ

أخشى، أجل أخشى عليكَ أنا

يغتابُكَ االثرثارُ بالحسدِ

**

أسمهان

مهرجان إحياء ذكرى الفنانة أسمهان في صالون الدكتورة بهية ابو حمد 2019


ـ1ـ

يا "أسمهانُ".. الصّوتُ قد أحياكِ

أنتِ الأميرةُ والشّذا دنياكِ

"آمالُ فهدٍ" من جبال العُرْبِ هلْ

بالإسم قلبُ الشرقِ قد ناداكِ

ـ2ـ

فالإسمُ فخرٌ للدنى يا نجمةً

شعّتْ هنا.. شكراً لمنْ أسماكِ

فقتِ الخلائقَ نغمةً سحريّةً

كانتْ كشدو الطير في الأفلاكِ

ـ3ـ

ما "الأطرشُ" المحبوبُ إلاّ كُنيةٌ

لمعتْ.. كلمعِ الضوءِ في الأسلاكِ

هذا "فريدٌ أطرشيٌّ" فخرُه

من روعة الألحان قد سوّاكِ

ـ4ـ

فيينا.. وهل للأنسِ فيها ليلةٌ

لو لم تمنِّ العمرَ في لقياكِ

حتّى الطيورُ تهامستْ في جنّةٍ

قالت لربّ الكونِ ما أحلاكِ

ـ5ـ

كلُّ القلوبِ تبدّلتْ أهواؤها

لمّا أمرتِ القلبَ أن يهواكِ

ها مصرُ قد أعطتْكِ مهداً دافئاً

والنّيلُ بالأمجادِ قد غطّاكِ

ـ6ـ

لا لم تموتي في حنايا تُرعةٍ

فالماءُ بالأحضانِ قد لاقاكِ

عندَ "البهيّةِ" قد جمعنا شملَنا

أفراحُنا.. لا لمْ تكن لولاكِ

ـ7ـ

لم ننسَ نوتاتِ الأغاني.. خوفُنا

في زحمةِ الأعمال أن ننساكِ

والصوتُ يشدو رغم بعدِ مسافة

إنّا بسيدني قد رفعنا لواكِ

ـ8ـ

كم من شعوبٍ قد زوت في لحدها

تفنى.. ويبقى خالداً ذكراكِ

**

مارسيل خليفة

مهرجان تكريم الفنان مارسيل خليفة في برلمان ولاية نيو ساوث ويلز من قبل السانتور شوكت مسلماني 2019


ـ1ـ

مَرْسيلُ أنتَ الفنُّ والشعرُ أنا

خذْ من بيوتِ الشعرِ وابنِ الموطِنا

أنتَ العظيمُ الفذُّ.. أنتَ المُبتدا

إنْ سِرْتَ سارتْ خلفَ منكَ الأزمنه

ـ2ـ

فالعودُ لولا عزفُك الحلوُ الشجيْ

أضحى ديكوراً في زوايا الأمكنه

إعزفْ بِهجرٍ.. رقِّصِ الأوتارَ.. مَنْ

مثل "الخليفَه" قدْ يُداوي جُرْحَنا

ـ3ـ

كلُّ الأناشيدِ التي غنّيتَها

عاشتْ بنا.. حتى امتلكنا حلمَنا

لو جارتِ الأيّامُ فنُّكَ ملجأٌ

لو ضاع منّا الصوتُ تبقى صوتَنا

ـ4ـ

إنّي أَحنُّ لخبزِ أمي دائماً

لكنّه الطاغوتُ يسبي قمحَنا

لا، لا تخف، أنشدْ، فأنت المرتجى

من أمّهاتِ اللحنِ يأتي خبزُنا

ـ5ـ

أمشي ولكنْ قامتي لمْ تنتصبْ

فالجسمُ بعد الهجرِ أحناهُ الضنى

لولاكَ ضيَّعنا طريقاً للحمى

فالدربُ يا "مرسيلُ" محّاها الفنا

ـ6ـ

إنّا هجرنا الأرضَ مثلَ سفينةٍ

أنظرْ إلينا قد ملأنا بحرَنا

عمشيتُ يا عمشيتُ كوني نوتةً

كي تفرحَ النوتاتُ منذُ المِيْجَنا

ـ7ـ

أهديتِنا إبناً حبيباً رائداً

غنّى لنبقى.. حتى يبقى أرزُنا

لُبْنانُ.. ما لُبنانُ إلا جنّةٌ

إنْ نرمِها بالنارِ.. يغضَبْ ربُّنا

ـ8ـ

القدسُ ضاعتْ.. لا تسلْ عن "قِبلةٍ"

ما من زعيمٍ أرّقتْه قدسُنا

غنّيتَها.. أوّاهُ لو أخفيتَها

باللحنِ بالأنغام كي تبقى لنا

ـ9ـ

يا ليتَهم أضنوا عدوّي مرةً

حتّى أبوسَ الرأسَ من أعرابِنا

لكنّهم بالكذب قد غطّوا المدى

والكذبُ ملحٌ.. آهِ من أملاحِنا

ـ10ـ

إفرحْ.. بعيدِ الحب أنتَ مكرّمٌ

فالحبُّ بالهجرانِ من عاداتِنا

هذا "السِّناتورُ" الأشمُّ الألمعيْ

في برلمانِ الحقِّ أضحى فخرَنا

ـ11ـ

شوكتْ يضحّي.. مَن يضحّي مثلَهُ؟

إبنُ الجنوبِ "المُسْلِماني" إبنُنا

أهديكَ يا "مرسيلُ" دنيا منْ شَذاً

أدخلْ.. فما أبهاكَ لو تبقى هنا

ـ12ـ

جئتُم إلينا كي تُزيلوا غربةً

شكراً لكم.. ها قد سكنتم قلبَنا

**

يوسف

حفل توقيع كتب الأب يوسف جزراوي


ـ1ـ

عَرَفتُه.. الصَّليبُ فوقَ صدرِه

وحرفُه الأشمُّ تحتَ أمره

فقلتُ يا مشاعري ترنّمي

فلحنُه مُدَوْزنٌ كَشعرِه

ـ2ـ

وسطرُه كأنّهُ طريقُنا

ونحنُ نمشي في خُطُوطِ سطرِه

تأوَّهَ العراقُ مِنْ غيابِه

فَخِلْتُهُ المُصابَ مثلَ طَيْرِه

ـ3ـ

زوارقٌ تغتالُ نصفَ شعبِهِ

واللصُّ يغفو في زوايا قصرِه

بغدادُ تجري في العيونِ دمعةً

لكنّها البركانُ عِنْد ذِكْرِه

ـ4ـ

أتى الحياةَ كاهناً وعالماً

وكاتباً.. مُباركاً في سيره

فإن حكى توقّفتْ عقاربٌ

وإن بكى.. فدمعُه بنثْرِه

ـ5ـ

يا مارَ ميلس صُنْتَهُ كيْ يرْتقي

مجدَ العلى مُرسْمَلاً بفكرِهِ

طوباكَ طوبى، من رئيسٍ منصفٍ

مرجُ الزُّهورِ يَنْتشي من عطره

ـ6ـ

يا مارَ ميلسْ لمْ تسلْ عنْ سُؤْدَدٍ

أصبحتَ رمزاً، فَخْرُنا من فخرِهِ

أنتَ العظيمُ رِفْعَةً لمّاعةً

يسوعُ قد أعطاكَ نورَ فجرِه

ـ7ـ

أَيوسُفٌ.. تدورُ في سمائه

نجومُنا، وبِئرُنا كبئره

ونحن لا نخونُه كإخوةٍ

فإسمُهُ يُضيءُ رغمَ قَهرِه

ـ8ـ

صلاتُه كقلبِه، كحبّه

كضحكةٍ تلوحُ فوقَ ثغرِه

يقالُ قد تكَفَّرتْ عقائدٌ

يا حَبّذا لو آمنوا بكُفْره

ـ9ـ

تخالُها كنائساً حُروفَهُ

عبيرُها يفوحُ مثلَ حِبْرِه

حتّى الشمُوعُ لا تنوصُ عندَهُ

حين اصطفتْ بغدادُ شمعَ دَيْرِهِ

ـ10ـ

أُحبُّه محبّةً لا تنحني

كوالدٍ.. أشُدّ أَزْرَ ظهره

لا لستُ أخشى الحاقدَ الثرثارَ إنْ

غطَّى الجمالَ باسْودادِ مَكْرِهِ

ـ11ـ

أخشى عليه من غرورٍ طائشٍ

أذلَّ كلَّ مَنْ رَمى في أسْرِه

من حقّه أن ينتشيْ معملقاً

لِكيْ يدُوسَ فوقَ أَنْفِ هجرِه

**

يا رعاةَ الشعر

إلى الشعراء جورج أبو أنطون، الياس خليل، وانطوان سعادة


ـ1ـ

يا رُعاةَ الشِّعْرِ يا رَمْزَ الإباءْ

قدْ تَخَطَّيْتُمْ حُدُودَ الانْتِماءْ

بَرْلَمانٌ يُفْتَحُ الْيَومَ.. افْرَحي

يا حُروفي، لاحْتضانِ الشُّعَراءْ

ـ2ـ

إِنْ تَشاوَفْتُمْ.. فهذا يَوْمُكُمْ

يا ضُيُوفَ المجدِ يا كَفَّ الْعَطاءْ

قَدْ نَقَرْتُمْ دَفَّ شِعرٍ زاجِلٍ

وَصَدَحْتُمْ.. آهِ ما أحْلى الْغِناءْ

ـ3ـ

قَبْلَ أَنْ تَأْتُوا إِلَيْنا.. دَمْعُنا

أَخْبَرَ الْمَعْمورَ أَنَّا تُعساءْ

تَغمُرُ الآلامُ شعباً طيّباً

ضاحكاً رغمَ المآسي والبلاءْ

ـ4ـ

لا.. "فَسِدْني" عَلَّمَتْنا أن نَعِيْ

كَيْفَ نَمْحُو مِنْ مآقينا الْبُكاءْ

أَرْزُ رَبّي حِينْ دُسْتُم هَجْرَنا

قالَ قَدْ أرْسَلْتُ لِلْهَجْرِ ضِياءْ

ـ5ـ

أنتمُ الأشرافُ يا صوتَ المدى

جِئْتُمُ الدُّنْيا فَجاءَ الشُّرَفاءْ

أَنْتَ "أَنْطُونٌ" تُناجي أُمَّتي

يا "سَعادِهْ".. زِدْت بالشعرِ النَّقاءْ

ـ6ـ

أمّتي تحيا حياةً صعبةً

لستُ أدري كيف يأتيها الهناءْ

لا وَفِيٌّ يَنْتَقيهِ خِلُّهُ

أَنْتَ "إِلْياسٌ خَليلُ" الأَوْفياءْ

ـ7ـ

عِشْتَ يا "جُورْجُ" النَّقِيبُ الْمُصْطَفى

لا وربّي أنتَ شيخُ الرّؤساءْ

ردُّوا للأشعارِ أياماً خَلَتْ

أكثرُ الأشعارِ منْ صُنْعِ الغَباءْ

ـ8ـ

يَحْسِبون الشِّعْرَ حَكياً تافهاً

ثرثَراتٍ داخَ منها العُقلاء

قَد تكرَّمتُمْ.. فطوبى للبَها

إنَّ "باتي" إسْمُها صِنْوُ الْبَهاءْ

ـ9ـ

إِنْ رَجَعْتُمْ أَرْضَنا قُولوا لها:

هِيَ تَجْري في الشَّرايينِ دماءْ

**

محمد مهدي الجواهري

مهرجان تكريم الشاعر محمد مهدي الجواهري 2017


ـ1ـ

جِئْناكِ يا بَغْدادُ فَانْتَصِبي

كُرْمَى لِشَعْبٍ طَيِّبٍ وأبِيْ

يَكفيهِ منْ وَيلاتِه زمنٌ

إنْ قُلتُهُ يَجْتاحُني غَضَبي

ـ2ـ

جِئْناكِ بعدَ الضَّيْمِ منْ سَفَرٍ

كيْ نَغْرُسَ الأشعارَ بِالكتُبِ

ألْجَوهَرُ الخلاّبُ يحمِلُهُ

إسْمٌ تباهى العمرَ بالنّسَبِ

ـ3ـ

لا لَمْ يَمُتْ ما زالَ يَصْحَبُنا

مثلَ اصطِحابِ الْماءِ للسُّحُبِ

أخْشى فلولَ الغَدْرِ تحْجُبُهُ

هَلْ يُحْجَبُ الإبْداعُ؟ واعَجَبي!

ـ4ـ

سَمِعْتُ صَوتاً خِلْتُهُ نَغَماً

فقلتُ: يا شَآمُ إنْطَربي

هذا أبي، من يَوْمِ ما سَمِعَتْ

أُذْنُ الليالي صَرْخَةَ الشُّهُبِ

ـ5ـ

"مَهْدِيْ"، وكان الربُّ يَحْفَظُهُ

رغْمَ الأذى مِنْ مُخْبِرٍ وَغَبي

يا أمَّةً يَقْتادُها وَثَنٌ

مِنْ رَحْمَةِ الديَّانِ إِقْتَرِبي

ـ6ـ

ما مِنْ شُعُوبٍ لَمْ تَذُقْ ألَماً

لكنَّها قامَتْ من اللّهَبِ

تاريخُها.. أَمْجادُهُ أدَبٌ

إلاّكَ يا تاريخَنا العرَبِي

ـ7ـ

شعبي.. وهل شعبي سوى غَنَمٍ

للذَّبْحِ، كالصّرصورِ مُرْتَعِبِ

إنْ أشْرَقَتْ شَمْسٌ على وَطَني

يَغتالُها الحُكّامُ بالكَذِبِ

ـ8ـ

لَوْ كانَ عِنْدي رِبْعُ مَقْدَرَةٍ

أَلْهَبْتُهُمْ بالنّارِ والْحَطَبِ

أنتَ العظيمُ يا "محمّدُ" هَلْ

أدُّق دقّاتٍ على الخشَبِ؟

ـ9ـ

لا لنْ أقيسَ قامَةً أَسَرَتْ

قلبي، وناختْ عندها قِبَبي

كنتَ البعيدَ عَنْ دِيارِكَ هلْ

تدري بأنّي حاملٌ تَعَبي؟

ـ10ـ

أنَّى اتجهتُ غربتي وجعٌ

يا حَبّذا لو جئتَ مُغْتَرَبي

ألْقابُنا.. يا ليتَها شُطبتْ

فالشعرُ ضاعَ اليومَ باللقبِ

ـ11ـ

أنتَ "الجواهِريُّ".. أنتَ هُنا

أغلى مِنَ الإلماسِ والذّهبِ

**

مجدي بولس

حفل تكريم الفنان مجدي بولس في برلمان ولاية نيو ساوث ويلز من قبل الدكتورة بهية ابو حمد


ـ1ـ

مجدي، عظيمُ الْفَنِّ، وافَرحي

يا مِصْرُ غَنِّي الْيَومَ وانْشَرِحي

أعْطَى كِبارَ الصَّوْتِ فانْطَرَبُوا

يا أَعْيُنَ الْحُسّادِ إِنْدَبِحي

ـ2ـ

"كُلثُومُ" جاءَتْهُ كأُغْنِيَةٍ

تلْحينُها خَمْرٌ بِلا قَدحِ

والْماسُ يَجْري فَوْقَ أُنْمُلَةٍ

أَفْنَتْ بِعَزْفٍ دَمْعَةَ التَّرَحِ

ـ3ـ

فالْجُرْحُ فِي أنغامهِ أملٌ

يا روعةَ الأنغامِ إنْجرحي

والنّيلُ، نَهْرُ الْخَيْرِ يَعْشَقُهُ

والرأسُ يعلو قامةَ البلحِ

ـ4ـ

يا "مجْدَنا" الآتي بِغُرْبَتِنا

لَوِّنْ لَنا قَوْساً مِنَ الْقُزَحِ

سدِّدْ خُطى الفنّانِ في سَفَرٍ

إِجْعَلْهُ نَجْماً غيرَ مُتَّشِحِ

ـ5ـ

ستُّ البَهاءِ نوتَةٌ صَدَحَتْ

قُلْ: يا "بَهِيَّهْ" الْفَنَّ إِكْتَسِحي

الإسْمُ كَنْزٌ وَالْهَوَى وَتَرٌ

فيا كنوزَ الْكَوْنِ إنْفَتِحي

ـ6ـ

أَبُولسٌ.. تَحْيا لأُمَّتِنا

والشّعبُ يَبْكي سَطْوَةَ الشّبَحِ

أَوتارُكَ الْغَنّاءُ تُنْعِشُهُ

أسْكُبْ عَلْيهِ غَيْمَةَ الْمَرَحِ

ـ7ـ

تَكْريمُكَ الغالي يُكَرِّمُنا

أيا نياشينَ العُلى انْبَطحي

فالصّدرُ كالأهرامِ منبتُهُ

على رُخامِ الصدر إنطرحي

ـ8ـ

مَجْدي.. وَهَلْ لِلْمَجْدِ مِنْ وَطَنٍ

يا ربَّةَ الأشْعارِ.. إمْتَدِحي

**

أبو الطيب المتنبي

إحياء ذكرى ابو الطيب المتنبي في صالون الدكتورة بهية ابو حمد 2016


ـ1ـ

يومُكَ الْيَوْمَ أَكيدُ

"مُتَنَبّي" وَتُجيدُ

يا أبا الطيّبِ مَهْلاً

ها هُنا الْكُفْرُ يَسُودُ

ـ2ـ

ها هُنا الْحَرْبُ تَمادَتْ

ها هُنا المَوْتُ العنيدُ

لَمْ نَعُدْ نَخْشى هِجاءً

عاثَ في الأرضِ الْعَبيدُ

ـ3ـ

نَحْنُ نَحْيا كُلَّ يَوْمٍ

دَمْعُنا للحُزْنِ عيدُ

لا وليدٌ جاءَ منّا

خافَ دُنْيانا الْوليدُ

ـ4ـ

قَدْ هَدَمْنا ما بَنَيْنا

بَيْنما الْغَرْبُ يُشيدُ

ظالِمٌ يَزْدادُ ظُلْماً

هكذا الشّرْقُ يُريدُ

ـ5ـ

أبْتَغي شَعْباً عظيماً

لا تُدَمّيهِ السّدودُ

ليسَ يَخْشى من حدودٍ

وِحْدَةُ الأرضِ الْحُدُودُ

ـ6ـ

أَجْمَلُ الأَلْحانِ تَخْبُو

حينَ يُغْتالُ النَّشِيدُ

يا عظيماً نلتَ فَخْراً

أَنْت للشّعْرِ شَهيدُ

ـ7ـ

قَدْ وَجَدْناكَ قَوياً

أَلْفَ كافورٍ تُبيدُ

قدْ قَرَأْناكَ حَكيماً

بِالْحِكاياتِ تَجُودُ

ـ8ـ

لا لَئيمٌ نالَ عزّاً

لا بَخيلٌ يَسْتَفيدُ

إنْ طَواكَ الْمَوْتُ دَهْراً

كلُّ ما قُلْتَ جَديدُ

**

مجدي الحسيني

حفل تكريم الفنان مجدي الحسيني في برلمان ولاية نيو ساوث ويلز من قبل الدكتورة بهية ابو حمد 2018


ـ1ـ

جاءَ "الْحُسيني" حاملاً وترا

كنّا، وكان الهجرُ منتظرا

سيدني.. وأطيارٌ مُلونةٌ

باحتْ بسرٍ كان مُستترا

ـ2ـ

مَنْ رافقَ الأمجادَ باتَ هُنا

يا مصرُ صارَ العقلُ مُنبهرا

عبدُ الحليم اليومَ في فرحٍ

مَن قالَ إنّ "العبدَ" قد قُبرا

ـ3ـ

ما من عظيمٍ فوقَه حجرٌ

إلاّ أزحنا بالوفا الحجرا

هذي "البهيَّة" كفُّها كَرَمٌ

فيها القوافي صاغتِ الدررا

ـ4ـ

والبرلمانُ.. الحُكْمُ في بلدٍ

منْ أجلِها بالوردِ قد نُثِرا

يا سيدَ الأنغامِ هذا أنا

لستُ أمام العزف مُقتدرا

ـ5ـ

الشّعرُ كالعُنقودِ خمرتُهُ

إعصرْ لنا.. فالكأسُ قد أمرا

مَنْ لا يداوي جرحَهُ نغمٌ

مثلَ الذي بالماءِ قد سَكِرا

ـ6ـ

أنتَ الذي إن شئتَ تُفرحُنا

هلاّ أزلتَ الغمَّ والكدرا

وقعُ الغناءِ الفجِّ يُزعجنا

فيهِ نشازُ الطبلِ إنْ كُسِرا

ـ7ـ

فالضجّةُ الحمقاءُ تقتلُنا

والسمعُ من إيقاعِها انفجرا

أهلاً بفنٍ خالدٍ أبداً

قلبي وقلبَ الناسِ قد أسَرا

ـ8ـ

مجدي.. إذا الأهرامُ شامخةٌ

كنتمْ لها الألوانَ والصورا

والنيلُ يدري أين منبعُه

لا لنْ أغالي.. فيكَ قد كَبُرا

ـ9ـ

واللحنُ.. مِنْكَ اللحنُ مندهشٌ

أودعتَه الأكوانَ فانتشرا

والأورغُ.. أنتَ الأورغُ.. يا ملكاً

أحييتَ فينا السمعَ والبصرا

ـ10ـ

خبّرْ متى عدتَ الديارَ بأنْ

فنَّ "العروبَة" ها هُنا انتصرا

**

سعيد عقل

إحياء ذكرى سعيد عقل في صالون الدكتورة بهية ابو حمد


ـ1ـ

يا "عقلُ" أنتَ الحرفُ والكِلَمُ

لولاكَ لمْ تسمعْ بنا الأممُ

من دمعةِ العنقود صِغْت لنا

شعراً عظيماً هابَهُ الكرَمُ

ـ2ـ

يا "زحلُ" كنتِ الحلْمَ في سفر

طافَ الدّنى.. لمْ تتعَبِ القدمُ

هذا "سعيدٌ" صوتُه عبرٌ

يُصغي إليه من بهِ صممُ

ـ3ـ

أشعاره، آدابُه، جبلٌ

ترتادُه الأوزانُ والنغَمُ

قدموسُ ناجى الحرفَ فاحتضنتْ

أيدي الورى ما صاغتِ الحكمُ

ـ4ـ

كرّمتَه، أعطيتَهُ فرحاً

حتى تهاوتْ عنده القممُ

يا قدسُ، صاحتْ نجمةٌ سطعتْ

فيروزُ.. لمّا صفَّقَ الهرمُ

ـ5ـ

القدسُ ضاعتْ، شعبُنا غنمٌ

من خوفه قد يخجل الغنمُ

غنيتَ مكّةَ، أهلَها، فَسَمَتْ

فوق الثريا.. نورُها الحَرَمُ

ـ6ـ

قل لي: لماذا ينتهي وطنٌ

عاشتْ به الأمثالُ والقيمُ؟

لبنانُنا، يا "عقلُ"، أنت لهُ

دِرعٌ، لماذا يحكمُ الصنمُ؟

ـ7ـ

أنظر إليه.. وجهُه قرفٌ

وتثورُ في أحناكِهِ الحممُ

إنّا يئسنا من تشتّتِنا

قد لفّنا في الغربةِ السّأمُ

ـ8ـ

أنظرْ إلينا شيبُنا ندمٌ

رحماكَ.. قد لا ينفعُ الندمُ

لا لم تمتْ ما جئتَ من عدمٍ

حين احتواك استيقظ العدمُ

ـ9ـ

ما زلتَ حياً بيننا أبداً

يا أرزةً يحلو بها العلمُ

**

أديب البعيني


ـ1ـ

لست أدري كيف أشكو يا أديبُ

أدمتِ الدنيا جروحٌ لا تطيبُ

يا "بُعينيَّ" المدى لسنا سراباً

أو تراباً، أو رمالاً، كي يُذيبوا

ـ2ـ

نحنُ أبناءُ الصخورِ البيضِ حتماً

رأسُها من جنّة الخُلدِ قريبُ

نحنُ شعبٌ واحدٌ للهِ نجثو

كلُّنا، في موطني، جارٌ حبيبُ

ـ3ـ

لا دروزٌ، لا نصارى، لا شِقاقٌ

إسألِ الإسلامَ عنّا، قد يُجيبُ

أنتَ أعطيتَ البلادَ المجدَ دوماً

فاستقلّتْ، وانجلى عنها الغريبُ

ـ4ـ

غنّتِ الأرزاتُ للأبطالِ لحناً

أنتَ فيهِ الوقعُ والعزفُ العجيبُ

آهِ يا ابنَ الشوفِ، هل يكفيكَ شعري؟

أنتَ منّي، أنت روحي.. والنسيبُ

**

زغلول الدامور

أربعون الشاعر زغلول الدامور في صالون الدكتورة بهية ابو حمد


ـ1ـ

ما دُمْتَ أنت الوزنُ والشعرُ الأجلّ

لا لستُ أرضى بالكلامِ المرتجلْ

زغلولَنا.. لم يأتِ مثلَك مبدعٌ

غنّيتَ شعراً قد يغنّيه الأزل

ـ2ـ

كم شاعرٍ جاء ولم نأبهْ به

ما أن حكى حتى تثاءبَ أو أفلْ

ما أن حكى حتّى تأفَّفَ سمعُنا

والشّعرُ من أشعاره ذاقَ الخجلْ

ـ3ـ

إلاّك يا نجمَ المعنّى والدّجى

نُصغي إليكَ العمرَ لا نخشى الملل

دامورُنا، لبنانُنا، شطآنُنا

تبكي الرحيلَ المرَّ يا فخرَ الجبلْ

ـ4ـ

سيدني، إذا واسيتَها، يا "هاشمي"

تشكو أنينَ الآخِ.. قُلْ لي ما العملْ؟ْ

ها هم رفاقُ الدّربِ، أصحابُ الوفا

يرمونَ فوقَ النعشِ آلافَ القبلْ

ـ5ـ

قمْ ودّعِ الأصحابَ، هذا جمعهُمْ

عندَ "البهيَّة" شِعرهُم دمْعُ المُقلْ

حُزنٌ أليمٌ.. لو سمعتَ أنينَهم

لبكيتَ مثل الطفل من فيضِ الزعلْ

ـ6ـ

إنْ تسألِ الأرزاتِ عن عصفورها

دلّتْ على "الزغلول" كي يُصغي الحجل

صفّارةٌ إنْ صفّرتْ يحلو لها

أن تسرقَ الأسماعَ، أو تُعطي العسلْ

ـ7ـ

فالصوتُ صوتٌ رائعٌ مُسْتلهَمٌ

والشّعرُ مثلَ الدرِّ في بحر الأمل

إنّا نحبّك.. لو سئلنا مرةً

كنّا أجبنا دون تفكيرٍ: أجل

ـ8ـ

إنّا نحبّكَ شاعراً متألقاً

والحبُّ عندَ الغائبينَ بلا زغلْ

إنّا نحبّك، لا تسل يا شاعري

منذ التقينا دار في الجوّ الغزل

ـ9ـ

جوزيفُ.. قل لي كيف يأتيكَ الفنا

والمجدُ أنتَ.. وأنتَ زغلولُ الزجلْ

**

نايفة

إلى روح الوالدة الحنونة نايفة ابو حمد والدة الدكتورة الصديقة بهية ابو حمد:


ـ1ـ

يا "نايفه".. لمْ أشكُ من أحزاني

لكنّ حزناً واحداً أبكاني

ما كنتُ أدري أن موتَك موجعٌ

لو ما "البهيةُ" حزنُها أضناني

ـ2ـ

موت الأمومةِ نارُه لم تنطفءْ

والدمعُ أفنى مهجةَ الأبدانِ

شمسُ "البنيّةِ" يا إلهي أظلمتْ

قولي ليصغي خالقُ الأكوانِ:

ـ3ـ

إني الحنونةُ لن أجافي إبنتي

إنّي الأمومةُ أبعدوا أكفاني

**

شربل وسهيل

حفل تكريم الشاعرين شربل كاملة وسهيل صقر في برلمان ولاية نيو ساوث ويلز 2022


ـ1ـ

هل خبَّر الهجرانُ عن أيّامي

كيف انقضتْ.. أو شتّتتْ أحلامي

أبكي الليالي.. لم أجدْ أملاً

قد ضاعتِ الآمالُ بالآلامِ

ـ2ـ

حتّى أتيتُمْ مثل عاصفةٍ

شعريّةٍ.. فاستسلمتْ أوهامي

أشعاركمْ وَحْيٌ إذا سُمِعَتْ

قد ينتهي عصرُ الحروبِ الدامي

ـ3ـ

دفٌ وصوتٌ كلُّه أملٌ

غنّى.. فأفنى زُمرةَ الأزلامِ

فرّقْ بنا الشيطانُ في وطنٍ

ألحكمُ فيه علامةُ اسْتفهامِ

ـ4ـ

لكنّها الأشعارُ قد ربحتْ

لولا "المعنى" ما انزوتْ أصنامي

شربلْ.. إذا أوطانُنا كفرتْ

كن لي شفيعاً.. تنتهي أسقامي

ـ5ـ

قدّيسُ شعرٍ.. مبدعٌ أبداً

بالشعرِ فُقْتُم لوحةَ الرسّامِ

أكملْ طريقاً شقّها قلمٌ

يا "كاملَ" الإسمِ البهيِّ السامي

ـ6ـ

الإسمُ إسمي.. رحلتي اكتمَلتْ

خذْ من حياتي كلّ أعوامي

أهلاً "سهيلٌ" زدتنا طرباً

في عصرنا المزروع بالألغامِ

ـ7ـ

ميرا البنيّه.. نجمةٌ لمعتْ

بالعلمِ، بالأشعارِ بالأنغامِ

علّمتَها، أغنيتَها أدباً

يا فرحةَ الأخوال والأعمامِ

ـ8ـ

يا "صقرُ" قل لي ما به وطني

حتى غدا أكذوبةَ الحكّامِ

دولارُهم.. كونوا له زجلاً

لا ترحموا التجّارَ بالأيتامِ

ـ9ـ

هذي "البهيّه" خيرُها مطرٌ

والكفُّ نبعٌ فاضَ بالأَنعامِ

أفعالٌها، في هجرنا، سطعتْ

شمساً تُضيء الشعرَ بالإلهامِ

ـ10ـ

تكريمُكم فرضٌ.. على بشرٍ

أهديتُمُهُم فرحةَ المنضامِ

أنتمْ إذا عدتم الى وطني

نبقى سوياً داخل الأفلامِ

**

علي وأسمهان


ـ1ـ

هذا علي بزّي، أيا عيني، اسْرحي

في قلبه العمران أغنى مطرحي

يا أسمهان الأمّ هذي صرختي

أنتِ الأخيّةُ، يا أخيّةَ، إفرحي

ـ2ـ

قد كان دمعي فوق خدّي جمرةً

والخدُّ يشتاقُ الأسى أن تمسحي

آهٍ علي.. لو بحتُ بالحبّ النقي

لتناقلتْ صوتي جميعُ الأسطحِ

ـ3ـ

أنتَ الأخُ المحبُوبُ، بل أنت الوفا

منذ التقينا لم تزلْ بجوارحي

**

سيد الابطال


هذا "أديبٌ" سَيّدُ الأبْطالِ

مَنْ مِثْلُهُ في الحَرْبِ والأهوالِ

إبنُ "البعينيْ" فَخْرُنا المُنْصانُ

مِنْ قرْيَةٍ فيها ثرى الأجيالِ

ها قدْ تَغنَّى باسْمِهِ لُبنانُ

حينَ افْتدى بالرّوح إسْتِقْلالي

**

صفوت

الى الدكتور صفوت رياض


ـ1ـ

صفوتْ.. إذا قالوا: اصطفى

إسمي أنا.. قلت: كفى

بالطِّبّ قد كان الدوا

بالحبّ، أعطاني الدفا

ـ2ـ

كم من "رياضٍ" أزهرتْ

كم من مريضٍ قد شفى

لولاه عمري صرخةٌ

كانتْ هنا مُستنزَفه

ـ3ـ

رافقته في غربةٍ

كانَ الصديقَ الأشرفا

خلٌّ وفيٌّ نادرٌ

لا ليس يأتينا الجفا

ـ4ـ

صفوتْ طبيبي.. سجّلوا

كي تدركوا معنى الوفا

**

غربة وطن

بمناسبة صدور ديوان "غربة وطن" للشاعر لطيف مخايل


ـ1ـ

أهديك شعراً!؟.. لفّني العجبُ

للشعرِ أنتَ الوزنُ والنَّسَبُ

أسمعتكَ الأشعارَ.. قلتَ: أضِفْ

"مستفعلُنْ" كي تنتشي الكُتُبُ

ـ2ـ

ما الفرقُ قل لي يا لطيفُ فإنْ

شعَّتْ شموسٌ تختفي السحُبُ؟

أُكْتُبْ كما تختارُ من زجلٍ

أو هاتِ ما لمْ تَكتُبِ العربُ

ـ3ـ

أَبْدِعْ.. حماكَ اللهُ من حسدٍ

لنْ يَذْكُرَ التاريخُ من سلبوا

نعطي كأنّ الشعرَ من تعبٍ

واللصُّ لمْ يسمعْ به التّعبُ

ـ4ـ

قدْ تُسْرقُ الأشعارُ من كتبٍ

غنَّتْ لها الأقلامُ والحِقَبُ

مهما تباهَوْا بالنحاسِ غِنىً

من لمعَةٍ قد يُعرَفُ الذَّهبُ

ـ5ـ

لومي على منْ يرتشي أدباً

يأباهُ في أوساطنا الأدبُ

باللهِ حارِبْ ما ترى كَذِباً

من غشّهِم قد يستحي الكذِبُ

ـ6ـ

فالشّعرُ وزنٌ لحنُهُ طربٌ

أنشِدْ ليحلو في المسا الطربُ

والشِّعرُ نايٌ إنْ نفخْتَ به

صدّق سيحكي مثلَنا القصبُ

ـ7ـ

أنتَ اللطيفُ الحرُّ من وطنٍ

أعطى حروفاً لفّها الغضبُ

فالشعبُ جاع اليوم واعتبي

إنْ كانَ يشفي غِلَّنا العتبُ

ـ8ـ

شعبي يعاني اليومَ من وجعٍ

منهمْ أتاهُ الفقرُ والجرَبُ

يا حاكماً تخشاهُ أمتُنا

لصٌّ.. ولكنْ جاءَك الكَلَبُ

ـ9ـ

في جيبِك الدولارُ مختبىءٌ

نبراسُكُ التدجيلُ والشّغبُ

قِفْ يا لطيفُ الشَّعبُ يندهنا

سمِّ الذينَ المالَ قد نهبُوا

ـ10،

"حقلُ العزيمة" شعبُها بطلٌ

من مائها الأحرارُ قد شربوا

أعطيتَ شعراً مثلما ابتدعتْ

ربّاتُ وحيٍ.. وحيَها كتبوا

ـ11ـ

"غُرْبَةْ وَطَنْ" أبياتُه درَرٌ

يحيا "المعنّى" صاحتِ الشُّهُبُ

أما الذي أشعارُه حطبٌ

بالنّار يُرمى القشُّ والحطبُ

**

أَنا والحزن


ـ1ـ

أَنا والْحُزْنُ أَتْرابٌ

قَضَيْنا الْعُمْرَ في جَذْلِ

جَعَلْتُ الحُزنَ لا يَبْكي

جَعَلْتُهْ يَنتشي مِثْلي

غَزَلتُ المرتجى لَمَّا

بَكَى حقلي عَلى الفُلِّ

وَقالَ الْعُشْبُ في غَيْظٍ:

أَلا تَحْزَنْ مَعَ الْحَقْلِ

وَأَنْتَ الْعُودُ وَالأَوْرَاقُ

أَنْتَ الزَّهْرُ للنَّحْلِ؟

ـ2ـ

فَقُلْتُ: الْعُمرُ ساعاتٌ

تنمّي اليأسَ أو تَجْري

أَنَقْضيها بُكاءً جارِحاً

مُرّاً، أَلا فَادْرِ

بِأَنَّ الْعَيْشَ في الأَكْوانِ

يُنْهِيهِ لَظى الْقَهْرِ

**

لماذا أغني؟


ـ1ـ

.. وَكُلَّما ضاقَ بِعَيْني الْمَجالْ

وَناءَ اللِّسانُ بِما لا يُقالْ

يَشُدُّني شَوقٌ لأَرضٍ بَعيدَه

تَتوقُ لِعَطفٍ وَهَمْسِ ابْتِهالْ

لأرضٍ تَئِنُّ.. وَتَشْقى وَحيدَه

وَفَوقَ الشِّفاهِ يَعيشُ السُّؤالْ:

"لِماذا الْحُروفُ ابْتِداءُ الجَريدَه

وقَتلُ البَرايا انْتِهاءُ الْمَقالْ؟"

ـ2ـ

غَريبٌ!.. وَخَلْفَ ارْتِحالي ارْتِحالْ

وَغَصَّةُ صَدرٍ، وَحُلْمٌ بِبالْ..

وَأُمٌّ تَحوكُ أُلوفَ الْحَكايا

عَساها تَنالُ الْبَعيدَ النَّوالْ

وَتِلكَ الحَبيبَةُ.. سِتُّ الصَّبايا

يُعَانِقُ قَدَّهَا طيبُ الدَّلالْ

فَكيفَ أُغَنِّي؟.. وَكُلُّ الْبَرايا

تَرُشُّ بِعيدِها زَهرَ الوَبالْ

فَكَيفَ أُغَنِّي؟.. وَبُومُ المَنايا

نَعيقُهُ شُؤْمٌ.. وَبَدءُ زَوالْ

وَأَرضي تَغوصُ بِبَحرِ الرَّزايا

وَشَعبي يَعُدُّ حُبوبَ الرِّمالْ؟

ـ3ـ

لِماذا أُغَنِّي؟.. وَصَوتُ الْعَواهِرْ

يَصُمُّ الْغِناءَ بِلَيلِ المَصائِرْ

وَما مِنْ حَبيبٍ عَلَى الْعَهدِ باقِ

بَقاءَ الضِّياءِ بِعَيْنِ المَنائِرْ

يَقولُ بِأَنِّي: رَسَمْتُ سِياقي

بِدَمْعِ الْيَتامَى وَحِقْدِ الأَظافِرْ

لِيَربَحَ شَعْبي بِيَومِ السِّباقِ

وَيَخْذُلَ شَيْطانَهُ وَالْمَقابِرْ

وَيُنْهي الزَّعامَةَ.. يُلْغِي الفَوارِقَ..

يَخْلُقَ فَوقَ الْمَساحاتِ.. ثائِرْ

**

أذناب


قدّ حكّموا الأذنابَ في وطني

كي تستبيحَ الحُكمَ أذنابُ

ما الجلدُ إلاّ جلدُ أحْمِرَةٍ

يخْتالُ فيه اليومَ نُوّابُ

**

سمر


ـ1ـ

قولي.. فَدَيْتُكِ يا سَمَرْ

هَلْ غَبَّرَ العِلْمَ انْقِضاءْ؟!

وَهَلِ الْقَصائِدُ والْعِبَرْ

جاءَتْ.. كَما الإِنْسانُ جاءْ؟!

ـ2ـ

ذُرَّ الرَّمادُ عَلى حَجَرْ

كُوني لِوِحْدَتِنا ابْتِداءْ

"لينا" التَّفاؤلُ والْكِبَرْ

ذابَتْ.. لِتُعْطينا الضِّياءْ

ـ3ـ

واسْوَدَّ مِنْ لَوْنِ السَّفَرْ

وَجْهٌ سَماوِيُّ الصَّفاءْ

"لينا"، وَهَلْ يَخْفى الْقَمَرْ؟!

كَلاَّ.. فَيا نِعْمَ النِّساءْ

ـ4ـ

أَلظُّلْمُ.. مِنْ صُنْعِ الْبَشَرْ

وَالْحُبُّ مِنْ وَحْيِ السَّماءْ

أَنْتِ الْمَحَبَّةُ والزَّهَرْ

أَنْتِ التَّواضُعُ والإِباءْ

ـ5ـ

وَاللّهِ، قَدْ يَفنى القَدَرْ

وَلَيْسَ يَفْنيكِ انْتِهاءْ!

* سمر: الدكتورة سمر العطّار.

* لينا: كتاب لينا لوحة فتاة دمشقيّة.

**

نعمان

إلى روح الاديب السوري نعمان حرب مؤلف كتاب "شربل بعيني شاعر العصر في المغتربات".


ـ1ـ

نُعْمانُ.. وَالإِسْمُ الذَّهَبْ

يَزْهو، فَيَخْتالُ الأَدَبْ

أَسْقَيْتَنا مِن نَبْعِكَ

ماءً دِمَشْقِيَّ النَّسَبْ 

رَصَّعْتَنا بِبَديعِكَ

وَمَنَحْتَنا أَعلى الرُّتَبْ

وَحَّدْتَنا.. وَبِوِسْعِكَ

تَوْحيدُ أَوطانِ الْعَرَبْ

ـ2ـ

يا "حَرْبُ" لولاكَ الْحُروفْ

ضَاعَتْ بِطَيَّاتِ الْعَدَمْ

وَتَمايَلَتْ صَوْبَ الْخُسوفْ

أَقْمارُ مَنْ أَعْطى الأُمَمْ

فِكراً، وآداباً تَطوفْ

كَيْ يَنْجَلِي لَيْلُ الأَلَمْ

شَعْبي.. وَإِنْ جاءَتْ سُيوفْ

لِلْغَزْوِ، يَسْتَلُّ الْقَلَمْ

ـ3ـ

يا ابْنَ الْجِبالِ الْعالِيَه

عَرِّجْ عَلَى الْقَبْرِ الْعَظيمْ

وَاخْبِرْ تُرابَهُ ما بِيَا

أَخْبِرْهُ عَنْ وَعْدٍ قَديمْ

أَلاَّ يُدَنِّسَ أَرْضِيا

مُسْتَعْمِرٌ، غِرٌّ، لَئيمْ

نُعْمانُ أَنْتَ وَ"باشِيا"*

إِثْنانِ.. لا يَطْوِي الأَديمْ!

* باشيا: المناضل سُلطان باشا الأطرش

* نعمان: الأديب نعمان حرب

**