أحبّكِ
أُحِبُّكِ الْحُبَّ الأجَلّْ
فالحُبُّ دَوْماً مُرْتجَلْ
يا حُلْوتي هذا أنا
أحْيا بأبياتِ الغَزَلْ
ألشِّعرُ عندي غايةٌ
وغايتي خَطْفُ الْقُبَلْ
أَهْديْتُكِ الْقَلبَ الوفيّْ
أَهْدَيْتِني دَمْعَ الْمُقَلْ
ما هَمَّني!.. لَوْ قُلتُ: هلْ
تُحِبُّني؟.. قولي: أجلْ
قلبي أنا.. يا حُلْوتي
بالحُبِّ لا يرضى الفَشَلْ
**
أجل أحبّها
أحِبُّها.. أجل، أجل، أُحِبُّها
فَمَسْكني، ومَضْجَعي في قلبِها
جميلةٌ كوردةٍ، كفُلَّةٍ
والسِّرُّ أنّ العيبَ يُخْفي عَيْبَها
فإنْ نَأَتْ، وإنْ غَدَتْ كَغَيْمَةٍ
كَنَبْعَةٍ أسيرُ.. أَسْقي دربَها
قبَّلْتُها حتّى ارْتَوَتْ مَحْبُوبَةٌ
خَبَّأْتُ ألْفَ قبْلَةٍ في عُبِّها
طولُ الليالي دونَها لا ينتهي
أحلى الليالي عِشْتُها بِقُربها
لا لن تخافَ حُلْوتي وحبُّنا
مبارَكٌ، مقدَّسٌ مِنْ رَبِّها؟
**
نجمتي
لو كان قلبي غاويا
لوجدتُه مُتهاويا
قدّامها، لكنّه
قد ينحني مُتعاليا
هذي الصبيةُ نجمتي
من أجلها كان الضِّيا
شكّت بصدري رُمحَها
ولم تسلْ عمّا بِيا
والرمحُ لحظٌ قاتلٌ
والثغرُ فيه الأدويه
من ريقها يأتي الشِّفا
سأحتسي مُتأنيا
**
يا حلوتي
إنّي أرى، يا حُلوتي، لونَ الدِّما
من قبلةٍ، قد كنتُ فيها مُرْغما
أحببتُ تقبيلَ الشِّفاهِ الحُمرِ، هلْ
أُنهي لهيباً كنتِ أنتِ المُضْرمه؟
لمّا التقتْ عيناكِ بي لَمْ أبتعِدْ
أرْسلتِ آهاتٍ ولكنْ مُبْهمه
ثمَّ اقتربتِ، الثّغرُ يبغي قبلةً
حينَ العيونُ الخُضرُ أضحتْ مُغرمه
هل أنتهي من ليلةٍ محمومةٍ
روّضتُ فيها النهدَ، أشعلتُ الفَما؟
فوقَ النّهود السمرِ علّقتُ الأنا
وقطفتُ وجهكِ وردةً كي أرسُما
والآهُ أضحتْ جمرةً محمومةً
مهما جرى، يا حلوتي، لن أندما
لا لستُ أخشى النارَ تكوي أضلعي
عيبٌ على المغرومِ أن يستسلما
إني زرعتُ الصدرَ ألفيْ قبلةٍ
مَنْ ذا يُحاكي أو يَعُدُّ الأنجما
كمْ منْ ثمارٍ أينعتْ في ليلنا
كمْ منْ دموعٍ خبّأتها المحرمه
كلُّ الثمارِ أكلتُها في جنّةٍ
إنْ كنتِ حواءً.. فرُدّي آدما
أنثى بخدّيها جمالٌ ساحرٌ
وتريدني أن أنزوي أو أرحما
لو لم أكنْ متفنناً في لعبتي
لم تفرحي بي أو تنيري المبسما
دوماً انا، يا حُلْوتي، مستنفرٌ
دقّي على بابي، ونالي الأعظما
أرملة
رحماكَ لا تقسو وتُرغي سيّدي
أحببتُه، والحبُّ ليس باليدِ
قدْ ماتَ منْ أعطى الحياةَ طفلَه
والطفلُ أنتَ، وأنتَ إبني السّرمدي
أرضعتك الحبَّ الحنونَ كي ترى
أن المحبّةَ كالشذى أو كالغدِ
لا لا تقلْ عنه كلاماً سيئاً
لا لا تقلْ: أمّاه عنه إبعدي
أحببتُ فيهِ قامةً ممشوقةً
أحببتُ فيهِ العقلَ يا روحي اشهدي
أخبرته عنْكَ الحكايا كلّها
منذ الرجولةِ واخضرار المولدِ
أخبرتُه عن حبّك الأغلى إذا
خُيّرتُ أختارُ الضّنى يا سؤددي
إرحمه يا ابني، لا تجافي فرحتي
فالشيبُ طافَ بشعرِ أمٍّ أجعدِ
هو حُبّيَ الثاني وسلوى وحدتي
ضيّعتُ عمري باللباسِ الأسودِ
**
خبئيني
خبيئني تحت شالِكْ
واجعليني من عيالِكْ
كلّ حلْمي يا حياتي
أن أدمّى منْ حبالِك
أنتِ دوماً فوق رأسي
أسكنيني في جبالِكْ
كيْ أذوقَ القوتَ يوماً
أشبعيني من غلالِكْ
كم حبيبٍ صار رقماً
باتَ ظلاً منْ ظلالِكْ
صدقيني لن تُلاقي
مثلَ حُبي في رجالِكْ
قرّبيني منْكِ جهراً
أجلسيني عن شمالِكْ
لا تقولي ضاع عمري
أنتِ شمسٌ في جمالِكْ
**
عنترة
إنّي أحدِّقُ كيْ ترى
عَيناكَ ما بي قد جرى
فالحاجبان تمدّدا
فوقَ العيونِ كمِسْطره
لا لن ألومَكَ مرةً
مَنْ ذا يلومُ الأسْمَرا
من نظرةٍ مَغْرومةٍ
تمحو وتلغي الأسْطُرا
إقرأْ عُيوني لا تَخَفْ
أخفيتُ فيها المجزره
أخفيتُ فيها دمعةً
رغم الأسى مُسْكتبره
ما خنتُ يوماً ودَّنا
لا لمْ أخُنْ يا عنترَه
إني أحبّك سيدي
والحب فيه المغفره
شفتاك
شفتاكِ؟ أم شكٌ من الخَرَزِ
إني أرى نوعاً من الكرزِ
فرنٌ أنا أشعلتُه بيدي
كعكي استوى، بالله إختبزي
كم قبلةٍ أودعتُها شفةً
بعضاً من القبلاتِ إنتهزي
هذي عناقيدٌ بكرمتنا
حنّي على العنقود وانْتبذي
حبّي كأموال مكدسةٍ
من ثروة المغروم إكتنزي
هذا أنا أصفاديَ ذهبٌ
سلّمتك الأصفادَ فاحتجزي
**
قبليني
قبّليني واحضنيني
لستُ أرضى عن سنيني
أتفهُ الأيام مرّتْ
حين أعياني حنيني
قرّبي مني، تعالي
كي تمرّي في يقيني
سوسحي الدنيا بشَعرٍ
كم تمنّاه جبيني
ثمّ هاتي يا حياتي
قبلةً تمحو أنيني
كلّما أدنيتُ ثغري
قبّليني.. قبّليني
**
رقصيني
رقّصيني.. كي تزيلي دمعتي
ذابتِ الشمعاتُ.. كوني شمعتي
يا حياتي، واحضني خصري الطَّري
لستُ أخشى إن تمادتْ سرعتي
حدقّي بالوجهِ، صيري فرحةً
تخطفُ الآهاتِ، تشفي لوعتي
إن رأيتِ الرقصَ عندي جيّداً
فاعلمي أني أجاري ساعتي
مَوْسقيني.. أُعزفي لحني أنا
جنّنيني، مزّقي سمّاعتي
أجمل النيران نارٌ شئتها
أن يحابي وهجُها ولاّعتي
كنتُ قبّلتُ الشفاهَ الحمْرَ لوْ
لمْ أخف قولاً يعادي سمعتي
ريقُك المعسولُ أضحى نعمةً
ثغريَ العطشانُ، زيدي جُرعتي
يانصيبي كنتِ في ليل المنى
جاء حظي اليومَ.. فازتْ قرعتي
**
روى
سألْتُها عَن اسْمِها، قالَتْ: "رِوَى"
بالسِّرِ لَفَّتْني تَباشيرُ الْهَوى
كُلُّ الثِّمارِ فَوْقَ خَدّيْها ارْتَمَتْ
ما العَيْبُ لَوْلا الْخَوْخُ بالخَدِّ اسْتَوى
أَحْسَسْتُ مِنْها رَغْبَةً في ضَمَّةٍ
لكنَّ عودَ الْخَيْزران ما الْتَوى
أَدْنَيْتُها منّي لكَيْ نَبْقَى معاً
فَالْعَيْبُ، كلّ العيْبِ، أنْ يِنْأَى الْغِوى
فالقدُّ مثل الْحَوْرِ في عَلْيائهِ
أوْ مِثْلَ قَمْحٍ لَمْ يُدَغْدِغْهُ الْهَوا
إنْ أَشْرقَ الْوَجْهُ الْجميلُ فَاغْتَبِطْ
أَسْنانُها كَلُؤْلُؤٍ ذي مُسْتوى
قَبَّلْتُها كيْ أرْتَويْ مِنْ ريقِها
لكنَّ ثَغْري، رَغْمَ شوْقي، ما ارْتَوى
قَبّلتُها، وَالْقلْبُ يَحْكي قِصَّتي
وَالْعُمْرُ مِثْلَ الْوَهْمِ بِالْهَجْرِ انْطَوى
لا لسْتُ أَخْشَى مِنْ غَرامٍ تائِهٍ
أَخْشى "رِوَى" ترمي حبيباً بالنَّوى
محبوبتي
مَحْبوبَتي السَّمْراءُ أُغْنِيَتي
فَهَل تُجاري حُلْمَ أُمْنيَتي
أريدُ تَقْبيلَ الْخُدودِ كما
أريدُها تَشْدو بِأُمْسِيَتي
فَالْبَوْحُ مِنْها مُدْهِشٌ وَأَنا
أَصْبُو إلى حَسّونِ أَوْدِيَتي
مَحْبُوبَتي شَمْسي وَأَشْرِعَتي
وَالْوَيْلُ إنْ لَمْ تَأْتِ أَقْبِيَتي
فالظُّلمةُ السّوداءُ تَحْجُبُني
وَقَدْ يُجافي النُّورُ أَنْدِيَتي
يا حُلْوُةَ الْحُلْواتِ أَنْتِ هنا
حُلْمٌ تَجَلَّى وِفْقَ أَدْعِيَتي
ما العُمْرُ إنْ لَمْ تُصْبِحي أَلَقاً
يُحْيي كما الأمطارُ أَقْنِيَتي
**
مستعبد
الحبُّ عندي سيِّدُ
لكنَّني مُسْتَعْبَدُ
قلبي يُغنّي إسْمَها
لا تَنْتَشي.. بلْ تحرُدُ
أحْبَبْتُها.. لكنَّها
حُلْوَ الهوى تَسْتَبْعِدُ
ألعينُ تَفْشي حُبّها
قولوا بِمَنْ أَسْتَنْجِدُ
لو تعلمُ ألأسرارَ هلْ
كانتْ هوانا تعبدُ؟
إنَّ الهوى منذ الهوى
صِنْوُ الإلهِ.. فاشهدوا
مهما جرى يا حلوتي
إنْتِ الغرامُ الأوحدُ
**
عبلى
عَبْلَى، عَبْلَى، حُبِّي الأَجْمَلْ
حُبِّي الأَسْمَى، الأَقْوَى، الأَكْمَلْ
بِالأَمْسِ عَشِقْتُ طَهَارَتَها
وَأَرَاها الْيَوْمَ غَدِي الأَفْضَلْ
هِيَ سَيِّدَةُ الْحُبِّ الْبَاقِي
أَنْسَتْنِي مَا الْحُبُّ الأَوَّلْ
تَرَكَتْنِي أَلْثُمُ جَبْهَتَها
وَدَمي يَتَأَوَّهُ كَالْمِرْجَلْ
وَأَغُوصُ أَغُوصُ بِعَيْنَيْها
وَالدَّمْعُ يُلَمْلِمُ ما بَلَّلْ
قَلْبِي يَتَوَسَّلُ أَنْ أَلْهُو
وَالْعَقْلُ يُنادِينِي: إِعْقَلْ
قَدْ أُلْهِبُ بِالأُنْثَى غَضَباً
وَأَخافُ بعَبْلَى أَنْ أَفْعَلْ
السِّحْرُ يُدَجِّجُ جَفْنَيْهَا
وَأَنا مَهْزُومٌ أَوْ أَعْزَلْ
أَرَقُ الْعُشَّاقِ أُكابِدُهُ
وَأُعانِي مِنْ لَيْلٍ أَطْوَلْ
لا الْبَدْرُ يُضَاهِيها حُسْناً
وَالشَّمْسُ، أُؤَكِّدُ، قَدْ تَخْجَلْ
عَرَبِيَّةُ أَمْجادٍ غَبَرَتْ
وَالْغَابِرُ فَجْرُ الْمُسْتَقْبَلْ
في الإسْمِ تَرَى لَحْناً عَجَباً
عَزَفَتْهُ حُرُوفٌ لَمْ تُصْقَلْ
صَاغَتْهُ الضَّادُ بِرَوْنَقِها
لِيَكُونَ فريداً.. أَوْ مُنْزَلْ
عَفْواً.. لا إِسْمٌ يُعْجِبُنِي
إِلاَّ الإِسْمُ الرَّاقِي الأَمْثَلْ
عَبْلايَ يُجَمِّلُها لَفْظٌ
وَاللَّفْظُ يُرَدِّدُ ما جَمَّلْ
قَدْ يَرْحَلُ طَيْرٌ عَنْ عُشٍّ
لكِنَّ طُيُوري لَنْ تَرْحَلْ
فَالْجِسْمُ يُمَوِّنُنِي قَمْحاً
وَرِياشُ جَناحِي تُسْتَأْصَلْ
أَشْعَلْتُ شُمُوعي إِكْراماً
لِلصَّدْرِ، وَلِلْقَدِّ الأَمْيَلْ
شَفَتَاها مَعْبَدُ آلِهَةٍ
وَفَمِي يَتَخَشَّعُ إِنْ قَبَّلْ
وَالرِّيقُ دِنانٌ مِنْ خَمْرٍ
وَأَنا مُشْتاقٌ كَيْ أَثْمَلْ
وَالفُلُّ يُلَوِّنُ مَبْسَمَها
وَالْوَرْدُ بِخَدَّيْها يَعْمَلْ
وَالْعُنْقُ تُشِعُّ سَبائِكُهُ
وَالشَّعْرُ يُحَيِّكُ كَالْمِغْزَل
خِيطانُهُ قُدَّتْ مِنْ لَيْلٍ
لا لَيْلٌ كَالشَّعْرِ الأَلْيَلْ
وَالْبَشْرَةُ مَعْمَلُ أَنْسِجَةٍ
أَغْلاها التَّفْتَا والْمُخْمَلْ
وَأَنا ناطورٌ لا يَغْفُو
كَيْ يَحْرُسَ إِنْتَاجَ الْمَعْمَلْ
سلام عليها
إذا قُلْتُ: عيناهَا امتدادُ مَضارِبِي
تَصيحون: مهلاً، مِنْ غُلُوِّ مَآرِبي
وَإِنْ قُلْتُ: حَطَّتْ فَوْقَ ثَغْرِي فَراشَةً
ضَحِكْتُمْ، وَهَزَّ الموجُ سَيْرَ مَراكبِي
هِيَ الْعُمْرُ، لا عُمْرٌ بِدُونِ مُرُورها
هِيَ العِطْرُ، إِنْ هَبَّتْ رِياحُ ملاعبِي
تَحَمَّلْتُ صدّاً لا تُعَدُّ فَصُولُهُ
وَأَخْفَيْتُ هَمّاً لَمْ تَسَعْهُ حقائبِي
سَمارٌ وَسِحْرٌ، كالجُنُونِ جَميلةٌ
تَسيرُ الْهُويْنَى فَوْقَ رَمْلِ متاعبِي
يَداها اخْضِرارٌ وَالرَّبيعُ صَديقُها
وَفَوْقَ انْحِدارِ الصّدرِ صِغْتُ مَطالِبِي
سَلامٌ عَليْها يَوْمَ نامَتْ عَلَى يَدِي
وَيَوْمَ ارْتَمَتْ تَبْغِي ارتْشَافَ أَطايِبِي
سلامٌ علَيْها كَيْفَ شَعَّتْ شُمُوسُها
وَكَيْفَ انْزَوَتْ عِنْدَ ارْتِحالِ مَواكِبِي
أَرَدْتُ الْتِقاطَ الفجرِ فَوْقَ خُدُودِها
وَمِنْ فَرْطِ ضِيقِ الْوَقْتِ خَارَتْ عَقَاربِي
تَصَافَتْ قُلُوبٌ حِينَ مَرَّ خَيالُها
وَغَاصتْ بِريقِ الثَّغْرِ نارُ غَرائبِي
يُعِيدُ الصَّدَى لَحْنَ ارْتِمائي بِحُضْنِها
وَمِنْ بَوْحِها جاءتْ جَمِيعُ مكاسبِي
أَضَعْتُ الْحَوَاسَ، الْعَقْلَ، قَصْدَ وِصَالِها
فَلَمْ تَجْرِ كَالْمُعْتادِ خَيْلُ تَجاربِي
غرامي بها لا تَعْتَرِيهِ شَوائبٌ
غَريبٌ غَرامي كيفَ أَخْفَى شَوائبِي
لِسانُ الْعِدى لَمْ يَحْتَرِمْ وَلَهي وَلَمْ
يَخَفْ مِنْ أَنيني أَو فَحِيحِ مَصائبِي
إذا الْكَوْنُ عاداني فَتَحْتُ مدارساً
وَتَلْمَذْتُ كَوْناً لَـمْ تُضِئْهُ كَواكِبِي
هُوَ الحبُّ.. لا يَحْيَا بدونِ عَجيبَةٍ
وَعِنْدَ اشتعالِ القلبِ بانَتْ عَجائبِي
**
سبعون عام
إذا السبعونَ نادتني قريبا
سأنهي عمريَ المرَّ الكئيبا
عجوزاً صرتُ عكّازي طويلٌ
وخَطوي صار من ثقلي صليبا
لساني لم يذقْ إلا دواءً
طبيبٌ ينثني، تأتي طبيبه
حرامٌ أن تعاديني سنيني
حرامٌ أن يرى شعري المشيبا
كتبتُ الشعرَ حتّى جننتني
عيونٌ خلتها مثلي أديبه
أدارتْ ظهرها للحب عمداً
وكان القلبُ يشتاق الحبيبه
اعيشُ العمرَ ضجراناً بحالي
غريبٌ عاشَ في دنيا غريبه
يا آنسه
لولا العيونُ الناعسه
لمْ أنتبهْ يا آنسه
انّي بوعيٍ كاملٍ
والشمسُ قربي جالسه
هلْ أنتِ من شغل الفضا
أم كوَّنتك اليابسه
وجهٌ جميلٌ إنّما
دوماً أمامي عابسه
قلبي عليلٌ بالهوى
كوني لقلبي حارسه
صيري معي تلميذةً
والصدر حوشُ المدرسه
أرضاكِ حضناً دافئاً
حيّكتُ فيه الملبسا
أرضاكِ مهراً جامحاً
حتى أكونَ الفارسا
**
إن ترحميني
إن ترحميني حدّقي
بالناظرين وصفّقي
للحب.. يشدو حالماً
فوق المحيط الأزرقِ
هذا أنا بدر الدجى
كي تلمسيني حلّقي
إني أريدك بسمةً
يصبو إليها مشرقي
إني أريدك نجمةً
عند الشدائد أشرقي
ألم تريْ شيبَ الأسى
يأتي كضيفٍ أحمقِ
بالله هاتي قبلةً
تمحو بَياضَ المفرقِ
في غربتي عشتُ الضنى
آن الأوانُ لنلتقي
**
الف لا
هل تعلمينَ أنّني
أظهرتُ كُلَّ تفنُّني
كي تُعجبي بشاعرٍ
ليس العظيمَ والغني
هذا أنا يا حلوتي
معطّرٌ كالسوسنِ
بالشعر زيّنتُ المدى
روَّضتُ كلَّ الألسنِ
قلبي يحبُّ نجمةً
إلا لها لن أنحني
أنتِ الحياةُ كلّها
أنتِ ابتداءُ الأزمُنِ
إن قلتِ: لا.. أو الفَ لا
عن حبّنا لن أنثني
**
هل أنت بدر؟
هل أنتِ بدرٌ شعَّ في بستاني
أم وردةٌ يحلو بها الخدّانِ؟
نفنافُ صدرٍ خلته جبلا
والدرُّ كلّ الدرِّ بالسيقانِ
أخشى إذا أمطرتُك القبلا
أن ترتمي الأحضانُ بالأحضانِ
**
انت الحبيبة
تحت السماء المقمره
شيءٌ جميلٌ قد جرى
أحببت وجهاً مشرقاً
شبَّهتُه بالجوهره
شبّهتُه بوردةٍ
مثل الشّذى معطّره
أحببتُ أنثى إسمُها
لمْ يَنْدرجْ في تَذكره
لم تحتضنْه أحرفٌ
لا لم تقِسْه المِسطره
لا لم يصغْه شاعرٌ
لا لم يطأ هذا الثرى
مُستشرقٌ في شكله
تختالُ فيه المفخره
أنتِ الحبيبةُ حلوتي
هل مثل حبي يا ترى؟
سبق
من بعد تعطير الحبق
أصبحتِ من ضوءٍ أرَقّ
صارت عيونُك نجمةً
والثّغرُ لوّنه الشفق
والعطرُ منكِ حبيبتي
في كلِّ أنفٍ قد عبق
لكنَّ قلبَك جامدٌ
لا نبْضَ فيه أو ألق
تمشين قربي صخرةً
ألقلبُ فيها من ورقْ
وأنا الفقيرُ الى الهوى
تغتالني نارُ الأرق
لا لست أرضى نكسةً
سأفوز في هذا السبق
**
أنت لي
لا تغضبي، أو تزعلي
من قبلةِ المُستعجلِ
والله كانتْ قبلةً
كنكهةِ السّفرجَلِ
سريعةً كغمزةٍ
كأنها مستقبلي
إنّي أقبّل زهرةً
أحلى من القرُنفُلِ
أغصانها، أوراقها
فيها جمالُ المخملِ
أخشى عليها حلوتي
من طيش ثغرٍ مهملِ
إن عاثَ فيها ليلةً
أسنانه كالمنجلِ
قد تذبلين مثلها
ما مربحي إن تذبلي
تكفيني منك قبلةٌ
من وقعها لم تخجلي
سأمضي عمري مغرماً
وأنتِ لي.. وأنتِ لي
**
غدارة
لو كان قلبي في يدي
لرميتُه في الموقدِ
كي ينتهي عهدُ الهوى
عهدُ الجحيمِ الأسودِ
أحببتُها مثل الندى
ورأيتها كالفرقدِ
لكنّها غدّارةٌ
طعنتْ بحبّي الأوحدِ
سرقتْ أحاسيسَ المنى
فصرختُ كالمستنجدِ:
واللـهِ إنّي متعبٌ
كفّي الأذى وتبدّدي
أردى عيوني غدرُها
وتناعستْ في مزودي
والقلبُ يهتفُ عالياً:
هيّا املكي واستعبدي
شجاعة
لم تعُدْ عندي الشجاعه
ذقتُ يا روحي التياعا
كنتِ مثلَ الطيرٍ عندي
دائماً أبغي سَماعَه
دائماً أحنو لحضنٍ
دافىءٍ، زدتُ اتساعَه
بعدَ صدّ واشتياقٍ
حبّنا المسكينُ ضاعا
مثل حلْمٍ أو سرابٍ
كان لقيانا وداعا
**
قمري
ـ1ـ
أهديتها نَغَمي
والحبَّ بالكِلَمِ
صوّرتُها قمراً
قَبّلتُه بِفَمي
وقلتُ: يا قَمَري
بالله إبْتَسِمي
ـ2ـ
أيّامُنا تَعَبُ
ساعاتُها عَجَبُ
إنْ نِمْتِ في خِيَمي
سيعزفُ الْقصَبُ
وإن غَزَوْتِ فمي
يَلُفُّكِ الذَهبُ
ـ3ـ
كوني كما السُّفُنُ
شِراعُها وَطَنُ
تَغوصُ في بَدَني
كيْ ينْتَشي الْبَدَنُ
ما هَمَّها مدنٌ
كفّي هيَ الْمُدُنُ
ـ4ـ
أَقُولُ: سيّدتي
عيشي بِمَمْلَكتي
طيورُها وترٌ
وأنتِ أغنيتي
فَنوِّري سَكَنِي
يا شمسَ أمنيتي
يا قلب
يا قلبُ أضناني الغرامْ
فالحبُّ أوّلُهُ سَقامْ
يمشي بقربي صامتاً
والأذْنُ تشتاقُ الكلامْ
هذا حبيبي.. ويحَه
من حقّنا يُلقي السلامْ
أعطيهِ من لَحْظي الهنا
يمضي.. كأنّي في المنامْ
دقّاتُ قلبي صرخةٌ
أخشى بها لومَ النيامْ
وجهي الجميلُ يمامَةٌ
ويداهُ أسرابُ اليمامْ
ماذا بهِ لا يأبَهُ
والصّخرُ فتّته الهُيامْ؟
أخفى غرامي عيبَهُ
مَنْ قالَ محبوبي يُلامْ؟
فلهُ المقامُ المُرتجى
وبدونه أين المقامْ؟
**
رسائل
لَمْ تَعُدْ تأتي الرسائلْ
ذاتَ خطٍّ غَيْر مائلْ
كيفَ أَتْلُوها بِحَرْفٍ
شِبْهِ مقْروءٍ وزائلْ
خِلْتُ "حاسوبي" شريفاً
ليسَ يأتي بالرذائل..
و"الإمايْلاتِ" الغوالي
هَمُّها زرعُ الفضائلْ
قدْ يكونُ الحظُّ ضدّي
أمْ سَبَتْ حُبّي البدائلْ
لم أكنْ يوماً تَعيساً
كنتُ منْ بَيْنِ الأوائلْ
فلماذا صارَ حبّي
حائلاً من دون حائلْ؟!
ولماذا صارَ حرفي
يَتَشظَّى كالسوائلْ؟!
لمْ تَخُنّي.. لا وربّي
إنّما خانتْ وسائلْ
كانتِ الصّوتَ وكنّا
فوقَ أحلامِ القبائلْ
لمْ تقلْ يوماً حبيبي
إنّما الفؤادُ قائلْ
كي يَعودَ الحرفُ شمساً
سهَّلتْ كلَّ المسائلْ
**
ردي علي
ردّي عليَّ إذا ندهتُ: تعالي
فالوردُ دوماً يَستجيبُ لحالي
النارُ حَولَكِ.. والغرامُ نزالي
ولقدْ دخلتُ النّارَ كالأبْطالِ
حاربْتُ أثقالاً من الأثقالِ
والنصْرُ لا يَأتي بدونِ نضالِ
كلُّ القُيُودِ نزعْتُ بالأفعالِ
إلاّ بقلبي لَمْ تزلْ أغلالي
أنتِ الأميرةُ.. زينةُ الأجيالِ
وانا الحبيبُ تنعّمي بجَمالي
أنتِ الكمالُ إذا غمرتِ كمالي
والرّيحُ أنتِ إذا رسمْتِ زوالي
أحببتُ فيكِ ربيعَكِ المُتتالي
حاشا أردُّ عن الرياضِ ظلالي؟
إنّي أخافُ عليكِ من أحمالي
فالحبٌّ عندي مضرَبُ الأمثالِ
الحبُّ مملكتي.. وعطفُكِ مالي
مدّي اليدينِ وحقّقي آمالي
هذا أنا.. من فتيةٍ ورجالِ
متعفِّفٌ، مترسملٌ بخصالي
قولي: أحبُّكَ.. غَيّري أَحوالي
متعطِّشٌ، بعدَ السكوتِ، سؤالي
شعّي كشمسٍ.. أرهقتْها ليالِ
آنَ الأوانُ لتلتقي بهلالي
**
أهواك
حينَ الْتَقَيْتكِ.. غارَتِ الشُّـهُبُ
وَتَطايرَتْ مِنْ حَوْلِكِ السُّـحُبُ
وَتَسـاءَلَتْ من حُـزْنِها قِـمَمٌ
هَلْ عَدَّدَتْ أَوْصَافَكِ الْكُـتُبُ؟
يا حُـلْوَةَ الْعَـيْنَيْنِ أَنْتِ هُـنا
مِثْلُ السَّـبيكَةِ صَاغَكِ الذَّهَـبُ
أَنْـتِ الْمَليـكَةُ عَرْشُها قَلَـمٌ
وَدِيـارُهـا التَّـكريمُ والرُّتـَبُ
أَهْدَيْتُـكِ الشِّـعْرَ الْجَميلَ كَما
أَهْـداكِ وَرْدَ حُـروفِـهِ الأدَبُ
أَلثَّـغْرُ أَدْمَتْــهُ شَـقائِـقُـهُ
وَالْخَـدُّ تـاهَ بِلوْنِـهِ العِـنَبُ
وَالريـحُ تَسْـألُ عن مُتَيّمَتـي
هَلْ تَلْتَوي؟ هَلْ قَدُّها قَصَـبُ؟
غَنّـاكِ بُلْبُـلُ حُـبِّنا نَغَــماً
جَـنَّتْ بِـهِ الأوْتـارُ والطَّرَبُ
حَتـّى الْمُرُوجُ تَحَوّلـَتْ قَمَراً
لَمْ تَعْرِفِ الأَزْهـارُ ما السَّبَبُ؟
أَهْـواكِ.. إنـّي قُلْتُـها فَرِحاً
أَهْـواكِ، أينَ الكُفْرُ وَالْعَجَبُ؟
أَنْتَ الحبيب
أَنْتَ الحبيبُ الأَرْوَعُ
وَأنا بِحُسْنِكَ مُولَعُ
مُتَكَبِّرٌ.. لكِنَّني
قُدّامَ عَرْشِكَ أركعُ
مِنْ كَثْرَةِ الإشراقِ قلْ:
بالشمسِ ماذا أصنعُ؟
قد تَنْزَوي في بُرجِها
مَغمُومَةً تَتَلَوَّعُ
إنّي أُريدُكَ سيِّدي
مثلَ الشَّذا تَتَضَوَّعُ
فَالْحُبُّ أَدْمَى مُهْجَتِي
وَبَصِيرتِي تَتَصَدَّعُ
أَصْحُو.. وَعِنْدي رَغْبَةٌ
صَوْتَ الأَحِبَّةِ أَسْمَعُ
لكِنَّ صَوتَكَ غارِقٌ
في صَمْتِهِ.. لا يَشْفَعُ
أحبَبْتُ فيكَ رجولةً
ما خِلْتُها تَتَدَلَّعُ
أضْنَيْتَني وسقيتني
صدّاَ.. وَقلبي موجَعُ
أنتَ البدايَةُ في الهوى
والمُنْتهى والمَرْجَعُ
خُذني إلى حُضنِ الهنا
مَنْ حقِّنا نَتَمَتـَّعُ؟
آتيكَ كالحُلمِ البهيْ
ما السِّرُّ.. لا تَتَطَلَّعُ؟
غَنَّتْ جمالي وردةٌ
أَتريدُني أَتَضرَّعُ؟
أَخْبِرْ عُيُونَكَ إِنَّنِي
عَنْ لَحْظِها أَتَمّنَّعُ
لا لمْ يَمُتْ فِيَّ الهوى
لكنّني أَتَرَفَّعُ
قُلْ لي كَلاماً مُفْرِحاً
شَيْئاً جَميلاً يَنْفَعُ
أَرْجُوكَ قُلـْهُ مقنِعاً
خَيْرُ الكلامِ الْمُقْنِعُ
أَهْدَيْتَني نَجْمَ الْغِوَى
ما بالُهُ.. لا يَسْطَعُ
إنْ قُلْتَ: لَيْلِي مُعْتِمٌ
فالفَجْرُ دَوماً يَطْلَعُ
**
اشتاق وجهك يا امرأه
اشتاقُ وجهَكِ يا امرأه
بينَ الوجوهِ مُجَزَّأه
الثغْرُ يبغي قبلةً
ويخافُ نارَ المِدفأه
والجسمُ أضناه الهوى
والعقلُ عن عقلي نأى
أوقفتُ قلبي حارساً
فوقَ الثلوجِ مهيّئا
مرّت عُيُونُكِ قربَهُ
فَأمرْتُهُ انْ يهدأَ
والثلجُ يشعُرُ مثلنا
ضمّيهِ.. كيْ يَتدفّاَ
قولي أحبّكَ شاعري
لتَشِعَّ شمسي المُطفأه
هنّأتُ أزهارَ الربى
وحُرمتُ فيكِ التهنئه
للعمرِ أنتِ حبيبَةٌ
من دونها لنْ يبدأَ
**
ارتعاشات الهوى
تَلْمَذْتُها عَلَى يَدِي، يَا حَبَّذَا
لَوْ عَلَّمَتْنِي الْحُبَّ رَغْمَ الأَسْتَذَه
أَحْلَى الْعُلُومِ، إِنْ أَنَا أَنْهَيْتُها
تَبْغِي بَقائي فِي صفوفِ التَّلْمَذَه
أَلْحُبُّ أَسْمَى نِعْمَةٍ حَلَّتْ بِنا
فِيهِ هَناءُ الْقَلْبِ، أَوْ فِيهِ الْغِذَا
قَدْ عِشْتُ عُمْراً فِي متاهاتِ الْعَنا
إِنْ قُلْتُ شِعْراً مُغْرَماً، قَالُوا: هَذَى
خِفْتُ ارْتِعاشاتِ الْهَوَى مُنْذُ الصِّبَا
قَدْ أَسْمَعُ التَّأنِيبَ مِنْ هَذَا وَذَا
إِنْ قُلْتُ: مارَسْتُ الْهَوَى عَنْ رَغْبَةٍ
صَاحُوا: كَفَى كَفَى كَفَى، الْعَرْضَ وَذَى
كُنْتُ إِذَا أَشْعَلْتُ حَرْفِي قُبْلَةً
أَخافُ أَنْ أُلْغَى وَأَنْ أُنْتَبَذَا
قَالُوا: بِعَيْنَيْهِ غَرامٌ كافِرٌ
فَلْنَسْرُقِ الْحُبَّ وَنُمْطِرْهُ قَذَى
شَرْقٌ تَعِيسٌ لا يُجارِي عَصْرَه
يَخْشَى الْهَوَى بِالنُّورِ، وَالتَّلَذُّذَا
أَلْجِنْسُ، أَفْتَى، مُرْعِبٌ مُسْتَهْجَنٌ
لا الدِّينُ يَرْضَاهُ ولا ربُّ الشَّذَا
لكِنَّه بِالسِّرِّ يَسْتَقْوِي عَلَى
أُنْثَى اشْتَراها كَيْ يُدَمِّيها الأَذَى
عَنْ فُحْشِهِ، تَحْكِي الْمَرايا قِصَّةً
قَدْ تُخْجِلُ الأَبْوابَ والنَّوافِذَا
حَدِّقْ بِهِ.. شَكْلٌ غَرِيبٌ مُضْحِكٌ
إِنْ شَاهَدَ الْفُسْتانَ حالاً وَذْوَذَا
أَسْنانُهُ الْجَوْفاءُ أَضْحَتْ فَحْمَةً
وَالسَّعْدُ إِنْ لَمْ يُظْهِرِ النَّوَاجِذَا
أَهْلُ الْوَرَى كُلٌّ يُلاقِي خِلَّهُ
وَشَرْقُنا لَمَّا يَزَلْ مُشَعْوِذَا
**
حبيبي من مصر
إعزف حبيبي، لا تخف من جمعنا
فالنايُ توّاقٌ إلى صوتي أنا
إشتقتُ للعزفِ الجميلِ المنتقى
مثل الدراري منْ عطايا فننا
من رنّة الأنغام لمّا أنتشي
قد تنشي من رقصتي هذي الدنى
من أين جئت اليومَ يا حُبّي؟.. فهلْ
جئتم إلينا، مُغرماً، من مِصْرِنا؟
أمْ هلْ حملتم من ثراها حِفنةً
كي يمزُجوها في ثرى أجسادِنا
قل لي إذا اشتاقتْ لنا أهرامُنا
قل لي إذا أخبرتَها عن حبّنا
والنيلُ هل وشوشتَه عن إبنة
في قلبها من مائه نبعُ الهنا
مِصرُ العطايا زهرةٌ فوّاحةٌ
من أرضها الخضراء كم يحلو الجَنى
تعطي كأنَّ الكفَّ كرْمٌ مذهلٌ
فوق الغصونِ الخضرِ أثمارُ المُنى
بستانُها قصرٌ، ولكن من شذا
أزهارُه فاحتْ ليحلو هجرُنا
أفضالُها قد ننحني من ثقلِها
لكنّها عند العطايا فخرُنا
إعزفْ لنا، خلِّ الدُّنى، مجنونةً
خلفَ الجنونِ الحلوِ نُخفي حزنَنا
إعزف لنا لحنَ الخلودِ الأطرشيْ
إعزفْ لعبدٍ أو أعِدْ كلثومَنا
أرزاتُنا عملاقةٌ فوق الربى
من فيئها خذْ لحنَنا والميجانا
أهلاً بكم.. في هجرِنا قد لا ترى
غيرَ القلوبِ البيضِ تحيي مجدَنا
مهما ابتعدتم، يا حبيبي، لا تخفْ
أنتمْ هنا، في قلبنا، أنتم هنا
**
جنون
أَنْقِذيني من جُنوني
من صُراخي، أوْ أنيني
كلّما أَظْهرْتِ صدّاً
مِنْ ثيابي تطرُديني
إرْحمي قلبي وعقلي
طارَ عقلي يا عُيوني
بتُّ كالمَجْنونِ أَمشي
ساحِباً خلفي ظنوني
لم أعُدْ أحيا بيومي
غادرتْ عمري سنيني
أنتِ يومي.. أنتِ عُمري
أنتِ أحلامي.. حنيني
لَنْ تكوني مُلْكَ غيري
دائماً في القلبِ كوني
غرام
خارج الوزن
**
حب في لندن
ـ1ـ
قولي: أُحبُّكَ..
لأَخْلَعَ جارَةَ التَّايْمزْ
وَأُتَوِّجَكِ مَكانَها مَلِكَةً
عَلى بَقايا الشَّمْسِ وَالضَّبابِ..
ـ2ـ
بلاطُ بَاكِينْغَهامْ يَتُوقُ لِمُوسيقى الدَّلَعِ
الْمُنْطَلِقَةِ، كَنَبَضاتِ قَلْبِي،
مِنْ وَقْعِ خَطَواتِكِ.
أَحْذِيَتُكِ الْمُطَعَّمَةُ بِوُرودِ سِيدْنِي
سَتَغْزُو إِمْبَراطورِيَّةً لَمْ يَغْزُها ابْنُ امْرَأَةٍ..
وَحِينَ تَلْتَقِيكِ،
سَيَلُفُّ لُنْدُنَ الْهُتَافُ،
وَتُسْكِرُها النَّشْوَةُ.
حَتَّى سَناجِيبُ حَديقَةِ هَايدْ بَارْك
سَتَهْجُرُ أَوْكارَها،
لِتَعيشَ زَمَنَكِ الْمُضِيءَ.
ـ3ـ
قُولِي: أُحِبُّكَ..
لِتَتَراقَصَ عَقَارِبُ ساعَةِ بِيغْ بَانْ
بَعْدَ حِدَادٍ طَوِيلٍ..
وَتُعْلِنَ أَمامَ حُرّاسِ قَصْرِكِ
إِنَّ ساعَةَ دُخولِي عَلَيْكِ قَدْ حانَتْ.
**
قرميد جبال الألب
ـ1ـ
القِرْميدُ السّويسْرِيُّ
سَمَّرَ أَلْوانَهُ عَلَى السُّطوحِ
وَاشْرَأَبَّ لِرُؤيَتِكِ..
ـ2ـ
جِبالُ الأَلْبِ خَلَعَتْ عَباءَتَها الثَّلْجِيَّةَ
وَانْحَنَتْ لالْتِقاطِ أَنْفاسِكِ..
ـ3ـ
سَاعاتُ (اللّونْجين) الشَّهيرَةُ
ضَبَطَتْ وَقْتَ وُصُولِكِ
كَما تَضْبُطُ السَّنَةُ فُصُولَها،
حَتَّى لا يَتَفاجَأَ نَهْرُ الرّايْنِ..
وَيَثورَ!
ـ4ـ
بُحَيْرَةُ لُوسَارْن..
أَعْطَتْ أَسْماكَها إِجازَةً
لا تَتَعَدَّى مُدَّتُها لَحْظَةَ مُرُورِكِ عَلَى ضِفَافِها..
كَيْ تَتَعَلَّمَ السِّباحَةَ
في بَحْرِ عَيْنَيْكِ..
ـ5ـ
غَرِيبٌ وُجُودِي مَعَكِ..
لا سْويسْرا رَحَّبَتْ بي،
وَلا ابْتِسامَتُكِ الْخَجُولَةُ..
حَدِّقي بي..
فَالأَعَيْنُ السّويسْرِيّةُ لا تَراني
إِلاّ مِنْ خِلالِ حَدْقَتَيْكِ.
**
غوندولا البندقيّة
ـ1ـ
لا تَخَافي يا حَبيبَتِي..
شَخْتورَةُ (الْغُونْدُولا) لَنْ تَغْدُرَ بِكِ..
لَنْ تَغْرَقَ..
إِنَّهَا رَفيقَةُ الْمِياهِ الْهادِئَةِ
مُنْذُ تَكَوَّنَتِ الْبُنْدُقِيَّةُ..
ـ2ـ
اصْعَدِي..
لِيُغَنِّي لَكِ بَحَّارُها
عَلَى وَقْعِ مِجْذَافٍ مِغْناجٍ،
أُغْنِيَةً لَحَّنَها الْمَوْجُ
وَغَنَّتْها إِيطالْيا.
ـ3ـ
سَواقي الشَّوارِعِ تَأَهَّبَتْ لاسْتِقْبالِكِ..
أَسْرابُ الْحَمَائِـمِ
حَرَسَتْ مَرَافِىءَ الطُّرُقاتِ،
وَالْيَابِسَةُ خَطَّطَتْ لإِبْحارِكِ..
هاتِي يَدَكِ..
أَبْحِري مَعِي..
فَالرِّحْلَةُ لَنْ تَبْدَأَ إِلاَّ مَعَكِ.
**
درّاجات أمستردام
ـ1ـ
دَرَّاجَاتُ أَمِسْتِرْدَام
تَحْفَظُ دَوْرَها جَيِّداً:
تَرَاكَضِي أَمَامَ عَيْنَيْها،
لِتُعْجَبَ بِكِ!!
ـ2ـ
دَواليبُها الْهَوائِيَّةُ
تَلْتَقِطُ عَنِ الطُّرقاتِ ظِلالَ جَسَدِكِ
لِتَنْصُبَها في الرِّيحِ خَيْمَةً
تَأْوي إلَيْها عَصافِيرُ الْحُقُولِ
الْمُجَرَّحَةِ بِخَنادِقِ الْمِياهِ.
ـ3ـ
رُكّابُها يَتَسابَقُونَ نَحْوَكِ..
يُلَوِّحُونَ لَكِ بِقُبَّعاتِهِم
الْمُرَقَّطَةِ كَجُلُودِ أَبْقارِهِم،
وَيَدْعونَكِ لِلتَّنَزُّهِ فَوْقَ صَفْحَةِ الْمَدينَةِ
على بِسَاطِ رِيحٍ جَديدٍ،
لَـمْ تَرْكَبْهُ شَهْرَزاد،
وَلَـمْ تَلِدْهُ مُخَيّلَةُ أَديب.
ـ4ـ
يا ابْنَةَ الشَّرْقِ..
يا حَفيدَةَ الشِّعر والسّهر..
هُولَنْدا سَتَحْتَفِظُ بِحُبَيْباتِ الْعَرَقِ
الْمُتَصَبّبَةِ مِنْكِ،
لِتُنْعِشَ بِها أَزْهارَ الْعاشِقيَن
ساعاتِ الْجَفاف.
فتيات الكان كان
ـ1ـ
شارِعُ الشّانْزَليزِيهْ مُثْقَلٌ بِمَقاهِيهِ،
بِزُجاجاتِ الْعِطْرِ،
وَبِتَصْفيفاتِ شُعورِ نِسائِهِ.
تُزَيِّنُهُ أَجْسادُ الْعاشِقِينَ،
وَتُفْرِحُهُ أَنّاتُهُم.
ـ2ـ
تَعالَيْ نَدْخُل (اللِّيدُو)
لِنُغْرِقَ أَعْيُنَنا بِصُدُورِ فَتَياتِ (الْكَانْ كَانْ)،
وَنَجْمَعَ مِنْ تَحْتِ أَقْدامِهِنَّ
رَقَصاتٍ تَناثَرَتْ كالزُّجاج.
لَقَدْ تَغَزَّلْتُ بِصَدْرِكِ كَثيراً،
فَحَقَّت لَكِ الْمُقارَنَةُ..
وَحَقَّ لي الإدْراكُ أَنَّهُ الأَجْمَل،
وَأَنَّ النِّساءَ الْبَارِيسِيّات تَعَلَّمْنَ مِنْهُ الشُّموخَ
وَالْعِفَّةَ.
ـ3ـ
شامِخٌ صَدْرُكِ كَبُرْجِ إِيفِل..
وَمُسْتَديرٌ كَساحَةِ قَوْسِ النَّصْر..
وَأَنا ضَائِعٌ بَيْنَ الاسْتِدارَةِ
وَالشُّموخِ،
تُقَزِّمُنِي الظُّنونُ،
وَيُرْكِعُنِي الْخَوْفُ..
هَلاّ اقْتَرَبَتْ ساحَةُ الْكُونْكُورْد مِنّي..
هَلاّ أَشْفَقَتْ عَلَيّ..
حُبّي لَكِ أَوْسَعُ مِنَ السَّاحاتِ،
وَأَعْلى مِنَ الْبُرْج.
**
غريب أنا في ألمانيا
ـ1ـ
أَرَدْتُ أنْ أُهْدِيَ جَسَدَكِ الْمَيّاسَ
قِنّينَةَ عِطْرٍ،
فَإذا الْعِطْرُ حَزينٌ كَمَحَلاّتِ (هَايْدِلْبيرغْ)،
وَكَقَلْعَتَها التَاريخيّةِ.
ـ2ـ
كَئيبَةٌ هِيَ أَلْمَانْيَا يَوْمَ الْجُمْعَةِ الْحَزينَةِ..
كُلُّ ما فِيها يُعَانِي الوَحْشَةَ،
حَتَّى قَلْبِي الزَّائِر،
وَكُحْلَة عَيْنَيْكِ.
ـ3ـ
وَحْدَها كَنيسَةُ (كُولُونْ)
رَفَضَتْ أَنْ تَقْفِلَ أَبْوابَها
كَأَفْواهِ الْمَارَّةِ..
تَرانيمُها الْحَزينَةُ جَرَّحَتْ حَناجِرَ الْمُصَلِّينَ،
وَأَوْقَعَتْهُمْ في الأَلَمِ.
ـ4ـ
إيماني أَجْبَرَنِي عَلَى الدُّخولِ..
حَمَلَنِي إِلَيْها
كَما أَحْمِلُكِ بَيْنَ يَدَيَّ..
وَلَكِنَّ كاهِناً مُتَسَلِّطاً كَالْقِرْدِ،
أَمَرَنِي بِالإبْتِعادِ عَنْ مَقاعِدِ الْمُصَلّينَ،
وَأَرْكَعَنِي في الزَّاوِيَةِ..
ـ5ـ
غَريبٌ أَنا في أَلْمَانْيا..
لا حِجارَةُ الْكَنائِسِ تَعْرِفُنِي،
وَلا اسْتِبْدادُ الْكَهَنَةِ..
عَرِّفيهِمْ بِي..
قُولي لَهُم: هذا حَبيبِي،
أَحِبّوهُ كَما تُحِبُّ السَّماءُ،
وَيُشْرِقُ وَجْهُ اللّـهِ..
لُغَتُكِ الأَلْمَانِيّة مُتَماسِكَةٌ كَأَيْدينا،
وَابْتِسامَتُكِ الْمَلائِكِيَّة تَمْحو الْكُرْهَ
بِزَقْزَقَةٍ يَتيمَةٍ..
وَأَنْتِ أَشْبَه ما تَكُونِينَ
بِنِسَاءِ أَلْمَانْيا السَّاحِرات.
ـ6ـ
كَلِمَةٌ واحِدَةٌ مِنْكِ..
تُقَرِّبُ الْعيدَ،
وَتَقْلُبُ الْحُزْنَ فَرَحاً..
وَتُعيدُ الأضْواءَ للمَحَلاّتِ التِّجاريّةِ.
أُريدُ قِنِّينَةَ عِطْرٍ..
وْما لي سِوَى لُعَابِكِ!
**
لو لم يحرقوا الحلم
في جزيرة (بالي)..
ـ1ـ
قبلَ أَنْ يَدُبَّ الرّعبُ في أَجْنِحَةِ
الْعَصافير..
وَقْبلَ أَنْ تَرْكَعَ أَشْجارُ (الْبَاباوْ)،
وَتَنْفَصِمَ ظُهُورُها..
أَهْدَيْتُكِ الْفَرَحَ فِي (بَالِي).
ـ2ـ
لَوْ لَمْ يَمُتِ (السَّارِي كْلوبْ)،
وَيْغْرَقْ فِي دِماءِ الأبْرِياء،
لأَخْبَرَ الْكَوْنَ قِصَّتَنا:
كيفَ رَوَّضْنا حَلَبَةَ الرَّقْصِ بِأَرْجُلِنا.
وَكَيْفَ انتَفَضتْ قِنِّيناتُ الْخَمْرِ
وَتَأَفَّفَتْ
حِينَ رَشَفْتُ لُعابَكِ.
ـ3ـ
سُكَّانُ جَزيرَةِ (بالي)
أَحَبُوكِ مِنَ النَّظْرَةِ الأُولى.
سَلامُهُمْ عَلَيْكِ
كانَ تَرْحيباً بكِ.
عُقُودُ الأَزْهارِ التي أَهْدوها لِعُنُقِكِ
أَبَتِ الذّبُولَ بَعْدَ أُسْبُوعٍ مِنَ الدّلالِ،
وَالتَّأَرْجُحِ فَوْقَ نَهْدَيْكِ.
عُقُودُهُمْ زَيّنَتْكِ،
بَرَّجتْكِ،
أَرْجَعْتُكِ أَميرَةً شرقية،
يَخْشَى الغربُ مُبارَزَتَها.
ـ4ـ
لَوْ لَمْ يُحْرِقُوا الْحُلْمَ في (بالي)..
لاقْتَفَيْتُ خُطُوَاتِكِ،
وَلَجَمَعْتُها واحدَةً واحِدَةً في حَقيبَتِي.
لَنْ أَعُودَ إلى سيدْنِي،
وَشَاطِىءُ (نُوسَا دْوَا)
يَحْتِفِظُ بِغُبارِ رِجْلَيْكِ!
أُفٍّ ما أَغْلَظَ مِياههُ البلوريّة الهادئة،
فَلَقَد سرَقَتْكِ منّي،
وَحَمَّمَتْكِ مِئَةَ مَرّةٍ في الدقيقة،
دونَ أن تُعيرَنِي انْتِباهاً،
أَوْ أنْ تَعْتَرِفَ بِصُحْبَتي لكِ!.
ـ5ـ
(كُوتَا) اللّذيذَةُ كَعَسَلِها
لَمْ تَتَدَخَّلْ.
أَهْدَتْنا شَوارِعَها،
مَحَلاّتِها التِّجاريّةَ،
وَمَطْعَمَيْ (الْبِيتْزَا هَاتْ)
وَ(الْمَاكْدُونَالْد)..
وَهَمَسَتْ فِي آذانِنا:
لا تَخافوا الأشباحَ،
فَالْمُؤمنُ لا يَخافُ.
وَفَجْأَةً تَسَلَّلَ الأشْباحُ
إلى (كُوتا)
وَمَحَوا ابْتِسامَتَها الْمَلائكيّةَ الْمُشرِقَةَ
بِلَهيبِ حِقْدِهِم الْمُميت.
بَعْد سَنَتَيْن مِنْ رِحْلَتِنا إلى جَزيرةِ (بالي)،
أَعْلَنَتْ (كوتا) خَوْفَها.
ـ6ـ
هاتِي عُقُودَ الأزْهارِ الّتِي تَحْتَفظينَ بِها،
لأُعيدَها إلى (بالي)..
جَزيرَتُنا حزينَةٌ،
يا حبيبَتِي،
كَأُمَّهاتِنا الْفَلَسْطِينِيّات،
يَلُفُّ الألـمُ وَجْهَها الأخضرَ،
يُجَرّحُ قلبَها النابضَ بالحب،
وَيَحْصُدُ بِمِنْجَلِ الرُّعْبِ
وُجُوهَ زائِريها.
أينَ النَّاسُ؟
أَسْمَعُ حَشْرَجاتِ قَلْبِها،
سَقْسَقاتِ دُموعِها،
لَنْ تَعُودَ الْحَياةُ إلى (بالي)،
إنْ لَمْ نَعُدْ نَحْنُ إلَيْها..
وَنَمْسَحْ بِرَقَصاتِنا الْمُؤمِنَةِ
بَصَماتِ هَمَجِيَّةٍ
كافِرَةٍ.
وريقات اعتراف
كتبتها بعمر 16 سنة
ـ1ـ
الْحُبُّ إِلَهٌ يَتَجَسَّدُ فِي الْقُلُوبِ.
الْحُبُّ هُوَ الَّذي خَلَقَنَا.
ـ2ـ
الْيَوْمَ..
بَدَأْتُ أَشْعُرُ أَنِّي وُلِدْتُ مِنْ جَديدٍ،
كُنْتُ كَالسَّرَابِ،
كَالْخَيَالِ..
وَالآنَ، أَصْبَحْتُ حَقِيقَةً،
أَصْبَحْتُ إِنْساناً يَشْعُرُ،
يَعْطفُ
وَيُحِبُّ.
ـ3ـ
حَبيبَتي..
أُريدُها لِوَحْدِي..
فَهِيَ كُلُّ حَيَاتي،
وَحَياتي لَيْسَتْ مُلْكاً لأَحَدٍ.
ـ4ـ
كَمْ أَوَدُّ لَوْ أَغْمُرُها بِيَدَيَّ،
لَوْ أَعْصُرُها بِطَهارَةٍ،
وَأَغْرِفُ مِنْ عَيْنَيْها نُورَ حَياتي.
ـ5ـ
أَحْلُمُ بِها كُلَّ لَيْلَةٍ..
يُؤَرِّقُني طَيْفُها الْجَميلُ،
يَنْقُلُني إِلى عالَمٍ مُخْمَلِيِّ الثَّواني،
زِئْبَقِيِّ النَّبَضَاتِ.
إِلى عالَمٍ..
لا يَصِلُهُ إِلاَّ مِنْ يُحِبُّ.
ـ6ـ
أُريدُ أَنْ أَقُولَ لَها
عَلى شاطِىءِ بَحْرٍ خَيالِيٍّ:
يا قَمَري..
مِنْكِ أَسْتَمِدُ نُورَ عُمْرِي.
الْحَياةُ بِدُونكِ عَلْقَمٌ.
كَمْ أَوَدُّ لَوْ أَغْسُلُ قَدَمَيْكِ بِدُمُوعي،
وَأَغْزُلُ شَلْحَتَكِ مِنْ ضَوْءِ الصَّباحِ.
كَمْ أَوَدُّ لَوْ أَغْفُو كَالطِّفْلِ الصَّغِيرِ
بَيْنَ ذِرَاعَيْكِ
وَأَتَنَشَّقُ عَبِيرَ وَجْهِكِ الرَّيَّان.
ـ7ـ
حُبُّكِ، يا حَبِيبَتي، مُقَدَّسٌ عِنْدي.
حُبُّكِ إِلَهٌ أَعْبُدُهُ،
وَقَمَرٌ أَسْتَلْهِمُ مِنْهُ كِتابَتي.
حُبُّكِ زَهْرَةٌ أسْقِيها بَدَمْعي،
وَصُورَةٌ أَرْسُمُها بِدَمي.
ما أَحْبَبْتُ يَوْماً هَكذَا..
الْقَلْبُ يَدْعُوكِ،
الْقَلَمُ يَكْتُبُ عَنْكِ،
والْفِكْرُ مَعَكِ،
وَكُلُّ شَيْءٍ فِيَّ لَكِ.
أَنْتِ أَنا يا حَياتي.
ـ8ـ
هَلْ سِمِعْتِ بِقِصَّةِ قَيْسِ الْعَامِرِيِّ
مَجْنُونِ لَيْلى؟
أَوْ بِأُسْطُورَةِ رُومْيُو وَجُولْيِيتْ؟
جَمِيعهُمْ ماتُوا لِيَحْيُوا بِالْحُبِّ..
أَمَّا أَنا فَحَيٌّ،
وَحُبُّكِ يُمِيتُني شَوْقاً إِلَيْكِ.
ـ9ـ
يَداكِ..
جَبَلَهُما الْجَمالُ بِضَوْءِ الْقَمَرْ.
يَداكِ..
مِنْ أَجْلِهِما سَأَتَحَدَّى الْقَدَرْ.
يا حَبيبتي،
إِيَّاكِ أُحِبُّ، وَإِيَّاكِ أَعْبُدُ..
لأَنَّني أَشْعُرُ أَنَّ فِي قَلْبِكِ حَناناً،
وَفي عَيْنَيْكِ حُبّاً،
وَفي رُوحِكِ بَهْجَةَ الْعُمْرِ،
وَبَيْنَ جَفْنَيْكِ يَتَغَلْغَلُ الأَزَلُ.
**
قبعة مكسيكية
ـ1ـ
عندما اشرأبت أشجار "الكاكتس" لتراكِ، شعرتُ بالغيرةِ.
وقرّرتُ أن أتركَ "المكسيك"
بأسرعِ وقتٍ ممكنٍ.
ـ2ـ
هل يُعقَلُ أن تحبَّ الأشجارُ؟
هل يُعقلُ أن ترميَ أزهارَها
الجميلةَ الملوَّنةَ
عند قدميّ امرأة؟
هذا ما حصل..
وهذا ما أردتُ أن أتخلصَ منه!
لنْ أسمحَ حتّى للأشجارِ أن تحبَّك
أكثرَ مني.
ـ3ـ
أجل.. أجل..
لن أزورَ "المكسيك" بعد اليوم
فحينَ وضعَ عازفُ الغيتارِ
قبعتَه المكسيكية على رأسكِ،
انفجرَ رأسي..
وحين دعاكِ للرقص
تراقص قلبي في صدري
وراح يدوزنُ دقاته
على وقع قدميك.
ـ4ـ
زهرة "الكاكتس"،
والقبّعةُ المستديرة
التي حجبتْ وجهَك عنّي
لنْ أصطحبَهما معي إلى "سيدني"
فمن المستحيل أن أعيش في بيت
تسكنه الظنونُ والغيرة.
فاتركي "الكاكتس" والقبعة في المكسيك
وتعالي إلى صدري..
أنتِ لي وحدي.
**
إبنة مصر
ـ1ـ
لَوْ لَـم أَزُرْ مِصْرَ لَمَا تَمَكَّنْتُ مِنْ فَهْمِ جَمَالِكِ.
النِّيلُ.. عَيْنَاكِ،
وَضَفَّتَاهُ.. شَفَتَاكِ،
وَالنَّخِيلُ.. شَعْرُكِ،
وَالأَهْرَامَاتُ..
ارْتِفَاعُ الْعِفَّةِ فَوْقَ صَدْرِكِ.
أَمَّا لُؤْلُؤُ ثَغْرِكِ،
فلَقَدْ وَجَدْتُهُ يَتَرَاقَصُ بِإِبَاءٍ
عَلَى أَفْوَاهِ الْمِصْرِيِّينَ.
آهٍ..
كَمْ أَنْتِ جَمِيلَةٌ يا ابنة مصر!
ـ2ـ
جبلُ المقطّم انحنى إجلالاً لطلتك،
قلعتُه التاريخية أضاءتْ شموعَها
فوقَ أسوارِها الشامخة،
احتفالاً بقدومك.
سجنُها المليء بالذكريات الأليمة
حين لامستْ يداك أحجارَه الباردة
تبرّأ من الحكام الظالمين
على مرّ العصور.
كنتِ الدفءَ الذي لم يشعرْ بِهِ أبداً.
كنتِ الحنانَ الذي افتقده،
من كثرة صراخِ المساجين
وزئيرِ الجلادين.
كنتِ الرحمةَ
في زمنٍ ضاعتْ به الرحمة.
ـ3ـ
يا ابنةَ مصر..
لقبٌ أطلقتُه عليكِ كي أزيدَك فخراً
وامنحَك جمالَ كليوباترا
وحبّ أنطونيو.
آهٍ، كم هي رائعةٌ القاهرة
حينَ أعطتْكِ الأمانَ،
حين ضمتْكِ إلى صدرها،
وقبّلتْ جبينَك الطاهر.
هناك فقط شعرتُ بمربحي
وأنني اخترتُ أجملَ نساءِ الأرض
لأسمعَها كل صباح:
أحبك.. أجل أحبك.
**
ملاك في دبي
ـ1ـ
قَبْلَ أنْ تزوري "دُبَي"
كُنْتِ الملاكَ
وَكانَ حُبُّك سَمائي.
خُذي مِفتاحَ قَلْبي
وادخُلي خِيامي خَيْمَةً خَيْمة
لأستقبلك بَطلة
ترتجّ الكتبُ من خَطَواتِها.
ـ2ـ
ها أنا أمُدُّ يَدي
دَعي قَصائدك تنتظرني
وَكُلَّ دَواوين الشُّعراء
مؤلـمٌ ضَياعي بدونِك
خُذي بِيَدي
وارسُميني ابتسامةً.
ـ3ـ
لم يعُدْ هناك شيءٌ أخسرُهُ،
"دُبي".. سرقتْكِ منّي!
شوارعُها،
بناياتُهاـ
أبراجُها،
فتحتْ أفواهَها حين رأتكِ.
وأنا تائهٌ في الصحراء.
أعدُّ رمالَها حبّةً حبّة..
وأشكو لها بعدَكِ عنّي.
ـ4ـ
كيف لي أن أعودَ إلى سيدني بدونك؟
كيف لي أن أجرَّ مدينةً بأكملها
لأجرَّكِ معها؟
بربِّكِ قولي: لمنْ أشكو "دُبي"
وهي الجميلةُ رغم أنفي..
والحنونةُ رغمَ تذمري،
والمعطاء رغم بخلي..
صدّقيني أنها تعلمُ
أنّ بخلَ الحبيبِ فضيلة.
لنْ أقدّمَكِ لها،
سأظلُّ أتمسكُ بكِ
إلى أن تضجر مني ومنك
وتطردنا معاً.
**
وهبتُك لبنان
ـ1ـ
رَيْ، حَبِيبَتِي، جَنَّةَ خُلْدِي
وَاشْكُرِي اللَّـهَ عَلَى نِعَمِهِ الْكَثِيرَةِ.
فَفِي حَدَائِقِهَا الْمُعَلَّقَةِ أَشْجَارٌ مُثْمِرَةٌ،
أَطْيَارٌ مُنْشِدَةٌ،
وَيَنَابِيعُ مِنْ عَسَلٍ،
كَوَّنَتْ عِنْدَ الْتِقَائِهَا نَهْراً،
لَـمْ يَعْتَمِدْ بِهِ إِلاَّكِ،
تَحْرُسُ ضَفَّتَيْهِ مَلْيُونُ حُورِيَّةٍ،
يَحْمِلْنَ بِأَيْدِيهِنَّ الصُّنُوجَ،
وَقِنِّينَاتِ مَاءِ الْوَرْدِ.
جَنَّتِي هَذِهِ، اسْمُهَا.. لُبْنَان.
ـ2ـ
هنا يا حبيبتي، كان لقاؤنا،
وهنا سننتهي..
ما منْ جنّة أجملَ من وطني
"فغابةُ أرزِه" حديقتي،
و"قلعةُ بعلبكه" قصري،
و"جبيله" منبتُ حرفي
ومن ينابيعِهِ دمي
فكيف لا أهبُكِ إياه
وأنتِ المالكةُ الحقيقيةُ له؟!
إنتِ ابنتُه وفلذة كبدهِ
فلا تبخلي عليه بأبنائكِ.
ـ3ـ
عودي له، كي يعودوا..
أحبيه، كي يحبّوه..
أطعميهم من مأكله،
شرّبيهم من تراثه،
وألبيسهم حبيباتِ ترابه
فغبار الوطن مقدّسٌ يا حبيبتي
دعيهم يدغدغونه بأرجلهم وهم حفاة.
لقد استودعتُك وطني،
مثلما استودعتُك أجيالي..
فكوني الأم الصالحة.
**
لقد استعمرت هونغ كونغ
ـ1ـ
عندما وصلنا إلى "هونغ كونغ"
كانت "الصين" تتأهّب للإنقضاض عليها.
وكان الإنكليز يوضّبون حقائبَ
الخروج منها، بعد ستة أشهر.
إلى أن وصلتِ أنتِ..
فأحسَّ الشعبُ أن استعماراً جديداً
قد حلَّ بمدينتهم..
وأن الصين وإنكلترا
سترفعان الأيدي استسلاماً لك.
وجودُك..
غيّر المعادلات الدولية
وجمّل الاستعمار.
ـ2ـ
جمالُك الساحر كبّلهم
سمّرهم بالشوارع كعواميد الكهرباء
أجبرهم على التخلي عن عيونهم..
التي أهدوها لك..
ولم يتبقَّ على وجوههم غير النظّارات.
ـ3ـ
وحدها "كولون" أزعجتني،
فعندما دخلنا محطتها
وجدت أن القطارات قد توقفت
لتشبعَ النظرَ منك!
مئات الناس احتشدوا
داخل مقصورتك،
علّهم يحظون بملامسة جسدِك الطاهر.
وأنا أقفُ عاجزاً عن حمايتك.
ـ4ـ
الشيءُ الوحيدُ الذي أضحكني
هو مطاردة رجال الشرطة
للبائعين المتجولين..
ومطاردتك أنتِ لبائع
سرق مالَك وهرب..
كنتُ أضحك وتضحك معي الشوارع،
وعندما قرّرنا العودة،
حزنت "هونغ كونغ"
وفرحت "الصين"
أما "إنكلترا"
فلقد استقلت طائرتنا
كي لا تتركك وحيدة.
**
زهرة بروكسل
ـ1ـ
ـ جميلة هي "بلجيكا"..
همستك هذه لن أنساها ما حييت..
فلقد كان صوتُكِ مفعماً بالحنان،
ومليئاً بالحب.
لدرجة أنّ أحجارَ الساحات رددتها
مثلما رددتْ أغنيات الجنود
العائدين من الحرب.
ـ2ـ
لستُ أدري لماذا اندهشتِ
بمعرض الأزهار في "بروكسل"؟
وأنت الزهرةُ الأجمل!
ألم ينهرْك ذلك الشيخ الجليل
بصوته الأجشّ،
كي تخرجي من بين أزهاره
حين رأى أن الأعينَ تتسمّرُ بكِ
وتتجاهلُ ألأزهار؟
ألمْ يستقبلْكِ طفلُ السبيل المائي
برقصةٍ وبشربةِ ماء؟
اندهاشك كان بهمسة..
أما اندهاشهم فكان بقصائد.
ـ3ـ
النفنافُ يتساقطُ بغزارةٍ،
وأنتِ تحاولينَ التقاط حبيباته
بيديكِ الصغيرتين..
وكلما أمسكتِ بواحدةٍ،
تحوّلت إلى جمرة حارقةٍ،
والحقّ ليس عليها،
بل على جسمك المشتعلِ أنوثةً.
ـ4ـ
بلجيكا كانت مضجرةً بالنسبة لي
فلقد أمضيتُ وقتي
وأنا أركضُ وراءكِ
كحارسٍ شخصيٍّ
أزمجرُ كلّما اقتربَ منكِ رجلٌ
وأبتعدُ كلّما اقتربتْ أنثى.
هكذا أنا يا حبيبتي
أغار عليكِ حتّى من نفسي
فلا تغيّريني..
كي لا تخسري اهتمامي بك.
أحبُّك على ذوقي
وهذا ما فهمته "بروكسل"
من النظرة الأولى.
**
أميرة سنغفورة
ـ1ـ
جزيرةُ "سانتوزا" السياحية،
تشهدُ على فصل الرعبِ
الذي عشناه معاً..
فما أن امتطينا ذلك "التلفريك" اللعين
المعلّق بين السّماءِ والماء،
حتى هبّت العواصف الهوجاء،
وتساقطت الأمطارُ بغزارةٍ
وبدأ الرعدُ يعانقُ اللمع،
وأنتِ تصرخين وتستنجدينَ بي
وأنا واقفٌ قبالتَك كأبي الهول
لا أقدرُ على السير خطوةً
مخافةَ أن يقذفني جنونُ الطبيعةِ
خارجَ الكبسولة.
وحين وصلنا إلى برّ الجزيرة
تغيّرتْ نظرتُكِ لي،
ورحتِ تبتعدين عنّي
وتحملينني وزرَ الأخطارِ التي واجهتنا.
ـ2ـ
"سنغفورة" حزنتْ لحزنِكِ،
وراحت تعملُ جاهدةً لمراضاتِك،
فقدمتْ لكِ أزهارَها وأطيارها،
لا بل أهدتْكِ شارعاً من زهر "الأوركد" الملوّن الجميل..
حتّى أنّ عمالَ الفندق
بدأوا يعاملونَكِ كأميرة،
ويرشون حولَك مئات الابتسامات
وعبارات الترحيب.
وأنتِ ما زلتِ حزينةً وخائفةً،
وأنا أشيحُ بوجهي عنكِ
كي لا تري دموعي.
ـ3ـ
..وفي اليوم الثالث..
أشرقتْ شمسُ ابتسامتِك
ورحتِ تهمسين في أذني:
ـ إستيقظْ يا حبيبي، فأمامنا يومٌ طويل.
وعلى حين غفلة..
جذبتُكِ نحوي، ورحتُ أقبلكِ كمجنونٍ،
وأنتِ تضحكين.. وتصرخين:
ـ أحبّكَ.. أحبّك.
ـ4ـ
الآن غفرتُ لجزيرة "سانتوزا"
جميعَ سيّئاتِها..
خاصةً حين حضنتِ
ذلك الرجلِ الغريب،
وأنتِ تركبينَ خلفهُ
فيلاً ضخماً،
مخافةَ السقوط.
وغفرتُ لها أيضاً،
ساعةَ دخولك حديقة حيواناتها
ومطاردتك لذلك الديك الرومي
بغيةَ احتضانه وتقبيله.
هي المرّةُ الألفُ التي تتناسين بها
أن قبلاتك ملك لي وحدي،
ولن أفرّطَ بواحدة منها حتّى للطيور.
وحدها "سنغفورة" عرفت لماذا بكيت.
**
إبنة مصر
ـ1ـ
لَوْ لَـم أَزُرْ مِصْرَ لَمَا تَمَكَّنْتُ مِنْ فَهْمِ جَمَالِكِ.
النِّيلُ.. عَيْنَاكِ،
وَضَفَّتَاهُ.. شَفَتَاكِ،
وَالنَّخِيلُ.. شَعْرُكِ،
وَالأَهْرَامَاتُ..
ارْتِفَاعُ الْعِفَّةِ فَوْقَ صَدْرِكِ.
أَمَّا لُؤْلُؤُ ثَغْرِكِ،
فلَقَدْ وَجَدْتُهُ يَتَرَاقَصُ بِإِبَاءٍ
عَلَى أَفْوَاهِ الْمِصْرِيِّينَ.
آهٍ..
كَمْ أَنْتِ جَمِيلَةٌ يا ابنة مصر!
ـ2ـ
جبلُ المقطّم انحنى إجلالاً لطلتك،
قلعتُه التاريخية أضاءتْ شموعَها
فوقَ أسوارِها الشامخة،
احتفالاً بقدومك.
سجنُها المليء بالذكريات الأليمة
حين لامستْ يداك أحجارَه الباردة
تبرّأ من الحكام الظالمين
على مرّ العصور.
كنتِ الدفءَ الذي لم يشعرْ بِهِ أبداً.
كنتِ الحنانَ الذي افتقده،
من كثرة صراخِ المساجين
وزئيرِ الجلادين.
كنتِ الرحمةَ
في زمنٍ ضاعتْ به الرحمة.
ـ3ـ
يا ابنةَ مصر..
لقبٌ أطلقتُه عليكِ كي أزيدَك فخراً
وامنحَك جمالَ كليوباترا
وحبّ أنطونيو.
آهٍ، كم هي رائعةٌ القاهرة
حينَ أعطتْكِ الأمانَ،
حين ضمتْكِ إلى صدرها،
وقبّلتْ جبينَك الطاهر.
هناك فقط شعرتُ بمربحي
وأنني اخترتُ أجملَ نساءِ الأرض
لأسمعَها كل صباح:
أحبك.. أجل أحبك.
**
ملاك في دبي
ـ1ـ
قَبْلَ أنْ تزوري "دُبَي"
كُنْتِ الملاكَ
وَكانَ حُبُّك سَمائي.
خُذي مِفتاحَ قَلْبي
وادخُلي خِيامي خَيْمَةً خَيْمة
لأستقبلك بَطلة
ترتجّ الكتبُ من خَطَواتِها.
ـ2ـ
ها أنا أمُدُّ يَدي
دَعي قَصائدك تنتظرني
وَكُلَّ دَواوين الشُّعراء
مؤلـمٌ ضَياعي بدونِك
خُذي بِيَدي
وارسُميني ابتسامةً.
ـ3ـ
لم يعُدْ هناك شيءٌ أخسرُهُ،
"دُبي".. سرقتْكِ منّي!
شوارعُها،
بناياتُهاـ
أبراجُها،
فتحتْ أفواهَها حين رأتكِ.
وأنا تائهٌ في الصحراء.
أعدُّ رمالَها حبّةً حبّة..
وأشكو لها بعدَكِ عنّي.
ـ4ـ
كيف لي أن أعودَ إلى سيدني بدونك؟
كيف لي أن أجرَّ مدينةً بأكملها
لأجرَّكِ معها؟
بربِّكِ قولي: لمنْ أشكو "دُبي"
وهي الجميلةُ رغم أنفي..
والحنونةُ رغمَ تذمري،
والمعطاء رغم بخلي..
صدّقيني أنها تعلمُ
أنّ بخلَ الحبيبِ فضيلة.
لنْ أقدّمَكِ لها،
سأظلُّ أتمسكُ بكِ
إلى أن تضجر مني ومنك
وتطردنا معاً.
**
وهبتُك لبنان
ـ1ـ
رَيْ، حَبِيبَتِي، جَنَّةَ خُلْدِي
وَاشْكُرِي اللَّـهَ عَلَى نِعَمِهِ الْكَثِيرَةِ.
فَفِي حَدَائِقِهَا الْمُعَلَّقَةِ أَشْجَارٌ مُثْمِرَةٌ،
أَطْيَارٌ مُنْشِدَةٌ،
وَيَنَابِيعُ مِنْ عَسَلٍ،
كَوَّنَتْ عِنْدَ الْتِقَائِهَا نَهْراً،
لَـمْ يَعْتَمِدْ بِهِ إِلاَّكِ،
تَحْرُسُ ضَفَّتَيْهِ مَلْيُونُ حُورِيَّةٍ،
يَحْمِلْنَ بِأَيْدِيهِنَّ الصُّنُوجَ،
وَقِنِّينَاتِ مَاءِ الْوَرْدِ.
جَنَّتِي هَذِهِ، اسْمُهَا.. لُبْنَان.
ـ2ـ
هنا يا حبيبتي، كان لقاؤنا،
وهنا سننتهي..
ما منْ جنّة أجملَ من وطني
"فغابةُ أرزِه" حديقتي،
و"قلعةُ بعلبكه" قصري،
و"جبيله" منبتُ حرفي
ومن ينابيعِهِ دمي
فكيف لا أهبُكِ إياه
وأنتِ المالكةُ الحقيقيةُ له؟!
إنتِ ابنتُه وفلذة كبدهِ
فلا تبخلي عليه بأبنائكِ.
ـ3ـ
عودي له، كي يعودوا..
أحبيه، كي يحبّوه..
أطعميهم من مأكله،
شرّبيهم من تراثه،
وألبيسهم حبيباتِ ترابه
فغبار الوطن مقدّسٌ يا حبيبتي
دعيهم يدغدغونه بأرجلهم وهم حفاة.
لقد استودعتُك وطني،
مثلما استودعتُك أجيالي..
فكوني الأم الصالحة.
**
لقد استعمرت هونغ كونغ
ـ1ـ
عندما وصلنا إلى "هونغ كونغ"
كانت "الصين" تتأهّب للإنقضاض عليها.
وكان الإنكليز يوضّبون حقائبَ
الخروج منها، بعد ستة أشهر.
إلى أن وصلتِ أنتِ..
فأحسَّ الشعبُ أن استعماراً جديداً
قد حلَّ بمدينتهم..
وأن الصين وإنكلترا
سترفعان الأيدي استسلاماً لك.
وجودُك..
غيّر المعادلات الدولية
وجمّل الاستعمار.
ـ2ـ
جمالُك الساحر كبّلهم
سمّرهم بالشوارع كعواميد الكهرباء
أجبرهم على التخلي عن عيونهم..
التي أهدوها لك..
ولم يتبقَّ على وجوههم غير النظّارات.
ـ3ـ
وحدها "كولون" أزعجتني،
فعندما دخلنا محطتها
وجدت أن القطارات قد توقفت
لتشبعَ النظرَ منك!
مئات الناس احتشدوا
داخل مقصورتك،
علّهم يحظون بملامسة جسدِك الطاهر.
وأنا أقفُ عاجزاً عن حمايتك.
ـ4ـ
الشيءُ الوحيدُ الذي أضحكني
هو مطاردة رجال الشرطة
للبائعين المتجولين..
ومطاردتك أنتِ لبائع
سرق مالَك وهرب..
كنتُ أضحك وتضحك معي الشوارع،
وعندما قرّرنا العودة،
حزنت "هونغ كونغ"
وفرحت "الصين"
أما "إنكلترا"
فلقد استقلت طائرتنا
كي لا تتركك وحيدة.
**
زهرة بروكسل
ـ1ـ
ـ جميلة هي "بلجيكا"..
همستك هذه لن أنساها ما حييت..
فلقد كان صوتُكِ مفعماً بالحنان،
ومليئاً بالحب.
لدرجة أنّ أحجارَ الساحات رددتها
مثلما رددتْ أغنيات الجنود
العائدين من الحرب.
ـ2ـ
لستُ أدري لماذا اندهشتِ
بمعرض الأزهار في "بروكسل"؟
وأنت الزهرةُ الأجمل!
ألم ينهرْك ذلك الشيخ الجليل
بصوته الأجشّ،
كي تخرجي من بين أزهاره
حين رأى أن الأعينَ تتسمّرُ بكِ
وتتجاهلُ ألأزهار؟
ألمْ يستقبلْكِ طفلُ السبيل المائي
برقصةٍ وبشربةِ ماء؟
اندهاشك كان بهمسة..
أما اندهاشهم فكان بقصائد.
ـ3ـ
النفنافُ يتساقطُ بغزارةٍ،
وأنتِ تحاولينَ التقاط حبيباته
بيديكِ الصغيرتين..
وكلما أمسكتِ بواحدةٍ،
تحوّلت إلى جمرة حارقةٍ،
والحقّ ليس عليها،
بل على جسمك المشتعلِ أنوثةً.
ـ4ـ
بلجيكا كانت مضجرةً بالنسبة لي
فلقد أمضيتُ وقتي
وأنا أركضُ وراءكِ
كحارسٍ شخصيٍّ
أزمجرُ كلّما اقتربَ منكِ رجلٌ
وأبتعدُ كلّما اقتربتْ أنثى.
هكذا أنا يا حبيبتي
أغار عليكِ حتّى من نفسي
فلا تغيّريني..
كي لا تخسري اهتمامي بك.
أحبُّك على ذوقي
وهذا ما فهمته "بروكسل"
من النظرة الأولى.
**
أميرة سنغفورة
ـ1ـ
جزيرةُ "سانتوزا" السياحية،
تشهدُ على فصل الرعبِ
الذي عشناه معاً..
فما أن امتطينا ذلك "التلفريك" اللعين
المعلّق بين السّماءِ والماء،
حتى هبّت العواصف الهوجاء،
وتساقطت الأمطارُ بغزارةٍ
وبدأ الرعدُ يعانقُ اللمع،
وأنتِ تصرخين وتستنجدينَ بي
وأنا واقفٌ قبالتَك كأبي الهول
لا أقدرُ على السير خطوةً
مخافةَ أن يقذفني جنونُ الطبيعةِ
خارجَ الكبسولة.
وحين وصلنا إلى برّ الجزيرة
تغيّرتْ نظرتُكِ لي،
ورحتِ تبتعدين عنّي
وتحملينني وزرَ الأخطارِ التي واجهتنا.
ـ2ـ
"سنغفورة" حزنتْ لحزنِكِ،
وراحت تعملُ جاهدةً لمراضاتِك،
فقدمتْ لكِ أزهارَها وأطيارها،
لا بل أهدتْكِ شارعاً من زهر "الأوركد" الملوّن الجميل..
حتّى أنّ عمالَ الفندق
بدأوا يعاملونَكِ كأميرة،
ويرشون حولَك مئات الابتسامات
وعبارات الترحيب.
وأنتِ ما زلتِ حزينةً وخائفةً،
وأنا أشيحُ بوجهي عنكِ
كي لا تري دموعي.
ـ3ـ
..وفي اليوم الثالث..
أشرقتْ شمسُ ابتسامتِك
ورحتِ تهمسين في أذني:
ـ إستيقظْ يا حبيبي، فأمامنا يومٌ طويل.
وعلى حين غفلة..
جذبتُكِ نحوي، ورحتُ أقبلكِ كمجنونٍ،
وأنتِ تضحكين.. وتصرخين:
ـ أحبّكَ.. أحبّك.
ـ4ـ
الآن غفرتُ لجزيرة "سانتوزا"
جميعَ سيّئاتِها..
خاصةً حين حضنتِ
ذلك الرجلِ الغريب،
وأنتِ تركبينَ خلفهُ
فيلاً ضخماً،
مخافةَ السقوط.
وغفرتُ لها أيضاً،
ساعةَ دخولك حديقة حيواناتها
ومطاردتك لذلك الديك الرومي
بغيةَ احتضانه وتقبيله.
هي المرّةُ الألفُ التي تتناسين بها
أن قبلاتك ملك لي وحدي،
ولن أفرّطَ بواحدة منها حتّى للطيور.
وحدها "سنغفورة" عرفت لماذا بكيت.
**