مجانين

 
قصائد  ديوان "مجانين" بصوت الشاعر شربل بعيني
الغلاف من تصميم فرناندو فرنسيس
**
الطبعة الأولى 1976، الطبعة الثانية 1986، الطبعة الثالثة 1993، الطبعة الرابعة 2002، الطبعة الخامسة 2010، الطبعة السادسة 2016، الطبعة السابعة 2020

**
"مجانين" هو أول كتاب عربي يطبع في أستراليا عام 1976
**
الرسوم الداخلية لآطفال لبنانيين مغتربين صوّروا بها انطباعاتهم عن الحرب اللبنانية عام 1986
**
   في سيدني أستراليا، صدرت الطبعة الثانية من ديوان مجانين بالعاميّة للشاعر شربل بعيني، مع مقدّمة لكامل المر، وكلمة على الغلاف لنعيم خوري.
   وقبل أن ننقل هنا المقدّمة وبعض القصائد، نشير إلى نفحة الصدق القوي التي تهدر في الديوان، وهو من الشعر المتألّـم لما حلّ بلبنان، من غير أن (يصطفّ) مع فريق ضد فريق، بل هو ينطلق في معاناته وفي تعبيره معاً، من كون ما حلّ بالوطن حرباً على الجميع، وشرّاً ضدّ الجميع، ومن كون الإنسان هو الغاية، لا دينه ولا حزبه.
النهار العربي والدولي، 9 حزيران 1986
**

تقديم
عَبْرَ ديوان "مجانين"*، شربل بعيني يشهد لزمنه وينتصر للوطن!
د. مصطفى الحلوة
- رئيس الاتحاد الفلسفي العربي -
**
    مدخل/"مجانين"... بتوقيع شاعر وبريشة براعم في عمر الزهور!
   لأنهم لا زالوا على "عفويتهم"، التي فطروا عليها، لا يأتيهم الباطلُ من بين أيديهم، ولا توسوسُ لهم شياطين الإنس والجن، فقد كان للأطفال، بل لعالمهم أن يشغل مساحةً واسعةً من شفافية الرؤيا وطبعيّة الإحساس ونقائه، بما يفضي إلى صُدقية القول والخبر اليقين!
   ولِمَ العجب، أفلا نعمدُ أحياناً إلى الأطفال نستفتيهم ونستبينُ حَدْسَهم، بوحي من القول الشعبي المأثور:" خذوا الفال من الأطفال"؟!
   .. عالم الطفولة، عالم البراءة، الذي يُنبئنا بما قد لا يجرؤ عالم الكبار على البوح به، لهُ مع شربل بعيني جولاتٌ وصولات! فمن موقعه مربّياً ومعلّماً، في المغترب الأسترالي، أجرى على شفاههم أغنيات رائعة، ضمّها كتابٌ له، عنوانه: "غنّوا يا أطفال". كما دفع بهم إلى خشبة المسرح، ليؤدّوا أربع عشرة مسرحية، تُزاحم جودةً مسرحيات عالم الكبار، وليشهد كل أولئك على ما يختزن الأطفال من طاقات خلاّقة ومواهبَ ، لا يستطيع إخراجها من مكامنها إلاّ من كان على حظٍّ من كشف، كالبعيني وأمثاله من مُتعهّدي الإبداع ورُعاته! 
   هكذا كان لشاعرنا- عَهْدَنا به- أن يستدعي إلى "مجانينِهِ" أحد عشر طفلاً (ثماني إناث وثلاثة ذكور)، أكبرهم في الثانية عشرة من عمره... عقد معهم شراكةً، من موقع الندِّية، ولنجدَنا بإزاء أحد عشر رسماً، بقدر ما زيّنت "الديوان"، وخلعت عليه قيمةً إضافية، فقد نمّت عما يختزن هؤلاء الأطفال من رؤى ثاقبة، ومن تطلّعات وانتظارات، وليتكامل هذا الديوان فصولاً، بما شفّت عنه أحاسيسهم، وما نطقت به ريشتهم الصناع!
   .. هي رسومٌ/ لوحاتٌ، أكثرها مغموسٌ بالدم اللبناني الطاهر الزكي، وبعضها يُطِلُّ، عبر كوىً، على ساحاتٍ من أمل ورجاء موعودين!
   ... نصر عطيّه، ومشلين إسحق، وجورج (من دون شهرة عائلية)، وأمال جعيتاني، ونانسي (من دون شهرة عائلية)، ونتالي أبي عرّاج، وجورجينا يونان، وانطوني رومانوس، وبرناديت آصاف (تسع سنوات ونصف!)، وسيلفانا أبو ملحم، وآميلي آصاف... أحد عشر فنَّاناً/ فنانةً،.. غدوا / غدونَ شركاء/ شريكات لشربل بعيني، يتقاسمون/ يتقاسمن معه شرف الانتصار للبنان الذبيح، ولتبقى أسماؤهم/ أسماؤهن إلى جانب اسمه، مثنى وثلاثَ ورُباع وخُماس وسُداس وسُباع.. وكلما أطل "مجانين" بطبعةٍ جديدة، وإلى يوم الدين!
   أحد عشر طفلاً عبّروا عن أساهم لوطنهم، عن تقديسهم لعلم بلادهم، يَرْشَحُ دماً، وقد تجسّد قلباً ينفطر... وكانت شجرة أرزٍ متدلية من مشنقة، إلى حمامة السلام تحمل بمنقريها علم الوطن، إلى هلالٍ يُعانقُ صليباً، بما يرمز إلى العيش الوطني الواحد، إلى توابيت رُصفت تحت اقدام شجرة أرز دهرية، إلى طفلة تسقي فسيلة أرز ستتشامخ مع الزمن، إلى عين مفتوحة عن آخرها، بؤبؤها أرزة.. وانتهاءً بالعلم اللبناني، وقد شُكَّ في أرزته مخرز!
   هكذا من طريقين.. من طريق الشعر الحلال، ومن طريق أيدٍ مُبدعة، كان لنا "مجانين"، الذي راح يتصدّى بالكلمة وبالصورة للحرب "الأهلية" (!) المدمّرة، التي عصفت بلبنان، بدءاً من 13 نيسان 1975، وقد عُرفت بحرب السنتين (1975- 1976)، ولكنها استمرت لعقد ونصف من الزمن، ولم تتوقف إلاّ عقب "اتفاق الطائف" في العام 1989. علماً أن تداعياتها لا زالت تعملُ نخراً بالكيان اللبناني، على مختلف الصُعد، وتتهدّده في وجوده!
    "مجانين"... حين يُجَنُّ جنونُ شاعر!
  لأن ولادة كل قصيدةٍ، في عُرف البعيني، هي ولادة له جديدة، بحيث يتماهى الوالدُ بالمولود.. ولأن الحلم الذي ما فتئ يُراوده، عابراً من عالم الحلم إلى عالم التجسُّد.. ولأنَّ في البدء "كان الكلمة"، والكلمة، إلى الله، تعني  الوطن.. ولأن الكلمة إذْ تُنزَّلُ منازلَهَا، تُنفحُ روحاً.. كان لشاعرنا أن يندبَ نفسه لوطنه، أن ينتصر له على كل الطواغيت، الذين أعملوا فيه تدميراً وتخريباً، وتذريراً لشعبه في أربع جهات المعمورة! ... هكذا، كانت من أطفاله الرسوم الناطقة، الشاهدة على جريمة العصر، ومن لدُنْهِ، كانت الكلمة/ الرصاصة... وكان "مجانين"! :"كل ما بتُوْلَدْ قصيدهْ/ بُولَدْ بدنيي جديدهْ/ الحُلْمْ بيصفّي حقيقهْ/ بتسكُنْ الكلمهْ خليقهْ/ بيْنها مسافِهْ بعيدِهْ/ الكلمِهْ وطن.. عَمْ إرسمو بإيدي" (قصيدة: الكلمة وطن).
   وإذْ يُسفِّه الشاعر من يتهمه بالجنون وتعب الأعصاب، فهو يكشف عن العذاب الذي يكابده، مما يدفعه إلى المواجهة، وبذا يُكتب له عمر جديد!:" افتكروا إنّو جنوني قرّبْ/ وأعصابي من الدقِّ بتتعبْ/ وما عرفوا وقت ال بتعذّبْ/ بيتجدَّدْ عُمري بعذابي" (وآخرتها شو؟!).
   هكذا، والحال هذه، لن يهدأ، ولن يخفت منه الصوت، وليغدو الكون ساحة المواجهة التي يخوض:"... رح إبقى الصوت العالي/ ومجال الكون مجالي" (الصوت العالي).
   ... وإذا كان لبعض ضَعاف النفوس والغيارى أن يتهموا شاعرنا بالغرور وطلب الشهرة، فهو يُسفههم، ويُبيِّنُ خطل موقفهم، وما دروا أنه يكتب كي يدفع شعبه إلى الثورة ويحضّهُ على مواجهة جلاّديه:" لا تقلِّي: شاعرْ مغرورْ/ طالب شُهرة ومجدْ قصورْ/ عَمْ بكتُبْ تا شعبي يثورْ/ ويدبح بـِ ضفرو مجانين" ( كلُّن متفقين).
   هذه المهمة، التي يفجّرها شعراً، لن تبلغ غايتها ما لم يتكرّس العيش المشترك بين أبناء شعبه:" كرمال يبقى الجارْ حدّ الجارْ/ بدِّي بيوتْ الشعرْ فجّرْها/ وخلِّصْ من الويلات أحبابي" (دياب الشعب).
   ولا شك أن اقتناع شاعرنا بأن حياة جديدةً تُكتب له، دفعه إلى إسقاط كل الحسابات الصغيرة، فطفق يهدر بالكلمة الحرة، علّ يُكتب على شاهد قبره : مات في سبيل شعبه: " ما همّني لو يطعنو صدري/ وما همّني لو صار جسمي رمادْ/ الـ بيهمني... ما ينفتح قبري/ إلاّ ببلادي... وينكتبْ فوقو: مات تا يفدي شعب وبلادْ" (دياب الشعب).
   في تفصيل للمهمة التي يتصدّى لها الشاعر، وهي تبلغ حدود التضحية بالنفس، يجهدُ بإنقاذ بلاده من الحكّام الفاسدين، وتحرير الأرض من الغُزاة المحتلّين، وإخراج شعبه من عباءة العشيرة، عبوراً إلى رحاب الوطن:" يا ريتْ فيني خلِّصْ بلادي/ مِنْ كلْ آلاما/ وتدجيلُ حكّاما/ وتبويس الأيادي/ ويا ريت فيني اشتري بدمي/ امن الشعب كلّو/ وبدْل العشيرهْ يقدِّسْ الأمّهْ/ ويوحِّدْ الكِلمِهْ/ وما يعودْ يقدِرْ جيش يحتلّو" (وآخرتها شو؟!).
   ... عبر هذه المهمة، فهو يُعلي الصوت ليبلغ عنان السماء ويستلُّ من السماء نجمة، يشقُّ بها دروب العتمة التي يغرق فيها شعبه، فتُفضَحُ  المؤامرة وتتهافت، ويظهر الحق ويزهقُ الباطل، "إن الباطل كان زهوقاً":" عالي صوتي عالي/ يا وطني الجريح/ عم يهدُرْ بالليالي/ اللي مجرّحهْ تجريح/ (..) عَمْ جرِّبْ حوِّشْ نجمِهْ/ يا وطني لبنانْ/ تا بنورا شقّْ العتْمِهْ/ المزروعَهْ وينْ ما كانْ/ وخلّي الناسْ تشوفْ/ اللي مخبّى ع المكشوف" (الصوت العالي).
   إنها ذروة التضحية، أن يبقى الوطن، ولا يأبه الشاعر بمصيره الشخصي، فيُغادِر هذه الفانية، ماسحاً بدمه آثار العار عن جبين بلاده:"... ولو مُتْ كرمالا أنا... معليشْ/ المهم يبقى موطني لبنان/ وإمسحْ بـِ دمي عن جبينو العار" (بلادنا).
   وإذْ يُسأل- ونحنُ من نسأل- من أنت شاعرَنَا، حتى ندبت نفسك لهذه المهمة، التي دونها الموت وشرُّ العاقبة؟!
   للشاعر أن يُجيب، وهو مدجَّجٌ بأسلحة، أعدها، يُرهب بها أعداء الله، من لصوص الهيكل، وأعداء الداخل، من الساسة اللصوص، كما أعداء الخارج... وكلهم يتناوشون الوطن، من كل فجّ عميق!... وعن شاعرنا، حسبما يُعلن: إلى إيمانه بوحدة شعبه المتحابّ، فهو ذلك المؤمن بالله، منه المدد، والله حسبُهُ ونِعم الوكيل... وهو المؤمن بالمسيح عيسى، المؤمن بالنبيّ محمد، وبالانجيل والقرآن... كل أولئك خيرُ زادٍ وأشدُّ عُدّةٍ في المواجهة التي يخوض: "بأمن بالله... وعيبْ أكِّدْ هـ الإيمان/ بأمن بعيسى وبالرسول كمان/ بأمِنْ بإنجيلي وبالقرآنْ/ وبأمِن بوحدة شعبْ/ عاش برضى وبحُبّْ/ ع أرضْ لبنانْ" (إيمان).
   وإذْ كشف الشاعر عن سريرة إيمانه، فهو يستهجن، ويعيبُ على من في قلوبهم مرضٌ! إذْ يستفسرون عن دينه وطائفته:" وبتسألوني إنتْ شو دينك/ وما بتستحوا؟!/ قلبْ الله بتجرحوا" (شو دينك).
   لقد غدا لبنان عشقه، ويخشى عليه أدنى حدثٍ يضيرُهُ: " لبنان الـ دِبتْ بحبّو/ وغِرْتُ عليه من النسمِهْ" (خانوا الوطن).
   "مجانين" / في اللون الأدبي
   من حوار مع الأديبة العراقية وداد فرحان (منشور في 17 آذار2011، في جريدة بانوراما الاسترالية الالكترونية- سيدني)، يُؤشِّر الشاعر شربل بعيني عَرَضاً على اللون الأدبي للديوان الذي نعالج، فيقول: "في لبنان نشرت ديوانين (مراهقة) و(قصائد مبعثرة)، عن لبنان والثورة، أوصلاني إلى الغُربة، بسبب ثورتهما المرفوضة هناك، فما كان من الغُربة إلا أن أرجعت لي حريتي وكرامتي، فكتبت (مجانين) و(لعنة الله علينا) و(شعب حمار)، وغيرها من القصائد الثورية، دون أن تطير شعرة من رأسي".
   هكذا، بحسب شاعرنا، فإن "مجانين"، إلى دواوين أخرى، يندرج تحت الشعر الوطني السياسي ذي النزوع الثوري. وهو لونٌ أدبي يُلجأ إليه في أوقات الأزمات التي تعصف بالشعوب والأمم، لا سيما الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية، ناهيك عن تعرّض بلدٍ ما لاحتلال أجنبي أو لعدوان خارجي، وإلى آخر السلسلة من الاحتمالات التي قد تعرّض هذا البلد لخطر وجودي. وفي أحايين كثيرة قد تكون الطبقة المهيمنة، بما تمارس من قهر وظلم وتجويع للشعب، أشدّ وطأة من الاحتلال الأجنبي!
   وإذْ يُعبِّر الشعر الوطني عن موقف، فهو بالضرورة شعر ملتزم، طالما أنه يرفع لواء التغيير، وصولاً إلى حضّ الشعب على الانتفاض والثورة.
   إذْ أكببنا على "مجانين"، متعمّقين نصوصه، التي بلغت ثمانية وثلاثين، فقد تحصل لنا أن الحرب اللبنانية (1975- 1976)، استغرقت، في طبعة الديوان الأولى، كل النصوص، في حين أنه في الطبعات اللاحقة، عددها خمس، تم استدخال قصائد أخرى، فبعض القصائد تعود إلى العام 2014، أي بعد مضي ثمانٍ وثلاثين سنة، على صدور الطبعة الأولى (1976).
   ما همّ، طالما أن القصائد المستدخلة لا تخرج عن السياق العام لسائر النصوص.
   وإذا كان شاعرنا قد توسَّل المحكية اللبنانية لُغة لديوانه، فذلك أنه يتوجه إلى الشعب اللبناني، مُقيماً ومغترباً، بالدرجة الأولى. هذا الاختيار الصائب للمحكية ينبع أيضاً من عفوية هذه اللغة وتفاعل المتلقين معها أكثر مما يتفاعلون مع العربية الفُصحى.
   عَبْرَ هذا اللون الأدبي راح شربل بعيني، يُسدّد ضربات موجعات إلى خاصرة المتحكّمين برقاب الشعب، والمتسلّطين عليه، من خلال أوجهٍ وأقنعةٍ مُتعدّدة! 
   تأسيساً على هذا النهج الذي اعتمده سبيلاً في عملية المواجهة، يُحمِّل نفسه عبء قضية، يسير بها حتى آخر الشوط. من هُنا لطالما كان شاعرنا يُردّد بأن شعره، وتحديداً السياسي الوطني، هو " شعر غائي وليس غوغائياً" بعيدٌ عن الأدلجة التي تُحيل الأدب إلى خطاب سياسي خشبي خالٍ من الروح. ولعل من ابرز ميزات هذا اللون الأدبي تعبيرياً، تلك السمة الخطابية، التي تتلاءم مع تركيبة شاعرنا الفكرية والنفسية، وهي تركيبةٌ، لها مع الحرية تاريخٌ طويل.. ، تأبى الظلم، بل تواجهه، لا تخشى في الحق لومة لائم! من هُنا رصدنا تلك النزعة "العُنفية" التي تطغى على عددٍ وافٍ من قصائد "مجانين".
   وبحسب المفكر والشاعر أدونيس، فإن الشعر الثوري ليس هو الشعر الذي يواكب الثورة، وإنما هو الشعر الذي يثور، ويُوجر الثورة في قلوب ناسهِ ومجتمعه.
   تعقيباً ، فإن الشاعر المشتغل بالشعر الثوري لا يكتفي بدور "المسجّل" – إذا جاز القول- لأحداث الثورة وواقعاتها، بل ينزل إلى الميدان بشعره، ويبني موقفاً تحريضياً. وبذا يكتسب الشعر الثوري بُعده الوظيفي. 
   من وحي هذا التوصيف، فإن شربل بعيني كان صوت الثورة المزلزل، وهو ما فتئ يدعو إلى المقاومة، والانتفاض على الواقع المتردّي الذي كان يثقل على الشعب بأعبائه الجسام.
   "مجانين"/ "مُطالعات" نارية ورسائل في اتجاهات مُتعدّدة
   كما المحامي، إذْ يُدلي بمطالعة أمام قوس المحكمة، فقد راح شاعرنا شربل بعيني إلى تلبُّس هذا الدور ، في شقِّه الرسالي، فكان محامي الشعب، وكان قاضي الشعب، يصدر الأحكام، باسم الشعب أمام محكمة الثورة!
آلمت شاعرنا الحرب "الأهلية" اللبنانية، القذرة، وهو يتقصّى أخبارها ويترصد ويلاتها، في يومياتها الدامية: قتلاً  وسحلاً للأبرياء، وتهديماً لمدن، ونهباً لقرى، وتقسيماً للبلاد: أرضاً وشعباً ومؤسسات... كل أولئك يضعه برسم طبقة سياسية فاسدة، كان لها إيصال البلاد إلى الدرك الأسفل، وأسهمت عن وعي أو عن جهل، في رهن لبنان للأجنبي، بمختلف تلاوينه!
   ولقد ساء شاعرنا استهداف البلاد من قوى خارجية مُتناحرة في ما بينها، ولكنها متفقة على ابتلاع لبنان، تعضدها أيادٍ لبنانية آثمة، ولنغدوَ بإزاء "حرب الآخرين على أرض لبنان" ، حسبما يصفها الصحافي الراحل غسان تويني. وقد رآها شربل بعيني "حرب الآخرين على لبنان" !
   ... وإذْ تدبّرنا هذا الديوان، وتعمَّقنا جميع قصائده، فقد خرجنا بثماني مطالعات، هي جوهر خطاب شاعرنا (Discourse) السياسي الوطني، يبعث عبرها برسائل مُتعدّدة. وقد تبدّى لنا ذلك المقاتل "الثوري" الذي لا يلين، ذا الصوت المرنان المدوّي في وجه الطغمة الحاكمة التي أدمنت الفساد بحق شعبها واقترفت فعل الخيانة. كما تبدّى صوتاً صارخاً في مسامع "لصوص الهيكل"، الذين سعرّوا نار الفتن الطائفية، وكانوا "يدرون ماذا يفعلون"!.
   وإلى ذلك برز شاعرنا في صورة الواعظ الحكيم، الذي يبصّر شعبه بأبعاد المؤامرة الخبيثة التي تستهدفه كما تستهدف الوطن، فيدعوه إلى "كلمة سواء". وفوق كل ذلك، كان ذلك المتفاني بحب وطنه، إلى حدّ العبادة!
   من خلال جميع المواقع التي أطل منها شاعرنا، والمواقف التي أعلنها على الملأ، والمهام التي نُدِبَها، تحصّلت لنا هذه المطالعات، التي ندرجها بشكل متسلسل، ولتأتي على الوجه الآتي:
    أولاً- "وما الحربُ إلاّ ما عرفتُم وذقتُمُ!"
   هي الحربُ قدرٌ من أقدار الشعوب، على مدى تاريخها، ذلك أن تاريخ البشرية ما هو إلاّ سلسلةٌ من حروب مُتتابعة، فصلت بينها هدنٌ، شكّلت فسحاتٍ زمنية قصيرة، استعداداً لحربٍ، تعقب حرباً!
   ولقد أدرك حكيم الجاهلية، زُهير بن أبي سُلمى، ويلات الحروب، إذْ عايش حرب "داحس والغبراء" التي نشبت بين بني عبس وبني ذبيان، مُخلِّفةً مآسي مُدمِّرة: ... وما الحربُ إلاّ ما علمتُمْ وذُقتُمُ/ وما هو عنها بالحديث المرجَّمِ!
   فاستيحاءً من هذا الشاعر الحكيم، كان العنوان الذي تخيّرنا لمطالعة الحرب، لـِ"حكيمنا" شربل بعيني، الذي ساءته وأمضّته حرب لبنان- أو الحرب على لبنان-، فكانت هذه المطالعة الأولى. وها هو، يُبصِّرنا بتداعياتها، من مادية ونفسية:"يا ناس، والله طوّلِتْ هـ الحربْ/ الـ شرّدتنا بألف دربْ ودربْ/ سقينا الدنى من دموع عينينا/ وبالوقت ذاتو النار جوّا القلبْ/ وما عادْ في مطارِحْ بـِ ايدينا/ اهتريتْ ايدينا من مسامير الصلبْ" (دياب الشعب).
   .. هي الحرب التي أحالت نعيم لبنان جحيماً:" وضلّوا يغنّوا روابيها/ تاصارتْ حُلمْ/ وبالآخرْ شكّوا فيها/ رايات الدم" (قفا لبنان).
   .. في تصعيد لسوء الأحوال وتردّيها، كان للالتزامات الدينية أن تفقد حضورها، جرّاء تزعزع الإيمان وطغيان حالة من العبثية أو العدمية، ولم تعُدْ أجراس الكنائس لتُقرع، ولا الأذان يصدح من منائر المساجد فجراً: ".. قرفنا نأدّن بالفجر/ أو نحضر القدّاس/ قرفنا نكمّلْ هَـ العُمرْ/ الخالي من الإحساس" (وآخرتها شو؟!)
   .. وإذْ يُشير شاعرنا إلى أخطر ما أفضت إليه هذه الحرب، فهي قد شرذمت الشعب، فكانت معازل طائفية، وباتت تتردّد على الأسماع "شرقية/غربية"! وقد شكّلت الأولى بغالبيتها تجمّعات بشرية لمسيحيين، في حين تضم الثانية غالبية إسلامية، وكان جدار بين المنطقتين، هو جدار العار! هذا الواقع البائس أفضى، في ما أفضى، إلى إجهاض الوحدة الوطنية، وإلى الإجهاز على الاستقلال الذي كان قد مضى عليه حوالي ثلاثة عقود!:".. وين صرنا؟/ وليش بلعتنا الدروب/ وغبارها محّى أسامينا/... قسمّونا شوارعْ وساحاتْ/ ورميوا البُغضْ بقلوبنا الحلوهْ/ استقلالنا الـ لحق يخلقْ ... مات/ صلبوه فوق حناكُنّ الرخوِهْ/ وصفّى التعايش كومة نفايات" (دياب الشعب).
   هذه الأوضاع المأساوية خلّفت حالة من السويداء، لدى اللبنانيين، مما جعلهم- كما أسلفنا- يسلكون سبيل الإحباط والنظرة العبثية والمواقف العدمية! هي حالاتٌ قد تُفضي- كما يذهب علماء النفس- إلى الانتحار: " ضعنا بزوايا العتم/ لا الشمسْ بعدا شمسْ/ ولا نورها بيلمعْ/ حتى غناني الامسْ/ بالكاد نتسمّعْ/ صِرنا عذابْ النفسْ/ وصِرنا التنهيدات" (وآخرتها شو؟!).
   .. وإذْ يُعرِّج شاعرنا على مشهديات أخرى من تلك الحرب الضروس، فهو يتوقف عند الطبقة السياسية التي باعت البلاد من الأجنبي، مُهرقين دموع الشعب الذي عضَّه الجوع بنابِه، في حين يرتع المتآمرون في رغدٍ من العيش:"... باعوا دمّكْ بالدولارْ/ وعبّوا دموعكْ بمحارِمْ/ وعندن تُخمه من الكفيارْ/ وإنتَ من القلّة صايمْ" (قاوِمْ).
   ولعل من أبشع صُور الحرب، تلك المجازر التي خلَّفت مئات آلاف القتلى والجرحى والمعوّقين والمخطوفين "على الهوية!" وليبلغ السيلُ الزُبى، في بعض عمليات الخطف، حيث كان يواكبها هتك للأعراض واعتداء على عفاف النساء، والتنكيل بهن، وصولاً إلى القتل! وهاكم إحدى هذه "اللوحات" التي تقشعرّ لها الأبدان: "بسّْ ... بسّْ/ هيدا كذب... مُشْ معقولْ/ بنتْ قتلوها وصاروا/ يتبادلوا عليها المغولْ/ شو ذنبا... يا سامِعْ قُولْ/ (...) رجعوا قصّوها بالنص" (مغول).
   ثانياً- "لصوص الهيكل" والساسة اللصوص"... بئس حلفهم الجهنمي وما يفعلون!
   لطالما كان، في غابر العصور، حلفٌ بين المؤسستين السياسية والدينية، وهي عصور اتسمت بالطغيان والتنكيل بالطبقة الدُنيا، التي كان يُطلق عليها نعوتٌ مختلفة، من العوام، إلى الدهماء، إلى العامة، وهي طبقة مستضعفةً مهمّشة. 
   هذا الحلف الجهنمي، الذي عفّى عليه الزمن، في غالبية بلاد العالم لا زال فاعلاً في المجتمع اللبناني، وفي سائر المجتمعات العربية والشرقية. علماً أن هذا الحلف لدينا يُوفِّر المصالح الفئوية المشتركة للصوص الهيكل، كما يدعوهم شاعرنا، كما للطبقة السياسية المهيمنة، الغارقة في الفساد ونهب الشعب حتى أذنيها، وقد قال البعيني ، في هاتين الفئتين، ما لم يقُلْهُ مالكٌ في الخمر!
   وإذْ يُميط شاعرنا اللثام عن هذا الحلف، أمُعلناً كان أم مستتراً، ومسلطاً الضوء على سوء ارتكاباته، وما يُخلّف من تداعيات سلبية على الأمن الاجتماعي، فهو يُحمّل المسؤولية، في جانب كبير منها، للشعب المخدوع الذي لا يُحرِّك ساكناً: " وحقّ السما والأرضْ مغشوشين/ ومتلْ شي قطعانْ منقادينْ/ لرجال سمّوهن رجال دين/ لأهل السياسة الكذّابين النصّابين/ دمنا باعوه بملايين/ وعلّبوا لحوماتنا متل البقرْ/ متل سمك الطون والسردين" (قلبي وطن).
   استكمالاً ، فإن شاعرنا يذهب إلى أنَّ المؤسسة الدينية تتحمَّل العبء الأكبر في ما آلت إليه أوضاعنا، إذْ تعمل على تنصيب حكّام مستبدّين، بل تُسهم في "صناعتهم"، وجُلّهم من المجانين الذين يسومون شعبهم قهراً وعذاباً:"... وبتذكَّرْ الماضي/ إيامْ كان الدين/ يُعاني من رجالو/ اللي قرقطوا ديالو/ تا يفبركوا سلاطين/ تلتينن مجانين/ ودماغهن فاضي/ (...) وبعدو باسم الدين/ عم يخلقْ سلاطين/ شكلا شكل إنسان/ وفعلا فعل شيطان/ ولها السببْ لبنان/ عم تحصدوا النيران/ وتستملكو شياطين" (شياطين).
   .. وعن كلا طرفي ذلك الحلف، لصوص هيكل وساسةً لصوصاً، فإن الإيمان لم يعرف طريقاً إلى قلوبهم المتحجِّرة، فهم مستبدون كفرة، لا يأبهون ليوم تسودُّ فيه وجوهٌ وتبيضُّ وجوه! :" هودي جماعة موحّدين/ كلُّن يا ربي ظالمين/ كلُّن طغاة/ لا بيؤمنوا بإنجيل/ لا بيؤمنوا بقرآن/ حتى ولا بتوراة/ ولا حاسبين حساب يوم الدين" (قلبي وطن).
   ... وإذْ يستفيض شاعرنا، على مدى "الديوان"، في "الفوكسة" على ارتكابات الطبقة السياسية، أو الزعامات، بحسب تعبيره، فإننا سنستلْ بعض الشواهد التي تفي بالغرض!: " هيدي الزعامة قلوبها متحجّرة/ بتركع تصلِّي كذِبْ ساعاتْ النهارْ/ ومن دون شفقهْ بليلها عم تعدمكْ" ( دياب الشعب).. هذه الإزدواجية، بل هذا الانفصام المتمثِّل في تضادٍ بين ظاهر سلوكيات الزعامات السياسية، من تعبّدٍ لله، وبين ما تقترف من إجرام بحق الشعب، يأخذنا إلى قول المتنبي:" شيخٌ يرى الصلواتِ الخمسَ نافلةً/ ويستحلُّ دمَ الحُجَّاج في الحَرَمِ! "
   في إطار هذه الازدواجية المخادِعة، فإن الزعيم يتظاهر بالحِرص على خيرات البلاد، ويعمد إلى نهبها بسريّة، ويكون تسترٌ على ما يقترف، ولينطبق عليه القول الشائع "حاميها حراميها!":" وين صِرنا؟! .. وليش بلعتنا الدروبْ/ (...) العامل ناطور الأرض والكرمَاتْ/ وبالسِرّْ عَمْ يسرقْ دوالينا" (دياب الشعب).
   لا ريب أن ما يعني هذه الزعامة من "قطعان" الشعب- كما ترى إليه!- توسّلها سلالمَ، ترتقي بها إلى ما تطمح وتطمع، وتتوسَّل الدين طريقاً معبّداً لمراكمة الثروات: "كرمال تفني بعضها زعامات/ الشعبْ عندا... سلالم ودَرْجاتْ/ والدين أقربْ دربْ... للثروة" (دياب الشعب).
   ولا يتورّع الزعيم، ذو النزوع "النيروني" (نسبة إلى نيرون حارق روما)، عن نشر الفتن بين صفوف الشعب ، فتسري، كما النار في الهشيم، ويستدفئ على لهب سعيرها!:" ... ومُطلقْ زعيم بفردْ كلمة مفتنِهْ/ بيزرع بلدنا جوع وجنون ودِما/ بيصير يتدفى ع لهبةْ نارها" (دياب الشعب).
   وعن الزعيم الأشدّ هولاً وأبلسةً من الشيطان الرجيم، فقد أعدّ شاعرنا لائحةً بمآثمه، مُشيراً إليه بالإصبع، وهو يُردِّدُ الضمير " هوّي"، كفاتحةٍ لكل مأثمة وخطيّةٍ، بما يُعزِّز من مضبطةِ اتهامه! :" هوّي اللي خلاّ بلادنا تعيش بجحيمْ/ وهوّي اللي حرقْ ع مدبحو شموعَكْ/ وهوِّي اللي هَدَمْ عن قصْد جنّات النعيمْ/ وهوِّي اللي سرقْ تا تموت من جوعَكْ/ وهوِّي اللي منّو خاف شيطان الرجيمْ/ (...) ومَنْعَكْ يا خييّي تحقّقْ رجوعَكْ" (دياب الشعب).
   لعل المأثمة الأخيرة هي أكثر ما يُؤلم شاعرنا وسائر المغتربين اللبنانيين المنفيين في أرجاء المعمورة، فالزعيم، ومن خلفه نظام الفساد والإفساد، هو من يقطع الطريق على عودة مغتربينا إلى مساقطهم!
   وفي رأس خطايا الزعامات السياسية بث الطائفية، السُمّ الزعاف، مما زاد في تشظي المجتمع وقطع جسور التواصل بين العوائل الروحية، بحيث لا تقوم للبلاد قائمة: "... سمومها نعرات دينية/ وزهور سودا مزيّنه دربا" (دياب الشعب).
   وكان هان الأمر لو اقتصرت المآثم على ما تم استعراضهُ، فقد منعت الزعامة السياسية الخبز، أدنى مقوِّمات العيش ، عن الأطفال: "سرقوا عن طاولتي الخبزْ/ وتركوا طفالي عم بتصرِّخْ/ قالولي: طعميهنْ عزّْ/ تاعزَّك بالبطن يفرِّخ" (فخّار يكسِّر فخّار).
   وإذا كان في رأس المآثم ما لا يغتفر، وهو الكُفر، حيث يتردّد في المأثور الديني :" ليس بعد الكُفر ذنب"!، فقد جنحت الزعامة السياسية بعيداً في كُفرها، حين باعت الوطن والشعب في المزاد العلني!:" والنار... يا استقلال/ بالقلب شعلانِهْ/ من ناسْ عبدوا المالْ/ وعَ بيدرْ خيانِهْ/ جمعوا وطنْ وعيالْ/ تا يدلِّلْ الدلاّلْ/ ع شعب لبناني" (وين إنتَ وين؟!).
   .. وإذْ يرمي شاعرنا الزعامة السياسية، بما رمى، وقد جرّدها من القيم، ولتغدو مُترعة بالعُهر، من أعلى الرأس حتى أخمص القدمين، محمّلاً إياها تعطيل المرافق الخدمية، كما تعطيل الحياة الدستورية، بكل هيكلياتها ومؤسساتها، وواضعة الجيش اللبناني بين إشداق التنين.. فهو لا يُبرئ الشعب الذي لا يُحرِّك ساكناً ولا يرفّ له جفن: "عنّا زعامة ملفلفهْ بالعهر/ وعنا شعب بمحبتن سكران/ عايش سنينو بالبكي والقهرْ/ ورغمْ العذابْ... بعيشتو فرحان/ من دون رئيس... وطقّْ يا هالقصر/ والبرلمان متختخ... وخربانْ/ وجنودنا عَمْ ينحروهنْ نَحَرْ/ وما رفّْ جفنْ فلانْ وفليتان/ (...) لا كهربا... ولا ميّْ للعطشانْ" (أنا وبيّي).
   ... بإزاء هذه الأوضاع الخربة الآخذة في تردّيها بوتائر مُتسارعة، يبقى السؤال "الكلاسيكي": ما العمَل؟ وما السبيل للخروج من عُنق الزجاجة؟... هاكُمْ ما يقترح شاعرنا: "رَحْ قولها عَ السطحْ... تهدرْ هَدَرْ/ لبنان بدّو رجالْ... مش خصيانْ/ أطخنْ شنبْ... ما عاد عندو شَعَرْ/ يا ريتْ مرّه... بتحكُمْ النسوانْ! " (أنا وبيّي).
   تعقيباً نرى أن المسألة، بل معضلة الطبقة المستأثرة لدينا لا تتمثَّل في انتفاء الرجولة "من فوق" (الشوارب المعقوفة على طريقة قبضايات القرى)، ولا الرجولة " من تحت" (عُنّة العضو الذكري وعدم القدرة على الإنجاب)، بل تتمثّل في ذلك العطب البنيوي الذي يسِمُ نظامنا، والقائم على الطائفية والزبائنية، وسائر الموبقات والمفاسد التي تقطع الطريق على قيام دولة المواطنة، دولة القانون والمؤسسات والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفُرص.
   ثالثاً- الثورة ... الثورة، عبوراً إلى برّ الأمان!
   لا بديل من النضال، بمختلف أشكاله ومستوياته، تُباشره الفئات الشعبية المتضرّرة من الأوضاع المتردية... إنه الاقتناع الذي تشكَّل لدى شاعرنا البعيني، وهو يعاين فساد النظام السياسي والزعامات التي تتحكّم بمفاصل البلاد ومصائر العباد، وتقف سداً منيعاً في وجه عملية الإصلاح والتغيير الناجز. علماً أن التغيير يقتضي تآزر اللبنانيين المخلصين من جميع الطوائف والمشارب السياسية، كي تتخذ عملية التغيير المبتغى طابعاً شاملاً وغير فئوي.
   هكذا راح شاعرنا يُطلقها صرخةً مدويّةً، داعياً إلى امتشاق السلاح:"قاوِمْ... يا شعبي قاوِمْ/ مُشْ حقّ تضلّْ مسالِمْ/ (...) حَمالْ بإيدَكْ سيف النارْ/ ووقّف ع الشمسْ سلالِمْ/ وقلاّ: يا بلاد الأحرارْ/ رحْ اهديكِ تاجْ الغارْ/ وباقِةْ موسيقى وأشعارْ/ بتقلِّقْ عينْ الحاكِمْ" (قاوِمْ).
   وإذْ يُحذِر شاعرنا من الوقوع في شرك أية مغريات، قد تتوسَّلها الطُغمة الفاسدة، يدعو الشعب إلى عدم التهاون ، فيُصلي هذه الطغمة ناراً وسعيراً:"أوعا... اوعا شو ما صارْ/ تمشي مع زمرة تتارْ/ لازِمْ تحرقها بالنار/ بقلبْ محجَّر ما بيلين" (كلهم متفقين).
   ولا شك أن البعيني، إذْ يصدر عن هذه الدعوة، فذلك من مُنطلق معاينتِهِ التبعيّة العمياء للزعامات السياسية، من مدينيّة وإقطاعية، فيحرِّض الفئات المقهورة على الخروج من عباءتها، والتموضع حيث ينبغي أن تكون: " وآخرتها شو؟!/ وبعدنا بلبنانْ/ مننحني لفلانْ/ ومِنألّهْ فليتان/ وندورْ بمدارو!" (وآخرتها شو؟!).
   ولقد تعزّزت المخاوف، لدى شاعرنا، إذْ رأى فئة من المتعلمين، كانت تعلَّق عليها الآمال للارتقاء بالوطن، فإذا بهم يخونون الوطن، وينتصرون لطوائفهم، فبئس ما يفعلون!: " وهـَ  الشباب اللي تربّوا/ تاحتّى يقودو الأُمِّهْ/ خانوا الوطنْ وتخبّوا/ خلفْ الدينْ الـ مش محبوبْ" (خانوا الوطن). 
   ... وإذْ يُعلِّل شاعرنا الجنوح إلى الثورة، فذلك لأن الزعامات ارتكبت من الإجرام ما لا يُوصف: " دبحوك... ودهنوا جزماتُنْ/ باعوك... وعبّوا خزناتن/ وبعدك عم تِسمَعْ حكياتُنْ/ قاتلهنْ... يا شعبي.. قاتِلْ" ( فخّار يكسِّر فخار) ... وهو ينصح للثوار، إذا عجزوا عن إيجاد السلاح، بأن يصنعوا من أظافرهم خناجر، يغرزونها في صدور المجرمين الذين أحكموا أيديهم على خُنّاق الشعب: " فبرِكْ من ضافيرَكْ خنجرْ/ شِكّوا بصدرُنْ لا تتأخّرْ/ ايديهن خنقتْ أنفاسكْ/ وإجرامُنْ عم يقوى أكتَرْ/ (...) قدّام الماردْ يا شعبي/ ع طولْ الحكّامْ بتزغَرْ" (فخّار يكسِّر فخار).
   ... في عملية المواجهة يدعو شاعرنا إلى عدم التمييز: بين الساسة من يمين ويسار، فكلّهم في الإجرام سواء:" كلُّن... كلُّن متفقينْ/ باليسار وباليمين/ يتسلّوا بأرواح الناس/ ويقضوا عَ الشعب المسكين" ( كلُّن متفقين).
   ولكي تأخذ الثورة مداها الأوسع، لا بد أن ينهض الشعب من سُباتِهِ، وأن تُعقد الخناصر، في مواجهة الزعامات الفاسدة:" ... فيق دخلكْ، فيقْ من جهلكْ/ وهاتْ إيدَك حِطّها بإيدي/ منشانْ نطفّي نار فتنتها" (دياب الشعب).
   هذا التآزُر بين أفراد الشعب، المبارك بقوة إلهية، سوف يُطيح الزمرة المتحكِّمة برقاب الشعب، وليكون البحر مثواها:" هات إيدكْ هات... يا خيِّي/ (....) تنيناتنا بقوهْ إلهيّهْ/ منقضي عَ زمرهْ مضيّعهْ ربَّا/ (...) عجِّل بقا تا نحملا سويّهْ/ وببحر ما إلو آخرْ نكبَّا" (دياب الشعب).
   ... لعل من أهم ثمار هذا النضال أنه يتجاوز الزمن الراهن، فيتعدّى إلى المستقبل، وبما يحمي الأجيال القادمة من التشرّد ويوفّر لها مستقبلاً آمناً:" إنت وأنا.. الـ منخلّص الأجيالْ/ من ظلم شتّتنا بـ هَـ الغُربهْ/ (...) إنت وأنا... لبلادنا رسمالْ/ وكنوزنا حبّات هـَ التربهْ/ (...) يللا سوا تا نحقّقْ الآمال" (دياب الشعب).
   رابعاً- ... هو الضمانة... ولا درعَ إلاّهُ للوطن!
   في عتمةِ ليالينا المدلهمة، ويومياتنا اللبنانية الحافلة، بكل ألوان المعاناة، من سياسية واقتصادية معيشية، واجتماعية، وخَدَميّة... يبقى الجيش معقدُ الرجاء وفسحة الأمل التي ترتسم أمام ناظري لبنان!
   كيف لا يكون معقِد رجاء، وهو الذي يُروِّي بدماء شهدائه الزكية أرضَ الوطن، ماضياً وحاضراً!... يزود عن أرضنا في مواجهة العدو الغاصب وفلول الإرهابيين المتطرفين:" دم الشهيدْ متل القمح بالأرضْ/ بينمى تا يعطي للشعوب طحين/ بينمى تا يقضي عَ جيوش البغض/ الـ دعسِتْ بإجريها رقابْ الآمنين/ لولا الشهيد ما انسقيتْ أْراضي (...)/ كنا صفر ع هامش الأيامْ/ ومنستحي نحملْ أسامينا/ (...) وما في شعب باقي بأرضو يوم/ من دون شهادهْ وتضحيةْ أبطال" (دم الشهيد) .
   أجل! بشهادة جنودنا البواسل، تُفتح قبورهم، فتفترُّ السماء عن ابتسامة، وسعها وسع السماء!: " عَ طولْ عَمْ شُوفْ القبرْ مفتوحْ/ أبطال عَمْ يفدوا الوطن بالروحْ/ تا يرجعّوا الضحكهْ السماويِّهْ" (أنا وبيّي).
   ... ذلكمْ هو الجيش وشهداؤه، في مرآة شاعرنا، ولتتكامل "الجردة" ، بل المشهدية الجامعة، مع جندي استشهد في جرود عرسال، على أيدي مُتطرفين، فبعث برسالةٍ مؤثّرة إلى أمه، منها :" ... لا تفزعي عليّي/ الوديان تختي واللحاف جبالْ/ سهران عَ بلادي/ ع ضحكةْ ولادي/ وَحَدِّي يا ماما رجالْ/ البيموت... ما بينقال عنّوا ماتْ/ لدَمْ الشهيدْ بتركعْ الكلماتْ/ وبتزلغط الإمّات/ لجنودنا الأبطال" (أنا وبيي).
   .. وحدِّث، بكل اعتزام وفخار، عن ذلك الاحتضان الشعبي للجيش اللبناني، يوم خاض حرباً ضارية ضد تنظيم "فتح الإسلام" الإرهابي، في مخيم نهر البارد (شمالي لبنان)، استمرت من 20 أيار حتى 12 أيلول 2007، وقد سقط للجيش فيها 158 شهيداً، فتهافتت جموع المواطنين على المستشفيات للتبرع بالدم للجرحى من جيشنا الوطني، وكان لأحد الجنود أن يُسجِّل هذه الواقعة عبر لوحةٍ، مُعجزةٍ في إبداعها، تمثّل شهادة للعيش الوطني الواحد، ناهيك عن تلك العُروة الوثقى بين الشعب والجيش:"... ما عرفتْ مينْ تبرَّعْ بدمو/ مسلمْ.. مسيحي.. ما حدا همُّو/ تاصار دمي شعبْ/ عَمْ يمشي بالشريانْ/ تاصار دمي قلبْ/ واسم القلب... لبنان" (رسالة جندي لبناني شهيد).
   هكذا، من خلال ما تمَّ استعراضُهُ من عظيم دور للجيش اللبناني، وللمؤسسة التي ينضوي إليها، والتي لم ينخرها سوسُ الفساد والطائفية ومختلف الموبقات التي حفلت بها بُنى الدولة... حُقَّ لشاعرنا أن يخلص إلى "... إنْ ما كان عنّا جيش يحمي الأرضْ/ وخلفو الشعب.. بالطول أو بالعرضْ/ رح ضلّ أبكي عَ الوطنْ لبنان" (رسالة جندي لبناني شهيد).
    خامساً- العيشُ المشترك قدرُ اللبنانيين وليس منه فكاك!
   تحتلُّ أُطروحة العيش المشترك مساحةً واسعةً في هذا الديوان، إذْ يرى إليه شاعرنا قدراً، كُتب على اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين!
من هُنا كان تشديدٌ من لدُنهِ في الحرص على الصيغة التشاركية، بما يُعلي من شأن الوطن، فتبقى رايته خفّاقة:"... ونتفقْ إسلام ونصارى/ وبالجوّ نرفع راية بلادي" ( دياب الشعب).
   وإذا كان العيش المشترك لا يقوم إلاّ بجناحيه، المسيحي والمسلم، فإنه، بحسب شاعرنا، لا يُسوّغُ لأحدهما أن يتكلّم طائفياً أو يتصرّف طائفياً ، فيدّعي حصريةً ذاتيةً للوطن، أو يستأثر بموقع مُتقدِّم على شريكه: " مشْ همّ مسلمْ كنتْ/ أو كنتْ نصراني/ لبنان ملكك إنتْ/ ما بتملكو ديانِهْ" (تبرَّعْ).
   من هُنا، كان شاعرنا يأنف من "تفييشه" طائفياً، فهو، إذْ يتكلَّم، لا يصدرُ عن "نصرانيتِهِ" ولا عن "إسلاميتِهِ"، بل يُشهرُ "لبنانيته"، مُعلناً بملْء الفم أنه لبناني ابن لبناني! :" وقتْ اللي بحاكيكنْ/ لا تقولوا هيدا نصراني/ وقت اللي بحاكيكن/ لا تقولوا هيدا قرآني/ أنا ما بحاكيكن/ ولا الحكي بيطلع عَ لساني/ إلاّ ما حاكيكن/ لبناني ابن لبناني" (مجانين).
   ولا ريب أن شاعرنا، بنزوعه اللبناني الوطني، كان يصدر عن اقتناع مؤدّاهُ أن المسيحية والإسلام يربآن بنفسهما عن النزوعات التعصبية البغيضة، ويتبدّى ذلك جلياً عبر الإنجيل المقدّس والقرآن الكريم، المتنزلّين على البشرية من مصدر واحد.
   من هُنا، كان لزاماً على اللبناني، أمسلماً كان أم مسيحياً، أن يُخاطب أخاه اللبناني، فيدعوه إلى "كلمة سواء":" هاتْ إيدَكْ هاتْ/ تا اشبكا بديّي/ عهدْ التعصُّبْ مات/ فيقْ يا خيِّي/ الانجيل والقرآن/ ما فسّروا الأديان/ نعراتْ دينيّهْ/ وتأكّدْ... الإسلام خيّ المسيحية" (شياطين).
   تأسيساً على هذا الفهم لجوهر الديانتين، ما فتئ الشاعر يدعو إلى الوئام بين اللبنانيين، مُستحلفاً إياهم بالإنجيل والقرآن، بأن لا يعرف الخصام إليهم سبيلاً:"...رح إرفع راسي بالجوّ/ وإسألكنْ باسمْ الدينْ/ وبالانجيل والقرآن/ إذا كنتوا زعلانين/ تراضوا... وإذا متفقين/ حرام تسيبوا لبنان" (مجانين).
   ... وإذا صدَفَ أن كانت ساعةُ تخلٍّ، فإنحرف بعض اللبنانيين عن جادة الصواب، فما ذلك إلاّ "رِجسٌ من عمل الشيطان"، ولن يُؤثِّر على جوهر العيش المشترك، الذي يرقى إلى عهد سحيق:"... جيران عاشوا العُمرْ/ ما بيسألوا عن دين/ دينُنْ إيمانْ وفخر/ بالأرزْ وبصنّين/ لكِنْ بساعةْ قهرْ/ مشيوا بطريق الغدرْ / مع زمرةْ شياطين" (وآخرتها شو؟!)
   هكذا، عبثاً تجهدُ الزعامات الفاسدة، في تبديد شمل اللبنانيين وتفريق جمعهم، فلبنان باقٍ لكل بنيهِ، ولكل عوائله الروحية: " مهما الزعامة تغرق بجهلا/ لبنان باقي لكل سكَّانو/ دروز ونصارى وحدُّن الإسلام" (بلادنا).
   ... وما أحلاهُ شاعرنا، وهو يُشْهدُ خالد كحول، الجندي المسلم الذي رفض، إبان الحرب الأهلية القذرة، أن يتخلّى عن رفاق السلاح، حين اعترض حاجز ميلشيوي مسلّح شاحنةً لجنودٍ لبنانيين، فأوعز للمسلمين بمتابعة طريقهم، في حين احتُجز المسيحيون، فما كان من ذلك الجندي المقدام إلا أن خاطب المسؤول عن الحاجز المسلّح، قائلاً:" اقتلوني... منّي خايفْ/ مع اخواني المسيحيين/ نحنا ما عنّا طوايفْ/ نحنا جنود لكل لبنان/الـ رَحْ يبقى عالي ومنصان/ مهما قويتْ العواصف" (خالد كحّول).
   ... هكذا، بهذا الموقف الشجاع، أُسقِط بيد مسؤول الحاجز، وكان لخالد أن يحمي رفاقه جميعاً، وهو الذي نشأ في كنفِ مؤسسةٍ وطنية، هي أحد أصِمَّة الأمان للعيش المشترك!
   بإزاء هذا الموقف المغرق، في وطنيتِهِ، كان لشاعرنا أن يُكرِّس خالداً شفيعاً للمغتربين! : " باسمي... باسم المظلومين/ بقلَّكْ يا خالد كحّول/ يتمجَّدْ اسمك عَ طولْ/ يا مبلسم قلب الأمّاتْ/ ويا شفيع المغتربين" (خالد كحّول) .
   ... وعن دور المغتربين، في هذا المجال، فهم، وفق شاعرنا، لئن كانوا قد انسلخوا عن أرض الوطن، لا زالوا أمناء على ذلك العيش الوطني الواحد... يتفاعلون مع لبنان المقيم، الذي لا يُغادرهم:" ونحنا اللي انسلخنا/ عن أرضك المغزولهْ بدمعاتنا وصريخنا/ بالغُربهْ رسمناكْ/ وطنْ وسكنّاكْ/ وصِرنا فيك نسعَدْ/ ونفرحْ ونتهنّى / شربل وأحمد/ ومعروف وحنّا" (زينة الأسامي).
   ولقد كان للمحبة، السياج المنيع، الذي ما فتئ المغتربون يعلونه، أن يصونِ الوحدة الوطنية والعيش المشترك، بما شكّل دعامةً إضافية للبنان المقيم: " يا وطني.. يا هدفي السامي/ (...) بعدك بغُربتنا/ مسيّج بمحبتنا/ وبوحدة كلمتنا/ مهما الدني جارتْ أو قامتْ القيامِهْ" (زينة الأسامي). 
   سادساً- عن شبّ اسمو "جنوب" بعد مِتْلُو ما إنخلَقْ!
   الجنوب هو  الخاصرة، غير الرخوة، التي أوجعت الوطن، ولا تزال تُوجعه، منذ عشرات السنوات جرّاء ما شهدت أرضه من انتهاكات واحتلالات، أشدُّها خطراً وجودياً الاحتلال الإسرائيلي لأجزاء من تُرابه، وقد كان له أن يدفع الضريبة الأعلى عن لبنان كله... يدفعها من خيرة شبابه، الذين ضرّجوا أرضه بدمائهم الزكية، كما يدفعها من خيراتِهِ ومن مياهه!
   ولا شك أن مواقف الجنوبيين مدعاةٌ للاعتزاز، إذْ استطاعوا دحر العدو الصهيوني، وإخراجه من معظم الأراضي اللبنانية التي انتهك حرمتها لثلاثة عقود مُتتالية. 
   هكذا كان للجنوب أن يشغل مساحةً في وجدان شاعرنا، فطفق يُثني على البطولات التي سُطِّرت، وراح يرى إليه شاباً، خلع عليه اسم "جنوب"، وكأننا بهذه الأرض الطيبة تُنفحُ حياة،   فيتقمّصها كل جنوبي مُقاوم!
   أجل ! الجنوب، هو ذلك الشاب الأسمر، النديّ الوجه، المارد الذي خلقه الله، و"كسَرَ القالب"، ولم يخلق له شبهاً!... وهو، لما قاساه، في جلجلتهِ المديدة، ذلك المصلوب على خشبة أوجاعه، يُبعثُ، كل مرة حيّاً، وقد كُتب عليه الدمار والخراب، ما استمرت عملية صلبه: " وشو بخبّرك عن شب اسمو (جنوب)/ عن شب اسمر متل طربين الحبق/ عن شب مارد بعد متلو ما إنخلقْ/ مليون ضربِهْ بيضربوه/ ومليون جلدِه بيجلدوه/ وبيخلقوا منّو ألف (مصلوب)/ شو بخبّرك يا ربّ... يا جبّار/ عن وحشنة كفّار/ ختموا ع تذكرتو اسم (مغضوب)/ وكتبوا ع صدرو جُملتين زغارْ:/ محكوم إنّو يشوفْ بعيونو دمارْ/ ويفلح ويزرع كل أرضاتو حروبْ" (قلبي وطن).
   بإزاء هذه الجلجلة، التي تُثقل على جنوبنا، راح شاعرنا يحضُّ الجنوبيين على المقاومة، معلناً بأن اللبنانيين جميعاً، يقفون من ورائهم داعمين. كيف لا يفعلون، والجنوب هو النسمة التي يتنفسون، والشمس التي تغزل لهم من على الجبال، شالاً ولا أجمل؟: "... ضلَّكْ قاوِمْ مهما صارْ/ أحبابك بالدنيي كتارْ/ انت النسمة الـ عَمْ اتنشّقْ/ والشمس اللي عم تتسرّقْ/ فوق جبالي/ ومن وبرات الغيم الأزرقْ/ تغزُل شالي" (جنوب لبنان).
   ... وإذْ يغدو الجنوب ذلك الحُلم في ليالي اللبنانيين الجميلة، وليبقى الدم الساري في عروقهم، آيةً من آيات الحياة، والصامد المعاند، في وجه المحتل الصهيوني:"... إنت الحلم بليالينا/ والدم الـ عم يجري فينا/ يا جنوبي الـ رح تبقى صامد/ مهما قسيوا عليك الكلْ/ من دونك شو نفعْ الأرضْ/ اللبنانية بطول وعرضْ" (جنوب لبنان).
   .. في حمأةِ حماسةِ شاعرنا، فهو يدعو إلى القضاء على الإسرائيلي، واعداً بأن يصنع له تابوتاً من لعنات الأطفال الذين روّعتهم حروبه المتمادية، وما خلّفت هذه الحروب من خراب وما سفحت من دماء:" بدّي ع أرضكْ يموتْ/ الغازي الـ بعدو محتلاً/ واعملّو بإيدي تابوت/ من لعنات ولادْ زغارْ/ شبعوا حروب ودم ونار/ واشتاقوا لرحمة الله" (جنوب لبنان).
   .. وكم كان يشتهي شاعرنا أن "يُسلِّح" الجنوبي، لو قُدِّر للكلمة أن تستحيل بندقية! : " لو كان الشعر بواريدْ/ كنت بشعري سلّحتك/ ورسمتلَّك مليون إيدْ/ تا تدافع عن مصلحتك" (جنوب لبنان).
   سابعاً- ... وللهجرة أوجاعُها دائمةُ الحضور!
   الهجرة.. الغُربة.. المنفى.. التشرّد.. مفردات أليمة الوقع على شاعرنا، تتناوب عليه، ليل نهار، تعصف بأحاسيسه، ولتغدُوَ وطأةُ الابتعاد عن الوطن مُثقِلةً على صدره، أيّما إثقال! فعلى مدى خمسين عاماً، لم يتوقف، أمام ناظريه، زوغان هذه المفردات بمحمولاتها : إلتياعاً وشوقاً جارفاً إلى وطن، غادره في الجسد، ومخلِّفاً فيه قلبه.
   ... من أوّل الطريق، دونما لُبس أو تأويل، أطلقها شاعرنا صرخة في أسماع الوطن: " أرضك فراشي/ وجوّك لحافي/ وهمّك صليبْ مكسَّر كتافي/ نحنا إذا فرحنا بتاريخ هجرتنا/ لا تفتكِرْ منحبّْ غربتنا/ يا وطني المتشرّد وحافي" (تاريخ هجرتنا)، وليُضيف بأن الحنين إلى ذلك الوطن لا زال مُستعراً في صدور المغتربين: " ونحنا اللي هجرنا من سنين/ وبقلوبنا بعدو الحنين/ عَمْ يكوينا ليل نهار" (خانوا الوطن).
   ... قبل العبور أكثر إلى ما باح به شاعرنا، في "مجانين"، لا بد من تسليط الأضواء على حوار، بل مناظرة موجزة (Debate )، دارت بينه وبيني، منذ أسابيع معدودات، نشر وقائعها على موقع الغربة (Al- ghorba Media) ، بتاريخ 31 آذار 2020. وإذْ أتوقف عند مقتطفات مما جاء في ردّه عليّ، فذلك بهدف التدليل على أن وجع الغُربة لا زال ساكنه، ولم تخفت ناره: ".. تجد المغترب اللبناني- يقول شاعرنا- ولو فرشت له الغربة ذهباً، سيظلّ يحنّ إلى مسقط رأسه (..) فأنا لم أعلم أن جاري الأسترالي، الذي شباكه على شباكي، قد مات إلاّ بعد شهر أو أكثر. فلقد لمحت أرملته صدفة وسألتها عنه، فباحت بسرّ وفاته.. تصوّر! وتصوّر أيضاً أني بعد نصف قرن من اغترابي ما زالوا يُنادونني بإبن مجدليا، التي عشت فيها عشرين سنة فقط من عمري، ولم أسمع أحداً يُناديني بإبن ماريلاندز، المنطقة التي سكنتُها خمسين سنة، وبنيتُ فيها مسكناً. سأخبرك ، يا عزيزي د. مصطفى، قصة، لم أُخبرها لأحد من قبل، ولا كتبتُ عنها: بعد أسبوعين من وصولي إلى استراليا، أحسستُ بحنين حارق وجارف إلى الوطن، وأن استراليا ستدفنني، وأنا حيّ، فقرّرتُ الهروب بأية طريقة كانت، وكانت محطة القطار قريبة من مسكني، فركبتُ أوّل قطار وصل المحطة، بُغية العودة إلى مجدليا، ونسيتُ أن أستراليا جزيرة معلّقة بكعب الأرض لولا صُراخ امرأة أخي وتحذيري بأن القطار سيرميني في البحر لا محالة. أستراليا بالقلب.. ولكن القلب في لبنان. وهذا الإحساس لا يشعر به إلاّ المغتربون (...) هذه هي حالنا يا عزيزي، أبعد الله عنك الغُربة وعن كل لبناني".
   ولعلّ وجع الغربة، بل داؤها دفع شاعرنا إلى أن يتأسَّى النواسيّ (وداوني بالتي كانت هي الداءُ)، فأطلق تسمية الغُربة على أذرعه الإعلامية الثلاث: تلفزيوناً وإذاعة ومجلّةً!... هكذا كان صوت مغتربينا، وشاعر الغربة من دون مُنازع! 
   ... لولا أن المقام يقتضي بالضرورة الوقوف على أطروحة الغُربة ، عبر الديوان، لكنا اكتفينا بهذه المطالعة، وهي آخر مطالعه" طازجة" لشاعرنا- إذا جاز القول!- ... هكذا، فإن العودة إلى "مجانين" هي من لزوم ما يلزم!
   ويبقى السؤال الكبير، الذي تنضوي إليه تساؤلات مُتعدّدة، مُتجسِّداً في الآتي: ماذا تعني الغُربة لشربل بعيني؟ وماذا يعني الوطن / الأم؟ وماذا عن الوطن الرديف استراليا، وليس البديل من وطنه؟!
   ... والذكريات صدى السنين الحاكي، بل هي لدى شاعرنا، حنينٌ يُشارف حدود الموت، حنين إلى قريته مجدليا، عَبْرَ مشهديات، تشغلها أمّه: " وبتذكّرِك يا ميمتي موقِدْ/ بتذكَّرِك تنّورْ/ بتذكَّرِك مسنِدْ/ وبيت من دون سور، بتذكَّرِك قلب وعطا وزهورْ/ وبتذكَّرِك وبقول:/ يا ريتْ كان الموت أقربْ من التذكارْ" (ميمتي).
   وماذا عن الوطن الذي يرقى تَركُهُ إلى مرتبة " العيب"؟!:" عيبْ إني إتركوا وإرحَلْ/ هـ الـ كان ملوى الكونْ/ ولونْ أبهى لون/ وأجملْ من الأجملْ/ ما نسيت خيراتو... وصعب إنسى(...)/ بشوفو وقتْ ما ينامْ" (عيب إني إتركو). 
   ولأن لبنان مُترسِّخٌ في شاعرنا، فهو يُمجِّدُهُ يومياً في غُربته: "... ومهما الغُربة تغيِّر الإنسانْ/ وتزرع بـِ فكرو خبارْ وهميِّه/ بتبقى إلك: آيات من لبنان/ تمجّدك بالهجرْ يوميِّهْ". ومن هذا المنطلق ، يبقى الوطن قُونة على صدور المهاجرين:"... بحلّفك بالأرز.. مهما صارْ/ لا تيأسْ من النصر... لا تنهارْ/ بعدك عَ صدر الـ هاجروا... قُونِهْ" (يوم لبنان).
جرّاء ما يشعر به المهاجر من لوعة لا تُفارقه، فهو يتمنّي العودة إلى وطنه وأهله: " ويا ريت بيرجع ماضينا/ والتهجير يصفّي ذكرى/ تركنا محارمنا عَ المينا/ بركي بتستقبلنا بُكرا/ تركناها بيارق مرفوعة/ تحكي حكايتنا بدموعَا" (فخّار يكسّر فخّار).
   هكذا ، راح شاعرنا، "يدبُّ" الصوت بين المغتربين:" أنْ عودوا": " يا أهلي... يا مغتربين (...)/ ارجعوا يا أغلى محبين" (إرجعوا).
   وهل من الوطنِ بديل بل هل من قريته مكانٌ في الدُنيا أكثر جمالاً، يُغري بالعودة إليه؟!: "اشتقنا يا بلادي اشتقنا/ لبرودات الصبحية/ وللشمس الـ بتفيقنا/ بجدايلها السحريّة/ للطير الـ عَمْ يسرقنا/ وينتُف تينَهْ حميرِيّهْ/ اشتقنا ترفّْ بيارقنا/ فوق الأرض المحميّهْ/ اللي فلحناها وعِرقنا/ اللي حرسناها ليل نهار/ تاتبقى لبنانيِّهْ" (إرجعوا).
   في تعليل لغربة شاعرنا، فهي بدفعٍ من الطبقة السياسية الفاسدة، التي ملكتْ كل شيء، ولم تُبقِ له ولسائر المهاجرين سوى الغُربة!:" شو بدّي إعمل يا ربي/ ملكوا الأرض... ملكت الغُربهً" (فخّار يكسِّر فخّار).
   على رُغم وجع الغُربة، واللهج دائماً بالوطن، فإن شاعرنا، من موقع العرفان بالجميل، يُثمِّن عالياً ما قامت به استراليا، من عظيم فعال، فقد استضافت اللبنانيين، ووفرّتْ لهم الملاذ، وأطعمتهم من جوع وآمنتهم من خوف! :" وبنجاحنا أوّل ما هنّتنا/ واستقبلِتْ بالشكر خدمتنا/ استراليا... الـ إسما على شفافي/ أرضا الحرّة المضيافِهْ" (تاريخ هجرتنا).
   ... وإذْ نُغلِقُ على أطروحة الغُربة، ولما يُشفَ غليل القلم، فبكلمةٍ مُترعةٍ وجعاً، اقتطفناها من حوارٍ مُسهبٍ بين شاعرنا والأديبة وداد فرحان، سبقت الإشارة إليه والاستقاء منه:"... ألا تبكين- يقول البعيني متوجِّهاً إلى الأديبة فرحان- وأنتِ تتذكّرين أهلك الذين هجرتِهم، ومسرح طفولتك، الذي كنتِ تقفين عليه بطلة، دون مُنازع، فإذا بك تحملين أمتعتك وتغادرين الحلم الذي لوَّنْتِهِ كقوس قُزح، وتهدمين المسرح الذي كنتِ تُطلّين منه على الدنيا؟! (...) هذا ما حصل معي ومعك ومع الملايين من المغتربين المطرودين غدراً من د يارهم،وما زالوا يحتفظون بمحارم السفر التي لوّحوا بها لأحبّتهم" (...)، وليُضيف، عمّا أخذت منه الغُربة وماذا أعطته: " لقد أخذت مني عمري، ألا يكفي ذلك؟ قد تكون أعطتني الحرية في التعبير، ولكنها، في نفس الوقت، رمتني في الشيخوخة، وأنا ما زلتُ أحلُمُ بالعودة، والعودة تبتعد عني (..) أجل، أنا مُصاب بداء الحنين إلى تلك الربوع التي أنبتتني، ولكن لا الغربة تسمع ولا الوطن يحنّ، وأنا عالقٌ على شفير هاوية الانتظار"!
    ثامناً- للبنان الأسطورة والقداسة ربّ يحميه... وهو باقٍ.. باقٍ!
   كما طائر الفينيق، ينبعث من رماده إثر موتٍ، فتُكتبُ له حياةٌ جديدة! ذلكم لبنان، تهبّ عليه الأعاصير، من كل فجّ عميق، فتزلزله شرَّ زلزلةٍ، وكان، كل مرّةٍ، يُبارحُ جلجلتِه، سليماً معافى!... هو قدره أن يُدمِنَ الذهاب إلى الموت ابتغاء بقاء! وكأننا  بالأرز، أرز الربّ، يُعلن جهرةً أن من كان في حمى الرب هو باق، بقاء أرزه، والربُّ حسبُهُ ونِعم الوكيل!
   من هُنا، كان لشاعرنا أن يجأر بالدعاء إلى الله كي يحفظ لبنان الذي يُمجّده، عَبْرَ أرزه الدهري: " يا ربّ خلّي عينك علينا/ نحنا الـ زرعنا فوق بالعالي/ الأرز اللي اسمو اليوم... أرز الرب" (دياب الشعب).
   .. هذا الأرز الدهري الخالد هو صوت العصور، الآتي من البعيد البعيد، يحكي أسطورة لبنان الطاعنة في الزمن:" رح تبقى خالد ومنصان/ ويبقى الأرز الـ ع حفافيك/ يحكي أسطورة لبنان" (خالد كحّول).
   كيف لهذا البلد أن يزول، وهو أرض الله، كما أرض الإنسان الذي سوّاهُ الله على صورته، ليكون خليفته في هذه الأرض؟!:" مهما غرابْ البينْ/ طيَّر واغتنى/ بتضلّك أرض تنين/ الله والإنسان/ يا وطني لبنان" (ليل نهار).
   ... في حالةٍ من التفاؤل غامرة، يرى شاعرنا أن ارض لبنان، التي تتزيّا أجمل الزهور، باقيةٌ على ألقها، لا ترتضي من زيِّها بديلاً، ولن يعرف اليأس إلى قلبها سبيلاً:" الأرض اللي لبست مشلحْ من الفلْ/ مهما كويتا بنار/ ورميتا بدمار/ ما تبدلو بتوب الأسى" (ليل نهار).
   ... في موقف حاسم، لا جدال فيه، يُعبِّر الشاعر عن ثقته بأصالة اللبنانيين، كما عن عنادهم وصمودهم! تسقط عروش وتتهاوى تيجان، ويبقى لبنان راسخاً ، عالي الجبين!:" مهما غراب البين/ بالبين يشلحنا/ نحنا شعب لبنان/ بتتغيّر البلدان/ بتتطاير التيجان/ ومنضلَّنا نحنا" (وين إنت وين؟).
   ... تجسيداً لصمود لبنان، لا تُستثنى منه منطقة، لا ساحلاً ولا وسطاً ولا جبلاً، يجول بنا شاعرنا في مختلف المناطق، فيُشهدها على تجاوز المكاره، وكل الأصوات الناعبة المبشِّرة بالخراب: " مهما يجرّحنا الأسى/ ومهما البوم ينقّ/ بتضلّ شمس الحقْ/ ونحنا بنورك ماشيين/ تانُوصل لصنّين/ لجبيل مهد حروف/ لشطوط ناقوره/ لزيتون الكوره/ لصور أم النور/ لصيدا... للدامور/ لبعلبك المقلع/ لجنوب ما بيركع" (وين انت وين؟).
   ... هذا اللبنان باقٍ لجميع بنيه، لجميع عوائله الروحية، مهما تألّبَ عليه الطامعون،ومهما تآمرت عليه الزعامات الفاسدة:" مهما الزعامة تغرق بجهلا/ لبنان باقي لكل سكَّانو/ دروز ونصارى وحدّن الإسلام" (بلادنا). وإذْ يُعلّل شاعرنا النفس بالآمال، فهو غيرُ قانطٍ، ينهدُ إلى الخير الذي سيُطيح الشر، فيسودُ الشعب بديلاً من حكّام يأنف منها الدود، فكيف بالبشر:" ... لسبدّ ما تتراجع الأيام/ عن ظلمها المقصود/ وتتغيّر باسم الشعب حكّام/ قرفان منها الدود" (وآخرتها شو؟!).
    المحكيَّةُ بجمال التعبير والتصوير/ إبداعٌ على إبداع!
  بقدرِ ما أجاد شربل بعيني، في فُصحاهُ شعراً، فقد أجاد في محكيتِهِ الشعرية، وهو يخوض فيها، عبر بضعة عشر ديواناً، تقوم شاهداً عَدْلاً على ما للمحكية، من جمال التعبير والتصوير! ولقد كان لديوانه "مُناجاة علي"، وهو بالمحكية، خاطب فيه الإمام علي بن أبي طالب، بلغة المزامير، أن يجوز إلى العالمية، إذْ تُرجم، من العربية، إلى الإنكليزية والفرنسية والإسبانية والفارسية والأوردية، ومُنح عليه جائزة الشاعر المبدع جورج جرداق. ناهيك عن دواوين أخرى، أول بواكيرها، "مراهقة" (1968)، إلى رباعيات (في طبعته الرابعة 2016)، إلى "الله نقطة زيت"، (في طبعته الثالثة 2016)، وهو من أجمل الدواوين، نصح شاعرنا للأديبة المحامية د. بهية أبو حمد بأن تقرأه لأنه " غير شكل"، بحسب تعبير شاعرنا!.. وإلى دواوين ، لا يتسع لها المقام في هذه العُجالة.
   ... هذه التجارب الشعرية، بالمحكية اللبنانية، - جميعها على حظٍ من النجاح كبير- يرفعها البعيني في وجه "اكليروس" العربية الفُصحى المتشدِّد، مسقِطاً الذرائع المتهافتة، التي يُحاجّون بها، في إلقائهم الحُرم على المحكية!
   وإذْ أراد شاعرنا أن يُسقط إحدى أهم الذرائع لدى هذا "الإكليروس"، فحواها أن لجوء بعض الشعراء إلى المحكية دليلٌ بيّنٌ على عدم إجادتهم الفُصحى، فقد نظم "المربدية" (أرضَ العراق أتيتُكِ)، وألقاها في المربد الثامن (1987)، ولتحتوي ألوان الشعر العمودي والحر والعامي والزجلي، وكانت موضع إعجابٍ منقطع النظير!
ولا شك أن المحكية تُوسَمُ بأنها " قوت الشعوب اليومي"، كونها تعكس حركة الحياة بصُدقية عالية، وتجسِّد الوجدان الشعبي بمحمولاتِهِ، كأحسن ما يكون التجسيد. وهي ليست النِدّ المنافس للفصحى، ولا الساعية إلى إقصائها لتكون بديلةً منها، إذْ لكلّ من اللغتين ملعبها، ولكل واحدة نطاقُها الذي تبدعُ فيه! وغالباً ما يُردِّد بعض الألسنيين المنفتحين أن العامية/ المحكية هي الخزّان الاستراتيجي الاحتياطي للفُصحى، تمدّها ، على مرِّ الأيام، بدفقٍ من الكلمات والتعابير، من منطلق أن اللغة كائنٌ حيّ خاضعٌ لسُنن التطور!
   وإذْ نعبُرُ إلى "مجانين"، وإلى محكية شاعرنا البعيني، فقد أوجَدَ لنفسِهِ محكيته اللبنانية "المجدلاوية" (نسبة إلى مسقطه مجدليا): تقعيداً (قواعد لغوية)، وبياناً، وبلاغةً وفَصْلَ خطاب! 
   في مقاربة هذه المحكية، نتوقف عند مقال للأديبة والباحثة د. نجمة خليل حبيب، إذْ جاء فيه، وهي تقوّم محكية شاعرنا أن " ... اللغة المحكية امرأةٌ غجرية حُرّة، جريئة، صريحة، لا تُوارب، منطلقة على سجيّتها، تُمتعُ وتشتهي بأكثر ما تفعل أختها الفُصحى، ربة الصون والعفاف، المترفّعة في برج عاجي" (المقال منشور على موقع الغُربة- سيدني في 28 تشرين الثاني 2019)".
   ولقد كان لنا، في مقاربتنا كتاب الأديبة المحامية د . بهية أبو حمد، عنوانه "شربل بعيني منارةُ الحرف" (صادر في العام 2019)، كما في تقديمنا ديوانه الشعري "أحبُّكِ" (صدر في العام 2020)، وقد جاء التقديم بعنوان:" شربل بعيني يُعلن الحب على المرأة "ولا يُهادن".. كان لنا أن نجلُوَ أطروحة المحكية، لدى شاعرنا، ولنخلص إلى أنه امتلك ناصية اللغتين، حتى لتحار في أيِّهما كان أكثر إبداعاً وأكثر أخذاً بمجامع القلوب! 
وإذْ نكِبُّ على الخطاب التعبيري، في "مجانين"، ومرتكزه اللغة المحكية، فإننا، من منطلق البحث المنهجي والمتسلسل، سوف نتوقف عند عناوين مُتعدّدة، مدعّمة بشواهد من مختلف النصوص، فتكون عيِّنات نموذجية وغيضاً من فيض!:
   أ- الانسيابية "الرقراقة"!، حيث تكرجُ الكلمات مُتهاديةً أحياناً، وذات خطوٍ سريع، أحياناً أخرى، تقرعُ الأسماع، وهي تُبلّغُ رسالةً لا تحتمل التأجيل! وفي كلا الحالين، فهي كلماتٌ وتعابير تتنزّلُ بَرْداً وسلاماً على القلوب:" وما همّني لو يطعنوا صدري/ وما همّني لو صار جسمي رْمادْ/ الـ بيهمني... ما ينفتح قبري/ الاّ ببلادي.. وينكتبْ فوقُو:/ مات تا يفدي شعبْ وبلادْ" (دياب الشعب).
   وفي إطار هذه المحكية المتهادية، كأننا بشاعرنا، كما الشاعر جرير، "يجرفُ من بحر ولا ينحتُ من صخر"! ، لنا أن نقرأ :" وهاتْ إيدَكْ هاتْ/ تا إشبكا بديّي/ عهد التعصُّب ماتْ/ فيقْ يا خيّي/ الانجيل والقرآنْ/ ما فسّروا الأديانْ/ نعرات دينيِّهْ" (شياطين).
   عن المحكية، في انسيابيتها مُتسارعة الخطو، المدفوعة إلى أمام، بتفعيلات من بحر الخبب في بعض الشطور، نجدُنا أمام هذا المقطع الرائع:" قاومْ... يا شعبي قاوِمْ/ مش حقْ تضلّ مسالِمْ/ باعوا دمَّكْ بالدولار/ وعبُّوا دموعك بمحارمْ/ وعندُن تُخمِهْ من الكفيارْ/ وانتَ من القِلّهْ صايمْ/ لا تصدّقهنْ مهما صارْ/ (...) حْمَالْ بإيدَكْ سيفْ النارْ" (قاوِمْ).
   لعل قصيدة "مغول" ، بكامل فقراتها، تأخذنا، بشكل  نموذجي، إلى تلك الانسيابية "الرقراقة"، حيث تتراقص الكلمات، كتفاً إلى كتف، وكأننا بإزاء جوقة من جُوقات الدبكة اللبنانية الأصيلة، تؤدي طقساً فولكلورياً راقصاً ولا أجمل!
   ب- انسيابية ذات إيقاع موسيقي، بما يُقرِّب المحكية من فضاء الشعر، وليؤدِّي تكرار بعض العبارات دوراً في تكريس البُعد الإيقاعي للنصوص. علماً أن الموسيقى هي الفيصل ما بين الشعر والنثر:" مشْ رحْ صدِّق، مُشْ رحْ صدِّقْ/ إنّو بلادي صارتْ غابِهْ/ وإنّو شعبي تحوَّلْ طابِهْ/ وإنّو ملح الحبّْ الصافي/ فَسَدْ، وبعدو الغافي غافي" (مش رح صدِّقْ).. والسؤال: أوليس في هذا النص نفحة شعرية طاغية؟!
   ومن قصيدة أخرى ، تصبّ في هذا المصبّ:" وبتذكَّرِك يا ميمتي موقدْ/ بتذكَّرَكْ تنوّرْ/ بتذكَّرِكْ مسنِدْ/ وبيتْ من دون سورْ/ بتذكَّرِكْ قلب وعطا وزهورْ/ وبتذكَّرِكْ وبقول: / يا ريتْ كان الموت أقربْ من التذكَارْ" (ميمتي).
   ج- في عفوية التعبير وبساطته، فالشاعر، من منطلق الوفاء لمحكيتِهِ، يقطفُ عباراته والكلمات من شفاه الناس العاديين البسطاء، حيث لا تعقيد ولا تقعُّر، وإذا بحقلِهِ المعجمي يكتسي طبعيةً لافتة: "وإن كان شي مرّة القمر ضجران/ وحاسِسْ بنتفةْ قهرْ/ بينزلْ يقطّفْ زَهَرْ منْ بستانْ/ غافي عَ حفّةْ نَهَرْ/ ويقعِدْ يألف عن جبلْ لبنان/ أحلى  قصايدْ شِعِرْ" (قلبي وطن).
   .. هذا الكلام البسيط، بل السهل الممتنع على شعراء كثيرين - ولدى  البعيني منه الكثير الكثير- يفهمه المتعلّم (بالطبع)، وأنصاف المتعلمين، وحتى التلامذة في مراحلهم التعليمية الأولى... مما يجعل المحكية أكثر ديمقراطيةً من الفصحى التي تتوجه إلى النخبة، وليس إلى الجمهور الواسع!
   د- المحكية حين تنطق صُوراً!.. لأن المحكية- كما أسلفنا- مقطوفة من أفواه الناس، فهي لا تغادر نطاق مشهدياتهم، كيفما أجالوا البصر. هذه المشهديات، في غالبيتها، مُغرقةٌ في حِسِّيتِها، لا تحتاج إلى جهدٍ فكري كي يُفقَهَ ما ترمي إليه أو تشي به. علماً أن أكثر أفكار شاعرنا تتزيّا تلك الصُور الحسيّة، ولتغدو أكثر إفصاحاً، بما يجعل الأفكار تنطق صوراً، إذا جاز القول:" كرامة وطن عملوه مرجوحَهْ/ ورِكبوا ع ضهرو... وطوّلوا زيادِهْ" (دياب الشعب)... أفلا تردّنا هذه المشهدية إلى أعيادنا- نحن اللبنانيين- حيث كانت تُنصب أرجوحات في ساحة عامة، فنركب فيها، ويُردِّد صاحبها، وهو يدفع الأرجوحات، بكلتا يديه:" قوموا نْزَلُوا، ونُجيب بصوت واحد: ما مننزِلْ! ، ويُتابع مهدّداً: مندهوركِنْ.. فنُعيد الكرّه: ما مننزِلْ.. وإلى آخر هذه الأهزوجة، من عهد جميل مضى!؟
   ... ومن نص آخر، في المسار عينه،:" كرمال تفني بعضها زعاماتْ/ الشعب عندا... سلالم ودرجات!" (دياب الشعب).
   هـ- الخطابية المباشرة المفصِحة عن رسالة! ، لا سيما في القصائد السياسية الصِرفة، حيث تُقال الأشياء كما هي، وتُبلّغ الرسائل بكل فجاجة. فعلى سبيل المثال، في قصيدة "دياب الشعب"، وهي أطول قصائد الديوان وأكثرها إيغالاً في منعرجات السياسة، نتوقف عند هذا المقطع، حيث يُوجَّه الاتهام إلى الزعيم الذي يسوم شعبه القهر والظلم، فيتردّد على الأسماع الضمير هو (هوِّي) لمراتٍ خمس، مُتصدّراً، بل مُفتتحاً كل شطرٍ من شطور هذا المقطع. إشارةٌ إلى أنه لا يخفى على من يُلِمُّ بعلم المعاني ما يشي به تصدير كلمة أو تأخيرها في الجملة (المسند والمسند إليه): " هوّي اللي خلاّ بلادنا تعيشْ بجحيم/ وهوِّي اللي حرق ع مدبحو شموعك/ وهوِّي الـ هَدَمْ عن قصدْ جناتْ النعيمْ/ وهوِّي الـ سرقْ تاتموتْ من جوعكْ/ وهوِّي اللي مِنّو خاف شيطانْ الرجيم"!
   و- التعابير المبتكرة وغير  المسبوقة:... حدِّثْ عنها ولا حَرَج، فهي تجتاح صفحات الديوان، من ألفِهِ إلى يائه، وليصل بعضها إلى ما هو مُعجزٌ في فنون القول! 
   .. تمثيلاً لا حصراً، هاكم بعضاً من هذه التعابير:
   حول ما اقترفت الزعامات الفاسدة وفعلت باستقلال لبنان الوليد:"... صلبوه فوق حناكُنْ الرخوِهْ/ وصفّى التعايش كومة نفايات"!.. هي صورة مبتكرة بوجهيها: عملية الصلب غير المأنوسة فوق حنكهم الرخو، وذلك كنايةً عن إهمال التكلم بالاستقلال، وعن التعايش المرمي والمتجمّع كما أكوام النفايات!
   " سمومها نعرات دينية"  (دياب الشعب).. ذلك ما تعمد إليه الزعامات السياسية، فتبث النعرات الدينية القاتلة كما السموم!
   .. وهذا التعبير الرائع، على لسان جندي شهيد، من أرض المعركة ضد الإرهابيين: "أرضك فراشي/ وجوّك لحافي" (تاريخ هجرتنا).
   ونعبُرُ إلى صورة تخطف القلب لسِمتِها الإعجازية، وهي من الصُور التي لا يؤتاها إلاّ شاعرٌ من طينةِ البعيني وعجينتِه! فعلى لسان جندي لبناني شهيد يُصوِّر حملة تبرّع بالدم لجنودٍ جرحى:" ما عرَفت مين تبرّعْ بدمّو/ مسلم... مسيحي ما حدا همّو/ تاصار دمي شعب/ عم يمشي بالشريانْ/ تا صار دمي قلب/ واسم القلبْ لبنانْ" (رسالة جندي لبناني شهيد).
   ... عَبَرَ الدمُ إلى جسد الجندي، فكأننا بهذا الدم يعدِلُ الشعب، وليجري الشعب اللبناني في شريانه! هل ثمة صورة أكثر تجسيداً لهذا التلاحم بين الشعب وجيشه، فطفقا يتماهيان في بعضهما بعضاً، وقت الشدّة والأزمات؟!
   هذه المشهدية يحق فيها القول: ما لا عينٌ رأتْ، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر! 
   ... وإذْ نكتفي بهذه النماذج، فذلك لأن الكلام على المعاني والصور المبتكرة حديثٌ يطول، ذو شؤون، لا يتسع لها المقام!
   ز- الجنوح إلى الطرافة، تعبيراً وتصويراً، ونأتي بهذا الشاهد تمثيلاً:" رح قولها عَ السطح... تهدر هَدَرْ/ لبنان بدّو رجال.. مش خصيان/ أطخن شنبْ ما عادْ عندو شَعَرْ/ يا ريتْ مرّه بتحكم النسوانْ" (أنا وبيّي).
    .. في الواعية الشعبية، لا سيما القروية منها، أن الرجولة، يتقاسمها الرجل نصفين: نصف " من فوق" (أي الشنبات المعقوفة التي قد يقف عليها النسر)، ونصف " من تحت"، (أي العضو الذكري وعملية الإنسال المتصلة به)، فإذا فقدهما أحدٌ خرج من صفوف الرجال! ولعل شاعرنا، ، بإزاء هذه الحالة الدراماتيكية، تمنّى لو تحكم النساء، ولو لمرة واحدة، وبما يردّنا إلى الشاعر خليل مطران، في قصيدته بزرجمهر، حيث تخلع إحدى النسوة خمارها وتصرخ بأعلى الصوت:
   ما كانت الحسناء ترفع سترها/ لو أنّ في هذي الجموعِ رجالا!
   ح- المحكية المترعة محسناتٍ بيانية وبديعيه، عمادُها التشبيه والاستعارة والكناية، ناهيك عن البديع بشقّيه: اللفظي والمعنوي. ولا تكاد قصيدةٌ تخلو من الصناعة البلاغية، التي لا تعسُّف فيها، بل جاءت لتكرِّس البعد التشخيصي التصويري لمشهديات الديوان.
   ... وإذْ نختم، فإننا نوصي خيراً بهذا الديوان "مجانين" ، الذي ما زال يحتفظ بألق راهنيتِهِ. فبعد مضي أربع وأربعين سنة على صدوره، بصيغته الأولى (1976)، ها هو يضعنا، عبر نصوصه الأولية (أي القديمة) ونصوصه المستدخلة عليه، خلال سنوات مُتعاقبة، بإزاء المشهديات المأساوية التي يكابدها اللبنانيون حالياً. فالطبقة الفاسدة التي أخذت لبنان إلى الحرب الأهلية القذرة، وأنزلت به شتى أنواع القهر والعذاب، لا زالت هي هي مُتربّعة على عرش الحكم، تعود إلى إنتاج نفسها، بصورة أكثر وحشية وأكثر إيغالاً بدم الشعب.
   .. يكفي شربل بعيني فخراً أن " النهار العربي والدولي"، أدلى بشهادة معتبرة ( 9 حزيران 1986)، عند صدور الطبعة الثانية لهذا الديوان، فآنس فيه نفحة الصدق القوي، تهدر هدراً، ولم يصطفّ الشاعر مع فريق ضد فريق. بل انطلق في معاناته وفي تعبيره، من كون ما حلّ بالوطن حرباً على الجميع وشراً ضد الجميع، ومن كون الإنسان هو الغاية، لا دينه ولا حزبه!
   وإذْ نتوجَّه إلى شاعرنا، (من وحي كلامٍ له) نأمل أن تستمرّ عصافير الشعر في النقرِ على شباكه، تدعوه إلى مزيد من التغريد، وكانت قد فعلت، وهو في التاسعة من عمره، فأوحت إليه بما أوحت، وطفق من حينِه ينطقُ شعراً! كما نأمل أن تعجز جميع المصحّات العلاجية عن شفائه من لوثة الشعر، وأعظِمْ بها من لوثة!
* - تقديم، ديوان الشاعر شربل بعيني "مجانين"، الطبعة السابعة (2020)، سيدني (أستراليا). الغلاف من تصميم الفنان فرناندو فرنسيس. علماً أن الديوان، طُبع لأول مرة في سيدني 1976.
**
الكلمه وطن

كلّ ما بْتُولَدْ قَصِيدِه
بُولَدْ بْدِنْيِي جْدِيدِه
الْحُلْم بِيصَفِّي حَقِيقَه
بْتِسْكُنْ الْكِلْمِه خَلِيقَه
بَينْها مْسَافِه بْعِيدِه
الْكِلْمِه وَطَنْ.. عَمْ إِرِسْمُو بْإِيدِي!
**
إيمان

بؤمِنْ بِأَللَّـه.. وْعَيْبْ أَكِّدْ هَـ الإِيمَانْ
بؤمِنْ بِعِيسَى وْبِالرَّسُول كْمَانْ
بؤمِنْ بِإِنْجِيلِي وْبِالْقُرْآنْ
بؤمِنْ بِوِحْدِةْ شَعْبْ
عَاش بْرِضَى وِبْحُبّْ
عَ أَرْض لُبْنَانْ
**
دياب الشّعب

ـ1ـ
محْتَارْ كِيف بْبَلِّشْ الأَشْعَارْ
وِالْحرْفْ عَمْ بِيئِنّ بِكْتَابِي
مِنْ ظُلْمْ نَاس مْوَلّعِينْ النَّارْ
وْتَا يِدْبَحُونَا أَلّفُوا عْصَابِه
لَكِنْ كَرَامِةْ طُفل أَوْ خِتْيَارْ
عَمْ يِلْعَبُوا فِيهُنْ مِتِلْ طَابِه
وْكِرْمَالْ يِبْقَى الْجَارْ حَدّ الْجَارْ
بَدِّي بْيُوت الشِّعر فَجِّرْهَا
وْخَلِّص مِنِ الْوَيْلات أَحْبَابِي
ـ2ـ
كْرَامِةْ شَعب إِيدَيْهْ مَفْتُوحَه
وْعَ فْعَالْ الْخَيْرْ مِعْتَادِه
كْرَامِةْ وَطَنْ عِمْلُوه مَرْجُوحَه
وْرِكْبُوا عَ ضَهْرُو.. وْطَوّلُوا زْيَادِه
كْرَامِة الأَرْزِه التَّاكْيِه شْلُوحَا
أمّنَا.. اللِّي مْنِعْبِدَا عْبَادِه
دْيَاب الشَّعبْ رَحْ تِنْزِهِق رُوحَا
وْنِتِّفِقْ إِسْلامْ وِنْصَارَى
وْبِالْجَوّ نِرْفَعْ رَايِة بْلادِي
ـ3ـ
يَا نَاسْ، وَاللَّـه، طَوّلِتْ هَـ الْحَرْبْ
الْـ شَرّدِتْنَا بْأَلْف دَرْبْ وْدَرْبْ
سْقِينَا الدِّنِي مْنِ دْمُوع عِينَيْنَا
وْبِالْوَقْتْ ذَاتُو النَّارْ جُوَّا الْقَلْبْ
وْمَا عَادْ فِي مْطَارِحْ بِـ إِيدَيْنَا
اهْتَرْيِتْ إِيدَيْنَا مْنِ مْسَامِيرْ الصَّلْبْ
يَا رَبّ خَلِّي عَيْنَك عْلَيْنَا
نِحْنَا الْـ زَرَعْنَا فَوْقْ بِالْعَالِي
الأَرْز اللِّي إِسْمُو الْيَوْم.. أَرْز الرَّبّْ
ـ4ـ
رْجَالْنَا ضَحُّوا تَا تِتْسَمَّعْ
هَـ الأَرْضْ.. شُو مَكْتُوبْ بِكْتَابُنْ:
" هَوْدِي بَشَرْ نَارُنْ عَم بْتِلْمَعْ
وْمَا فِي حَدَا دَنَّسْ حِمَى غابُنْ
هَوْدِي اللِّي قَلْبْ الأَرْزْ عَمْ يُوجَعْ
مِنْ يَوْمْ مَا مِضْيُوا عَلَى غْيَابُنْ
هَوْدِي الْـ بَلا عِزُّنْ صَعبْ يِرْجَعْ
عِزّ الدِّنِي الْمَزْرُوعْ بِتْرَابُنْ
هَوْدِي الْـ بِـصَدْرُنْ حَارَبُوا الْمَدْفَعْ
وْتَا يْضَلّ قِطْعَه مْنِ السَّمَا لُبْنَانْ
رِضْيُوا يْضَحُّوا بْخِيرِة شْبَابُنْ"
ـ5ـ
التَّارِيخْ خَبَّرْ كِيفْ صيَّرْنَا الدِّنِي
جَنِّةْ نَعِيم مْزَيّنِه بْأَفْكَارْهَا
وْصَارِتْ شُعُوبْ الأَرْضْ كِلاَّ تِنْحِنِي
قدَّامْ حُرِّيِّه.. وْمَجدْ أَحْرَارْهَا
وِاللِّي انْظَلَمْ بِبْلادْ فِيهَا شَيْطَنِه
وْمَا عَادْ مَيَّزْ لَيْلهَا مْنِ نْهَارْهَا
بْيِلْتِجِي لِلُبْنَانْ.. لِلْعَيْش الْهَنِي
بِبْلادْ دَاخْ الشِّعر مِنْ شِعَّارْهَا
شُو صَابْنَا؟!.. حَتَّى الرَّوَائِحْ مِنْتِنِه
وِالْجَمَاجِمْ شَوَّهتْ أَزْهَارْهَا
وْمُطْلَقْ زَعِيمْ بْفَرْدْ كِلْمِه مِفْتِنِه
بْيِزْرَعْ بَلَدْنَا جُوع وِجْنُون وْدِمَا
وْبِيصِيرْ يِتْدَفَّى عَ لهْبِةْ نَارْهَا؟!
ـ6ـ
وَيْنْ صِرْنَا؟!..وْلَيْشْ بَلْعِتْنَا الدُّرُوبْ
وِغْبَارْهَا مَحَّى أَسَامِينَا؟!
وْكِلّ عُمْرَا الشَّمْسْ سَاعَات الْغُرُوبْ
تِتْحَمَّم بْمَيِّةْ سَوَاقِينَا
وِتْشِعّْ ضِحْكِتْهَا.. إِذَا مْنِضْحَك.. شْعُوبْ
وِتْغِصّ بِالدَّمْعَه.. لَوِ بْكِينَا
حْرَامْ الدُّولاب يْدُورْ بِالْمَقْلُوبْ
وْخِتْيَارْنَا يِنْطُرْ عَلَى الْمِينَا
كِرْمَالْ عَيْنْ الثَّعْلَب الْمَغْضُوبْ
الْعَامِلْ نَاطُور الأَرْضْ وِالْكَرْمَاتْ
وْبِالسِّرّ عَمْ يِسْرُقْ دَوَالِينَا!
ـ7ـ
قَسّمُونَا شْوَارِع وْسَاحَاتْ
ورِمْيُوا الْبُغُضْ بِقْلُوبْنَا الْحلْوِه
اسْتِقْلالْنَا، الْـ مَا لِحِقْ يِخْلَقْ.. مَاتْ
صَلْبُوه فَوْق حْنَاكُنْ الرَّخْوِه
وْصَفَّى التَّعَايُشْ كَوْمِة نْفَايَاتْ
لِمِّنْ سَفَكْنَا دَمّنَا بْنَشْوِه
وْصَارِت عْلَيْنَا تِمْرُقْ السَّاعَاتْ
وِعْقَارِبَا مْنِ الْقَهْر عَمْ تِلْوِي
وْنِحْنَا عَمِ نْوَدِّعْ هَنَا الْغَفْوَاتْ
وْأَحْلامْ مَاتِتْ غَدْر بِالْغَفْوِه
كِرْمَالْ تِفْنِي بَعضْهَا زْعَامَاتْ
الشَّعْبْ عِنْدَا.. سْلالِـم وْدَرْجَاتْ
وِالدِّينْ أَقْرَبْ دَرْب.. لِلثَّرْوِه
ـ8ـ
بْلادْنَا.. أَللَّـه خَلَقْهَا مْغَيَّرَه
عَنْ غَيْرهَا.. وْقَلاَّ: أَنَا رَحْ إِدْعَمِكْ
وْرَحْ حَوّلِكْ لِلطَّائِفِيِّه مَقْبَرَه
وْتِرْجمِي عَ طُولْ هَللِّي بْيِرْجمِكْ
أَرْزِي أَنَا.. لِلْكَوْن كِلُّو مَفْخَرَه
وْضِحْكِة شْفَافِي مْصَوّرَه عَ مَبْسَمِكْ
شَعْبِكْ.. مَا بَدِّي يَوْمْ يِحْمِلْ مَبْخَرَه
وِيْبَخِّر لْحُكَّامْ غِشّ بْتِحْكِمِكْ
هَيْدِي زَعَامِه قْلُوبْهَا مِتْحَجّرَه
بْتِرْكَع تْصَلِّي كِذب سَاعات النَّهَارْ
وْمِنْ دُونْ شَفْقَه بْلَيْلهَا عَمْ تِعْدِمِكْ!
ـ9ـ
تَا نِحِسْبَكْ شِي يَوْم زِقَّفْت لْزَعِيمْ
لازِمْ بِسِرْعَه تْقِصّ صَابِيعَكْ
وِتْصِيحْ بِالْعَالِي: اغْفِرْلِي يَا رَحِيمْ
وْتِحْنِي الرَّقْبِه وْتِسْكُب دْمُوعَكْ
هُوِّي اللِّي خَلاَّ بْلادْنَا تْعِيش بْجَحِيمْ
وْهُوِّي الْـ حَرَقْ عَ مَدْبَحُو شْمُوعَكْ
وْهُوِّي الْـ هَدَمْ عَنْ قَصْد جَنَّاتْ النَّعِيمْ
وْهُوِّي الْـ سَرَقْ تَا تْمُوتْ مِنْ جُوعَكْ
وْهُوِّي اللِّي مِنُّو خَافْ شَيْطَانْ الرَّجِيمْ
وَقْت الْـ قَتَلْ إِمَّاتْنَا وْبَيَّاتْنَا
وْمَنْعَكْ يَا خَيِّي تْحَقِّقْ رْجُوعَكْ
ـ10ـ
حَلَّكْ بَقَى تِفْهَمْ شُو عَمْ قِلَّكْ:
بْلادَكْ اخْتَرْبِتْ مِنْ زَعَامِتْهَا
الْـ عِرْفِتْ يَا خَيِّي كِيفْ تِتْمَلَّكْ
بْخَيْرَاتْهَا.. وْكَفَّا عَ رَقْبِتْهَا
وْقِدّامْ عَيْنَا الشَّعْبْ عَمْ يِهْلَكْ
وْلِلْغَيْرْ عَمْ بِتْبِيعْ غَلِّتْهَا
شُوف الأَسَى الْخِلْقَانْ مَعْ طِفْلَكْ
وِسْمَاعْ كِيفْ بِتْرِنّ ضِحْكِتْهَا
فِيقْ دَخْلَكْ فِيقْ مِنْ جهْلَكْ
وْهَاتْ إِيدَكْ حِطّهَا بْإِيدِي
مِنْشَانْ نِطْفِي نَارْ فِتْنِتْهَا
ـ11ـ
هَاتْ إِيدَكْ هَاتْ.. يَا خَيِّي
بْإِيدَك وْإِيدِي السِّحرْ مِتْخَبَّى
تْنَيْنَاتْنَا بْقُوِّه إِلَهِيِّه
مْنِقْضِي عَ زِمْرَه مْضَيّعَه رَبَّا
كِذْبِت عْلَيْنَا بْأَلْف خَبْرِيِّه
وْرَضّعِتْنَا سْمُومْ مِنْ عبَّا
سْمُومْهَا، نَعْرَاتْ دِينِيِّه
وِزْهُورْ سَوْدَا مْزَيّنِه دَرْبَا
عَجِّلْ بَقَى تَا نِحْمِلا سْوِيِّه
وِبْبَحرْ مَا لُو آخِر نْكِبَّا
إِنْت وْأَنَا.. يَا نُورْ عِينَيِّي
لازِم نْحَارِبْ هَـ الزَّعَامِه كْتِيرْ
وِنْشِكّ سَيْف حْقُوقْنَا بْقَلْبَا
ـ12ـ
إِنْت وْأَنَا.. الْـ مِنْخَلِّصْ الأَجْيَالْ
مِنْ ظُلْم شَتَّتْنَا بِـ هَـ الْغُرْبِه
وِالْهَمّ فَوْق صْدُورْنَا أَحْمَالْ
وِالنَّارْ تَاكُلْ قَلْبَكْ وْقَلْبِي
إِنْت وْأَنَا.. لِبْلادْنَا رِسْمَالْ
وِكْنُوزْنَا حَبَّات هَـ التّرْبِه
الْـ مَا بْتِنْشَرَى يَا صَاحْبِي بِالْمَالْ
وْلا بْتِنْهَدَى بِمْغَلَّف وْعِلْبِه
وْلا يَوْمْ رِضْيِتْ يِنْقبر دجَّالْ
جُوَّاتْهَا.. وْلا اسْتَقْبَلِتْ كِذْبِه
يَلْلاَّ سَوَا تَا نْحَقِّقْ الآمَالْ
وْنِمْسَحْ غَشَاوِةْ حِقْدُن الْمَلْعُونْ
وْنِفْلَح وْنِزْرَعْ أَرْضنَا.. مْحَبِّه
ـ13ـ
عَارِفْ أَنَا.. عَمْ إِكْتُب بْشِعْرِي
نْهَايْتِي.. وِنْهَايْتِي اسْتِشْهَادْ
وْعَمْ إِسْرُق الأَيَّامْ مِنْ عُمْرِي
وْأَيَّامْ عُمْرِي كلّهَا أَمْجَادْ
مَا هَمّنِي لَوْ يِطْعَنُوا صَدْرِي
وْمَا هَمّنِي لَوْ صَارْ جِسْمِي رْمَادْ
الْـ بِيهِمّنِي.. مَا يِنْفتحْ قَبْرِي
إِلاَّ بْبِلادِي.. وْيِنْكتبْ فَوْقُو:
مَاتْ تَا يِفْدِي شَعب وِبْلادْ..
**
احترق لبنان

ـ1ـ
.. وْسَافَرْتْ مِتْل اللِّي قَبْلِي سَافَرُوا
وْبِنْيُوا وَطَنْ تَانِي
عَ أَرْضْ.. مَا بْتَعْرِفْ حَضَارَه وْلا عِلِمْ
عَ أَرْضْ.. مَا دَاقِتْ بَعِدْ طَعْم السِّلِمْ
وْبِأْشَارْتَيْن زْغَارْ صَارُوا يْغَيّرُوا
طْبَاع الْبَشَرْ
الْـ بَعْدَا حَجَرْ!
صَارُوا إِذَا فِرْحِتْ قَبِيلِه يْنَوّرُوا
تْلال الْقَبِيلِه التَّانْيِه
وْصَارُوا إِذَا حِزْنِتْ قَبِيلِه يْدَوّرُوا
الْحُزْن بْقَبِيلِه تَانْيِه!
وْبَعِدْ مُدِّه مْنِ الزَّمَنْ
اتَّحْدُوا الْقَبَايِلْ كِلّهَا
وْسَنُّوا قَوَانِينْ الْوَطَنْ
وْصَار الْجَمِيع يْجِلّهَا
وْكِبْرُوا سَوَا
وْصَارُوا سَوَا
يْدُوسُوا الْقَمَرْ
وْصَارُوا إِذَا مِسْكُوا حَجَرْ
يْصِيرْ الْحَجَرْ بُنْيَانْ!
وْصَارُوا إِذَا نَفْخُوا هَوَا
يْصِير الْهَوَا إِنْسَانْ!
ـ2ـ
.. وْسَافَرْتْ مِتْل اللِّي قَبْلِي سَافَرُوا
تَا يْزَوْزِقُوا وِيْصَوِّرُوا
وِيْفَبْرِكُوا بُلْدَانْ
تْكُونْ نَسْخَه عَنْ جَبَلْ لُبْنَانْ
وْكِتْرِت الْبُلْدَانْ
وْعِمْرِت الْبُلْدَانْ
وْصِرْنَا إِذَا دْعَسْنَا الْبَحْرْ
نْزِيد الْبَحرْ إِيمَانْ
لَكِنْ يَا حَسْرَه مْنِ الْقَهرْ
تْفَرفَطْ شَعبْ لُبْنَانْ
وِاحْتَرَقْ لُبْنَانْ!
**
عيب إنّي إتركو

عَيْب إِنِّي إِتِرْكُو وْإِرْحَلْ
هَـ الْـ كَانْ مَلْوَى الْكَوْنْ
وْلَوْن أَبْهَى لَوْنْ
وْأَجْمَل مِنِ الأَجْمَلْ
ما نْسِيتْ خَيْرَاتُو.. وْصَعِبْ إِنْسَى
بِقْسَى يا إِبْنِي عْلَيْك
عَ زَقْزَقِةْ عِينَيْكْ
وِعْلَيْه ما بِقْسَى
بْشُوفُو وَقِتْ ما بْنَامْ
مَجْرُوحْ.. وِجْرُوحُو
شْفَاف انْتَلُوا بِكْلامْ
وِبْيِستْحُوا يْبُوحُوا
بْسِرّ اللّي رَاحُوا أَو عَم يْرُوحُوا
مِن ظُلْم هَـ الأَيَّامْ!
**
فخر

كِنْتُو فَخْرْ
كِنْتُو فَخْرْ
شُو اللِّي حَصَلْ حَتَّى انْقَلَبْتُوا عَارْ
مِنْ بَعْدْ مَا عِشْتُوا دَهْرْ
تِمْشُوا وْتَحْتْ إِجْرَيْكُنْ يْفَرِّخْ زَهْرْ
وْعَ رُوسْكُنْ مَرْفُوع تاجْ الْغَارْ؟!
**
مش رح صدّق

مُشْ رَحْ صَدِّقْ.. مُشْ رَحْ صَدِّقْ
إِنُّو بْلادِي صَارِتْ غَابِه
وْإِنُّو شَعْبِي تْحَوَّلْ طَابِه
وْإِنُّو مِلح الْحُبّ الصَّافِي
فسد.. وْبَعْدُو الْغَافِي غَافِي
وْإِنُّو الطّفل الْـ بَعْدُو زْغَيَّرْ
يَللِّي عَ شْفَافُو بْتِتْغَيَّرْ
فْصُول فْصُولْ.. وْمَا بْيِتْغَيَّرْ
وِبْضِحْكِة سِنُّو بِيزَوْزِقْ
أَلف نِجْمِه.. مُشْ رَحْ صَدِّقْ
إِنُّو بِرْصَاصَه.. بِنْحَاسِه
قَوَّصْهَا بُو الْقَلْب الْقَاسِي
يْمُوتْ.. وْبَعْدُو الْقَاتِلْ طَيِّبْ
يِعْمِي قَلْبُنْ.. شِي بِيكَهْرِبْ!
**
زينة الأسامي

ـ1ـ
يَا وَطَنِي.. يَا زِينة الأَسَامِي
مِنْ يَوْم مَا قَتْلُوكْ
وْبِالْبُغضْ رِمْيُوكْ
اسْتَحْيِت الأَسَامِي
وِانْمَحْيِت الأَسَامِي!
ـ2ـ
وْنِحْنَا اللِّي انْسَلَخْنَا
عَنْ أَرْضَك الْمَغْزُولِه بْدَمْعَاتْنَا وِصْرِيخْنَا
بِالْغُرْبِه رْسَمْنَاكْ
وَطَنْ وِسْكَنَّاكْ
وْصِرْنَا فِيكْ نِسْعَدْ
وْنِفْرَح وْنِتْهَنَّى
شَرْبِل وْأَحْمَدْ
وْمَعْرُوف وْحَنَّا
ـ3ـ
يَا وَطَنِي.. يَا هَدَفِي السَّامِي
لا تْخَاف مْنِ الْحَرَامِي
الْـ عَمْ يِسْرُقْ أَسَامِي
بَعْدَكْ بِغُرْبِتْنَا
مْسَيَّجْ بِمْحَبِّتْنَا
وِبْوِحْدِة كِلْمِتْنَا
مَهْمَا الدِّنِي جَارِتْ أَوْ قَامِتْ الْقِيَامِه!
**
ميمتي

ـ1ـ
.. وْبِتْذَكّرِكْ يَا مَيْمتِي مَوْقِدْ
بِتْذَكّرِكْ تَنُّورْ
بِتْذَكّرِكْ مَسْنِدْ
وْبَيْتْ مِنْ دُونْ سُورْ
بِتْذَكّرِكْ قَلْب وْعَطَا وِزْهُورْ
ـ2ـ
.. وْبِتْذَكّرِكْ وِبْقُولْ:
يَا رَيْتْ كَانْ الْمَوْتْ أَقْرَبْ مِنِ التّذْكَارْ
مَا كَانْ دَمْعِي سْيُولْ
وْلا كانْ دَمِّي نَارْ
يَا ميْمتِي اللِّي مْشَرّدِه بِالْبَرْدْ
شُو صَارْ بِاللِّي قَبْلْ
شُو صَارْ بِاللِّي بَعْدْ
بْعَصْرْ صَفَّى الصَّخْر مِتل الرَّمْلْ
وِالْبَيْتْ عَمْ يِنْهَدّْ!
**
خانوا الوطن

ـ1ـ
هْجَرْت بْلادِي بْسَاعِة قَهْرْ
وْبَعْدَا لِلْيَوْم دْمُوعِي
بْتِشْهَدْ عَ إِنُّو رْجُوعِي
كانْ لَوْلا هَاك الطُّوفَانْ
الْمِتْلَطَّى بْحِقْد الإِنْسَانْ
شَخْتُورَه بِعْبَاب الْبَحْرْ
ـ2ـ
لُبنان الْـ دِبْت بْحُبُّو
وْغِرْت عْلَيْه مْنِ النَّسْمِه
احْتَرَقْ عَ أْيَادِي شَعْبُو
احْتَرَقْ.. شُو نَفْع الْكِلْمِه؟!
وْهَـ الشَّبَابْ اللِّي تْرَبُّوا
تَا حَتَّى يْقُودُوا الأُمِّه
خَانُوا الوطَنْ وِتْخَبُّوا
خَلْف الدِّين الْـ مُشْ مَحْبُوبْ
إِلاَّ ما يْوَحِّد قْلُوبْ
وْصَارُوا يِحْكُوا بِالْقِسْمِه
وْيِرْمُوا بَيْن النّاس حْدُودْ..
يِعْنِي صهرنا مَحْمُودْ
الْـ مِنْعِدُّو أَغْلَى حَبِيبْ
لازِم يْطَلِّقْ وِيْسِيبْ
مِرْيَانَا.. بِنتْ عَمِّي!
ـ3ـ
وْإِبْنُنْ وَحِيدُنْ عِصَامْ
يَللِّي نِصُّو نِصْرَانِي
وْنِصُّو تَابِعْ لِلإِسْلامْ
شُو بَدكُنْ.. عَ الْعِمْيَانِي
قِسْمِةْ عَدلْ نِقِسْمُو
تَا حَتَّى نِرْضِي بَيُّو
أَوْ تَا مَا نْزَعِّلْ إِمُّو؟!
ـ4ـ
وْنِحْنَا اللِّي هْجَرْنَا مْنِ سْنِينْ
وْبِقْلُوبْنَا بَعْدُو الْحَنِينْ
عَمْ يِكْوِينَا لَيْل نْهَارْ
مُشْ رَحْ نِمْضِي عَ قَرَارْ
يْلَطِّخْ إِيدَيْنَا بِالْعَارْ
وْيِحْرُقْ دِينْ الْمُغْتِرْبِينْ!
**
مجانين

ـ1ـ
وَقْت اللِّي بْحَاكِيكُنْ
لا تْقُولُوا هَيْدَا نِصْرَانِي
وَقْت اللِّي بْحَاكِيكُنْ
لا تْقُولُوا هَيْدَا قُرْآنِي
أَنَا مَا بْحَاكِيكُنْ
وْلا الْحَكِي بْيِطْلَعْ عَ لْسَانِي
إِلاَّ مَا حَاكِيكُنْ
لُبْنَانِي إِبنْ لُبْنَانِي..
ـ2ـ
تَا نِرْجَعْ مُدِّه لْوَرَا
وْنِحْكِي بِاللِّي كَانْ يْصِيرْ
عَ إِيَّامْ عَبْدِ النَّاصِرْ
زَعِيمْ الشَّعْب الِكْبِيرْ
كَانْ مِنْتِصر وْثَائِرْ
فَافْتَكَرْ إِنُّو قَدِيرْ
يْزَوِّجْ وِيْطَلِّقْ بُلْدَانْ
مِتل الرِّجَّالْ وِالْمَرَا
وْحَبّ يْحَرِّب بْلُبْنَانْ
وْيِقْدُفْ بِإِجْرُو الْكُرَه
وْبَعد مُدِّه مْنِ الزَّمَانْ
اعْتَرَفْ بِأَنُّو لُبْنَانْ
كِلُّو أَحْزَاب وْأَدْيَانْ
مِتِلْ عَرْنُوس الدَّرَه!
وْقَالْ كِلمتُو الشَّهِيرِه:
"مُشْ مُمْكِنْ لُبْنَان يْضَلّْ
جِسْر وْمَنَارَه لِلْكلّْ
إِذَا فسْدِتِ الْخَمِيرِه!"
ـ3ـ
الْمَسِيحِيِّينْ بْلُبْنَانْ
بِيحِبُّوا الْعَرَبْ كِلُّنْ
رَغمْ كِلّ مْشَاكِلُنْ
يَللِّي سْلَيْمَان الْحَكِيمْ
الْـ بِيقُولُوا عَنُّو فهْمَانْ
لَوْلا عَاد بْهَـالزَّمَانْ
بْيِعْجَزْ إِنُّو يِكَتِّلُنْ!
ـ4ـ
ضِيعان الأَمْوَال تْرُوحْ
هَدِرْ بِبْلاد الأَرْزِه
وْفَوْق الْجُرْح نْزِيدْ جْرُوحْ
وِعْيُون الإِمَّات تْنُوحْ
وْكِلّ مَا انْخَطَفْ طُفْل زْغِيرْ
نِسْمَع.. وْنِقْرَا بَكِّيرْ:
”بِـ بَلَدْ إِسْمُو لُبْنَانْ
عَمْ بِيصِيرْ إِجْرَام كْتِيرْ
جِهَّه قَتْلُوا إِبْنِ فْلاَنْ
وِالظَّاهِرْ زَعِيم كْبِيرْ
رِجْعُوا تَانِي جِهَّه كْمَانْ
رَبْطُوا وْلَقْطُوا طفل زْغِيرْ
وْعَ كَعبْ أَحْلَى أَرْزِه
دَبْحُوهْ مِتْلِ الْعَنْزِه"!
ـ5ـ
يَا يَسُوع الْمَصْلُوبْ
وْيَا رَسُول الْمُؤْمِنِينْ
مَا عْرِفْتُوا رِبَّيْتُوا شْعُوبْ
عْرِفْتُوا رِبَّيْتُوا مْجَانِينْ
وْكِل مَا طلع عْلَيِّي الضَّوّْ
رَحْ إِرْفَعْ رَاسِي بِالْجَوّْ
وْإِسْأَلْكُنْ بِإِسْم الدِّينْ
وْبِالإِنْجِيلْ وْبِالْقُرْآنْ
إِذَا كِنْتُوا زِعْلانِينْ
تْرَاضُوا.. وْإِذَا مِتّفْقِينْ
حَرَام تْسِيبُوا لُبْنَانْ!
**
قَفا لبنان

ـ1ـ
.. وْكَانُوا يْقُولُوا بْلادْ الْخَيْرْ
هِيِّي بْلادِي
بْلادْ النَّسْمِه.. بْلاد الطَّيْرْ
وجَوّ الْهَادِي!
ـ2ـ
.. وْكَانُوا يْقُولُوا إِنُّو بْلادِي
قِطْعِةْ سَمَا
أَللَّه.. لَوْلاَ وَفَا جْدُودِي
مَا تْقَاسَمَا!
ـ3ـ
.. وْضَلُّوا يْغَنُّوا رْوَابِيهَا
تَا صَارِتْ حُلْمْ
وْبِالآخِرْ.. شَكُّوا فِيهَا
رَايَاتْ الدَّمّْ
ـ4ـ
وِالنَّاسْ الْـ مَاتُوا صَارُوا
حْكَايَات كْبَارْ
يِحْكِيهَا الْجَارْ لْجَارُو
عَنْ شَعْب حْمَارْ
ـ5ـ
رِضِي يِحْرُق دْيَارُو
بْقَلب غضْبَانْ
وْرِضِي يْفَوِّتْ مِسْمَارُو
بْقَفَا لُبْنَانْ!
**
مغول

بَسّْ.. بَسّْ..
هَيْدَا كذْب.. مُشْ مَعْقُولْ
بِنْتْ قَتْلُوهَا وْصَارُوا
يِتْبَادْلُوا عْلَيْهَا الْمَغُولْ
شُو ذَنْبَا.. يَا سَامِعْ قُولْ؟!
شُو ذَنْبَا.. يَا سَامِعْ قُولْ؟!
رُوحَا عِنْد الْخَالِقْ فَوْقْ
وِاللِّي مَا فِي عِنْدُنْ ذَوْقْ
شِي بِالعُرْض.. وْشِي بِالطُّولْ
وْشِي مِنْ تَحْت.. وْشِي مِنْ فَوْقْ
وْشِي.. يَا أَللَّـه كْفَرْنَا بَسّْ
رِجْعُوا قَصُّوهَا بِالنِّصّْ!
**
شُو دينَك؟

.. وِبْتِسْأَلُونِي إِنْتْ شُو دِينَكْ
وْمَا بْتِسْتِحُوا؟!
قَلْبْ اَللَّـه بْتِجْرَحُوا..
الدِّينْ.. مُشْ مُلْك الْبَشَرْ
الْـ لِعْبُوا بِإِسْمُوا مِتِلْ مَا بْيِلْعَبْ قَدَرْ
الدِّينْ.. مُلكْ أَللَّـه
يِعْنِي التَّقِي الْـ عُمْرُو نَدَرْ
وْبِالْحُبّ غَازِلْ مَشْلَحُو
بْيُوصَلْ لأَللَّـه
كِيفْ مَا صَلَّى!
**
يمين.. يسار

أَنَا ما بِفْهَمْ يَمِينْ
أَنا ما بِفْهَمْ يَسَارْ
أَنَا بِفْهَمْ إِنُّو النَّارْ
لازِمْ تُوقَفْ مَهْمَا صَارْ
بْحَيْث الْـ عَمْ بِيمُوتُوا هَيْكْ
مَا انْوَجْدُوا بْخَاتـم لِبَّيْكْ
وْلا بْقِنْدِيلْ عَلاء الدِّينْ!
هَوْدِي أَهْلِي الِمْحِبِّينْ
هَوْدِي رِبْيُوا جَار وْجَارْ
يِعْنِي.. مَهْمَا الدُّولابْ دَارْ
وْحِكْيُوا وْفَبْرَكُوا أَخْبَارْ
رَحْ يِبْقُوا لُبْنَانِيِّينْ
رَحْ يِبْقُوا لُبْنَانِيِّينْ
رَحْ يِبْقُوا لُبْنَانِيِّينْ
**
تبرّع..
خلال حملة تبرع لدعم لبنان خلال الحرب

ـ1ـ
تْبَرَّعْ..
الطّفلْ جَاع وْشَيخْنَا تْشَرَّدْ
وْمِينْ أَكْرَمْ مِنَّك وْأَجْوَدْ
يَا قَلْبْ مِنْ أَوْسَعْ دِنِي أَوْسَعْ!
ـ2ـ
تْبَرَّعْ..
مُشْ هَمّ مِسْلِمْ كِنْتْ
أَوْ كِنْت نصْرَانِي
لُبنان مُلْكَكْ إِنْتْ
مَا بْتِملكُو دْيَانِه!
ـ3ـ
دُولارْ... عَشْرَه.. أْلُوفْ.. كِلُّو مْنِيحْ
الِمْهِمْ نِقْوَى عَ مْهَبّ الرِّيحْ
الْـ عَمِ يْشَلِّعْ بِالْوَطَنْ
وْيِبْدُرْ بِأَرْضُو خْرَابْ وِدْمُوع وْمِحَنْ
وْنِخْنُقْ بِإِيدَيْنَا غْرَاب الْبَيْنْ
وْنِرْوِي بْدَمُّو عَطَش الإِيدَيْنْ..
ـ4ـ
تْبَرَّعْ..
فِي ناس عَمْ بِتْمُوتْ
مِنْ قِلِّة الإِسْعَافْ
مِنْ ظُلمْ.. خَلاَّ بْيُوتْ
رَهْن الدَّوَا وِالْقُوتْ
وْعَ طْفَالْهَا بِتْخَافْ
وْيَا سَاكِن الْهجْرانْ
يَا نُورْ عِينَيِّي
كِل مَا سألْ لُبْنَانْ
بِتْفِيضْ حِنِّيِّه
وْكِلْ مَا بِكِي إِنْسَانْ
بِتْقُولْ: يَا خَيِّي
تَا صِرْتْ لِلأَوْطَانْ
نِعْمِه إِلَهِيِّه..
ـ5ـ
تْبَرَّعْ..
يَا قَلْب مِنْ أَوْسَعْ دِنِي أَوْسَعْ..
**
قلبي وطن

ـ1ـ
لَيْشْ دَخْلَكْ لَيْشْ يَا رَبِّي
تْرَكتْ قَلْبِي يُولَعْ وْيِسْوَدّْ
وْغَيْرَكْ يَا رَبِّي مَا سَكَنْ قَلْبِي
وْلا يَوْم جِرَّحْتُو بْشَوْك الْبُغْضْ
وْلا فْرَشْتْ عَ خْدُودُو غْبَار الأَرْضْ
قَلْبِي وَطَنْ مَزْرُوعْ بِمْحَبِّه
حْرَامْ يَا رَبِّي الْوَطَنْ يِنْهَدّْ
ـ2ـ
لَوْ كَانْ شِي مَرَّه سْمِعتْ مِنِّي
كِلْمِه زْغِيرِه تِجْرَحَكْ.. لَعْنِه
كِنْتْ نِتْفِه عَ الْجُرح عِضَّيْتْ
وْكِنْت نْدَرتْ.. كِنْت رْكَعتْ صِلَّيْتْ
وْصِرْت مَجِّدْ إِسْمَكْ وْغَنِّي
كِرْمَالْ تِطْرُدْ ناسْ مِتِّفْقِينْ
يِقْضُوا عَ شَعْب مْعَتَّر وْمِسْكِينْ
بِيغَمّضُوا عْيُونُو بْإِسْم الدِّينْ
بْإِسْم الْعُرُوبِه وِالدَّهَبْ وِالْبَنْزِينْ
بْإِسْم الدُّولارْ وْكِلّ شِي فِي مْنَافْقِينْ
بْإِسْم السِّيَادِه وِالْحَضَارَه وِالْيَقِينْ
بْإِسْم الْعَدَالِه.. بْإِسْم كِلّ الْمَحْرُومِينْ
بْإِسْم الْقَضِيِّه.. بْإِسْم نَاسْ مْشَرّدِينْ
وْمِتِلْ شِي بَطِّيخْ عَ السِّكِّينْ
بْيِدْبَحُوهْ عَ عَتْبِة بْوَابُو
وْبِيوَزّعُوا تْيَابُو
وْبِالرَّغْمْ مِنْ جرْحُو وْمِنِ عْذَابُو
بْيِرْكَعْ يْقِلَّكْ: " يَا رَبّ الْكَوْنْ
إِنْتْ هَيْك حْكَمْتْ
وْنِحْنَا بْحِكْمَكْ رَاضْيِينْ
إِنْتْ هَيْكْ رْسَمْتْ
وْنِحْنَا الْعَبِيدْ الطَّايْعِينْ
وْمِنْ مِينْ غَيْرَكْ قِلّنَا مِنْ مِينْ
مْنِطْلُبْ يَا رَبّ الْعَوْنْ؟!"
ـ3ـ
وْحَقّ السَّمَا وِالأَرْضْ مَغْشُوشِينْ
وْمِتلْ شِي قِطْعَانْ مِنْقَادِينْ
لِرْجَالْ سَمُّوهنْ رْجَالْ الدِّينْ
لأَهْل السِّيَاسِه الْكِذَّابِينْ النِّصَّابِينْ
دَمّنَا بَاعُوه بِمْلاَيِينْ
وْعَلّبُوا لْحُومَاتْنَا مِتْل الْبَقَرْ
مِتل سَمْك الطُّونْ وِالسَّرْدِينْ
وْنِحْنَا اللِّي إِنْت جْبَرْتْنَا نِخْلَقْ بَشَرْ
عَ قَدّ مَا مِنْخَافْ يَوْم الآخرَه
مْنِنْحِنِي قِدَّامَك وْمِنْقُولْ:
" مَعْقُولْ عِنْدُنْ عِذِرْهُنْ مَعْقُولْ
عْطِيهُنْ يَا رَبّ الْمَغِفْرَه؟!"
ـ4ـ
.. وْشُو بْخَبّرَكْ يَا رَبّ عَنْ بَيْرُوتْ
مْدِينْةِ الْمرْجانْ وِالْيَاقُوتْ
سَرْقُوا مْحَلاَّتَا
وْهَدْمُوا بِنَايَاتَا
وْصَلُّوا وْصَامُوا شَهرْ حَتَّى تْمُوتْ
وْمُسْتَحِيل تْمُوتْ
مْدِينْةِ الْـ مَسْمِحِلْهَا تِحْكِي
وْسَاعِةْ مَا بَدَّا تِضْحَكْ وْتِبْكِي
وْتِرْفَعْ إِيدَيْهَا لِلسَّمَا وْتِشْكِي
بِـ شَرقْ.. دَاعِسْ فَوْقْ مِنْخَارُو طَاغُوتْ
بِـ شَرْقْ.. صَفَّى لْكِلّ سكّانُو تَابُوتْ!
ـ5ـ
بَيْرُوتْ.. هِيِّي الْعُرس وِالْعُرْسانْ
وْهِيِّي الطَّبل وِالزَّمْرْ
لَوْلا لْيَالِيهَا الرَّقصْ مَا كانْ
وْلا انْهَزّ بَطن وْخَصْرْ
وْيا ما الْفَرَحْ عَ شْطُوطْهَا سهْرَانْ
يْحَاكِي مْوَاجْ الْبَحْرْ
وِانْ كَانْ شِي مَرَّه الْقَمَرْ ضجْرانْ
وْحَاسِسْ بِنِتْفِةْ قَهْرْ
بْيِنْزل يْقَطِّفْ زَهرْ مِنْ بستانْ
غَافي عَ حفِّة نهرْ
وْيِقْعَدْ يْأَلِّفْ عَنْ جبل لبنانْ
أَحْلى قْصَايِد شِعْرْ
ـ6ـ
بَيْروت.. يا بَيْرُوت.. يَا مْدِينِه
مْزَيّنِه.. وْمُشْ نَاقْصَه زِينِه
تْنَعْشَرْ سِنِه عَمْ بِحْلَمِكْ بِاللَّيْلْ
قَوْلِكْ أَنَا مَكْتُوب عَ جْبِينِي
عِيشْ عُمْرِي بِالْهَجْر وِالْوَيْلْ
إِشْرَب دْمُوعِي وْآكُلْ سْنِينِي؟!
ـ7ـ
بَيْرُوتْ.. يا بَيروت.. مِشْتَقْلِكْ
وْما هَمّنِي لَوْلا تْهِدَّمْتِي
وْما هَمّنِي لَوْ هَجّرُوا أَهْلِكْ
وْقِدَّامْ عَيْنِكْ يِدْبَحُوا طِفلِكْ
الْـ بيهِمّنِي تْضَلِّي عَ إِيمَانِكْ
بْأَرْزِكْ، بِصنِّينِكْ، بِلُبنانِكْ
وِبْكِلّ أَدْيَانِكْ
وْما تِيْأَسِي إِنْتِي
إِنْتِي إِذا يْئِسْتِي
بِتْكُون ضَرْبِه قَاضْيِه عْلَيْنَا
بْتِطْفِي أَمَلْنَا وْنُورْ عِينَيْنَا..
ـ8ـ
وْشُو بْخَبّرَكْ عَنْ شَبّ إِسْمُو "جْنُوبْ"
عَن شَبّ أَسْمَر مِتل طَرْبِينْ الْحَبَقْ
عَنْ شَبّ مارِدْ بَعد مِتلُو ما انْخَلَقْ
مَلْيُون ضَرْبِه بْيِضِرْبُوهْ
وْمليُون جَلْدِه بْيِجِلْدُوهْ
وِبْيِخْلَقُوا مِنّو أَلف "مَصْلُوبْ"!
شُو بْخَبّرَكْ يَا رَبّ.. يَا جَبّارْ
عَنْ وَحشنةْ كفَّارْ
خَتْمُوا عَ تذْكرْتُو إِسم "مَغْضُوبْ"
وْكَتْبُوا عَ صَدرُو جُملْتَيْنْ زْغَارْ:
"مَحْكُومْ إِنُّو يْشُوفْ بِعْيُونُو دَمَارْ
ويِفْلَح ويِزْرَع كلّ أَرْضاتُو حْرُوبْ
حَتّى إِذَا جاع وْعِطِشْ يا رَبّْ
مَمنوع يِشْرَبْ غَير دَمّ ونارْ
وْمَمْنوع يلبسْ غَيرْ ذلّ وْعَارْ!
ـ9ـ
دقَّيْت عَ بْوابَكْ سْنِينْ سْنِينْ
وْمَا كنتْ تِسْمَعْنِي
وْصرْتْ صَرِّخْ متل صَرْخات الْجَنِينْ
الْجَايِي غَصبْ عَنُّو
عَ كَوْنْ.. صَعْبِه يِنْتِفِعْ مِنُّو
عَ كَوْن.. سكَّانُو انْتَهُوا وْجَنُّوا
وْما عِدْتْ فِيك تْقُول: هَوْدِي مَظْلُومِينْ
وْهَوْدِي نَصَارَى.. وْحَدّ مِنُّنْ مسلْمِينْ
وْهَوْدِي يَهُودْ مْشَتَّتِينْ مْطَيْشَرينْ
وْهَوْدِي تَتَرْ
هَوْدِي نَوَرْ
هَوْدِي جَمَاعَه مْوَحّدينْ
كِلُّنْ يَا رَبِّي ظَالْمِينْ
كِلُّنْ طُغَاةْ
لا بْيؤمنوا بْإِنْجِيلْ
لا بيؤمنوا بْقُرآنْ
حَتَّى وَلا بْتَوْرَاةْ
وْلا حَاسْبِينْ حْسابْ يَوم الدِّينْ!
ـ10ـ
يئسانْ مِنْ حالي أَنا يئسانْ
يئسَانْ حَتَّى الْمَوْتْ
وِانْبَحّ فِيِّي الصَّوْتْ
بْصَرِّخْ.. بْصَرِّخْ بَيْن هَـ الطّرْشَانْ
بَرْكِي بْيِسْمَعْ صَرخْتِي إِنْسَانْ
بَعْدُو بْيُؤمِنْ فِيكْ عَنْ وِجْدانْ
تَا مِدّ إِيدِي وْإِشْبِكَا بْإِيدُو
وْكِلّ شِي إِنِتْ يَا رَبّ بِتْرِيدُو
مِنَّفِّذُو بِـ تَضْحِيِه وْإِيمَانْ
عَ شَرْطْ.. عَفْوَكْ لَوْ أَنا شَارَطْتْ
يْكُونْ يخدُم مَصلحة لُبْنَانْ..
**
خالد كحّول
(بينما كانت إحدى السيّارات العسكرية تقلّ عدداً من الجنود اللبنانيين الى مقر القيادة العسكرية في اليرزة، حتى استوقفهم مسلحون.. فطلبوا من الجنود المسيحيين النزول والمسلمين متابعة سيرهم، لكن الجندي خالد كحول من برجا، وقف في طريقهم وصاح: نحن جنود لبنان، وليس بيننا مسلم أو مسيحي، فإذا أردتـم قتلهم فاقتلونا جميعاً. فأحرج المسلحون وتركوا الجنود).
النهار البيروتية

ـ1ـ
مَهما يَا لُبنانْ تْجُولْ
خْيُول الْحَرب بْعُرْض وْطُولْ
رَحْ تِبْقَى خَالِدْ منصَانْ
وْيِبْقَى الأَرْزْ الْـ عَ حْفَافِيكْ
يِحْكِي أُسْطورةْ لُبْنانْ
عَنْ عِيشِةْ مَسِيحِيِّيكْ
وْإِسْلامَكْ.. مَدَى الأَزْمَانْ
وْيِرْجعْ يَللِّي تْغَنَّى فِيكْ
يِتْغَنَّى.. وْبِلْيَالِي الْحُبّ
غَيْر الصَّلا.. مَا يْحَاكِيكْ
ـ2ـ
بْكِينَا.. وْصَفَّى الدَّمْع بْحُورْ
وْقِلْنَا: نَجْحُوا بْقِسْمِتْنا
وْخَنْقُوا فِينَا مْحَبِّتْنَا
وْصدْفِه.. بْلَيْل الشِّدِّه.. نُورْ
بْيِضْوِي عْلَيْنَا بْغُرْبِتْنَا
ـ3ـ
جُندِي لُبْنانِي مَجْهُولْ!
مْأَكَّدْ.. مَجْدُو لْفَخْر الدِّينْ
تْجَسَّدْ بِخالِدْ كَحُّولْ
هَـ النّسر الشَّامِخْ عَ طُولْ
الْـ صَار بْوَقت الْحَزِّه يْقُولْ:
"اقْتُلُونِي.. مَنِّي خَايِفْ
مَعْ إِخْوَانِي الْمَسيحِيِّينْ
نِحْنَا ما عِنّا طَوَايِفْ
نِحْنَا جْنُودْ لْكِلّ لُبْنَانْ
الْـ رَحْ يِبْقَى عالي وْمنصَانْ
مَهْما قُوْيِت الْعَوَاصِفْ"
ـ4ـ
بْإِسْمِي.. بْإِسْم الْمَظْلُومِينْ
بْقِلَّكْ يَا خَالِدْ كَحُّولْ
يِتْمَجَّدْ إِسْمَكْ عَ طُولْ
بوقت الحزّه.. بو الهمّات
يَا مْبَلْسمْ قَلبْ الإمَّاتْ
وْيَا شَفِيع الْمُغْتِرْبِينْ
**
قاوِم

قَاوِمْ.. يَا شَعْبِي قَاوِمْ
مُشْ حَقّ تْضَلّ مْسَالِـمْ
بَاعُوا دَمَّكْ بِالدُّولارْ
وْعَبُّوا دْمُوعَكْ بِمْحَارِمْ
وْعِنْدُنْ تُخْمِه مْنِ الْكَفْيَارْ
وْإِنْتَ مْنِ القِلِّه صَايِمْ!
لا تْصَدِّقْهُنْ مَهْمَا صَارْ
اهْتَرْيِتْ بِالإِدْن مْزَاعِمْ
حْمَالْ بْإِيدَكْ سَيْف النَّارْ
وْوَقِّفْ عَ الشَّمْس سْلالِـمْ
وْقِلاَّ: يَا بْلاد الأَحْرَارْ
رَحْ إِهْدِيكِي تَاج الْغَارْ
وْبَاقِةْ مُوسِيقى وْأَشْعَارْ
بِتْقَلِّقْ عَيْن الْحَاكِمْ!..
**
بطن الأبد

يا حَجَرْ.. يا طَيْرْ.. يَا حيوانْ
وْيَا إِبن هَـ الإِنْسانْ
يَللِّي جَرَى بْلُبنانْ
مُشْ حَرْبْ بينْ أَدْيَانْ
مْأَكَّدْ وَطَنْ رَح يِنْوَلَدْ
مِنْ بَطنْ.. عَ طُولْ الأَبَدْ
بْيِحْبَلْ بْبُلْدانْ!
**
ليل نهار

ـ1ـ
يا وَطَنِي اللِّي صَارْ
مُشْ مُمْكن يْصِيرْ
عَمْ تحصدَكْ النَّارْ
وِيْلِفَّكْ التِّعْتِيرْ
بِالْغُرْبِه لَيْل نْهَارْ
عَمْ نِرْسُم تْصَاوِيرْ
لأَرْزَك الْجَبَّارْ
وِلْشَعْبَكْ الْمنْهَانْ
يا وَطَنِي لُبْنانْ
ـ2ـ
عَم تغزلَكْ عِينَيْنْ
بِمْغَازِلْ الْهَنَا
وْعَمْ تِكتبَكْ إِيدَيْنْ
عَ صَفْحات الْمُنَى
مَهْما غْراب الْبَيْنْ
طَيَّرْ وِاغْتَنَى
بِتْضَلَّكْ أَرْض تْنَيْنْ
أَللـه وِالإِنْسَانْ
يَا وَطَنِي لُبْنانْ..
**
مشلح من الفل

كل ما صَباح يْطِلّْ
وِنْوَدِّعْ مَسَا
مِنْقُولْ كِل شِي صَارْ بُكْرَا بْيِنَّسَى..
الأَرْضْ اللِّي لِبْسِتْ مَشْلَح مْنِ الفلّْ
مَهْمَا كْوِيتَا بْنَارْ
وِرْمِيتَا بْدَمَارْ
ما بْتِبْدِلُو بْتَوب الأَسَى..
**
تاريخ هجرتنا

ـ1ـ
أَرْضَك فْرَاشِي
وْجَوَّك لْحَافِي
وْهَمَّكْ صَلِيب مْكَسَّر كْتَافِي
نِحْنَا إِذَا فْرِحْنَا بْتَارِيخْ هِجْرِتْنَا
لا تِفْتِكِرْ مِنْحِبّ غُرْبِتْنَا
يَا وَطَنِي الْمتْشَرَّدْ وْحَافِي
ـ2ـ
مْنِفْرَحْ كَرَامِةْ أُمّ حَضْنِتْنَا
وْوَقْت الِـ بْكِينَا بْحُبّ عَزِّتْنَا
وْوَقْت الِـ بْرَدْنَا بْرِيشْ غَطِّتْنَا
وْنَيّمِتْنَا بْحضِنْهَا الدَّافِي
ـ3ـ
وْبِنْجَاحْنَا أَوّل مَا هَنِّتْنَا
وِاسْتَقْبَلِتْ بِالشّكرْ خِدْمِتْنَا
أستْرَالْيَا.. الْـ إِسْمَا عَلَى شْفَافِي
أَرضْنَا الْحُرَّه الْمِضْيَافِه..
**
طاووس

ـ1ـ
إِنْتْ.. يَا إِنْت الْـ عَمِ بْتِسْهَرْ
وْيِسْهَرْ مَعَكْ كاسَكْ
فرْحَانْ.. قَاعِدْ هَيْك عَمْ تِسْكَرْ؟!
الْخَيْرْ بِخْوَابِيكْ
وِبْوَابَكْ مْسَكَّرْ
وْمَا يَوْمْ وِجْعَكْ عَ حَدَا رَاسَكْ
هْنِيَّالْ قَلْبَكْ كِيفْ مَا بْتِضْجَرْ؟!
ـ2ـ
إِنْتْ.. يَا مَاشِي عَلَى الْمَرْمَرْ
وْرَقبْتَكْ تِعْبِتْ مِنِ الْجَوْهَرْ
وْمِتِل شِي طَاوُوس بْتِمْشِي.. بْتِتْكَبَّرْ
شُو مِسْتِحِي حَاكِيكْ؟!
شُو مِسْتِحِي حَاكِيكْ؟!
زْغِيرْ إِنْت زْغِيرْ.. وْأَزْغَرْ مِنِ الأَزْغَرْ!
**
جرح كبير

ضْحِكْتُوا عْلَيْنَا كْتِيرْ
وْصَارْ وَقِتْنَا نِحْنَا
نْدَاوِي الْجرحْ الِكْبِيرْ
الْـ فَجَّرْ جَوَارِحْنَا
الْـ خَلاَّ الزَّمَانْ يْصِيرْ
يْشَقْلِبْ مَطَارِحْنَا
وِبْسَاعِة التِّعْتِيرْ
يْشَمِّرْ تَا يِدْبَحْنَا..
**
شياطين

ـ1ـ
.. وْبِتْذَكَّرْ الْمَاضِي
إِيَّامْ كَان الدِّينْ
يْعَانِي مْنِ رْجَالُو
اللِّي قَرْقَطُوا دْيَالُو
تَا يْفَبْرِكُوا سْلاطِينْ
تِلْتَيْنُن مْجَانِينْ
وِدْمَاغْهُنْ فَاضِي!
ـ2ـ
.. وْمَرْقِت عْلَيْنَا سْنِينْ
وْبَعْدُو الشَّعبْ مسْكِينْ
مُشْ فَاهِم الأَدْيَانْ
إِنَّا صَلا وِخْشُوعْ
وِرْفُوفْ قِدِّيسِينْ
ضَوِّتْ حَيَاتَا شْمُوعْ
عَ مَدْبَح الدَّيَّانْ!
ـ3ـ
.. وْبَعْدُو بْإِسْم الدِّينْ
عَمْ يِخْلَق سْلاطِينْ
شَكْلا شَكل إِنْسَانْ
وْفِعْلا فِعلْ شَيْطَانْ
وِلْهَالسَّبَبْ لُبْنَانْ
عَمْ تِحصدُو النِيرَانْ
وْتِسْتَملكُو شْيَاطِينْ!
ـ4ـ
فِيقْ يا شَعْبِي
قَبلْ مَا الطُّوفَانْ
يِجْرُف مْحَبِّه
مْغَلْغَلِه مْنِ زْمَانْ
بِـ قَلْبَك وْقَلْبِي
ـ5ـ
وْهَاتْ إِيدَكْ هَاتْ
تَا إِشْبِكَا بْدَيِّي
عَهْد التَّعَصُّبْ مَاتْ
فِيقْ يَا خَيِّي
الإِنْجِيلْ وِالْقُرْآنْ
ما فَسَّرُوا الأَدْيَانْ
نَعْرَاتْ دِينِيِّه
ـ6ـ
وِتْأَكَّدْ.. الإِسْلامْ
خَيّ الْمَسِيحِيِّه
وِبْآخِر الأَيَّامْ
الْقُوِّه الإلهِيِّه
اللِّي مْسَيّرَه الأَكْوَانْ
عَ ذَوْقهَا هِيِّي
بِتْوَحِّد الإِنْسَانْ
بْجَنِّه سَمَاوِيِّه
ـ7ـ
وْيَللاَّ سَوَا تَا نْقُولْ:
انْحِنْيِي يَا رَقْبِتْنَا
لِلأَنْبِيَا عَ طُولْ
لِمْحَمَّد وْيَسُوعْ
وْغَسّلِي يَا دْمُوعْ
أَوْسَاخْ دِنْيِتْنَا..
**
ارجعوا

ـ1ـ
اشْتَقْنَا يَا بْلادِي اشْتَقْنَا
لِبْرُودَات الصّبْحِيِّه
وْلِلشَّمْس الْـ بِتْفَيِّقْنَا
بِجْدَايِلْهَا السِّحْرِيِّه
لِلطَّيْر الْـ عَمْ يِسْرِقْنَا
وْيِنْتُفْ تِينِه حْمَيْرِيِّه
اشْتَقْنَا تْرِفّ بْيَارِقْنَا
فَوْق الأَرْض الْمِحْمِيِّه
اللِّي فْلَحْنَاها وِعْرِقْنَا
اللِّي حْرَسْنَاهَا لَيْل نْهَارْ
تَا تِبْقَى لُبْنَانِيِّه
ـ2ـ
وْيَا أَهْلِي.. يَا مُغْتِرْبِينْ
أَشْعَارِي الْـ كِلاَّ إِحْسَاسْ
سْمَعُوهَا.. وْخَبُّوهَا سْنِينْ
بِقْلُوب بْتِسْكِنْهَا النَّاسْ
وْعَ بْلادي الْـ فِيهَا حْسَاسِينْ
غَنِّتْنَا مِنْ دُون قِيَاسْ
ارْجَعُوا.. يَا أَغْلَى مْحِبِّينْ
بِالْغُرْبِه مْنِبْقَى مْسَاكِينْ
مَهْمَا يْغَطِّينَا الإِلْمَاسْ!
**
وآخرتها شو؟

ـ1ـ
.. وْآخْرِتْهَا شُو؟!
كَمْشِةْ عُمرْ مَرْقِتْ
وْبَعْدُو غْرَاب الْبَيْنْ
عَمْ يِنْفُض رْيَاشُو
بِبْلادْ ضَاعِتْ بَيْنْ
أَطْمَاعْ حَنَّا وْزَيْنْ
وِبْدَمّهَا اخْتَنْقِتْ!
ـ2ـ
.. وْآخْرِتْهَا شُو؟!
وْأَطْفَالْنَا الْـ مِنْ حَقُّن يْنَامُوا
وْيِحْلَمُوا بِالنُّورْ
سَيْهَرُوا الدَّيْجُورْ
مِنْ كِتِرْ مَا انْضَامُوا
بِبْلادْ كلاَّ جُورْ
وْعَمْ تِرْتِمِي بِبْحُورْ
كذْب وْأَنَانِيِّه
وْصَفْقَاتْ مَالِيِّه
وْإِحْتِيَال وْزُورْ!
ـ3ـ
.. وْآخْرِتْهَا شُو؟!
وْمَا ضَلّْ عِنَّا بَيْتْ
وَاقِفْ بِوِجّ الرِّيحْ
يِنْدَه عَلَى السِّكَّيْتْ:
يا رَيتْ رَسْمُوا زِيحْ
بَين الْكذبْ وِالْحَقّْ
ما كانْ ضَوِّي شْحِيحْ
وْلا كانْ حَيْطِي انْشَقّْ
"يا بَيْتنا الْمَشْلُوحْ عَ الطُّرْقَاتْ
وِتْشَرّدُوا حْبَابَكْ
وْعَ عَتْبِة بْوَابَكْ
حُبّ الْفَضِيلِه مَاتْ
وِانْطَمّ بِتْرَابَكْ
لَسْبِدّْ ما تِتْرَاجَع الأَيَّامْ
عَن ظُلمها الْمَقْصُودْ
وْتِتْغَيَّرْ بْإِسْم الشَّعبْ حُكَّامْ
قِرْفَان مِنْهَا الدُّودْ"..
ـ4ـ
.. وْآخْرِتْهَا شُو؟!
سَاعَه بْيِرْضَى فْلانْ
وْسَاعَاتْ بِيهاجِمْ
وْعَمْ يِحْترقْ لُبْنانْ
وْتِتْطَايَر جْمَاجِمْ
مُشْ عَارْفِينْ لْمِينْ؟!
"جِيرانْ عاشُوا الْعُمرْ
عَ طُولْ مِتِّحْدِينْ
ما بْيِسْأَلُوا عَنْ دِينْ
دِينُنْ إِيمان وْفَخرْ
بِالأَرْز وِبْصِنِّينْ
لَكِنْ بِسَاعِةْ قَهْرْ
مِشْيُوا بْطَرِيقْ الْغَدْرْ
مَعْ زُمْرِة شْيَاطِينْ"
ـ5ـ
.. وْآخْرِتْهَا شُو؟!
الأيَّامْ تَرْكِتْنَا
بْبَحْر الْخَطِيِّه نْعُومْ
وْنِسْيِتْ عَ وِجَّا رْسُومْ
مِنْ وَهجْ ضِحْكِتْنَا
مِنْ لَوْن أَحْلَى غْيُومْ
مَرْقِتْ عَ تَلِّتْنَا
"افْتَكْرِتْ سْيُول الْحقْدْ
مْنِ زْمَانْ جَرْفِتْنَا
وْجَرْفِت حْرُوف الْمَجْدْ
مِنْ فَوْق صَفْحِتْنَا!"
ـ6ـ
.. وْآخْرِتْهَا شُو؟!
وْبَعِدْنَا بْلُبْنَانْ
مْنِنْحِنِي لِفْلانْ
وْمِنْأَلِّه فْلَيْتَانْ
وِنْدُورْ بِمْدَارُو
الإِنْسَانْ أَللَّـه أَوْجَدُو إِنْسَانْ
تَا يِرْفَع شْعَارُو
وِيْمَجّدُو هُوِّي
وَحْدُو إِلَه الْحُبّ وِالْقُوِّه
الْـ مِنْ نَفْخِتُو بْيِلْوِي
أَكْبَرْ زَعِيمْ.. وْمِنْ هَوَا غْبَارُو
بْيِتْطَايَرُوا نْفَارِيتْ.. أَنْصَارُو
ـ7ـ
.. وْآخْرِتْهَا شُو؟!
ما عَادْ فِينَا دَمّْ
عَ كِتِرْ ما تْعِبْنَا
وْزَادِتْ مَصَايِبْنَا
ضِعْنَا بْزَاوَايَا الْعَتْمْ
لا الشَّمْسْ بَعْدَا شَمْسْ
وْلا نُورْهَا بْيِلْمَعْ
حَتَّى غْنَانِي الأَمْسْ
بِالْكَادْ نِتْسَمَّعْ
صِرْنَا عْذَاب النَّفْسْ
وْصِرْنَا التّنْهِيدَاتْ
وْلَوْلا مَرَقْ شِي عرْسْ
مِنْخَزِّق الزِّيناتْ
ـ8ـ
.. وْآخْرِتها شُو؟!
وْنِحْنَا اللِّي عَمْ نِخْسَرْ
هَـ الأَرْضْ وِالأَحْبَابْ
اللِّي تْحَوّلُوا لِتْرَابْ
كِرْمَالْ يِتْمَخْطَرْ
فَوْقُو الزَّعِيمْ السَّافِل النّصَّابْ
يَللِّي بْتِمُّو نْيَابْ
بِتْقَرْقِط الْخَنْجَرْ
ـ9ـ
يَا رَيْت فِيِّي خَلِّص بْلادِي
مِنْ كِلّ آلامَا
وْتِدْجِيلْ حُكَّامَا
وْتبْوِيسْ الأْيَادِي
وْيَا رَيتْ فِيِّي إِشترِي بْدَمِّي
أَمْن الشَّعبْ كِلُّو
وْبَدْل "الْعَشِيرِه" يْقَدِّس "الأُمِّه"
وِيْوَحِّد الْكِلْمِه
وْما يْعُود يِقْدِرْ جَيْش يِحْتَلُّو
ـ10ـ
.. وْآخْرِتْها شُو؟!
قْرِفْنَا الْحَكِي يَا ناسْ
قْرِفْنا الشِّربْ وِالْكاسْ
قْرِفْنا الْمَحَبِّه وِالزَّهرْ
قْرِفْنَا نْأَدِّنْ بِالْفَجْرْ
أَوْ نِحْضَر الْقدَّاسْ
قْرِفْنَا نْكَمِّلْ هَـ الْعُمرْ
الْخَالِي مْنِ الإِحْسَاسْ.
**
فخّار يكسّر فخّار

ـ1ـ
خَايِفْ مِنْ هَـ الْـ وِقْفُوا بْدَرْبِي
الْـ شَكُّوا صَابِيعُنْ بِعْيُونِي
الْـ سَكْبُولِي بْدِينَيِّي الْكِذْبِه
الْـ زَتُّونِي بْدِنْيِي مَجْنُونِه
النَّاس الْـ عَمْ بِيبِيعُوا حَالُنْ
لِلشَّيْطَان الْـ وِقْفِ قْبَالُنْ
عَارِي مِنْ وَرْقَات التِّينْ
تَا صَارُوا بْفَيَّات خْيَالُنْ
يِمْشُوا وْهِنِّي فِزْعَانِينْ!
ـ2ـ
زْرَعْتِلُّنْ طُرْقَاتُنْ زَهْرْ
قَطْفُوا الزَّهْر وْضِحْكُوا عْلَيِّي
سْقِيتُنْ مِنْ قَلْفِيتِي خَمْرْ
شِرْبُوا الْخَمْر وْعِلْقُوا فِيِّي
شُو بَدِّي إِعْملْ يَا رَبِّي
مِلْكُوا الأَرْض.. مْلِكْت الْغُرْبِه
خَلِّصْنِي مِنْ ظلْمُنْ.. وَقِّفْ
عَ بْوَابِي مَارِدْ بِيخَوِّفْ
وِبْيَعْرِفْ أَسْرَار اللّعْبِه!
ـ3ـ
أَرْقَامُنْ.. إِكْلِتْ أَرْقَامِي
وِحْسَابُنْ.. غَطَّى عَ حْسَابِي
وْطوْلِتْ بِعْيُونُنْ أَيَّامِي
دَقُّوا عَ أَوْتَار عْصَابِي
افْتَكْرُوا إِنُّو جْنُونِي قَرَّبْ
وْأَعْصَابِي مْنِ الدَّقّ بْتِتْعَبّْ
وْمَا عِرْفُوا وَقْت الْـ بِتْعَذَّبْ
بْيِتْجَدَّدْ عُمْرِي بِعْذَابِي!
ـ4ـ
سَرْقُوا عَنْ طَاوِلْتِي الْخُبْزْ
وْتَرْكُوا طْفَالِي عَمْ بِتْصَرِّخْ
قَالُولِي: طَعْمِيهُنْ عِزّْ
تَا عِزَّكْ بِالْبَطْن يْفَرِّخْ
تَارِي الْـ مَا عِنْدُو أَطْفَالْ
عَمْ يِقْتُلْ تَا يْجَمِّعْ مَالْ
مَا بِيهِمُّو تِفْنَى عْيَالْ
بِيهِمُّو هَـ الْكَوْن يْدَوِّخْ!
ـ5ـ
خَايِفْ مِنْ إِيدَيْهُنْ تِطْوَلْ
وِتْطَال الْغُرْبِه وْسِكَّانَا
خَايِفْ مِنْ إِجْرَامُنْ يُوصَلْ
وْيِقْضِي عَ مْحَبِّةْ إِنْسَانَا
خَايِفْ مِنْ إِشْيَا مَجْهُولِه
مِنْ نَاسْ بْتِخْلَقْ بِاللَّيْلْ
عْيُونُنْ مَفْتُوحَه وْمَسْطُولِه
وْعَ شْفَافُنْ صَرْخَات الْوَيْلْ
ـ6ـ
لَوْ فِيِّي إِخْلَقْ مِنْ حَالِي
عَالَـمْ.. يَعْرِفْ شُو اللِّي صَارْ
يِمْكِنْ كِنْت بْطَمِّنْ بَالِي
وْبِزْرَعْ خَلْف اللَّيْل نْهَارْ
لَكِنْ كِلُّنْ مِلْهِيِّينْ
وْعَمْ بِيمُوتُوا فِرْحَانِينْ
نِبَّهْتُنْ.. قَالُوا: مِسْكِينْ
فخَّار يْكَسِّرْ فخَّارْ!
ـ7ـ
وَيْنُنْ؟!.. وَيْنُنْ؟!.. شُو اللِّي صَابُنْ
الْـ كَانِتْ أَمْجَادُنْ مضْوِيِّه
الأَرْض انْتَلْيِتْ مِنْ أَحْبَابُنْ
وْبَعْدَا عْقُولُنْ هِيِّي هِيِّي؟!
مَا عِرْفُوا الْمَاضِي مَا بْيِرْجَعْ
وِالْحَاضِرْ مُشْ مُمْكِنْ يِرْكَعْ
وْمَهْمَا رَكْضُوا.. مَوْتُنْ أَسْرَعْ
وْآخِرْتُنْ لِلشَّرّ هْدِيِّه؟!
ـ8ـ
وَيْنُنْ؟!.. وَيْنُنْ هَللِّي كَانُوا
تُوعَى الدِّنْيِي مِنْ كِلْمَاتُنْ
وِالْقَلْب الْـ ضَيَّعْ إِيمَانُو
يْلاقِي إِيمَانُو بْحَكْيَاتُنْ؟!
ضَاعُوا لِمِّنْ مَجْدُنْ ضَاعْ
وْصَارُوا السِّلْعَه الْـ عَمْ تِنْبَاعْ
وِبْيُوتُنْ لِلْغَيْر مْشَاعْ
وِالشَّوْك مْغَطَّى طرْقَاتُنْ
ـ9ـ
يَا شَعْبِي الْوَاقِفْ بِالْعَتْمِه
وِالنُّور بْقِنْدِيلَكْ حَامِلْ
نَاطِرْ حَتَّى تْقِلُّنْ كِلْمِه
تِضْوِي وْتِكْبَرْ قَدّ النِّجْمِه
أَوْ تِزْغَرْ وِتْصَفِّي مْشَاعِلْ
دَبْحُوكْ.. وْدَهْنُوا جَزْمَاتُنْ
بَاعُوكْ.. وْعَبُّوا خَزْنَاتُنْ
وْبَعْدَكْ عَمْ تِسْمَعْ حَكْيَاتُنْ
قَاتِلْهُنْ.. يَا شَعْبِي.. قَاتِلْ
ـ10ـ
يَا رَيْت بْتَعْرِف الِحْكَايِه
اللِّي حْرُوفَا انْكَتْبِتْ بِالدَّمّْ
الْـ بَعْدُنْ مَا حَطُّولا نْهَايِه
وْلا اسْتَحْيُوا مِنْ دَمْعِةْ أمّْ
وْلا مِنْ صَرْخِةْ طفْل زْغِيرْ
عَمْ يِشْحَدْ مِنْ كِتْر الْجُوعْ
وَاقِفْ عَ بْوَاب التِّعْتِيرْ
وْعَ خْدُودُو حَبَّات دْمُوعْ
وِبْقَلْبُو عَمْ يِغْلِي السَّمّْ
ـ11ـ
وْيَا رَيْت بْيِرْجَعْ مَاضِينَا
وِالتِّهْجِير يْصَفِّي ذِكْرَى
تْرَكْنَا مْحَارِمْنَا عَ الْمِينَا
بَرْكِي بْتِسْتَقْبِلْنَا بُكْرَا
تْرَكْنَاهَا بْيَارِقْ مَرْفُوعَه
تِحْكِي حْكَايِتْنَا بِدْمُوعَا
بَرْكِي الْحَقّ بْيِرْجَعْ يُوعَى
وِيْمَسِّحْ عَنْ وِجُّو الْغَبْرَه
ـ12ـ
وِصْلُوا عْلَيْك.. وْوِصْلُوا عْلَيِّي
وْمَا بْتِفْرُقْ لَوْلا اغْتَالُونِي
مَا دَامَكْ رَحْ تِبْقَى فِيِّي
الْقَلْب.. الرُّوحْ.. وْضَوّ عْيُونِي
حْكِيتِلَّكْ كِلْمِه بِالسَّابِقْ
شِفْتَكْ فَوْق الْكِلْمِه مَارِقْ
وِمْغَطَّى عْيُونَكْ.. وِالسَّارِقْ
عَمْ يِسْرُقْ مِنْ بَيْت الْمُونِه!
ـ13ـ
فَبْرِكْ مِنْ ضَافِيرَكْ خَنْجَرْ
شِكُّوا بْصَدْرُنْ لا تِتْأَخَّرْ
إِيدَيْهُنْ خَنْقِتْ أَنْفَاسَكْ
وْإِجْرَامُنْ عَمْ يِقْوَى أَكْتَرْ
سَاعِدْنِي وَحِّدْ قِدَّاسَكْ
مَعْ تأْدِينَكْ.. حَتَّى يِكْبَرْ
جِسْمَكْ.. وِيْخَافُوا مْنِ قْيَاسَكْ
قِدَّام الْمَارِدْ يَا شَعْبِي
عَ طُول الْحُكَّامْ بْتِزْغَرْ.
**
كلّن متّفقين

ـ1ـ
كلُّنْ.. كلُّنْ مِتِّفْقِينْ
بِالْيَسَار وْبِالْيَمِينْ
يِتْسَلُّوا بْأَرْوَاح النَّاسْ
وْيِقْضُوا عَ الشَّعْب الْمسْكِينْ
ـ2ـ
أُوعَا.. اُوعَا شُو ما صَارْ
تِمْشِي مَعْ زمْرِةْ تَتَارْ
لازِمْ نِحْرِقْهَا بِالنَّارْ
بْقَلب مْحَجَّرْ ما بِيلِينْ
ـ3ـ
فَتِّحْ عَيْنَكْ حَتَّى تْشُوفْ
الإِشْيَا كِلاَّ عَ الْمَكْشُوفْ
نِحْنَا مْنَاكُلْ ضَرْب سْيُوفْ
وْهِنِّي بْقَصْرُنْ فِرْحَانِينْ
ـ4ـ
مِسْلِمْ.. نِصْرَانِي.. ما هَمّْ
إِنْتَ عِنْدَكْ بَيّ وْأمّْ
إِنْتَ بِشْرَايِينَكْ دَمّْ
مُلْكَكْ.. مُشْ مُلْك شِيَاطِينْ
ـ5ـ
لا تِتْكَتَّفْ قِدَّامِي
وْتِتْلَهَّى بْمَرْكَزْ سَامِي
بْبَيْتَكْ مَوْجُود حْرَامِي
عَمْ يِسْرُقْ بِـ إِسْم الدِّينْ
ـ6ـ
لا تْقِلِّي: شَاعِرْ مَغْرُورْ
طَالِب شُهْرَه وْمَجْد قْصُورْ
عَمْ بِكْتُبْ تَا شَعْبِي يْثُورْ
وْيِدْبَحْ بِـ ضِفْرُو مْجَانِينْ
**
جنوب لبنان

ـ1ـ
إِنْت الْمَارِدْ..
إِنْت الشِّعْلِه الْـ عَمْ بِتْضَوِّي بْلَيْل الذُّلّْ
إِنْت الْغَلِّه الْمُشْتَاقَه لإيدَيْن الْحَاصِدْ
إِنْت الْحُلْم بِلْيَالِينَا
وِالدَّمّ الْـ عَمْ يِجْرِي فِينَا
يَا جْنُوبِي الْـ رَحْ تِبْقَى صَامِدْ
مَهْمَا قِسْيُوا عْلَيْك الْكلّْ
ـ2ـ
مِنْ دُونَكْ شُو نَفْع الأَرْض
اللُّبْنَانيِّه بْطُول وْعُرْضْ
لازِمْ نِتْكَاتَفْ يَا جْنُوبْ
وْنِمْحِي عَنْ وِجَّك حْرُوبْ
خَلِّتْ طِفْلَكْ يِتْشَرَّدْ
وْيِمْشِي بِالْعَتْمَات دْرُوبْ
وْعَ جلجلة الْحقد الأَسْوَدْ
الْمَشْقُوعَه بِحْجَارْ الْبُغْضْ
شَعْبَكْ مِنْهَانْ وْمَصْلُوبْ
ـ3ـ
خْسَارِتْنَا.. مَرْبَحْ عَ طُولْ
لا تْفَكِّرْ بِخْسَارِتْنَا
بُكْرَا بْتِسْمَع دَقّ طْبُولْ
لَمَّا مْنِعْلُنْ وِحْدِتْنَا
دِنْيِتْنَا مْنِ الْلاَمَعْقُولْ
جَنِّةْ أَرْضَكْ دِنْيِتْنَا
روَّضْنَا مْنِ الرِّيح خْيُولْ
شْكَلْنَا الشَّمْس بْرَايِتْنَا
وْمَهْمَا خْيُول الإِعْدَى تْجُولْ
بِتْرَكِّعْهَا سَاحِتْنَا..
ـ4ـ
ضَلَّكْ قَاوِمْ مَهْمَا صَارْ
أَحْبَابَكْ بِالدِّنْيِي كْتَارْ
إِنْتْ النَّسْمِه الْـ عَمْ إِتْنَشَّقْ
وِالشَّمس اللِّي عَمْ تِتْسَرَّقْ
فَوْق جْبَالِي
وْمِنْ وَبْرَات الْغَيْم الأَزْرَقْ
تِغْزُلْ شَالِي..
ـ5ـ
لَوْ كَان الشِّعر بْواريدْ
كِنت بْشِعْري سِلَّحْتَكْ
وِرْسَمْتِلَّكْ مَلْيُونْ إِيدْ
تَا تْدَافِعْ عَنْ مَصْلِحْتَكْ
يَا طِفْلِي الْخِلْقَانْ جْدِيدْ
وْبَعْدِي لْهَلَّقْ مَا حْمِلْتَكْ
رَحْ إِعْمِلَّكْ أَجْمَل عِيدْ
وْحَوِّشْلَكْ أَزْهَار الْكًوْنْ
وْحَيِّكْلَكْ فَرْشِةْ تَخْتَك..
ـ6ـ
حُرِّيتَكْ.. خُبْزي وِالْقُوتْ
وْغَايِةْ أَهْدَافِي كِلاَّ
مَا بَدِّي مَالْ وْيَاقُوتْ
وْلا بِالنِّجْمِه إِتْحَلِّى
بَدِّي عَ أَرْضَكْ يْمُوتْ
الْغَازِي الْـ بَعْدُو مُحْتَلاَّ
وْإِعْمِلُّو بْإِيدي تَابُوتْ
مِنْ لَعْنَاتْ وْلاد زْغَارْ
شبْعُوا حْرُوبْ وْدَم وْنَارْ
وِاشْتَاقُوا لْرَحْمِةْ أَللـه..
**
يوم لبنان

ـ1ـ
الْيَوْم عِيد الْبَيّْ.. يَا بَيِّي
يَا وَطَنْ.. عَمْ بِتْئِنّ لَيْلِيِّه
صَرْلِي عُمر حَوِّشْلَك الْقصْدَانْ
تَا قَدِّمُنْ بِالْعِيدْ.. عِيدِيِّه
تَارِي الشِّعرْ مَا بْيِطْعم الْجُوعَانْ
وْلا بْتِنْفَع الْمَحْزُونْ غِنِّيِّه
مَهْمَا عْيُونَكْ تِذْرُف الأَحْزَانْ
حْبَسْتَكْ فَرَحْ جُوَّاتْ عِينَيِّي
وْمَهْمَا الْغُرْبِه تْغَيِّر الإِنْسَانْ
وْتِزْرَعْ بِـ فِكْرُو خْبَارْ وَهْمِيِّه
بْتِبْقَى إِلَكْ: آياتْ مِنْ لُبْنَانْ
تْمَجّدَكْ بِالْهَجْرْ يَوْمِيِّه
وْغِيَّابْ، يِخْزِي الْعَيْنْ، وَينْ مَا كَانْ
بِزْنُودُنْ الْبُلْدَانْ مِبْنِيِّه
وْشَطْحَاتْ صُورَه.. رَاسِمَا فَنَّانْ
فِيهَا الْهَنَا.. فِيهَا شعب فِرْحَانْ
رِجْعِتْ إِلُو الْجَنِّه الإِلَهِيِّه..
ـ2ـ
الْيَوْمْ عِيدْ الْبَيّ.. يَا عْيُونِي
يَا مَارِقْ بْإِيَّامْ مَجْنُونِه
كِيفْ بَدِّي عَيّدَكْ وِالنَّارْ
عَمْ تحصُد الأَهْل اللِّي رَبُّونِي
وْعَ الأَلْفْ لِيرَه تْسَلَّط الدُولارْ
بْطُونْ الْبَشَرْ لِلْغَرب مَرْهُونِه
وْعَ خْدُودْ وِجَّكْ خَيّمُوا الأَشْرَارْ
وْتَحت الْخِيَمْ.. أَجْسَادْ مَدْفُونِه
بْحَلّفَكْ بِالأَرْزْ.. مَهْمَا صَارْ
لاَ تِيأَس مْنِ النَّصْرْ.. لا تِنْهَارْ
بَعْدَكْ عَ صَدر الْـ هَاجَرُوا.. قُونِه
ـ3ـ
الْيَوْمْ عِيدْ الْبَيّ.. يَا حُبِّي
يَا وَطَنْ.. دَقُّوا شْلُوشَكْ بْقَلْبِي
تْغَذَى بْدَمِّي.. الدَّمّ عَ حْسَابَكْ
بِـ كل نِقْطَه زَارع مْحَبِّه
شُوف الأَسَى بِعْيُونْ غِيَّابَكْ
بْيِحْكِي قِصَصْ أَيَّامُنْ الصَّعْبِه
كِيفْ رَكْعُوا سْنِينْ عَ بْوَابَكْ
يْدِقُّوا عَ صَدْرُنْ.. تِرْجَع الطَّلْبِه
وْلُوهْ.. شُو اللِّي صَار.. شُو صَابَكْ
مَا عِدْتْ تِنْدَه: عُودْ يَا شَعْبِي؟!
قَلُّوا اللِّي فِيكْ.. وْطَيْشَرُوا حْبَابَكْ
يَللِّي تْرَابُنْ حَنّ لِتْرَابَكْ
.. حْرَامْ تِدْفُنْ شَعب بِالْغُرْبِه!
**
بلادنا

ـ1ـ
بْلادْنا.. اللِّي هَجْرِتا الأَحْلامْ
بَعْدا حُلمْ بِالْعَيْن بَسّ نْنامْ
مْنِتْقَلَّبْ.. وْمِنْصِيرْ نِشْتَقْلاَ
وِنْقُولْ: بُكْرا بْتِرْجَعْ الأَيَّامْ
قِللِّي يا أَللَّـه: شُو بِهُنْ أَهْلاَ
نِسْيُوا الْفَضِيلِه وْشَجّعُوا الإِجْرامْ؟
وِشْفَافْنا مْنِ الشَّوْق تِنْدَهْلا
وِقْلُوبْنا عَمْ تِنْزُف الآلامْ
مَهْما الزَّعَامِه تِغْرَق بْجهْلاَ
لُبْنانْ باقي لْكِلّ سِكّانُو
دْروز وْنَصَارَى وْحَدُّنْ الإِسْلامْ
ـ2ـ
قِدَّيْش صِرنا نْحِبّها قِدَّيْش؟
بْلادْ.. صَلْبُوها عَ خَطّ النَّارْ
بْلاد قادُوها عَلَى الطِّمَّيْش
وْبَعْدا لْهَلَّقْ جَاهْلِه شُو صارْ
بِتْمُوتْ فِيها انْ قِلْت مَرَّه: لَيْشْ
قَتْلُوا الأُمُومِه وْفِي بْحِضْنا زْغارْ؟
بِتْمُوتْ فِيها انْ قِلْت: وَيْن الْجَيْشْ
وْكِيفْ تقْسِيمُو حَصَلْ بِنْهارْ؟
وْلَوْ مُتّ كِرْمالاَ أَنا.. مَعْلَيْشْ
الِمْهِمْ يِبْقَى مَوْطَني لُبْنانْ
وْإِمْسَحْ بِـ دَمِّي عَنْ جبينُو الْعارْ
**
وين إنت وين؟
مهرجان عيد الإستقلال الذي دعت إليه فرقة أرز لبنان الفلكلورية ـ سيدني 1988

ـ1ـ
وَيْن إِنْتَ وَيْنْ
عَمْ إِسْأَلَكْ.. جَاوِبْ
ما يَوْم قَدْرِتْ عَيْنْ
دَمْعَاتْهَا تْحَارِبْ؟!
وِالنَّارْ.. يَا اسْتِقْلالْ
بِالْقَلبْ شِعْلانِه
مِنْ نَاسْ عَبْدُوا الْمَالْ
وْعَ بَيْدَر خْيَانِه
جَمْعُوا وَطَنْ وِعْيَالْ
تَا يْدَلِّل الدِّلاَّلْ
عَ شَعْب لُبْنَانِي!
ـ2ـ
غَنُّوكْ.. تَا انْبَحّ الْقَصَبْ
وِاخْضَرّْ مِنْ صَوْتُو الْغَضَبْ
يَا كِلْمِة الْـ مَا بْتِنَّسَى
مَهْمَا يْجَرِّحْنَا الأَسَى
وْمَهْمَا الْبُوم يْنِقّْ
بِتْضَلّْ شَمْس الْحَقّْ
وْنِحْنَا بْنُورَكْ مَاشْيِينْ
تَا نُوصَل لْصَنِّينْ
تَا نُوصَل لْبَيْرُوتْ
لْعَكَّارْنَا.. وْجَزِّينْ
لأَرْزَاتْ مَا بِتْمُوتْ
لِطْرَابْلُسْ.. وِالشُّوفْ
لِجْبَيْل مَهْد حْرُوفْ
لِشْطُوطْ نَاقُورَه
لْزَيْتُونْ بِالْكُورَه
لْصُورْ أُمّ النُّورْ
لْصَيْدَا.. لِلدَّامُورْ
لِبْعَلْبَكْ الْمَقْلَعْ
لِجْنُوبْ ما بْيِرْكَعْ
بِيرَكِّع الْمَدْفَعْ
خَلِّيكْ يَا اسْتِقْلاَلْ
عِيد وْفَرَحْ أَطْفَالْ
بِالشَّمْس عَمْ تِلْعَبْ
وِتْزَيِّن الْمَلْعَبْ
ـ3ـ
وْفِرْقِةْ اَرز لُبْنَانْ
هَـ الـ غَنّتَكْ بِالْهَجْرْ
خَلِّتْ شَعْب مِنْهَانْ
يِفْرَحْ بِمَلْقَى الْفَجْرْ
وْإِنْت الْفَجْر عَ طُولْ
بِتْفَيِّقْ شْبَابِيكْ
غِيَّابْ فِرْحُوا فِيكْ
وْرَقْصُوا عَ دَقّ طْبُولْ
ـ4ـ
وَيْن إِنْت وَيْنْ؟!
بْشَمْخِةْ جَوَارِحْنَا
عُمْرَكْ مَا صِرْت تْنَيْنْ
وْلا رْضِيتْ تِدْبَحْنَا
مَهْمَا غْرَاب الْبَيْنْ
بِالْبَيْنْ يِشْلَحْنَا
نِحْنَا شَعْب لُبْنَانْ
بْتِتْغَيَّرْ الْبُلْدَانْ
بْتِتْطَايَرْ التِّيجَانْ
وْمِنْضَلّنَا نِحْنَا..
**
دم الشهيد

ـ1ـ
دَمّ الشَّهِيدْ مِتْلِ الْقَمحْ بِالأَرْضْ
بْيِنْمَى تَا يِعْطِي لِلشُّعُوب طْحِينْ
بْيِنْمَى تَا يِقْضِي عَ جْيُوش الْبُغْضْ
الْـ دَعْسِتْ بِإِجْرَيْهَا رْقَاب الآمْنِينْ
ـ2ـ
لَوْلا الشَّهِيدْ مَا انْسَقْيِتْ أْرَاضِي
وْلا الزَّرْعْ فَرَّخْ بَيْنْ إِيدَيْنَا
وْلا ضَلّ عِنَّا حَاضِر وْمَاضِي
وِالرَّكْض مِتْعَمْشَقْ بِـ إِجْرَيْنَا
ـ3ـ
كِنَّا صِفِرْ عَ هَامِش الأَيَّامْ
وِمْنِسْتِحِي نِحْمِلْ أَسَامِينَا
لَوْلا الشَّهِيد الْـ بِالْخَنَادِقْ نَامْ
وْكِلّ هَمُّو بَسّ يِحْمِينَا
ـ4ـ
مَا فِي هَوِيِّةْ شَعْبْ بِالْمَعْمُورْ
إِلاَّ وْخَتَمْهَا بْإِصْبَعُو فَادِي
شَمْعِةْ شَبَابُو بْلَعْنِة الدَّيْجُورْ
ضَوَّى عَ مَدبَحْ أَرْزِةِ بْلادِي
ـ5ـ
وْمَا فِي شَعِبْ بَاقِي بْأَرْضُو يَوْمْ
مِنْ دُونْ شهَادِه وْتَضْحِيِةْ أَبْطَالْ
وْلا فِي جِفِنْ إِنْسَانْ دَاق النَّوْمْ
مِنْ دُونْ كَرَامِه وْمَجْد إِسْتِقْلالْ
**
الصوت العالي

ـ1ـ
عَالِي صَوْتِي عَالِي
يَا وَطَنِي الْجَرِيحْ
عَمْ يِهْدُرْ بِاللَّيَالِي
اللِّي مْجَرَّحَه تِجْرِيحْ
وِيْخَرْطِشْ إِسْمَكْ صُورَه
عَ إِيدَيْنِ الْمَعْمُورَه
وِيْلَوِّنْ فِيك الرِّيحْ
ـ2ـ
عَمْ جَرِّبْ حَوِّشْ نِجْمِه
يَا وَطَنِي لُبْنَانْ
تَا بْنُورَا شِقّ الْعَتْمِه
الْمَزْرُوعَه وَيْنْ مَا كَانْ
وْخَلِّي النَّاس تْشُوفْ
اللِّي مْخَبَّى عَ الْمَكْشُوفْ
وْوَعِّي فِيك الإِنْسَانْ
ـ3ـ
سْنِينَكْ اللِّي عِشْتَا
مَا بِعْتِبِرْهَا سْنِينْ
شِفْتَا أَنَا شِفْتَا
عَمْ تِحْنِيلَك جْبِينْ
وِتْقِلَّكْ: إِنْتَ الْبَاقِي
بِالصَّخْر وْبِالسَّوَاقِي
وْبِقْلُوب الْمنْسِيِّينْ
ـ4ـ
إِنْتَ الْحُلْم الأَكْبَرْ
وِالْغَلِّه الْـ مُشْ مَحْصُودِه
يَا نَبْع الْـ عَمْ تِتْفَجَّرْ
مِنْ عِينَيِّي عَ خْدُودِي
لَوْ يِنْطِفِي الزَّمَانْ
وْمَا يِرْجَعْ اللِّي كَانْ
رَحْ إِبْقَى الصَّوْت الْعَالِي
وِمْجَال الْكَوْن مْجَالِي
وِحْدُودَك حْدُودِي!..
**
رسالة جندي لبناني شهيد
مهرجان دعم عائلات شهداء الجيش اللبناني 19/9/2014

ـ1ـ
من هون.. من عرسال
عم أكتب رْساله
للساكنه بْبالي
أمي الحنونه الـ دمعتا شلال
وبركتا رسمال
وقللاّ: يا عينيي
لا تفزعي عليي
الوديان تختي واللحاف جْبال
سهران ع بلادي
ع ضحكة وْلادي
وْحَدّي يا ماما رْجال..
البيموت.. ما بينقال عنّو مات
لدم الشهيد بتركع الكلمات
وبتزلغط الإمّات
لجنودنا الأبطال
ـ2ـ
بتتذكري يمّي
لمّا خسرت دمّي
بمخيّم البارد
كان الطقس بارد
والوحوش كتار
ألعن من التتار
ما عرفت مين تبرّع بدمّو
مسلم.. مسيحي.. ما حدا همّو
تا صار دمي شعب
عم يمشي بالشريان
تا صار دمّي قلب
وإسم القلب.. لبنان
ـ3ـ
يمّي.. إذا رح موت
بتزيّني البيوت
وبترفعي الأرزه
ع عتبة بْوابك
بموتي أنا.. اعتزي
ولا تبيّني مْصابك
رصاصه.. إذا بتفوت
بصدري أنا مش هم
همّي.. يا أحلى أم
ما تنجرح بيروت
ـ4ـ
لا تفزعي من الجوع
لو غاب جسر البيت
الـ ضوّى حياتو شموع
بيرشح تابوتو زيت
بالجيش..
ما في أم منهانه
بالجيش..
ما في عيال جوعانه
نحنا إذا مننصاب
في بضهرنا غيّاب
وفي شعب لبناني
ـ5ـ
وقبل ما ينهي رسالتو
ويطمّنا عن حالتو
دبحوا البطل!
مات البطل!
وتا يبوّسو.. نخّ الجبل
وانهز من كتر الزعل
ومن تم مَيْمه ساهره
تقرا الرساله الطاهره
سمعوا زْلاغيط.. الأمل
ـ5ـ
.. وتطلّعت صوب البحر
وعَ صوتها غطّى القهر
وصاحت: يا خيي الـ بالهجر
حزن اليتامى دم
مسّح دموع الأم
وغفيت ع عتبة باب
المكتوب بتشمّو
وجمله بحرف دمّو
هَـ الأحمر القاني:
"في بضهرنا غيّاب
وفي شعب لبناني"
**
أنا وبيّي
مهرجان دعم عائلات شهداء الجيش اللبناني 19/9/2014

ـ1ـ
بصرتك بنومي حامل شبيّه
وراكع تصلّي.. وعينك عليي
وبصوت يائس، منطفي ومبحوح
سألتك: شو بدّك.. قول يا بيي؟
وشوشتني: ليش الوطن مجروح
ومنكسّه أرزات دهريّه؟
وليش البطل عم ينتهي مدبوح؟
جيش الوطن نعمه إلهيه
خايف يا ابني ع البلاد تروح
وتضيع خلف غبار وهميّه
كتبلي قصيده تهد أعلى صروح
انبنيت كذب ع شطوط رمليه
لبنان بيتي.. مش سفينة نوح
تجمّع بشر.. تا يغدروا فيي
قلّن: ما بدّي أم وحده تنوح
ع وْلادها.. بلعبه سياسيه
ع طول عم شوف القبر مفتوح
أبطالْ عم يفدوا الوطنْ بالروح
تا يْرجّعوا الضحكه السماويه
ـ2ـ
وقّف يا بيي.. مطلبك بركان
وابنك غريب بعتمة الهجران
وْلِكْ كيف بدّي نفـّذو.. والعمر
رح ينتهي.. أو منتهي من زْمان
كتبت الشعر.. ما كان ينفع شعر
ما في ولا كلمه غلبت الشيطان
عنّا زعامه ملفلفه بالعهر
وعنّا شعب بمحبّتُن سكرانْ
عايش سنينو بالبكي والقهر
ورغم العذاب.. بعيشتو فرحان
من دون رئيس.. وطق يا هالقصر
والبرلمان متختخ.. وْخِربانْ
وجنودنا عم ينحروهن نحر
وما رفّ جفن فلان وفليتان
صارت دِما الأبطال ما لها سعر
والروس عم تنباع بالدكان
خنقوا وطن.. بدّو يماشي العصر
لا كهربا.. ولا ميّ للعطشان
والطائفيّه ناخرتهن نخر
نسيوا شو معنى الدين والايمان
بيت العباده عم يوزّع كفر
وعم يقتل الانسان بالانسان
ونحنا، يا بيي، هون صرنا الفخر
وتتلمذت بصفوفنا الأكوان
حكمنا الدني.. رشّوا علينا الزهر
وببلادنا بيتقاتلوا الجيران
رح قولها ع السطح.. تهدر هدر
لبنان بدّو رجال.. مش خصيان
أطخنْ شَنبْ.. ما عاد عندو شَعرْ
يا ريت مرّه.. بتحكم النسوان
ما قدرت إعلن ع الزعامه النصر
عايش وحيد.. بغربتي يئسان
متلي ومتلك.. شعبنا بالهجر
واللي بقي.. مظلوم أو طفران
بـ"روكوود"، يا بيي، حدّ منك قبر
تمنيّت لولا كان بالأوطان
قبري أنا.. يا مجدليا الصبر
سيدني حياتي.. وجنّة البلدان
ما بخونها.. ولا بطعنا بالضهر
بترخص لها الدمّات بالشريان
بيتين شعر حفرتهن بالصدر:
انْ ما كان عنّا جيش يحمي الأرض
وخلفو الشعب.. بالطول أو بالعرض
رح ضل إبكي ع الوطن لبنان
**
خوتان

ـ1ـ
ع طول يا لبنان
بشوفك بأحلامي
بلاقي الأرز زعلان
وقلب الشعب دامي
ـ2ـ
وكمشة بشر خوتان
بتألّه أْسامي
أزلام أو خصيان
ما عندُن كْرامه
ـ3ـ
ما عندهُن إيمان
يْصير الحكم سامي
بينتخبوا مين ما كان
حْرامي ورا حْرامي
**
صوتي مبحوح

ـ1ـ
صَوْتِي مَبْحُوح وْحنْجِرْتِي
نِشْفِتْ مِنْ هَبَّات غْبَارِكْ
وِالْغِنِّيِّه الْـ كانِتْ إِنْتِي
انْدَبْحِتْ وِانْشَلْحِتْ عَ حْجَارِكْ
ردِّي الْغِنِّيِّه يَا بْلادِي
وِالضِّحْكِه لِشْفَاف زْغَارِكْ
ردِّيلِي عِزِّي وْأَمْجَادِي
تَا ضَوِّي النّجْم مْقَابِيلِكْ
صَوتِي مَبْحُوح.. وْعَمْ إِحْلَمْ
إِرْجَعْ يَا بْلادِي إِتْعَلَّمْ
دَوْزِن الْعُود وْغَنِّيلِكْ:
"يَا غْزَيِّلْ يَا بُو الْهِبَا
يَا هَاوِي يَا مْعَذِّبَا
يَلْلاَّ نِرْجَعْ عَ بْلادِي
وِنْرَجِّعْ عَهْد الصِّبَا
ـ2ـ
يَا غْزَيِّلْ قللُّو وْقللُّو:
عَلَم الأرْزِه مِنْجِلُّو
وْبَاقِيلْنَا لُبْنَانْ كِلُّو
مْنِ السَّاحِلْ حَتَّى الرُّبَى
ـ3ـ
يَا غْزَيِّلْ بِـ غُرْبِتْنَا
مَا نْسِينَاهَا لْضَيْعِتْنَا
بَشِّرْهَا بِـ رَجْعِتْنَا
قَبْل الشَّمْس الْغَارِبَه
ـ4ـ
يَا غْزَيِّلْ شُو مَا صَابَا
نِحْنَا نِحْنَا أَحْبَابَا
وْمَجْبُولِين مْنِ تْرَابَا
هَاك الأرضْ الطَّيِّبَه"
ـ5ـ
صَوْتِي مَبْحُوح.. وْكِرْمَالِكْ
رَحْ إِغْزُلْ مِنْ "أُوفِي" شَالِكْ
وْإِفْرَحْ لَمَّا نَايِي يِبْكِي
وِيْنَزِّلْ دَمْعَاتُو قْبَالِكْ
شُو بَدِّي إِحْكِي تَا إِحْكِي
عَمْ جَرِّبْ مِنْ صَخْر جْبَالِكْ
وْمِنْ قُوِّةْ إِيمَان رْجَالِكْ
إِسْرُقْ يَا بْلادِي مُوَّالِكْ:
"قَالُولي: الْمَالْ.. قِلْتِلُّنْ: مَا بَدِّي
بَدِّي الْمَجْدْ شَامِيِّه عَ خَدِّي
أَنَا مْنِ بْلادْ أَرْزَاتَا جَوَاهِرْ
وْتُرَابَا تِبِرْ عَمْ يِلْمَعْ بِـ يَدِّي"
ـ6ـ
صَوتِي مَبْحُوح.. وْآمَالِي
إِمْحِي بِالنَّغْمِه لَيَالِي
وْرَنْدِحْ شْوَيِّةْ قِرَّادِي
عَمْ تِكْبَرْ وِتْعِيش بْبَالِي
حَابِبْ غَنِّيلِك يَا بْلادِي
وْخَايِفْ مِنْ حَالِي عَ حَالِي:
"ردِّي يَا بْلادِي ردِّي
الضَّرْبَات كْتَارْ
يَا نبْع الْجَارِي حَدِّي
وْقَلْبِي عَ نَارْ
ـ7ـ
مَهْمَا صَابِكْ لا تْقُولِي
نِسْيُوا الأيَّامْ
وْنِسْيُوا عَهد الطّفُولِه
بْغُرْبِةْ أَحْلاَمْ
الرُّوح بْحُبِّكْ مَجْبُولِه
مْنِ الصَّعْب نْنَامْ
وْعَمّ نْشُوفِكْ مَقْتُولِه
بْإِيدَيْنْ الْعَارْ.."
ـ8ـ
صَوْتِي مَبْحُوح.. وْإِيمَانِي
فِيكِي يَا بْلادِي خَلاَّنِي
إِرْفَع الصَّوْت وْغَنِّيلِكْ
رَحْ إِزْرَعْ إِسْمِكْ عَ شْفَافِي
وْإِحْملْ صَلِيبِكْ عَ كْتَافِي
وْإِطْفِي بِالدَّمْعَه غَلِيلِكْ
بَرْكِي يَا بْلادِي الْحَنُونِه
بْصَوْتِي وِبْدَمْعَات عْيُونِي
بْرِدِّلِّكْ نِتْفِه مْنِ جْمِيلِكْ..
**
كمشتين فلوس

ـ1ـ
لا تْمُوتْ هَونْ بْغربتَكْ لا تْمُوتْ
وْتِتْرُك تْرَابَكْ يِلْعَنَكْ بِالْقَبْرْ
رُوحْ قَضِّي عُمْرَك بْبَيْرُوتْ
وْنَفِّض جْنَاحَكْ مِنِ غْبَارْ الْقَهْرْ
ـ2ـ
بْتِبْقَى غَرِيب بْغُربتَك يَا صَاحْ
حَتَّى وَلَوْ مِلْيَانْ بَيْتَكْ بِالْخَدَمْ
يَلّلا سَوَا نِتْعَمْشَق بْكَمْشِة رْيَاحْ
وْنِرْجَع عَلَى لُبْنَانْ.. عَ أَرْض الشَّمَمْ
ـ3ـ
يَللاّ سَوَا نِطْرُد غَريب الدَّارْ
الْـ وَلَّعْ بِـ قَلْب الدَّارْ حقد وْنَارْ
الْـ خَلاَّ السَّمَا تِسْوَدّ بِسْمُومُو
وْخَلاَّ بكِذْبُو الْجَارْ يِدْبَحْ جَارْ
ـ4ـ
نِحْنَا اللّي كِنَّا عَايْشِينْ بْعِزّْ
نِتْغَنْدَر وْنِمْشِي مِتِلْ طَاوُوسْ
غْدَرْنَا بْبَلَدْنَا وِبْشُموخ الأَرْزْ
وْبِعْنَا الْكَرَامِه بْكَمِشْتَيْنْ فْلُوسْ
ـ5ـ
عَمْ نِرْكُض نْجَمِّعْ بِـ غُرْبِتْنَا سَرَابْ
وْنِفْنِي الْعُمر وِنْضَيّعو بِالْوَهْمْ
وولادْنَا الْـ ناسيينْهُنْ خَلف الِبْوَابْ
عَمْ يِكْبَرُوا وْبِقْلُوبْهُنْ شِلاَّلْ سَمّْ
**